أصدر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمراً ملكياً باعتبار يوم 22 شباط/ فبراير "يوم التأسيس" للدولة السعودية "الأولى"، على أن يكون إجازة رسمية في كل عام، "اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها".
يستند القرار، الذي صدر الخميس 27 كانون الثاني/ يناير، إلى أن الإمام محمد بن سعود هو مؤسس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية قبل ثلاثة قرون، تحديداً في منتصف عام 1139 هـ، الموافق لشباط/ فبراير عام 1727. علماً أن هذه الدولة استمرت حتى عام 1818.
وبشكل غير مسبوق، لم ترد في القرار أي إشارة إلى الإمام محمد بن عبد الوهاب ودوره في تأسيس الدولة السعودية الأولى بالتحالف مع الأمير محمد بن سعود، وهو ما اعتبره منتقدون للقيادة السعودية الحالية "تنصلاً" من دور الوهابية في صعودهم و"تزويراً للتاريخ".
"يوم التأسيس" و"يوم التوحيد"
عقب تداول الأمر الملكي، التبس على سعودين كثر إدراك الفرق بين "يوم التأسيس" و"اليوم الوطني" السعودي الذي يُحتفل به في 23 أيلول/ سبتمبر من كل عام.
وحرصت عدة وسائل إعلام سعودية رسمية على التوضيح أن "يوم التأسيس" لا يتعارض مع "اليوم الوطني" ولن يحل محله بل سيستمر الاحتفاء باليوم الوطني باعتباره "يوم التوحيد" لأراضي المملكة ومنحها اسمها الحالي "المملكة العربية السعودية".
مع إشارة إلى دور الجد الـ14 لبن سلمان في تأسيس "نواة الدولة السعودية الأولى"... أمر ملكي يعلن 22 فبراير #يوم_التأسيس للدولة السعودية، ومعارضون يستدعون "عقدة النسب والجذور التاريخية والأصول الاجتماعية لآل سعود"
ولفتت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إلى أن المؤرخين هم الذين حددوا "يوم التأسيس" استناداً إلى "عدد من الأحداث التاريخية التي وقعت خلال تلك الفترة قبل وبعد تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية عام 1139 هـ - 22 فبراير 1727 م".
وتابعت أن الدولة السعودية الثانية أسسها الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بين عامي 1824 و1891. بعد ذلك، تمكن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود من إقامة الدولة السعودية الثالثة عام 1902، و"إعلان توحيد المملكة بعد رحلة كفاح قادها واستمرت 30 عاماً، وهي امتداد للدولة السعودية الأولى" وذلك في 23 أيلول/ سبتمبر من ذلك العام.
ورافق إعلان "يوم التأسيس" توضيح من "واس" لدور أجداد العائلة المالكة، آل سعود، في التأسيس لـ"نواة الدولة السعودية الأولى" قبل نحو ستة قرون. وشددت على أن الأمير مانع المريدي هو "مؤسس" الدرعية عام 1446 م.، لافتةً إلى أنه الجد الـ13 للملك سلمان والـ14 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد.
عطفاً على هذه التغريدة، قال المحلل السياسي السعودي صالح الزهراني: "البعض يعتقد أن آل سعود طارئون على الحكم بينما التاريخ يسجل لهم أنهم شيوخ وقادة وحكام منذ أكثر من 600 عام. بيت حكم راسخ، قاوم المعتدين وأكبرهم المعتدي العثماني. ودفع من غالي دماء أبنائه شهداء، وكوَّن دولة شرعية وريثة للحكم العربي الإسلامي، ولم يخضع لاحتلال أحد أو إملاءاته".
أزمة "جذور"؟
واعتبر عدد من المعارضين السعوديين أن الإعلان يعكس "أزمة جذور" لدى حكام آل سعود، واتهموا ولي العهد بـ"تزوير التاريخ" و"التنصل من الوهابية".
قالت الأكاديمية السعودية والناشطة السياسية المعارضة، مضاوي الرشيد عبر تويتر: "راحوا ينبشون أجدادهم. هل لأن لا حاضر لهم ولا مستقبل؟ شوية تغريدات ويخرج مرخان (جد مزعوم للملك سلمان) من قبره - يحيي العظام وهي رميم!".
كان لافتاً غياب أي إشارة إلى دور الإمام محمد بن عبد الوهاب في تأسيس الدولة السعودية الأولى في القرار الملكي، وهو ما عدّه منتقدون "تنصلاً" من الوهابية التي "صنعت لآل سعود حكماً وجعلت منهم ملوكاً"
وأضافت بشيء من السخرية: "إن كان الملك سلمان يريد بعداً تاريخياً لدولته أعمق من محمد بن سعود راعي الدرعية، فعليه أن يسميها الدولة المرخانية". واعتبرت تحديد 22 شباط/ فبراير كذكرى لتأسيس المملكة دليلاً على أن الأمير محمد يسعى إلى أن "يتخلص من الذين مكّنوه"، في إشارة إلى الدعوة الوهابية.
واتفق الكاتب السعودي حمزة الحسن مع هذا الرأي قائلاً إن "محمد بن سعود بدون الوهابية مجرد حاكم على قرية لا تزيد عن 70 بيتاً!" وإن "الوهابية صنعت لآل سعود حكماً وجعلت منهم ملوكاً" و"بدون الوهابية ما كان ليقوم لهم عرش". ورأى الحسن أن تخلي حكام آل سعود الحاليين عن الوهابية "يفقدهم الشرعية في آخر معقل لهم".
أما الكاتب والصحافي السعودي المقيم في المملكة المتحدة، فؤاد إبراهيم، فقال إن "عقدة النسب والجذور التاريخية والأصول الاجتماعية لآل سعود كانت دائماً حاضرة. ولذلك يحاولون إثبات ‘أصالتهم‘ ولو بفبركة رواية من صنع خيال مُطبّل يطمع في مال أو يخشى عقاباً".
وأردف إبراهيم: "تأسيس أو توحيد… أزمة الكيان بنيوية ولا تحل بعناوين تجميلية. ما تحسبونه تأسيساً يحمل تدليساً وتفليساً".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين