شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
قصائد رشيقة لسبعة حيوات متكررة

قصائد رشيقة لسبعة حيوات متكررة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز

السبت 16 أبريل 202202:03 م

أشباح الغربة

 

أوجه الشبه


لا شيء هنا يُشبهني:

الطرقات السليمة

الثيابُ المنمّقة
فراش النوم المُريح
المُرتفعْ
سهرات مع أشخاص
لا يشبهونني
لا يفهمون وطني
لم يعيشوا إلا السلام
لم يفقدوا أحداً إلا بموتٍ سريريّ.


أهيمُ في شوارعٍ جميلة

حتّى أنّها مفعمة بالجمال
لا كُسور فيها
ولا عراقيلْ.
غير طبيعيّة، وجدّاً مستقيمة.
لا تُشبهني هذِه الشوارع.
هنا المركبات حديثة
يعالجون أيّ عطلٍ فيها بزيارة طبيب
لا تحتوي أيّ عبقٍ
ولا عيوب في مقاعِدِها.


شبابيك المنازل مُستقيمة
ألوانها فرِحة
سُكّانها مختبئون.
هنا لا يكترثون لملاقاتك
ولا يكترِثون إلّا لأوجاعٍ هائمة.
هنا همومهم عابِرة
لا أبعادَ ثلاثيّة لها.


أوطانهم جميلة
تٌثقِلُ فؤادي بصورٍ كماليّة.
هُنا وإن مشيتُ في الشانزليزيه
تخيّل لي أنني أمرّ من أمام المرفأ.
هّنا، من حولي أطياف
وجوهُهم بالغة الحُسن
وكأنّهم من وراء التلفاز
يخرجونْ.

لا يشبهونني، لا يفهمون وطني، لم يعيشوا إلا السلام، لم يفقدوا أحداً إلا بموتٍ سريريّ... مجاز أشباح الغربة في رصيف22

لا تجاعيد في سماتهم
ولا عيوب أو شوائب
لا معاناة مُرتسمة في عيونهم
فلم هم متجهّمون؟


هنا بردٌ قارِس
حتّى في أحرّ أيّام آب.
أحاسيسهم لا تُشبِهُ أحاسيسي
أغنياتِهم غريبة
لا معاني فيها.
لا تشبهني موسيقاهم
ولا تحرِّكُ في ساكِناً.


لا يُشبهني عبوسهم
ولا قهقهاتهم
ولا تفاصيل منازِلهم.


لا تجِدُ فوضى الحُبّ
في أكنافِ صالوناتِهم.
مِن مطابخهم،
تنبعِثُ روائح أطباقٍ
تُغذّي جسدي

ولا تُلامِسُ روحي بأيّ مِنّ مُطيبّاتها.
حتّى المياه
لا تُشبهني هنا.
لا شيء يُشبهني هُنا.

مؤلمة هذه الأوطان المؤذية، تحتضن طفولاتنا ثم ترمينا بعد المراهقة، أو عندما تتلون خصلاتنا، لا تحتوي أفكارنا ولا ذكرياتنا ولا تحتوي إلا أجسادنا البالية... مجاز أشباح الغربة

أوطان مؤذية


مؤلمة هذه الأوطان المؤذية

تحتضن طفولاتنا

ثم ترمينا بعد المراهقة

أو في أوج زهر أعمارنا

أو عندما تتلون خصلاتنا

إلى زوايا مدورة

لا تحتوينا

لا تحتوي أفكارنا ولا ذكرياتنا

ولا تحتوي إلا أجسادنا البالية

ونلتجئ إليها في نهاية اليوم

نرتمي في أحضانها

لنحتضن بضعاً من آمالنا

فتتشبث بأوهامنا

وكأنها تذكّرنا

أننا لا ننتمي لها

أن اللوحة المعلقة على جدارها

لا تشبه شيئاً مألوفاً ممن نحب

وأن الموسيقى التي تصدح

لا تحاكي قلوبنا

ولا حبنا الأول

ولا بيتنا العتيق

ولا شيء منا.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image