في تصريحات رسمية إيرانية نادرة، أعلن تقي رستم وَندي، مساعد وزير الداخلية الإيراني ورئيس منظمة الشؤون الاجتماعية، عن تصاعد بعض المؤشرات بين المواطنين، بما فيها "الرغبة إلى إيجاد تغييرات جذرية في البلاد، والميل إلى نظام علماني"، وقال إن الاحتجاجات هي أحد المؤشرات على تطلع المواطنين لتحقيق هذه الرغبة.
وقال رستم وندي في تصريحات جاءت في "المؤتمر الوطني لمواجهة الأضرار الاجتماعية من وجهة نظر الإسلام"، والذي عقد بتعاون بين جامعة "شاهد" في طهران ووزارة الداخلية في يوم الأحد 16 كانون الثاني/يناير الحالي أن السلطات، وبناءً على نتائج دراسات رسمیة، توصلت خلال السنوات الماضية إلى مؤشرات من شأنها أن تكون مقلقة إلى حد كبير، وهي بمثابة إنذار للنظام، حسب تعبيره.
كما أشار إلى عدم ثقة المواطنين بفعالية الحكومة الدينية، وقال: "إذا شعرنا أن وجهة نظر المواطنين تسير باتجاه أن النظام الديني فشل في حل تحديات وقضايا البلاد الراهنة ويمكن لنظام آخر مثل النظام العلماني وغير الديني أن يحلّ مشاكل البلاد، عندها سوف يُدَقّ جرس الإنذار بالنسبة لنا"، دون تقديم مزيد من التفاصيل، والحديث عن مصاديق هذا الأمر.
وقال رستم وندي: بين 40 إلى 45% من المواطنين قالوا في استطلاع للرأي بأنهم لا يلتزمون بالقانون، كما يعتقد حوالى 50% أن مستوى العدالة والمساواة في المجتمع منخفض. واعتبر الرغبة في الهجرة لدى المواطنين وترك البلاد "أحد المؤشرات الخطيرة والمقلقة إلى حد كبير".
وأشار إلى الفقر والتهميش والحرمان، وقال إن التهميش أحد الأزمات الاجتماعية التي تواجهها البلاد حالياً، كاشفاً عن وجود 11 إلى 13 مليون شخص في إيران يعيشون في مستوطنات عشوائية.
"إذا شعرنا أن وجهة نظر المواطنين تسير باتجاه أن النظام الديني فشل في حل تحديات وقضايا البلاد الراهنة، عندها سوف يدَقّ جرس الإنذار بالنسبة لنا"
كما تطرق في تصريحاته أيضاً إلى زيادة استهلاك الكحول في إيران، رغم حظرها، وقال بين 9و10% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً يستخدمون الكحول، وأكثر من خمسة ملايين شخص يستهلكون الكحول سنوياً. وأضاف أن 27٪ من الناس لديهم موقف إيجابي تجاه تعاطي المخدرات.
وقدم رستم وندي إحصاءات حول عدد حالات الانتحار في إيران، وقال إن حوالى 100 ألف شخص يقدمون على الانتحار في البلاد كل عام، حيث يفقد ما بين 5000 و5500 منهم حياتهم.
المجتمع الإيراني بعد أربعة عقود من الحكم الديني
تقدِّم الجمهوريةُ الإسلامية نفسَها كحكومة دينية قائمة على العدالة، لكنها على مدى العقود الأربعة الماضية لم تكن غير فعالة في مواجهة التحديات فحسب، بل أدت سياساتها إلى تأجيج مشاكل وقضایا في البلاد، منها الفساد والفقر.
أعلنت وزارة العمل الإيرانية في تقرير في أيلول/سبتمبر الماضي أن أكثر من ثلث سكان إيران يعيشون في فقر مدقع.
وأدى ارتفاع التضخم وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، إلى جانب القيود على حرية التعبير والحرية الاجتماعية والسياسية في السنوات الأخيرة إلى انتقادات واسعة من قبل المواطنين وبعض الشخصيات والمسؤولين.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت إيران احتجاجات خلفت مئات القتلى، وردد فيها شعارات مناهضة للنظام. وبالإضافة إلى الاحتجاجات السياسية، ازدادت الاحتجاجات العمالية والنقابية بشكل ملحوظ في إيران في الأشهر الأخيرة.
قال رجل دين إيراني إن سائق تاکسي أنزله وقال له: "لا أسمح بركوب الملالي"
وتصاعدت مخاوف المسؤولين الإيرانيين في السنوات الأخيرة بعد إطلاق شعارات مؤيدة للعهد البَهلوي (ما قبل انتصار الثورة الإسلامية) خلال احتجاجات في البلاد.
وكتبت أسبوعية "خط حزب الله" التي يصدرها مكتب نشر أعمال المرشد الأعلى الإيراني في تقرير أنه "العديد من المواقف على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تقول إن العهد البهلوي جنّة، والجمهورية الإسلامية جحيم، وإذا لم يتم مواجهة هذه الحرب الدعائية بشكل جيّد، فسيواجه النظام الإسلامي ضربة قوية".
الغضب الشعبي من النظام ورجال الدين
جاءت تصريحات نائب الداخلية الإيرانية بعد أيام من تصريحات عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران، حسن رحيم بور أزغَدي، الذي قال إن الشعب الإيراني أصبح یحتقر رجال الدين.
وبدأ كره الإيرانيين لرجال الدين بعد سنوات من الثورة الإسلامية، وتصاعد هذا الشعور خلال السنوات الأخيرة، بعد سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وجزء كبير من المجتمع الإيراني يتهم رجال الدين بالتسبب في ذلك.
وفي السنوات الأخيرة تداولت أنباء ومشاهد عديدة عن ردود فعل غاضبة من المواطنين ضد رجال الدين، وفي أحدثها داست إمرأة عمامةَ أحد رجال الدين في شوارع مدينة قُم الدينية، بعد ما نصحها بالحجاب.
وكشف ممثل المرشد الأعلى في مدينة مشهد، وهو والد زوجة الرئيس الإيراني الحالي، أحمد علم الهدى عن امتلاء الفضاء الافتراضي بالإهانات للمسؤولين وإظهار مشاكل النظام.
"لسوء الحظ، سارت بلادنا في اتجاه غير مرغوب لغالبیة المواطنين، وأنهم مستاؤون من الوضع الحالي، ويضعون هذه الأمور على عاتق رجال الدين"
کما تحدث رجل الدين الإيراني البارز، محمد رضا زائري، عن زيادة الإهانات الموجهة له من قبل المواطنين، حيث قال إنه تعرض للبصق مرةً في الأيام العشرة الماضية، وللإهانة الشديدة مرتين أو ثلاثة، کما قال إن سائق تاکسي أيضاً أنزله وقال له: "لا أسمح بركوب الملالي".
ووجّه تصريحاته التي أثارت الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى "أولئك الذين يجب أن يفهموا ويعلموا"، وقال: "هل هم على علم بهذا الحجم من الكراهية والحقد المتزايد والحرج الذي حذّرنا منه خلال الأعوام الماضية؟ لا".
وأكد عضو مجمع الباحثين والمدرسين البارز بالمدرسة الدينية في مدينة قم، محمد تقي فاضل ميْبُدي، أن الكثير من رجال الدين يذهبون إلى الشارع بلباس مدني وليس بلباس رجال الدين، لأن المواطنين يهينونهم ويضايقونهم.
كما قال إنه "لسوء الحظ، سارت بلادنا في اتجاه غير مرغوب لغالبیة المواطنين، وإنهم مستاؤون من الوضع الحالي، ويضعون هذه الأمور على عاتق رجال الدين".
وقالت أعظم قمري، زوجة رضا خُرَّمی، الحارس الشخصي لقائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، والذي قُتل في الحرب السورية، إن رد فعل الشعب الإيراني على حضور زوجها في الحرب السورية كان غاضباً لدرجة "إذا علم أحد أنني زوجة شهيد فی سوریا أفضّل القول إن زوجي كان جندياً واستشهد على الحدود"، حسب قولها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 9 ساعاتHi
Apple User -
منذ 9 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا