شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"ولو إنه عتاب لا تحرمني"... لعبة النوستالجيا في "جوابات ريما"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 30 يناير 202206:01 م

خلال السنوات الأخيرة، باتت "النوستالجيا" سلعة رائجة في مصر، تقوم عليها برامج تلفزيونية وتضمن نجاحاً معقولاً للمسلسلات الدرامية، وتبعث من تحت تراب الزمن وجوهاً نسيت، إذ سادت حالة تشبه الفرار المتصل من الواقع إلى ماضٍ أكثر هدوءًا ودعة.

في مقال له، يصف الناقد الكندي ديفيد بيري النوستالجيا بأنها حالة من "انعدام القدرة على التصالح"، والشوق إلى اتجاه معاكس تماماً للاتجاه الي تقودنا فيه الحياة، فيكون العيش معناه المزيد من الابتعاد عن هدفنا الكامن في ماضينا، والذي يتجسد في "النوستالجيا". ربما لهذا أصبحت النوستالجيا عماداً لكثير من المشروعات الفردية والفنية، التي تجسد ذلك الشوق الذي لا يمكن إشباعه إلى الماضي.

وانطلاقاً من هذا الشوق والحنين إلى الماضي بدأت فنانة الكولاج المصرية ريما الحبيبي مشروعها "جوابات"، استعادة لزمن كانت الاتصالات فيه غير لحظية، ينتظر الأحباء والاهل فيه خطاباً يحمله ساعي البريد أو يرقد في صندوق بانتظار من يلتقطه، مستعينة في مشروعها الفني بصور وعبارات تشيع في الوجدان العام للمصريين من خلال تراثهم الفني والسينمائي الثري.

يصف الناقد الكندي ديفيد بيري النوستالجيا بأنها حالة من "انعدام القدرة على التصالح"، والشوق إلى اتجاه معاكس تماماً للاتجاه الي تقودنا فيه الحياة

ما قبل الإنترنت

قبل عقود سبقت اختراع الهواتف والانترنت، كان الخطاب الورقي سائداً للتواصل بين الأهل والأصدقاء والأحباب، وطريقة للتعبير عن الحب والمشاعر.

"ريما الحبيبي" -34 عاماً- شابة مصرية شديدة التعلق بالماضي، تجد في الخطابات الورقية "رومانسية غائبة عن زماننا"، وكأنها تطبق التعريف الفلسفي للنوستالجيا" صناعة السعادة بالهروب إلى الماضي"، لتجمع بين تعلقها بالأفلام القديمة وفن "الآرت جورنال"، لتُصمم خطابات ورقية ذات رسائل "رومانسية".

ريما واحدة من آلاف المصريين الذين فقدوا وظائفهم نتيجة تأثر الاقتصاد المصري بتداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد. قضت أشهراً بين الاكتئاب والتفكير في مخرج إلى أن قررت إحياء شغفها القديم بفن الكولاج والآرت جورنال، لتفتتح مشروعها "جوابات ريما" في كانون الأول/ ديسمبر 2020.

ومثل كثير من النساء اللائي توجهن إلى شبكات التواصل الاجتماعي لافتتاح مشروعاتهن، خاصة خلال فترة الجائحة، تعتمد ريما على فيسبوك لترويج تصميماتها، وخلال عامين اثنين؛ استطاعت تكوين شبكة من محبي "الجوابات" في محافظات مصر وخارج البلاد.

باتت "النوستالجيا" سلعة رائجة في مصر، تقوم عليها برامج تلفزيونية وتضمن نجاحاً معقولاً للمسلسلات الدرامية، وتبعث من تحت تراب الزمن وجوهاً نسيت، إذ سادت حالة تشبه الفرار المتصل من الواقع إلى ماضٍ أكثر هدوءًا ودعة

"ريحة أبويا"

تقول ريما لرصيف22: "طول عمري بحب الكتابة، ومن يوم ما وعيت علي الدنيا؛ بشوف والدتي عندها 2 جوابات من تيتا وجدو (جدها وجدتها)، وجوابات من بابا لما كان مسافر برا مصر وبيكتب لها، وكنت أشوف قد إيه الجوابات دي مهمة عند أمي، ورغم وفاة جدي من أكثر من أربعين سنة؛ لا زالت تقرأ جواباته، وتقولي: ‘باحس إنه ريحة أبويا لسه في الورق’".

تدرك ريما تلك القوة الشعورية الكامنة في خط اليد الذي تكتب به الخطابات، ينتظم في البداية الرصينة ثم يتغير بتغير مشاعر كاتب الخطاب، لتسجل "الجوابات" ما لا تقدر الكتابة الآلية على تطبيقات التواصل أن تنقله، وتترجم الحبيبي هذا الإدراك إلى مشروعها الفني الذي يستثمر "النوستالجيا" وما تدعوه ريما "زمن الحب الجميل".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image