شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
الحركات

الحركات "التغييرية" في لبنان تُدافع عن حرية التعبير... الأحزاب التقليدية في الخندق الآخر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 29 مارس 202205:38 م

قبيل الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في لبنان في 15 أيار/ مايو المقبل، بدأت الأحزاب السياسية قبل مدة بتركيز خطابها على تظهير مشاريعها السياسية التي تخوض على أساسها هذا الاستحقاق الذي تبرز فيه مجموعة جديدة من الأحزاب والحركات السياسية الحديثة المنشأ، والتي تكوّنت بعد 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، أو كانت موجودةً وازدادت فعاليتها ونشاطها بعد هذا التاريخ.

ويبرز في هذا السياق التقرير الذي أعدته مؤسسة سمير قصير، والذي صدر أمس الإثنين، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية، "لرصد تعامل الأحزاب المشاركة في انتخابات 2022 النيابية مع المواضيع والمسائل المتعلّقة بحرية التعبير والأطر الديمقراطية"، وتُشدّد المؤسسة على أنّ "هذه الدراسة تهدف إلى تزويد المواطنين، على المدى القصير، بصورة أوضح عن السياسات ذات الأولوية بالنسبة إلى هذه الجهات المتنافسة".

ويشير التقرير إلى أنه "تحتلّ ثلاثة عناوين محور التركيز، هي: الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي لا تلقى تدابير علاجيةً على المدى القصير أو الطويل، والعنف، وانعدام الأمن الناتج عن النزاعات بين قوى السلطة والمجموعات المسلّحة، والفرص والتهديدات الماثلة ما قبل انتخابات 2022 النيابية وما بعدها".


توزيع البيانات عبر مختلف الأحزاب والمجموعات السياسية

وإذ يتوقف التقرير عند ما فعلته الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان لناحية تبديلها أولويات الأكثرية الساحقة من السكّان، حتى باتت مشقّات الحياة اليومية الناتجة عن نقص المواد، وانهيار العملة، والبطالة، تُهمين على الخطاب العام، يُشير إلى أن "مواضيع الاغتيالات، والعنف الطائفي، وعرقلة العملية الديمقراطية، والقمع الحزبي السياسي المباشر، تحتل صدارة النقاشات الحقوقية، نظراً إلى طبيعة الحوار السياسي ضمن منظومة الحكم اللبنانية".

عيّنات ونتائج

تضمّنت العيّنة التي عمل عليها معدّ التقرير، في مؤسسة سمير قصير، "28 ممثلاً عن الأحزاب، والحركات، والحملات و/ أو المجموعات السياسية ممّن أعربت عن اهتمامها بالمشاركة في انتخابات 2022 النيابية"، وتم رصد مواقفهم وتصريحاتهم المتعلقة بحرية التعبير أو القمع أو ما يتعلق بحقوق الإنسان في الفترة ما بين بين 14 شباط/ فبراير و7 آذار/ مارس 2022، و"ترى هذه المنهجية أنّ التصريحات الصادرة عن الأحزاب/ المجموعات السياسية و/ أو قادتها، تمثّل في هذه المرحلة الأولية التوجّه السياسي الذي سيتّخذه المرشّحون في مرحلة لاحقة".

يرصد تقرير مؤسسة سمير قصير تعامل الأحزاب المشاركة في انتخابات 2022 النيابية مع المواضيع المتعلّقة بحرية التعبير 

ويوثق التقرير في هذا السياق، ستة مواقف لحزب الكتائب، وأربعةً لشبكة مدى، وثلاثةً لكل من حزب لنا، والقوات اللبنانية، ولحقي، وحزب تقدم، وموقفين اثنين للكتلة الوطنية، وموقفاً واحداً لكل من بيروت تقاوم، والحزب الشيوعي اللبناني، وحركة مواطنون ومواطنات في دولة.

ويُظهر أن 56% من المواقف تأتي تعليقاً على وضع راهن معيّن، و44% منها تعرض موقفاً ثابتاً أو مناصرةً لسياسة معيّنة، ويخلص التقرير إلى أن 26% من المواقف تتعلّق بأهمية حرية التعبير، و22% بكل من مسألة الاغتيالات السياسية والهياكل غير الديمقراطية، و19% بالتهديدات التي يتعرض لها المواطنون بسبب مواقفهم، و7% من المواقف بالقمع السياسي.

توزيع البيانات بحسب موضوع التصريحات أو المنشورات

واللافت كان أن المواقف التي لها علاقة بحرية التعبير توزعت في غالبيتها على الحركات البديلة والمجموعات السياسية الجديدة أو ما يُطلق عليها تغييرية، فيما برز من الأحزاب التقليدية كل من حزب القوات اللبنانية وخاصةً في ما يتعلق بالاغتيالات، وهو ما يحاول تظهيره في سياق معركته مع حزب الله خاصةً، أمّا الكتائب اللبنانية فكانت له مواقف متنوعة إن كان من الاغتيالات أو التهديدات أو القمع،(66.66%)، وهو "يسعى إلى أن يشكل استثناءً عن قاعدة الأحزاب القديمة على صعيد مواقفه وتموضعه"، حسب ما يذكر معدّ التقرير.

وفي ما خص الحركات والمجموعات والأحزاب "التغييرية"، فقد توزعت المواقف، إذ ركز الحزب الديمقراطي الاجتماعي "لنا" على أهمية حرية التعبير، كذلك فعل تنظيم "لحقّي"، فيما تناولت "مدى" في تصريحاتها الاغتيالات والتهديدات والهياكل غير الديمقراطية، والكتلة الوطنية كذلك الأمر، وأيضاً حزب "تقدّم" بالإضافة إلى تعليقه على القمع المباشر، فيما اكتفت "بيروت تقاوم" بالحديث عن أهمية حرية التعبير، وكذلك فعل "مواطنون ومواطنات في دولة".


توزيع البيانات بحسب نوع التصريحات أو المنشورات

ويتضح من التقرير أن الحركات البديلة، غير الطائفية، هي الأكثر تركيزاً على مسألة حرية التعبير والديمقراطية، ويخلص إلى أنه "من اتجاهات المقارنة الجديرة بالذكر بين الأحزاب الطائفية التقليدية والحركات البديلة، الخطاب القائم الذي يتمّ من خلاله التعامل مع الاغتيالات، خاصةً تلك التي يُتّهم حزب الله بالضلوع فيها. ففي حين تميل الأحزاب التقليدية إلى إحياء خطاب أكثر انقساماً يقوم على التمييز بين الـ"نحن" والـ"هم"، واعتماد موقف أكثر تركيزاً على هذا الموضوع، تعتمد الحركات البديلة بشكل عام على فكرة "مكافحة الاغتيالات"، كجزء من أفكار أوسع وأكثر شموليةً تتعلّق بنظرتها إلى النظام القائم وأدواته القمعية عموماً".

التقليد مقابل التغيير

تخوض غالبية الأحزاب السياسية التقليدية معركتها بشكل لا يختلف عمّا كان عليه واقع الحال في الاستحقاقات الانتخابية الماضية، إذ يطفو خطاب التخويف من الآخر من جديد، فضلاً عن خطابات التكليف الشرعي الذي يعود إلى الواجهة من بوابة "حزب الله"، فيما تحاول المجموعات التغييرية التركيز في خطاباتها على عناوين لها علاقة بالنظام بشكل عام والحياة الديموقراطية وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية ومحاربة مسبباتها.

على سبيل المثال، يرى النائب تيمور جنبلاط، وهو ابن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ومرشح من ضمن لوائح الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه والده، في منطقة الشوف، أن "الانتخابات محطة أساسية على طريق النضال المستمر من أجل السيادة، ولما نراه اليوم من محاولات قديمة-جديدة لإطباق السيطرة على البلاد ومحاصرة الأصوات السيادية، والموعد سيكون مع تأكيد الثوابت السياسية من أجل بقاء لبنان واحة تنوع في وجه كل الإلغائيين من بعض القوى السياسية والحركات المدنية".

تخوض الأحزاب التقليدية معركتها بخطاب التخويف من الآخر والتكليف الشرعي الذي يعود إلى الواجهة، فيما تحاول المجموعات التغييرية التركيز على الديموقراطية وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية

وقال رئيس المجلس السياسي لحزب الله، السيد إبراهيم أمين السيد، خلال لقاء انتخابي في البقاع، قبل أسبوعين، إن "الانتخابات قبل أن تكون فرصةً سياسيةً وموقفاً، هي فرصة عبادية، مثلما تصلون في الجامع، ومثلما تصومون في رجب وشعبان ورمضان، يجب أن تذهبوا إلى صناديق الاقتراع، لأن التصويت كما الصلاة في المساجد".

في المقابل، أكد المرشح عن "مدينتي"، جاك جندو، الالتزام بمبادئ العدالة والإنصاف، ورأى أن من "الواجب في هذه المرحلة الصعبة العمل على تحسين التعليم وتفعيل ضمان الشيخوخة والتغطية الصحية الشاملة وحماية الفئات المهمشة، والمحاسبة والمساءلة وطرح نظام ضريبي تصاعدي وتشجيع الاقتصاد المحلّي، والدفاع عن سيادة لبنان وحياده، وحصر السلاح بيد الدولة".

معركة الحريات والتجديد

وتُمسك الأحزاب التقليدية بزمام السلطة في لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية إلى اليوم، وتتحكم بالمؤسسات على اختلافها، وتحديداً تلك الأمنية منها والتي تعطيها يداً طولى في ممارسة القمع، فيما تغيب سلطة المحاسبة على عمليات القمع التي تُمارَس بسبب غياب قانون فعلي لاستقلالية القضاء، ما يضمن لهذه الأحزاب الإفلات من العقاب دائماً.

برأي المرشح عن "عامية 17 تشرين"، في دائرة الجنوب الثالثة، علي مراد، فإن "السلطة ممثلةً بالأحزاب التقليدية والطائفية، لا يُمكنها أن تكون حاملةً لعناوين لها علاقة بحرية التعبير لأنها سلطة القمع في الأساس وهي حين ستسنح لها الفرصة ستعود لممارسة هذا الدور بشكل مباشر"، مشيراً إلى أن ما يمنعها اليوم له علاقة بالأولويات وبالواقع الذي يعيشه لبنان، إن من ناحية الأزمة الاقتصادية أو مما نتج عن 17 تشرين 2019 من مساحة للتعبير محمية بشكل أو بآخر.

يقول لرصيف22: "يظهر دور هذه الأحزاب في مناطقها مثلاً، فالقوّات في بشري هي سلطة تطرف مع الآخر المختلف في منطقتها، كما حركة أمل والاشتراكي وحزب الله والمستقبل وغيرها في مناطق نفوذ كل حزب، وهي اليوم سترى أن مناصريها في وقت سابق يعملون ضدها وهذا سيحصل في كثير من المناطق وتالياً سيرتفع منسوب القمع لديها بأساليبها المعتادة".

الأحزاب التقليدية والطائفية هي السلطة اليوم، وبالتالي لا يُمكنها أن تحمل عناوين لها علاقة بحرية التعبير لأنها سلطة القمع في الأساس وهي حين ستسنح لها الفرصة ستعود لممارسة هذا الدور بشكل مباشر

ويشدد مراد على أنه "بالنسبة إلى الحركات التغييرية، فإن التلازم بين قضايا الحريات والتغيير السياسي والاقتصادي، أساسي، كذلك فإن قدرة هذه المجموعات التي هي بطبيعتها جديدة وفي غالبيتها لا تعمل كالأحزاب التقليدية المركزية في كل شيء، على تناول قضايا معيّنة أكبر بكثير ورأينا ما حصل في 2019 من تواصل لتظهير قضايا كحرية الجسد ومجتمع الميم-عين وغيرها".

من جهته، يقول المرشح عن "مدينتي" عن دائرة بيروت الأولى، طارق عمار، لرصيف22، إن "الأحزاب التقليدية تحاول كما فعلت في السابق أن تحيي الغرائز عند كل استحقاق، وهي أساساً في طبيعتها أحزاب طائفية بمشاريع تخدم مصالحها وليس الصالح العام، وتالياً من الطبيعي أن يكون خطابها أكثر في اتجاه تثبيت الطائفية واللعب عليها لكسب تأييد الناس الذين تدّعي تمثيلهم".

ويضيف: "في المقابل، هناك مجموعات خرجت من الأرض وتحاول أن تضع المواطن في محور العمل السياسي، وهذا أساسه تكريس الديمقراطية، وتالياً نحن اليوم نخوض السياسة بمعناها الحقيقي، أي مصلحة الناس، بعيداً عن الغريزة وخطابات الكراهية، والديكتاتوريات التي تسيطر على الشرائح الطائفية المختلفة".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard