أُعيد المواطن البحريني أحمد جعفر محمد علي إلى البحرين، في 24 كانون الثاني/ يناير، بعد أن سلّمته السلطات الصربية بناءً على نشرة الإنتربول الصادرة عام 2015، وسط مخاوف من تعريض حياته للخطر وتعرضه للتعذيب مجدداً، كما أعلن عدد من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.
أحمد (48 عاماً) كان قد اعتُقل في أواخر عام 2007، في "قضية جدحفص"، وهي قضية تحمل اسم قرية أحرق المتظاهرون فيها عربة لقوات الأمن وزُعم أنهم سرقوا منها بندقية وذخيرة، وتعرّض لتعذيب شديد من قبل السلطات البحرينية، وثّقه تقرير سابق لهيومن رايتس ووتش.
وحضر اسم أحمد في عدة محاكمات أخرى، وصدرت بحقه ثلاثة أحكام بالمؤبد، بالإضافة إلى حكم رابع بالسجن عشر سنوات، وذلك في قضايا اعتبرتها وزارة الداخلية البحرينية "إرهابية"، تتضمن اتهامات بصناعة وحيازة عبوات قابلة للانفجار والقتل العمد، بين عاميْ 2012 و2015 .
وعام 2015، أدين أحمد مع ثلاثة أشخاص خلال محاكمة بشأن قتل ضابط شرطة إماراتي، ونُفّذ حكم إعدام بحق الثلاثة الآخرين، عام 2017، في قضية أثارت انتقادات كثيرة بخصوص مراعاة المحاكمة لمعايير العدالة. فقد قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام بإجراءات موجزة أغنيس كالامار والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب نيلس ميلتسر: "نُفّذت عمليات الإعدام في أعقاب إجراءات مخالفة للمعايير الدولية. إن المتهمين الثلاثة أجبروا على الاعتراف تحت وطأة التعذيب، بما في ذلك استخدام أساليب مثل الصدمات الكهربائية والإذلال الجنسي، وحُرموا من الحصول على مساعدة قانونية مناسبة".
كما أعرب روبرت كولفيل، المتحدث باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، عن قلقه إزاء المحاكمات، وأكدّ أنه "لم يتمكن محاموهم من تسلّم كل الأدلة الموجّهة ضدهم، كما لم تُتَح للمحامين فرصة لاستجواب شهود الادّعاء خلال جلسات المحكمة".
"هذا التسليم الفاضح من قبل الحكومة الصربية التي تُعرّض شخصاً للتعذيب والسجن مدى الحياة هو أمر محبط للغاية"
وكان أحمد قد اعتُقل في بلغراد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، بناءً على نشرة الإنتربول الحمراء الصادرة عن مملكة البحرين في العام ذاته، ووجّه خطاباً إلى المحكمة العليا في بلغراد يوضح فيه أنه يريد طلب اللجوء خوفاً من الاضطهاد والتعذيب والموت في البحرين، وعلى أثر ذلك أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قراراً بتأجيل تسليم أحمد للبحرين إلى 25 فبراير/ شباط 2022.
وقال مركز بلغراد لحقوق الإنسان: "مضي صربيا قدماً في تسليم أحمد هو انتهاك لحكم المحكمة في ستراسبورغ فضلاً عن عدد من اللوائح الدولية والمحلية التي تلزمها باحترام حقوق الإنسان". وأضاف أن الرجل اعتُقل وتعرّض للتعذيب في البحرين لمعارضته الأسرة الحاكمة وحُكم عليه بالسجن المؤبد في محاكمة حكم فيها على ثلاثة آخرين بالإعدام.
وقال محامي أحمد، ماركو ستامبوك، لرصيف22: "أنا ومحامية أخرى بالإضافة إلى مركز بلغراد لحقوق الإنسان نمثّل أحمد أمام القانون، وتقدّمنا بطلب تأجيل التسليم للسلطات الصربية يوم الجمعة الماضي، وتم قبوله، وهو ما طمأننا بأن السلطات ستحترم قرار المحكمة الأوروبية، وفي زيارة لي للسجن اليوم الاثنين (في 24 كانون الثاني/ يناير)، للقاء أحمد، اكتشفت أنه تم تسليمه لبلده الأم في الصباح الباكر من نفس اليوم".
ويواصل ستامبوك: "أعيد أحمد إلى وطنه اليوم الاثنين رغم أنه صرّح بأنه يريد اللجوء في صربيا لأنه قد يواجه تعذيباً محتملاً وانتهاكات لحقوق الإنسان".
"أحمد ضحية محاكمات صورية، وعانى بالفعل من التعذيب على أيدي مسؤولين بحرينيين ويُخشى الآن أن يواجه استجواباً عنيفاً وانتهاكات"
وبيّن بيان لمعهد البحرين للحقوق والديمقراطية أن تسليم أحمد للبحرين جرى على الرغم من أن الإنتربول في صربيا، ووزارة الداخلية الصربية، على علم بالتدبير المؤقت للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويعتقد المركز بأن هناك علاقة بين هذا التسليم وبين زيارة رئيس صربيا، ألكسندر فوتشيتش، إلى البحرين، في آذار/ مارس 2021، وهي أول زيارة لرئيس صربي للبحرين، وأيضاً باتصال جرى في 17 كانون الثاني/ يناير 2022 بين رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين علي أحمد الدرازي وأمين المظالم الصربي زوران باشاليتش، للنقاش حول "سبل تعزيز التعاون في مجال حقوق الإنسان".
وفي تعليق لمدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية أحمد الوداعي، قال: "هذا التسليم الفاضح من قبل الحكومة الصربية التي تُعرّض شخصاً للتعذيب والسجن مدى الحياة هو أمر محبط للغاية. أحمد ضحية محاكمات صورية، وعانى بالفعل من التعذيب على أيدي مسؤولين بحرينيين ويخشى الآن أن يواجه استجواباً عنيفاً وانتهاكات".
ويرى الوداعي أن "الإنتربول وصربيا كلاهما متورط بشدة في أي إساءة يتعرّض لها أحمد".
ينوي محامو أحمد في مركز بلغراد لحقوق الإنسان رفع دعوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بقصد الدفع بأن صربيا انتهكت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في الوقت الذي أكد فيه محاميه ستامبوك بأنه "ليس هناك الكثير للقيام به لإنقاذ أحمد، فهو اليوم في البحرين وتحت سلطة سلطات بلاده".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...