شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الحجاب في التلفزيون الجزائري... بداية التخلي عن الفكر الفرنسي؟

الحجاب في التلفزيون الجزائري... بداية التخلي عن الفكر الفرنسي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 22 فبراير 202204:56 م
Read in English:

The hijab on Algerian TV: the End of all things French

شاهد الجزائريون للمرة الأولى عبر تلفزيونهم الرسمي مذيعةً محجبةً قدّمت موجزاً للأنباء في حدود العاشرة من صباح الـ15 من شباط/ فبراير 2022، وعدّوا الأمر حدثاً تاريخياً، ومحطةً كسرت قيد المنع المفروض على ظهور الحجاب في التلفزيون العمومي.

فمنذ استقلال الجزائر عن الاحتلال الفرنسي في 5 تموز/ يوليو 1962، واسترجاع السيادة على مبنيي الإذاعة والتلفزيون في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1962، تُعدّ المذيعة نجوى جدي أول محجبة تقدّم نشرة الأخبار.

وقد نشر المذيع في التلفزيون الجزائري ومقدّم النشرة الرئيسية، سعيد طوبال، على صفحته الرسمية في فيسبوك قائلاً: " للمرة الأولى بعد الاستقلال، التلفزيون الجزائري يفتح المجال للمحجبات في نشرات الأخبار، والزميلة نجوى جدي تتألق في الأداء".

الحجاب ممنوع... ولا قانون

يؤكد عضو الاتحاد الوطني الجزائري للصحافيين رضا جوادي، أن التلفزيون الجزائري "لم يسمح بظهور المحجبات عبر الشاشة منذ أكثر من نصف قرن على استرجاع السيادة الكاملة على الإذاعة والتلفزيون على الرغم من أن الإسلام دين الدولة".

وفي حديثه إلى رصيف22، أكد جوادي "أن عقلية منع ظهور الحجاب على الشاشة، عقلية متوارثة من مسيّري هذه المؤسسة العمومية، ولا يوجد أي قانون داخل مبنى التلفزيون يمنع ظهور المحجبات، وإنما هي تعليمات متوارثة".

"خطوة التلفزيون الأخيرة، بداية منح الفرصة للآلاف من خريجات كليات الإعلام والاتصال في الوطن، والمحجبات العاشقات للظهور والإعلام والحالمات بالعمل في مبنى التلفزيون في شارع الشهداء في أعالي العاصمة، أو في إحدى مؤسساته الجهوية عبر الولايات"

وأضاف: "كان يُمنع ظهور الحجاب لأبعاد قناعات شخصية، وقرارات ارتجالية صادرة عن المسؤولين المتعاقبين على إدارة التلفزيون الجزائري وتسييره منذ الاستقلال، وذلك طبعاً بدفع من الحكومات المتعاقبة التي كان يرضيها ذلك بصمت كبير".

ورأى رضا جودي "خطوة التلفزيون الأخيرة، بداية منح الفرصة للآلاف من خريجات كليات الإعلام والاتصال في الوطن، والمحجبات العاشقات للظهور والإعلام والحالمات بالعمل في مبنى التلفزيون في شارع الشهداء في أعالي العاصمة، أو في إحدى مؤسساته الجهوية عبر الولايات".

الجسد مهم على الشاشة

على الرغم من استرجاع السيادة على التلفزيون والإذاعة من الاحتلال الفرنسي في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1962، يقول أستاذ الإعلام في جامعة قطر حالياً، يامين بودهان: "المسيرون المتعاقبون على التلفزيون كانوا يتوارثون الفكر الأوروبي في الظهور والتقديم".

فالحجاب في نظهرهم "صورة متحجرة ومتخلفة، كفكرة متوارثة عن الفكر الفرنسي الذي كان يحارب أشكال الإسلام كلها، مع السعي إلى تحطيم الهوية الجزائرية في عمق المجتمع الجزائري، لكن للأسف وبعد الاستقلال استمر هذا التفكير لأكثر من نصف قرن".

فالجسد كما كان يروَّج، يضيف في حديثه إلى رصيف22، "كان مهماً في الظهور على التلفزيون، وإظهار جوانب بارزة من المرأة صورة من صور الحضارة واستقطاب المشاهدين، وهو ما كان يركز عليه التلفزيون الجزائري طوال تلك المدة".

ظهور الحجاب عبر نشرات الأخبار في التلفزيون العمومي الجزائري، سيعيد أمل ولوج هذه المؤسسة الإعلامية العمومية من قبل خريجات الإعلام وعاشقات العمل الصحافي، لكنهن متخوفات من قرارات ارتجالية أخرى قد تظهر في أي وقت لتمنع الحجاب مرةً أخرى

أصبح حلم المحجبات بالعمل في التلفزيون العمومي الجزائري كما يقول يامين بودهان، "ضرباً من الخيال وجزءاً من المستحيلات السبعة، لذا كل المتخرجات من أقسام الإعلام والاتصال في الجزائر يتوجهن نحو العمل في الإدارة أو التعليم، ومن منهن أردن التخصص يتوجهن نحو الإذاعة ووكالة الأنباء ومختلف الجرائد".

وكتب الناشط أحمد سمير تغريدةً عبر منصة التويتر قال فيها: "نجوى جدي أول مذيعة محجبة تظهر على شاشة التلفزيون الجزائري. هذه هي المرة الأولى منذ الاستقلال التي تطلّ فيها سيدة جزائرية محجبة عبر تلفزيون الدولة. انتهى عُرف عدم ظهور المذيعات المحجبات، الذي مثّل تناقضاً مع الوضع العام في الجزائر، حيث ينتشر الحجاب في ربوع الجمهورية".

"محجبة"... لا تحلمي

تؤكد الإعلامية الجزائرية صباح بودراس، التي تفرغت للتعليم في دولة السويد منذ أكثر من أربع سنوات، أنها "تقدمت بطلب للعمل في التلفزيون الجزائري العمومي، لكن طلبها قوبل بالرفض في أول مقابلة معها بسبب الحجاب".

وتؤكد بودراس في تصريح لها لرصيف22، "أن الرد كان قاسياً ومباشراً، ورُبط بالحجاب بشكل صريح، وذلك بالقول: "تريدين العمل في قسم الأخبار وتقديم النشرات... لا تحلمي لأن ذلك لن يتحقق. إذا أردت العمل فعليك بقناة القرآن الكريم".

وأردفت صباح: "أنا أعشق نشرات الأخبار، فكيف لي أن أتوجه نحو العمل في قطاع آخر، ولماذا كان المنع؟ ولماذا تتحطم آمال المحجبات وأحلامهن بالإبداع والظهور إعلامياً عبر القناة الرسمية الجزائرية".

بسبب ذلك ولأسباب أخرى في سلك التعليم في الجزائر حيث كانت تعمل، قررت صباح بودراس ترك الوطن والاستقرار في السويد، حيث تعمل حالياً في قطاع التعليم وتنتج تقارير إخباريةً لقنوات عربية من هناك، ولم يحُل الحجاب دون ذلك.

طرد المحجبات

وبالعودة إلى قصة الحجاب في التلفزيون الرسمي الجزائري، فإن هناك عدداً من المذيعات اللواتي قررن ارتداء الحجاب ومُنعن من تقديم الأخبار وحتى البرامج.

وتُعد الإعلامية الجزائرية نعيمة ماجر أول مذيعة في التلفزيون الجزائري ترتدي الحجاب، وتحديداً خلال شهر رمضان من العام 1994، حين مُنعت من الظهور في لقاءاتها وحواراتها لمجرد ارتدائها الحجاب.

وقالت نعيمة ماجر شقيقة اللاعب النجم رابح ماجر، في تصريح لرصيف22: "سُعدت كثيراً لظهور الإعلامية نجوى جدي بالحجاب عبر شاشة التلفزيون الرسمي، وهو قرار كنا نترقبه منذ سنوات طويلة جداً إذ كان المنع سيد الموقف في أروقة التلفزيون".

هذا الظهور تضيف، "يعيدنا إلى عام 1994 حين قررت ارتداء الحجاب. مُنعت حينها من إكمال برامجي وحواراتي التي كان ينتظرها المشاهدون، واكتفيت بالعمل الإداري داخل مبنى التلفزيون، لكنني إلى اليوم لم أندم على قراري".

لكن، كما قالت، "كنت في كل مرة استحضر ذلك الألم الذي تشعر به المحجبة في الجزائر، كلما حاولت تحقيق أمنيتها بالتقديم في التلفزيون العمومي، وأنا على استعداد للعودة إلى التقديم وإذاعة الأخبار بعد قرار التلفزيون رفع الحظر، مع ظهور الإعلامية نجوى جدي".

وهناك العديد من الإعلاميات في التلفزيون الجزائري، مُنعن من الظهور بسبب ارتداء الحجاب، وأبرزهن نعيمة ماجر، ونصيرة مزهود، وإيمان محجوبي، وحورية حراث، وسوسن بن حبيب، وفق منصة أوراس الجزائرية.

ظهور الحجاب عبر نشرات الأخبار في التلفزيون العمومي الجزائري، سيعيد أمل ولوج هذه المؤسسة الإعلامية العمومية في الجزائر من قبل خريجات الإعلام وعاشقات العمل الصحافي، لكنهن متخوفات من قرارات ارتجالية أخرى قد تظهر في أي وقت لتمنع الحجاب مرةً أخرى ما دامت الأمور ارتجاليةً والقرارات عشوائيةً لا تستند إلى أي نص قانوني داخل المؤسسة. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard