كشف تقرير حقوقي جديد كيف أن حياة أفراد مجتمع الميم-عين في أفغانستان "تدهورت بشكل كبير" في ظل حكم حركة طالبان الأصولية، نتيجة اعتداءات واغتصاب جماعي وتهديدات بالقتل واحتجاز غير مشروع.
منذ استيلاء الجماعة المتشددة على السلطة في أفغانستان العام الماضي، تعددت التقارير عن استهداف أفراد مجتمع الميم-عين LGBTQ+ بأشكال مختلفة والتضييق عليهم و"اصطيادهم" ونصب الفخاخ للإيقاع بهم.
في أحدث تقرير أعدته منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، وُثِّقت نحو 60 حالة عنف ضد أفراد مجتمع الميم-عين منذ آب/ أغسطس 2021. ووصف العديد من أفراد المجتمع للمنظمة مدى الإيذاء الذي ألحقه حكم طالبان بحياتهم.
التقرير الذي يرد في 43 صفحة تحت عنوان: "حتى إذا صعدت إلى السماء، سنجدك"، ونُشر الأربعاء 26 كانون الثاني/ يناير، يستند إلى مقابلات مع 60 من أفراد مجتمع الميم-عين الأفغاني.
اعتداءات واغتصاب جماعي وتهديدات بالقتل… تقرير جديد يوثّق كيف أن أوضاع أفراد مجتمع الميم-عين الأفغاني "تدهورت بشكل كبير" منذ استيلاء طالبان على السلطة
أوضاعهم من سيىء إلى أسوأ
وفي حين أن أصحاب الميول الجنسية والهويات الجندرية غير الشائعة لم يحظوا يوماً بأي قدر من الحريات، إذ جرت ملاحقتهم بانتظام إلا أن الوضع ازداد سوءاً في عهد طالبان. على سبيل المثال، في عهد الرئيس المخلوع أشرف غني، حُظِرت المثلية الجنسية وعُوقِب ممارسها بالسجن.
حتى أولئك الذين أجريت معهم المقابلات، كانوا قد عانوا قبل عودة طالبان انتهاكات جمّة، بما في ذلك العنف الجنسي، زواج الأطفال، الزواج القسري، العنف الجسدي، الطرد من المدارس، الابتزاز وإخفاء هويتهم.
ولفتت هيومن رايتس ووتش في تقريرها إلى أن طالبان منذ توليها الحكم "أخذت على عاتقها انتهاج موقف متشدد ضد حقوق مجتمع الميم"، متذرعةً بالشريعة الإسلامية. في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قال متحدث باسم طالبان لوكالة رويترز: "مجتمع الميم؟ هذا مخالف للشريعة".
كذلك صرّح قاضٍ في طالبان لصحيفة "بيلد" الألمانية: "بالنسبة للمثليين جنسياً، لا يمكن أن يكون هناك سوى عقوبتين: إما الرجم، أو الوقوف خلف جدار يسقط عليه". وذلك رغم التعهدات المتكررة التي قدمتها الجماعة باحترام حقوق الإنسان.
في هذا الصدد، أوضحت هيذر بار، المديرة المساعدة للمجموعة المعنية بحقوق المرأة في المنظمة: "الأمور (حياة أفراد مجتمع الميم-عين) كانت صعبة على الدوام. لكنهم وجدوا طرقاً للبقاء على قيد الحياة وبناء مجتمعهم ودعم بعضهم بعضاً، وكان لديهم أمل في أن تتحسن الأوضاع تدريجياً. في 15 آب/ أغسطس، انتهى كل ذلك".
خلال شهاداتهم التي وردت في التقرير، تحدث الكثير من الأفراد عن مهاجمة أعضاء من طالبان لهم أو تهديدهم بالقتل بسبب ميولهم الجنسية أو هويتهم الجندرية. وأبلغ آخرون عن إساءة المعاملة من قبل أفراد الأسرة والجيران والشركاء الحميميين لدعمهم طالبان وأفكارها أو لاعتقادهم بأنه يتعين عليهم العمل ضد أفراد مجتمع الميم-عين المقربين لضمان سلامتهم.
شاب أفغاني مثليّ (20 عاماً) قال إن عناصر طالبان أوقفوه عند نقطة تفتيش، وضربوه ونقلوه في سيارة إلى مكان آخر حيث جلده أربعة منهم واغتصبوه طوال ثماني ساعات
وبينما تحدث أشخاص مثليّون عن مغادرة منازلهم هرباً من هجمات أفراد الحركة أو أنصارها، روى آخرون كيف "شاهدوا الحياة التي بنوها بعناية على مرّ السنين تختفي بين عشية وضحاها، ووجدوا أنفسهم معرضين لخطر الاستهداف في أي وقت بسبب ميولهم الجنسية أو هويتهم الجندرية".
وقال جاي ليستر فيدر، الباحث الحقوقي: "تحدثنا مع أفغان من مجتمع الميم تعرضوا للاغتصاب الجماعي، والاعتداء الجماعي، أو تعرضوا للمطاردة من قبل أفراد عائلاتهم الذين انضموا إلى طالبان، ولم يكن لديهم أي أمل في أن تحميهم مؤسسات الدولة".
وتابع: "بالنسبة لأفراد مجتمع الميم الذين يريدون الفرار من أفغانستان، هناك القليل من الخيارات الجيدة لأن معظم جارات أفغانستان تجرّم المثلية الجنسية. لا مبالغة مهما تحدثنا عن حجم الدمار -والرعب- الذي سببته عودة حكم طالبان للـLGBT الأفغان".
شهادات مروّعة
قال شاب مثليّ (20 عاماً) إن عناصر طالبان أوقفوه عند نقطة تفتيش، ونعتوه بأنه "izak"، (وهو مصطلح مهين يُطلق على المثليين هناك). ثم ضربوه ونقلوه في سيارة إلى مكان آخر حيث جلده أربعة منهم واغتصبوه طوال ثماني ساعات.
وقبل إطلاق سراحه أخبروه: "من الآن فصاعداً، في أي وقت نريد أن نجدك، سنفعل. وسنفعل معك ما نريد". قال إنهم زاروا مكان عمله وعرفوا عنوان منزله حيث ذهبوا إليه مراراً وبحثوا عنه، ولاذ هو بمخبأ لتفاديهم.
وقالت شابة إن أقاربها انضموا بعد استيلاء طالبان على السلطة إلى الجماعة وهددوها بالقتل بسبب ميولها المثلية التي اكتشفوها مصادفةً قبل استيلاء الحركة على الحكم بأسابيع. وأوضحت أن والدها دبّر لها زواجاً سريعاً ودفع للزوج المال لينتقل بها إلى مدينة بعيدة حيث علم من إحدى قريباتها أنها مثلية وراح يضربها يومياً ويمنعها من مغادرة المنزل.
شابة عابرة جنسياً قالت إنها احتُجِزت عارية في مركز لشرطة طالبان وتعرضت للضرب يومياً وحُلِق رأسها وحاجباها. وكان جسدها مغطى بالكدمات ورأسها بالجروح
وأضافت أنها لم تكن قلقة إبّان الحكومة السابقة إذ "لم تكن هناك طالبان. بل شرطة. لا أحد يستطيع قتلي بسهولة. الآن أخشى أن يقتلني زوجي، أو ابن عمي".
وروى شاب في مطلع العشرين من عمره أنه عبّر عن إعجابه لجار له وبادله الإعجاب، وحين استولت طالبان على السلطة انضم جاره للحركة وبدأ يهدده. قال الشاب إن جاره قال له: "أنت شاذ. حتى إذا ذهبت إلى السماء، سنجدك". وتكررت زيارات أفراد الحركة ومعهم الجار إلى منزل الشاب الذي أخفاه أهله حتى هرب من البلاد.
وكشفت شابة عابرة جنسياً إنها احتُجِزت عارية في مركز لشرطة طالبان وتعرضت للضرب يومياً وحُلِق رأسها وحاجباها. وكان جسدها مغطى بالكدمات ورأسها بالجروح. وأخبرها ضابط أنه إذا رآها في أي مكان لاحقاً فسيقتلها.
في ختام التقرير، نبهت هيذر بار إلى أن "طالبان تعهدت صراحة عدم احترام حقوق مجتمع الميم الأفغاني" و"من المهم بالنسبة للحكومات أن تضغط بشكل عاجل على طالبان لاحترام حقوق هذه الفئة، والتأكد أن المساعدة التي تقدمها لأفغانستان تصل إليهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...