شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"اقتل ولا عليك"... عامان على اغتيال لقمان سليم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 3 فبراير 202206:45 م

"اقتل ولا عليك"

هذا عنوان أحد أبواب موقع "ديوان الذاكرة اللبنانية" (واجهة مشروع لأرشفة أخبار اقتتالنا الأهلي في لبنان، عملت عليه مؤسسة "أمم للأبحاث والتوثيق")، يجمع أخباراً عن وقائع العفو، خاصة العفو العام عن الجرائم المرتكبة خلال الحرب الأهلية، ويسائل ثقافة العفو.

في التقديم لهذا الباب، كتب لقمان سليم، مؤسِّس "أمم": "لا بد من الاعتراف بأن مؤدّى ‘السكوت عن’ هو تنازل الجمهورية ومواطنيها عن سيادة القانون لسيادة شرائع أخرى، من عدادها شريعة الغاب!".

قبل عامين، اغتيل لقمان سليم، وحتى الآن لم يُلقَ القبض على مرتكبي الجريمة، وحتى الآن، لم تصل التحقيقات فيها إلى منتهى، تماماً كما يحصل في جرائم الاغتيال السياسي في لبنان. الجمهورية تنازلت عن سيادة القانون لصالح شريعة الغاب.

"الخفافيش"

هو وصف أطلقه لقمان سليم، في بيان أصدره، على المعتدين (مرّتين) على دارة عائلته في حارة حريك، حيث توجد مكاتب مؤسسة "أمم" و"دار الجديد"، في أواخر عام 2019: اقتحموا الدارة وهتفوا بشعارات تخوين وتهديد مرّة، ومرّة ثانية طبعوها على أوراق وألصقوها على السور الخارجي. في هذا البيان حمّل المسؤولية "عمّا جرى وعمّا قد يجري" لـ"قوى الأمر الواقع، ممثلة بشخص السيد حسن نصر الله وبشخص الأستاذ نبيه بري".

"حتى الآن لم يُلقَ القبض على مرتكبي الجريمة، وحتى الآن، لم تصل التحقيقات فيها إلى منتهى، تماماً كما يحصل في جرائم الاغتيال السياسي في لبنان. الجمهورية تنازلت عن سيادة القانون لصالح شريعة الغاب"

في حارة حريك كان لقمان سليم، بما رعاه من أنشطة ثقافية ولقاءات سياسية معارِضة، نقيضاً للثقافة التي عمل حزب الله ويعمل على تعميمها منذ ثمانينيات القرن الماضي. لذلك لم يستسغ الحزب المهيمن على الطائفة الشيعية يوماً هذه "الظاهرة"، وأيضاً كان يخشاها. كان لقمان دليلاً حيّاً ماثلاً 24/24 أمام عينيه على أن "غزوته" الثقافية الخمينية لم تصل إلى مبتغاها، وعلى أن التعدد لم يمت.

قُتل لقمان سليم ويمكن أن نفهم بسهولة سبب اغتياله: إقصاء حاملٍ لأفكار تزعج القاتل، القاتل الذي يعرف أن لا قدرة لديه على قتل الأفكار، ولكنه يستطيع إنقاص عدد حامليها.

"يُقال: خفِشَ في أَمره إِذا ضعف" (لسان العرب).

طابور العدالة

صفّ المنتظرين لكشف ملابسات الجرائم السياسية ومعاقبة القَتَلة طويل جداً في لبنان. ونحن، منتظرو العدالة للقمان سليم نصطف فيه. سنتان مرّتا ولا إشارة على اقتراب ما للأجهزة الأمنية المكلّفة بحماية المواطنين من كشف ما جرى. خمس رصاصات في رأسه وواحدة في ظهره، لم يُلقَ القبض على مطلقها/ مطلقيها في الرابع من شباط/ فبراير 2022، ولم يُحاكم/ يٌحاكَموا.

"غول القتل سيلتهم كثيرين ممّن يرفضون التطويع ويرفضون الصمت، وسيستمر ذلك إلى أن تُكسر هذه الدوامة، ولا يكسرها سوى محاكمة القتلة"

ماذا يعني هذا؟ لا داعي للكثير من التحليل في الأمور الجليّة. هذا يعني أن هذا الصف سيطول ويطول، لأن غول القتل سيلتهم كثيرين ممّن يرفضون التطويع ويرفضون الصمت، وسيستمر ذلك إلى أن تُكسر هذه الدوامة، ولا يكسرها سوى محاكمة القتلة. إذن هذا ليس مجرّد مطلب. هذا صار من شروط الحياة.

*نُشر هذا المقال أول مرة في الثالث من شباط/ فبراير من العام 2022. عام آخر مرّ على الجريمة ولا شيء تغيّر، ولا يزال المجرمون أحراراً طلقاء بلا تحديد وبلا محاكمات، ولذلك غيّرنا فقط كلمتين فيه: العام صار عامين والسنة صارت سنتين.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard