شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
لا للتلقيح مقابل الراتب... الموظفون المغاربة يرفضون الضغط الحكومي للتلقيح

لا للتلقيح مقابل الراتب... الموظفون المغاربة يرفضون الضغط الحكومي للتلقيح

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 14 فبراير 202212:31 م

في الوقت الذي شرعت فيه العديد من الدول عبر العالم في تخفيف القيود والإجراءات الاحترازية التي استدعتها جائحة كورونا، والسعي إلى الاستغناء نهائيا عن جواز التلقيح وفحص PCR، يعمل المغرب على تشديد الإجراءات وفرض إلزامية التلقيح، خاصة الجرعة الثالثة التي لم يقبل عليها المواطنون بكثافة، على الموظفين بالإدارات العمومية من خلال دوريات ومذكرات تهدد الرافضين للخضوع للتلقيح بالجرعة الثالثة أو حتى الجرعتين الأولى والثانية، إلى المنع من دخول مقرات عملهم، والتهديد بالاقتطاع من أجورهم، وهو الأمر الذي أثار حفيظة وحنق الكثير من الموظفين وغيرهم من المواطنين ودفعهم إلى إطلاق "هاشتاغ" #لا_للتلقيح_مقابل_الأجرة

ضغط حكومي

هذه المساومة التي يتعرض لها الموظف المغربي من قبل الحكومة المغربية، والتي تضرب عرض الحائط كل الأعراف ومواثيق حقوق الإنسان، وتقلب معادلة الراتب مقابل العمل إلى التلقيح مقابل الراتب، والتي كشفت عنها الكثير من المذكرات والدوريات الرسمية التي تلقاها الموظفون والنقابات والأحزاب بكثير من الاستغراب، خاصة أنها تمهلهم أجلا أقصاه عشرة أيام، وهو الذي انطلق منذ 7 شباط/فبراير الحالي، من أجل إتمام التلقيح بالجرعات المحددة من قبل المصالح الصحية المختصة، وموافاة المسؤولين عن الموارد البشرية بكل الإدارات المغربية العمومية بنسخ من جواز التلقيح أو شهادة الإعفاء منه، وإلا ستتخذ في حقهم الإجراءات اللازمة، والتي فهم منها أغلب الموظفين والمسؤولين بالنقابات، التلويح بالاقتطاع من الراتب، الذي تسعى النقابات جاهدة إلى الرفع منه، عبر حث الحكومة على الوفاء بوعودها الانتخابية تجاه المواطنين والطبقة العاملة المغربية بالتحديد.

رفض النقابات

في محاولة لاحتواء الوضع والتحسيس بضرورة مواكبة قرار الحكومة الأخير، القاضي بفتح المجال الجوي، بمجموعة من الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على المكتسبات، وحث النقابات على مساندة الحكومة في قراراتها الرامية إلى إلزامية التلقيح، أجري الأربعاء 9 شباط/فبراير اجتماع حضره رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وممثلو بعض الوزارات والمركزيات النقابية.

وخلال هذا الاجتماع، شدد أخنوش، حسب بيان لرئاسة الحكومة، على أهمية دور المركزيات النقابية في عملية التحسيس بضرورة انخراط الموظفين والمستخدمين في استكمال مسار التلقيح، وتعزيزه بالجرعة الثالثة، من أجل حماية صحة المواطنين وتحقيق المناعة الجماعية، الكفيلة بالعودة إلى الحياة الطبيعية.

#لا_للتلقيح_مقابل_الأجرة هاشتاغ ينتشر بين المغاربة لرفض إجبارية التلقيح التي فرضتها الحكومة على الموظفين مع التهديد بحرمانهم من الرواتب إذا لم يقبلوها

وذكّر رئيس الحكومة ممثلي المركزيات النقابية "بدورهم المحوري في توعية المواطنين بأهمية الالتزام بالتدابير الصحية التي تتخذها السلطات العمومية، ولاسيما الإقبال على التلقيح، من أجل تحصين المكتسبات وحماية صحة المواطنات والمواطنين".

وحسب البيان نفسه، فإن "ممثلي الهيئات النقابية، عبروا عن انخراطهم في الرفع من وتيرة تحسيس المواطنين وتعبئتهم من أجل الإقبال على التلقيح، منوهين بما حققته المملكة من مكتسبات في مجال مكافحة الجائحة".

من جهتها عبرت النقابات عن خلال معطيات البيان. وذكرت نقابة "الفيدرالية الديمقراطية للشغل" أنها استغلت فرصة الاجتماع برئيس الحكومة، "للاحتجاج على مذكرات ودوريات وزارية تهدد الموظفين غير الملقحين بالاقتطاع من أجورهم، وعبرت عن رفضها تهديد الموظفين غير الملقحين بالاقتطاع من أجورهم".

وأوضحت الفيدرالية أن النقابات المشاركة في الاجتماع عبرت عن انخراطها في المجهود الوطني لمواجهة الجائحة، وطالبت الحكومة بإشراك النقابات منذ البداية وليس بعد اتخاذ القرارات.

مغاربة ضد إلزامية التلقيح

من جهة أخرى، طالب اتحاد "مغاربة ضد جواز التلقيح"، وهي مبادرة أطلقها فاعلون ونشطاء مدنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، النقابات بلعب دورها الحقيقي في الدفاع عن حقوق الموظفين والشغيلة المغربية عامة، ودعوا جميع المواطنين ملقحين وغير ملقحين إلى التعبئة من أجل رفض هذه القرارات "الخرقاء " حسب تعبير البيان، و"رفض الوصاية على عقول وأبدان المغاربة واللذان يعتبران أمانة مقدسة لموجب الأخلاق والثقافة والدين".

وطالبوا بفتح تحقيق عاجل في مختلف الحالات الصحية الخطيرة التي تم توثيقها والناتجة عن هذه اللقاحات، وحذروا من مغبة استغلال هذه القرارات "لمنع الأجراء من حقهم في مزاولة العمل، أو المس بحقوقهم التي يكفلها دستور المملكة، أو افتعال أي نزاعات بين الجسد الواحد للمغاربة"، محملين الحكومة تبعات كل هذه القرارات.

ضرب لحقوق المواطنين وحرياتهم

الشاعرة المغربية والموظفة بقطاع التعليم إيمان الخطابي، كغيرها من الموظفين المغاربة، عبرت عن استيائها من هذه الاجراءات التي رأت فيها الكثير من التعسف، ورفعت شعار "لا للتلقيح مقابل الأجرة" في صفحتها على فيسبوك. وصرحت الخطابي لرصيف 22: "أرى أن الطريقة التي تعالج بها الحكومة موضوع التلقيح، هي طريقة مستفزة وغير حكيمة، وتضرب حقوق المواطنين وحرياتهم في الصميم. أتمنى أن يجدوا حلولا أخرى أكثر عقلانية ومرونة من التي يتم اعتمادها حاليا".

الشيء نفسه عبر عنه المخرج والموظف في المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، سعيد باهادي، الذي يرى أن التعامل مع المواطنين على أساس وضعهم الوظيفي يثير التساؤل، وقال لرصيف 22: "العمل والأجر مقابل اللقاح يعني الضغط على المواطن ولي عنقه، وهذا أمر مرفوض. يجب التعامل مع كافة المواطنين على أساس الحفاظ على الحياة وليس الوظيفة أو الأجر".

ويتساءل باهادي هل ما تقوم به الحكومة اليوم فعل حضاري مسؤول وتشاركي؟ وهل هناك ما يدعو لهذا الأسلوب؟ وهل ستعتمد المذكرات الحكومية على سند قانوني للمطالبة بالتصدي للآثار الجانبية إن حصلت لمتلقي الجرعة الثالثة المعززة، التي أثارت الكثير من الجدل في كل بقاع العالم؟ وهل الجرعة الثالثة ستجعل الملقح شخصا فولاذيا بما يضمن له الأمان من العدوى؟

ويجيب باهادي بأنه على الحكومة أن تحرص على التدابير الاحترازية، وتبقي على مبدأ الاختيار الأصلي في الرغبة في التلقيح من عدمها، لا إجبار المواطنين على ركوب مغامرة التلقيح بالجرعات المعززة الثالثة أو الرابعة أو العاشرة حتى.

مشاكل "الآثار الجانبية"

منذ شروع المغرب في عملية التلقيح، والعديد من المواطنين يشتكون من الآثار الجانبية للقاحات كورونا، ولكن اللجنة العلمية المختصة ووزارة الصحة تكذب كل ذلك، ولم تعترف بالكثير من الآثار الجانبية إلا بشكل متأخر، وذلك بعد أن تمكن بعض المواطنين من الإبلاغ عن تدهور حالتهم الصحية، ومنهم "من أصيب بشلل نصفي أو رعاش أو غيره من الأعراض جراء تلك اللقاحات"، بحسب تصريحاتهم. وهو ما دفع بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى الكشف عن مشاكل الآثار الجانبية التي يسببها التلقيح، والتي وإن كانت في البداية مجرد حالات معزولة، فإنها قد تحولت حسب مسؤول عن مركز اليقظة إلى 35 ألف حالة لأشخاص يقولون إنهم أصيبوا بآثار جانبية للقاح.

لهذا طالبت الجمعية الحقوقية في بيان لها بالكشف عن حقيقة الوضوع، بنشر "مجموع التفاصيل حول هذه الحالات، كم أصيبت منها بالشلل النصفي، وكم أصيبت بالشلل الكلي، وكم منها لها مضاعفات خفيفة أو متوسطة، وكذلك تقديم معطيات دقيقة حول السن والجنس ونوع اللقاح المسبب لتلك الأعراض، وتتبع وضعية تلك الحالات، وكم منها تمت إحالتهم على المستشفيات الجامعية وكيفية تطور حالتهم، وغيرها من الأمور الدقيقة، وذلك حتى يطمئن المواطنون لهذه اللقاحات ويقبلوا عليها".

الأحزاب تدخل على الخط

في تطور للأحداث، خرج العديد من ممثلي الأحزاب المعارضة للحكومة والنقابات ببيانات وتصريحات رافضة للقرارات الأخيرة للحكومة التي تمس بحرية المواطنين، حيث عبرت الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) عن "رفضها المبدئي والمطلق لقرار فرض جواز التلقيح ومنع الموظفين من ولوج مقرات عملهم وتطبيق "الأجرة مقابل التلقيح"".

وذكرت النقابة في بيان لها، أن هذا القرار "تعسفي واستبدادي، يعمق واقع الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان"، موضحة أن الحكومة أقدمت على إصدار قرار تعسفي تسلطي فاقد للمشروعية، يتعلق بفرض اقتطاعات من أجور موظفي القطاع العام والخاص غير الملقحين، خصوصا غير المطعمين بالحقنة الثالثة المعززة ضد فيروس كورونا"، ودعت الحكومة إلى إلغاء هذا "القرار التعسفي التمييزي القاضي بإجبارية جواز التلقيح ومنع الموظفين/ات وسائر الأجراء من ولوج مقرات عملهم/هن، وكل القرارات التعسفية المقيدة للحريات العامة".

ومن جانبها، عبرت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد والممنوعة من دخول البرلمان بسبب جواز التلقيح، عن رفضها لسياسة الترهيب والتخويف، والضغط المستمر على المواطنين للاستمرار في تلقي اللقاح، محذرة في تسجيل لها عبر صفحتها بالفايسبوك، من أن المقاربة الأمنية القمعية يمكن أن "تفجر الأوضاع".

"العمل والأجر مقابل اللقاح يعني الضغط على المواطن ولي عنقه، وهذا أمر مرفوض.". النقابات والموظفون في المغرب يرفضون أن تجبرهم الحكومة على التلقيح

وعلى غرار ذلك، عبر حزب "التقدم والاشتراكية" عن رفضه لهذا الإكراه، داعيا الحكومة إلى العمل على التحسيس، وهو ذات الحال لحزب العدالة والتنمية، إذ استنكر رئيس مجموعته النيابية للحزب عبد الله بوانو، فرض اللقاح على الموظفين، تحت طائلة الطرد من العمل.

ومن باب التندر، طغت في وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من التدوينات الساخرة من هذه القرارات، جاء في أحدها: "قريبا التلقيح مقابل النوم، التلقيح مقابل الأكسجين، التلقيح مقابل الأكل، التلقيح مقابل السمع التلقيح مقابل...". تدوينات ظاهرها السخرية وباطنها الغضب من قرارات حكومية تخص الحياة اليومية للمواطنين ولا تشركهم في اختيارها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image