شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
أحمد عبد القادر ... أول من غنَّى لنزار قبَّاني واشتهر بأغنية رمضانية

أحمد عبد القادر ... أول من غنَّى لنزار قبَّاني واشتهر بأغنية رمضانية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 13 أبريل 202211:22 ص

أحمد عبد القادر (1916 – 21/7/1984) واحد من الأصوات التي يستعيدها المصريون والعرب جميعاً مع قدوم شهر رمضان من كل عام. فأغنيته الشهيرة (وحوي وحوي) التي كتبها حسين حلمي المانسترلي ولحنَّها أحمد شريف عام 1935، ظلَّت واحدة من أشهر الأغنيات الرمضانية إلى يومنا هذا. بالرغم من ذلك، فإن المعلومات المتوفرة حول سيرته لا تزال شحيحة.

نشأته وبداياته

أحمد عبد القادر من مواليد العام 1916 بكفر الشيخ (الفؤادية). عقب ولادته انتقل والده إلى قرية (الفنت) بالمنيا. بعد وفاة والده الذي كان يعمل مدرساً بمدرسة العنابر بالسكة الحديد صباحاً، ومنشداً مساء. انتقل مع أسرته إلى بلدة مغاغة، حيث توجد مجموعة من الأقارب وهناك دخل الكُتَّاب لحفظ القرآن الكريم وتعلُّم أصول القراءة والكتابة. في طفولته تعلَّق بحلقات الذِكر والإنشاد الديني التي كان يصادفها خلال عودته من الكتَّاب. كان أول ما تغنَّى به في طفولته أبيات لقيس بن الملوَّح تقول: 

كَعُصفُورةٍ في كفِّ طفلٍ يُهِينُها/ تُعَانِي عَذابَ المَوتِ والطِفلُ يلعبُ 

فلا الطفل ذو عقلٍ يرِقُّ لِحالِها/ ولا الطّيرُ مَطلُوقُ الجنَاحَينِ فيذهــبُ

التحق عبد القادر عن طريق أحد أصدقائه بمدرسة للكشافة في عزبة قليني فهمي باشا، وفيها بدأ بغناء الأناشيد، وامتدت شهرته إلى القرى والمديريات المجاورة، حتى بلغ العاشرة من عمره. في العام 1927 غادر مع أسرته إلى القاهرة، حيث قُدمت لهم دعوة من أحد الأقارب، فأدرك أنها الفرصة التي طالما حلم بها.

هناك تعرَّف إلى أحمد بك سرمد الذي لعب دوراً مهماً في تنظيم أولى حفلاته الغنائية عام 1928 على خشبة مسرح الأزبكية؛ بمناسبة سَفر مصطفى النحَّاس باشا إلى (لندرة) للتفاوض مع الإنجليز في مطالب الشعب المصري القومية.

أحمد عبد القادر: الصورة من أرشيف أحمد الشحّات

غنَّى في هذه المناسبة أغنية "رايتك الخضرة يا مصر المستقلة" من كلمات بديع خيري وألحان زكريا أحمد، وكان بين الحضور مصطفى بك رضا، الذي أُعجب بأدائه وتوسم فيه خيراً، فقرر أن يلحقه طالباً بمعهد الموسيقى الشرقية، حسب ما نقرأ في حوار أجراه معه الإذاعي حافظ عبد الوهاب، في مجلة الإذاعة المصرية في 5 آب (أغسطس) عام 1950.

ارتبط صوت أحمد عبد القادر بشهر رمضان في المخيلة المصريّة والعربيّة، خصوصاً  أغنية (وحوي وحوي)، مع ذلك ما زالت المعلومات عن سيرته شحيحة

أول حفل ودفعة أسطوانات

بعد التحاقه بالمعهد بستة أيام، غنَّى عبد القادر في افتتاحه بحضور الملك فؤاد الأول يوم 26/12/1929 والذي تبرع من جانبه بمبلغ ألف جنيه للمعهد، كان نصيب عبد القادر منها ثلاثة فقط، ما أجبره على ترك المعهد حتى العام 1936. كان قد نجح في تسجيل الدفعة الأولى من أسطواناته مع شركة "أوديون" خلال العام 1930. حينها كان يزور القاهرة أحد الأطباء المعروفين في ألمانيا، والذي اختص بالأنف والأذن والحنجرة، وقد ارتبط بصداقة وطيدة مع أحمد بك سرمد، الذي طلب منه أن يفحص حنجرة عبد القادر، فكانت المفاجأة! أخبره الطبيب أنه بعد ستة أشهر ستتأثر حنجرته وتنخفض بعض الدرجات العليا فيها وبعد عام ستعود إلى طبيعتها، لكن صوته سيعرَض قليلاً. كان صوته ينتقل من مرحلة الطفولة إلى الشباب، واستغلت جماعة من الموسيقيين هذا الأمر، وأشاعت بأن صوته لم يعد صالحاً للغناء، فصدقها الجمهور في البداية. في هذا التوقيت كانت شركة التسجيل قد اعتزمت أن تفسخ معه التعاقد، لكن الأمور مرت بسلام.

   الإذاعة المصريّة، 5 أغسطس 1950. إهداء من أرشيف أحمد الشحّات

التحق عبد القادر مجددّاً بمعهد الموسيقى الشرقية عام 1936 وتخرج منه عام 1939، ليتم تعيينه مدرساً للعود في إحدى المدارس التابعة لوزارة المعارف. اشتهر بأغنية "ليه بس ليه؟"، من كلمات حسين حلمي المانسترلي وألحان رياض السنباطي، وكذلك أسطوانتي "قيام وعودة الحُجَّاج" اللتين حققتا أعلى المبيعات في السوق.

شارك بالغناء في فيلم "الضحايا" الناطق عام 1935، من بطولة بهيجة حافظ إلى جانب ليلى مراد. كانت فترة نشاطه الذهبية من العشرينيات حتى الأربعينيات من القرن الماضي، حيث بدأ الغناء في الإذاعات الأهلية، ثم بات واحداً من أركان الإذاعة الحكومية المصرية عند تأسيسها عام 1934، عبر غنائه في الوصلات التي كانت تبثها على الهواء مباشرة، قبل أن يكثِّف نشاطه الفني في مجال التلحين. فكان يجيد تلحين القصائد والأغنيات الدينية، حيث نشأ على تجويد القرآن الكريم والإنشاد الديني في حلقات الذِكر، ومن بين أبرز تسجيلاته في هذا الشأن قصيدة "تسابيح" من كلمات عبد الفتاح مصطفى، والتي يبرز من خلالها نزعته الروحانية، وكذلك دعاء "كل الناس بيقولوا يا رب" من كلمات حسن السوهاجي، كما لحَّن البردة والهمزية للإمام البوصيري.

مجلة العروسة والفن السينمائي،1934، إهداء من أحمد السملاوي

ظلَّ عبد القادر يغنِّي في الإذاعة إلى أن وصل أجره 80 جنيهاً عن الوصلة الواحدة. كان له دور بارز في دعم مجموعة من الأصوات في الإذاعة وتدريبها، من بينها هدى سلطان ودنيا زاد ومايسة، وقدَّم ألحاناً متميزة لأصوات فتحية أحمد ونجاة علي وعبد الغني السيد ومحمد عبد المطلب وكذلك محمد قنديل، الذي قدَّم له واحداً من أشهر أعماله "جميل وأسمر" من كلمات عبد المنعم السباعي. ورث عنه أحد أبنائه حلاوة الصوت، وقد عُرف عن عبد القادر شغفه بتلحين الصور الغنائية والأوبريتات الإذاعية، مثل "الغروب" و"ملاح النيل" وهما من إخراج عبد الوهاب يوسف.

آفاق نزار قبَّاني

كان عبد القادر أول من غنَّى ولحَّن قصيدة للشاعر السوري نزار قباني بعنوان "كيف كان" عام 1953 في الإذاعة السورية، بعدما تمت دعوته من قِبل إدارتها لزيارة دمشق. يقول المؤرخ الموسيقي د. سعد الله أغا القلعة: "اختار أحمد عبد القادر من ديوان نزار قبَّاني (أنتِ لي) الصادر عام 1950 أبياتاً من قصيدة (كيف كان)، وكان نزار في تلك الفترة سفيراً لسورية في لندن. لحَّن أحمد القصيدة مقام الحجاز كار كرد، وسجَّلها لصالح إذاعة دمشق، فكان التسجيل الذي أُذيع لأول مرة في 25 كانون الثاني/ يناير 1953، ناقلاً إلى الجمهور أول قصيدة لُحِنت لشاعرنا الكبير نزار قبَّاني، وأدخلت شعره عالم الغناء".

كان أحمد عبد القادر أوّل من لحن وغنّى لنزار قباني أبياتاً من قصيدة "كيف كان" التي بثت على أثير إذاعة دمشق  عام 1953

بعيداً عن الأضواء

في سنواته الأخيرة، قرر عبد القادر أن يصبح منشداً ومبتهلاً في الإذاعة المصرية بشكل رسمي، فتقدم للاختبار وكان له ما أراد. يقول الموسيقار والمؤرخ عبد الحميد توفيق زكي في كتابه "المعاصرون من روَّاد الموسيقى العربية": "لعل أطرف ما في حياة المطرب الملحن أحمد عبد القادر، أن يتقدم إلى لجنة القراء بعد إحالته إلى التقاعد من التدريس في سن الستين، ويطلب من الإذاعة أن يختبر كأي شيخ ناشئ لكي يكون مبتهلاً، وكان ختاماً جميلاً لحياته بعد أن اجتاز الاختبار، أن يصبح مبتهلاً ينشدنا غنائيات السَحور قبيل الفجر من مئذنة سيد الشهداء الحسين بن علي". 

خبر وفاة أحمد عبد القادر منشوراً في الأهرام 22 يوليو 1984، أرشيف المهندس كمال عزمي

كانت تجمعه صداقة قوية بالشيخين سيد النقشبندي ومحمود خليل الحصري، وذلك قبل أن يغادر الحياة في العام 1984 تاركاً عدداً من التسجيلات الجميلة والألحان المتميزة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard