تستمر المواجهات بين الحوثيين من جهة، والإمارات والسعودية من جهة أخرى. وفي تحدٍ جديد، أطلقت جماعة أنصار الله الحوثية هجمات، يوم الإثنين الفائت، بصواريخ باليستية من محافظة الجوف في اليمن، تجاه العمقين الإماراتي والسعودي.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في سلسلة تغريدات عبر تويتر، إنهم "استهدفوا مواقع حساسة في الإمارات، بينها قاعدة الظفرة الجوية (في جنوب العاصمة أبو ظبي)، بالصواريخ الباليستية، ومواقع أخرى في منطقة دبي عبر الطائرات المسيّرة".
وتستضيف قاعدة الظفرة قواتٍ فرنسيةً وأمريكيةً، وليلة استهدافها (منتصف ليل الأحد الفائت)، سارعت وزارة الدفاع الأمريكية عبر تويتر، لتقول إن "قواتها احتمت في ملاجئ داخل القاعدة العسكرية".
في المقابل، أكّدت وزارة الدفاع الإماراتية، أنّ "دفاعاتها الجوية اعترضت ودمّرت صاروخين باليستيين، أطلقتهما جماعة الحوثي تجاه الإمارات"، فيما أشارت وزارة الدفاع السعودية إلى أنّ "دفاعاتها دمرّت صاروخاً باليستياً، أُطلق نحو منطقة الظهران التابعة لمنطقة عسير في جنوب البلاد".
إكسبو دبي في خطر!
ردت الإمارات سريعاً بقصف قاعدة إطلاق صواريخ في الجوف، زعمت أنها استُخدمت في الهجمات الأخيرة، مع تحضيرات لرد واسع على التصعيد اليمني، كما يُسرّب الإماراتيون على وجه التحديد، في مقابل تهديد يمني لمرافق حيوية في الإمارات، وهذا ما ظهر في تغريدة سريع الأخيرة، وقال فيها: " إكسبو... معنا قد تخسر... ننصح بتغيير الوجهة؟".
تستضيف قاعدة الظفرة قواتٍ فرنسيةً وأمريكيةً، وليلة استهدافها قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن "قواتها احتمت في ملاجئ داخل القاعدة العسكرية".
وتستضيف دبي إكسبو 2020، وهو حدث تأجل بسبب الجائحة، وتعوّل عليه الإمارة في خططها الاقتصادية الآنية والمستقبلية، فيما يبدو أن الحوثيين ينقلون المعركة إلى مستوى آخر، إذ نصحوا في بيان على صفحة المتحدث الرسمي باسمهم، "الأجانب والمستثمرين في دويلة الإمارات بمغادرتها كونها أصبحت دولةً غير آمنة، وأنها معرّضة للاستهداف بشكل مستمر".
والسؤال اليوم: بعد دخول المواجهة بين دول التحالف من جهة، وجماعة الحوثيين من جهة أخرى، بعداً جديداً، وفي ظل التهديدات المتصاعدة، هو: كيف سينتهي هذا السيناريو؟
"الإمارات لن تتراجع"
يقول الخبير الأمني العسكري الإماراتي، خلفان الكعبي، لرصيف22: "لا نريد مفاوضات مع الحوثيين. لا تنطبق عليهم شروط الدولة لنتفاوض مع مسلحين، فقد سبق وحصلت جولات في فيينا، وسويسرا، والكويت، ولم نصل إلى نتيجة. إذاً الحسم العسكري هو الخيار الوحيد، وإذا وافق الحوثيون على نزع سلاحهم، والتحوّل إلى حزب سياسي، كان به، نجلس معهم ونتحاور، غير ذلك، الردّ العسكري هو الجواب الوحيد على ميليشياويين يختبئون في الكهوف".
من جهته، يقول الباحث السياسي اليمني، الدكتور عبد الملك اليوسفي، لرصيف22، إن "الهجمات الأخيرة لن تحقق أي هدف إستراتيجي، ولا يوجد أي قلق على الإمارات والسعودية، إذ لديهما قدرة الدفاع عن نفسيهما".
الهجمات النوعية التي يقوم بها الحوثي وبدأت تتأثر فيها دول الخليج بشكل متصاعد، ستدفع هذه الدول إلى البحث عن أنظمة دفاعية قوية، سواء من الشرق أو الغرب، لتقاوم
يضيف: "الحوثيون يحاولون الضغط على الإمارات التي حققت انتصارات عبر حلفائها في اليمن، فدخول جيش العمالقة المدعوم إماراتياً إلى المعركة بدّل المعادلة حول مأرب، ومنع الحوثيين من السيطرة الكاملة عليها، وواشنطن ستعيد تصنيفهم كمنظمة إرهابية بقرار أشد من السابق، وستعاقب من يتعامل معهم أو يساعدهم، وأعتقد أن الدول الأخرى مثل فرنسا وبريطانيا ستتخذ إجراءاتٍ مشابهةً، إلى جانب عدد من الدول العربية"، مشيراً إلى أن "هذه الهجمات ستدفع دول الخليج إلى البحث عن أنظمة دفاعية قوية، سواء من الشرق أو الغرب، لتقاوم مثل هذه الهجمات".
التأثير الاقتصادي
واستهدف الحوثيون في 17 كانون الثاني/ يناير الجاري، موقعاً صناعياً في أبو ظبي، ما أدى إلى اشتعال النار في شاحنات الوقود، ومقتل ثلاثة عمال أجانب، وجرح ستة آخرين. كما تعرضت منطقة "المصفّح" بالقرب من المطار الدولي لهجوم طائرات مسيّرة، وهي المرّة الأولى التي تتحدث فيها الإمارات عن خسائر كبيرة.
يرى الباحث في العلاقات الدولية، محمد حامد، أنّ "الحوثيين يجيدون الحرب الإعلامية، وتهديدات يحيى سريع الأخيرة، هي نوع من تلك الحرب، خاصةً أن دبي تضم أكبر استثمارات في العالم، وهدف الحوثيين هو ضرب اقتصاد الإمارات أولاً قبل أي هدف آخر. الخطر النفسي له أثر أكبر من المادي".
يجيد الحوثيون الحرب الإعلامية، وتهديدات يحيى سريع الأخيرة، هي نوع من تلك الحرب، خاصةً أن دبي تضم أكبر استثمارات في العالم، وهدف الجماعة هو ضرب اقتصاد الإمارات
ويضيف لرصيف22: "يجب ألّا ننسى أن الجاليات المقيمة في الإمارات أكثر من عدد المواطنين، وهؤلاء سيشعرون بالخطر الكبير، فحين يطلب سريع من الشركات الأجنبية مغادرة أبو ظبي لأنها لم تعد آمنةً، يجب ألا نستخف بتلك التحذيرات بكل موضوعية، أقله على الوضع الاقتصادي، وأكبر دليل هو هبوط أسهم دبي إلى 2.5 في المئة مطلع الأسبوع، وهذا ما يريده فعلاً الحوثيون".
ويلفت حامد إلى أنه "قد نشاهد في الأيام المقبلة استهدافاً أسبوعياً للسعودية والإمارات، أبعد من قاعدة الظفرة، وسيبقى الحال كما هو عليه بين ردّ وردّ مضاد، وتالياً سينعكس سلباً على اقتصادي الإمارات والسعودية".
والجدير ذكره أن قاعدة الظفرة في أبو ظبي هي القاعدة العسكرية الوحيدة خارج حدود الولايات المتجدة الأمريكية، التي تضم أنواعاً متطورةً من الطائرات الحربية، وفيها أكثر من 60 طائرةً متنوعة. كما أنّها تُعدّ من أهم القواعد العسكرية في المنطقة، وفيها ما بين 3،500 و3،800 جندي أمريكي، إلى جانب سرب من مقاتلات "إف-15 إس"، وطائرات "إف-22"، وطائرات استطلاع "لوكهيد يو-2"، وغيرها.
فرنسا تتدخل
من ناحيته، يتوقع الباحث في العلاقات الدولية في باريس، الدكتور طارق وهبي، أن تتدخل فرنسا قريباً لحماية أمن البحر الأحمر، وتحديداً باب المندب الذي يُعدّ مدخل العبور الأهم للبضائع الفرنسية إلى قناة السويس والدول المحيطة بها، فضلاً عن البواخر الفرنسية الراسية في بحر العرب، والتي تساند ناقلات الغاز الآتية من الخليج العربي إلى دول أوروبا".
ويضيف: "إذا وضعت الولايات المتحدة مجدداً أنصار الله الحوثي على لائحة الإرهاب، ستحصل جدولة جديدة لتحالف جديد قد تشارك فيه فرنسا إلى جانب عدد من الدول الأوروبية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي لديه موقف سلبي تجاه الحوثيين، بعدما لاحظوا أن المساعدات التي كان يرسلها الاتحاد إلى الشعب اليمني، كانت توزَّع على فئة واحدة تابعة للحوثيين، وهذا ما أكده تقرير للأمم المتحدة، إذ يتم تهريب السلاح إلى الميليشيات الحوثية عبر مطار الحديدة الذي كان الاتفاق أن يكون مركزاً لوصول المساعدات".
إذا وضعت الولايات المتحدة مجدداً أنصار الله الحوثي على لائحة الإرهاب، ستحصل جدولة جديدة لتحالف جديد قد تشارك فيه فرنسا
يستبعد وهبي أن يقصف الحوثي مناطق ومنشآتٍ حيويةً في الإمارات تحديداً، كما هدد بأنه سيقصف "إكسبو دبي"، أو غيره، ويقول: "هم يستخدمون آخر خرطوشة من سلاحهم، لذا لجأوا إلى التهديد والوعيد، وتقنياً الصاروخ الذي سينطلق من اليمن إلى الإمارات، سيحتاج إلى ما بين الـ12 و22 دقيقةً، وهو وقت كافٍ كي يتم تدميره من الدفاعات الجوية قبل بلوغه الهدف، لذا أقول إن التهديدات مجرّد تصعيد وحرب نفسية ليس أكثر".
عمليات الحوثي
هجوم جماعة الحوثي الأخير على أبو ظبي لم يكن الأول، لكنها المرة الأولى التي تعترف بها السلطات الإماراتية، ووفقاً لبيانات سابقة، صدرت عن يحيى سريع، فإنه في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2017، زعم أنهم أطلقوا صاروخ كروز استهدف مفاعل "براكة" النووي في العاصمة أبو ظبي، فيما نفت الإمارات ذلك، وأشارت إلى أنها تمتلك منظومة دفاع جوي قادرةً على التعامل مع أي تهديد من أي نوع.
حين يطلب سريع من الشركات الأجنبية مغادرة أبو ظبي لأنها لم تعد آمنةً، يجب ألا نستخف بتلك التحذيرات بكل موضوعية، أقله على الوضع الاقتصادي، وأكبر دليل هو هبوط أسهم دبي إلى 2.5 في المئة مطلع الأسبوع
وخلال العام 2018، أعلن الحوثيون أكثر من مرة (نحو ست مرات)، استهدافهم مطاري أبو ظبي ودبي، باستخدام طائرة مسيّرة من طراز "صماد 3".
كذلك في شهر أيار/ مايو من العام 2019، بث الحوثيون فيديو قالوا إنه يعود لاستهدافهم منشآت في مطار أبو ظبي الدولي في عام 2018، بطائرة مسيّرة، وكانت الإمارات قد نفت تعرض أي من مطاراتها لأي هجوم، فيما أكّدت أبو ظبي أن الحادث تسببت به مركبة إمدادات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...