شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"سأجد حبيبي في التاروت والأبراج"... مغاربة يبحثون عن النصيب في الأجرام السماوية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 16 مارس 202202:34 م

تشترك ليلى على مواقع التواصل الاجتماعي في مجموعة من الصفحات تقدّم شرحاً مفصلاً عن ميزات كل برج وعلاقته بالأبراج الأخرى، وتتفاعل بقوة مع ما ينشره بعض المؤثرين المختصين بدراسة حظوظ الأبراج السنوية والشهرية، فلا يمر شهر عليها من دون أن تتصفح على هذه المواقع ما يقدمه برجها من ميزات وما قد تواجهه من صعوبات.

وتعتمد في ذلك على تاريخ ميلادها، فعلم التنجيم يصنف ليلى ضمن خانة مواليد برج القوس، وهي الفترة الممتدة بين الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر والحادي والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر. تستطرد الشابة بحماسة حين تتحدث عمّا تؤكد أنه علم دقيق: "يتميز مواليد برجي بالشخصية العاطفية والحساسة ويعشقون خوض المغامرات والغوص في العوالم الخيالية".

التنجيم أو ما يُصطلح عليه باللاتينية Astrology، هو علم يهتم بدراسة الأجرام السماوية وتحركات الكواكب والنجوم وتأثيرها على الشؤون الإنسانية، والشابة مقتنعة بأنه طريقتها للتعرف على مآلات حياتها وصدق من تلتقي بهم من الناس.

حبيب من البرج نفسه 

حسب علماء التنجيم، فإن "الأبراج الاثني عشر مرتبطة ببعضها على المستوى العاطفي كما الإنساني، وقد يكون هذا الارتباط سلبياً أو إيجابياً"، تشرح لنا الشابة. واستناداً إلى المنجّمين، فعناصر الماء والهواء والنار والتربة تتحكم بشكل كبير في العلاقات الإنسانية؛ فمثلاً تشترك الأبراج الهوائية والأبراج النارية في مجموعة من الخصال الشخصية، وتالياً فهي تحقق توافقاً مثالياً، ويستدلون على ذلك بالقوانين الفيزيائية التي تقول إن الهواء يزيد من شدّة لهيب النار.  

إن  تقدّم أحدهم بطلب صداقتي، أسأله أولاً عن تاريخ ميلاده لأكون على علم بالبرج الذي يمثله. أما في ما يتعلق بموضوع الحبيب، فالأمر يصبح جدياً ومن شبه المستحيل أن يكون شريك حياتي  من غير الأبراج الموافقة

ليلى مقتنعة كلياً بصدق هذه القراءة، وبأن مسارات كل شخص مرتبطة بمسارات الأجرام السماوية، فبرج القوس الناري الذي تنتمي إليه يحقق توافقاً مع الأبراج الأخرى من خانته نفسها، كالحمل والأسد، والأبراج الهوائية، كالجوزاء والدلو والميزان. هذه القاعدة تسري كذلك على مواليد الأبراج المائية والترابية وتجزم الشابة بما يقوله "علماء الأجرام" من أن العلاقات خارج الثنائيات، أي بين برج من الخانة الأولى يتوافق مع برج من الخانة الثانية، غالباً ما لا تؤتي أكلها وتفشل. وهو ما تؤكد الشابة أنها تنتبه إليه في حياتها العاطفية والاجتماعية: "إن أُعجبت بشخص ما أو تقدّم أحدهم بطلب صداقتي، أسأله أولاً عن تاريخ ميلاده لأكون على علم بالبرج الذي يمثله، ولتكون لدي نظرة مسبقة عن مدى التوافق الذي سينشأ بيننا. أما في ما يتعلق بموضوع الحبيب، فالأمر يصبح جدياً ولا ضير في أن أتخذ أصدقاء من بعض الأبراج المخالفة، لكن من شبه المستحيل أن يكون شريك حياتي ونصفي الثاني من غير الأبراج الموافقة".

تنبؤات بالزواج 

تصفح المواقع ومشاهدة الفيديوهات للتعرف على الحظوظ التي تجلبها الأبراج، ما هو إلا امتداد لعملية قراءة الفأل التي اشتهرت بها الكثير من البلدان العربية منذ الأزل، على شاكلة قراءة الفنجان وأوراق اللعب أو ما يصطلح عليه بالدارجة المغربية "ضريب الكارتة"، وهي مهنة قارّة لعدد من الأشخاص ممن ينصّبون أنفسهم فقهاء أو عرّافين يتغنون بقدرتهم المورثة عائلياً على التنبؤ بمصير الناس. تقول "الشَوَّافَة" (العرّافة) خديجة، وهو اسم مستعار: "يتوافد إلى منزلي أفراد من مختلف الشرائح العمرية والطبقات الاجتماعية من كلا الجنسين، وحتى من المثقفين ويطلبون مني قراءة فألهم لمعرفة ما تخبّئه لهم الحياة".

يضع الزائر يده على قلبه ثم على الأوراق مجتمعةً، مردداً عبارة: "ها قلبي ها تخمامي ها باش ياتيني الله"، يليها ترتيب الأوراق على المائدة، وهنا تباشر الشوّافة قراءة الكروت

رفضت خديجة أن تكشف لنا عما تراه دوناً عن الناس في الكروت، وعن المصدر الذي يعلمها و"يمدها بالمعلومات"، واكتفت بشرح أطوار العملية لنا والتي تبدأ بوضع الزائر يده على قلبه ثم على الأوراق مجتمعةً، مردداً عبارة: "ها قلبي ها تخمامي ها باش ياتيني الله"، يليها ترتيب الأوراق على المائدة، وهنا تباشر الشوّافة قراءة الكروت.

تضيف المرأة قائلةً إن "لكل رمز وشكل من الأوراق دلالةً. هناك الكروت التي تحمل البشرى وهناك التي تحمل أخباراً سيئةً ومهمتي تتلخص في إعطاء الأمل والتحذير، أي أنني لا أستطيع معرفة الأحداث التي ستقع، ولكني أستشعر طاقتها إن كانت جيدةً أو سيئةً".

تزعم خديجة بأن غالبية زبائنها الأوفياء يقصدون بابها لمعرفة صفات شريك الحياة وجديد العلاقات بين الذكر والأنثى، وهناك منهم من ظل يتردد عليها لعقود تصديقاً لقدرتها على استشراف الأحداث. تقول: "لا أذكر أن أحداً عاب قراءتي أو اتهمني بالبهتان والكذب، ولست أدّعي علم الفلك والنجوم وأعمّمها على فئات من الناس كما يفعل البعض. اسألوا زبائني، كثيرات منهن وجدن شريك حياتهن وتزوجن في السنة نفسها التي تنبأت لهن فيها بذلك. التنجيم يصيب أحياناً ويخطئ غالباً، أما أنا فأقدّم خدمةً لقاء مقابل لأنني أدرس كل حالة على حدة وتختلف النتائج من شخص إلى آخر".

رجال يدمنون قراءة التاروت

على غرار قراءة الفأل على الطريقة المغربية، انتشرت مؤخراً قراءات جديدة شبيهة تسمى بالتاروت، وهذه الأخيرة لا تعتمد على مصادر مجهولة الأصل في تحصيل التنبؤات كما حال "الكارتة المغربية"، وإنما تربطها علاقة وطيدة بالأبراج، ما يزيد من إقبال المؤمنين بعملية استشراف المستقبل عليها كونها تجمع بين علم الفلك الحديث والطريقة التقليدية لقراءة الفأل.

رضا، لم يتردد في إخبارنا بأنه يقبل على مشاهدة فيديوهات لأشخاص ضالعين في قراءة كروت التاروت، ليتعلّم التقنية التي أصبح مولعاً بها. يقول: "أصبحت مدمناً على مشاهدة هذه الفيديوهات دورياً. في البداية كنت أشاهدها لإشباع فضولي، لكن مع الوقت اتّضح أن ما يسردونه من أحداثٍ تخص برجي، يحدث بالفعل".

"غالباً ما نفضل نحن الرجال معرفة ما يخبّئ لنا الحظ في باب المال، فيما تركّز السيدات على حظوظهن في إيجاد شريك الحياة". شباب مغاربة يقبلون على أوراق التاروت

الشاب الثلاثيني عزب ويتابع دراسة الماجستير وفي الوقت نفسه يعمل في إحدى الشركات، ويعلّق على حقيقة إدمان العنصر النسوي فحسب على هذه الطقوس، قائلاً: "لست الوحيد الذي يشاهد هذه الفيديوهات. عدد من زملائي في العمل، ذكوراً وإناثاً، يشاهدون المحتوى ذاته لأغراض مختلفة، فغالباً ما نفضل نحن الرجال معرفة ما يخبّئ لنا الحظ في باب المال، فيما تركّز السيدات على حظوظهن في إيجاد شريك الحياة".

وبينما يشيد كثر بالقدرة الخارقة للأسترولوجيا و"ضريب الكارتة" وورق التاروت على توقع الأحداث، ويصنفها البعض الآخر في خانة الشعوذة، فإن كثيرين يذهبون إلى عدّها عملية نصب يستخدم فيها ممارسو هذه الطقوس أوصافاً عامةً وفضفاضةً، وينتظرون أن تستقطب اهتمام أكبر عدد من الناس الذين تتوفر فيهم وتنطبق عليهم الأوصاف نفسها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image