"علاء اتحكم عليه بـ5 سنوات، وباقر وأكسجين 4 سنوات، والقاضي ماعندوش الشجاعة إنه يطلع يقولنا الحكم، بعت الحاجب قرأ القرار وجري". كلمات أنهت بها منى سيف، شقيقة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، عصر الإثنين 20 كانون الأول/ ديسمبر، حالة الترقب والقلق وقليل من الأمل في العدالة، انتابت الكثيرين خلال الأيام الماضية، بعد حجز القضية رقم 1228 لسنة 2021، جنح أمن الدولة طوارئ، للحكم في جلسة 8 من الشهر الجاري، من دون السماح لهيئة الدفاع عن المبرمج والكاتب علاء عبدالفتاح، ومحاميه محمد الباقر والمدون المستقل محمد إبراهيم "أكسجين" بالحصول على صورة رسمية أو ضوئية من أوارق الدعوى، للوقوف على أدلة الاتهام وتفنيدها.
وينتظر الحكم تصديقاً من الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته الحاكم العسكري الموكول إليه التصديق على أحكام أمن الدولة بموجب قانون الطوارئ (غير المفعَّل الآن).
أين الجريمة؟
في سبتمبر/ أيلول 2019، ألقت قوات الأمن القبض على المبرمج والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، أثناء تنفيذه المراقبة الشرطية - عقوبة تكميلية فرضت عليه في القضية رقم 1343 لسنة 2013 المعروفة بأحداث مجلس الشورى عام 2013- ووجهت إليه اتهامات عامة غير محددة بنشر الشائعات ومعاونة جماعة إرهابية على تحقيق أغراضها، من دون مواجهته بأية أدلة على تلك الجرائم.
وتوجه محاميه محمد الباقر إلى قسم الشرطة للحضور معه حسب حقوق المتهم التي يكفلها القانون، وفوجئ المحامي بنفسه مقبوضاً عليه وووجهت إليه ذات التهم التي وجهت إلى علاء "إشاعة ونشر أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد".
وبعد أيام، ألقي القبض على المدون محمد إبراهيم المعروف باسم "أكسجين"، أثناء تأديته التدابير الاحترازية في قسم الشرطة على ذمة القضية رقم 621 لسنة 2018، وجرى ضمه إلى علاء والباقر في القضية ذاتها التي حملت رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.
ينتظر الحكم تصديقاً من الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته الحاكم العسكري الموكول إليه التصديق على أحكام "أمن الدولة" بموجب قانون الطوارئ (غير المفعَّل الآن)
وبعدما أمضى الثلاثة عامين ونصف تقريباً قيد الحبس الاحتياطي، أحيلت قضيتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبل أيام قليلة من تعليق العمل بقانون الطوارئ ورغم إعلان "استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان" كان ينتظر منها أن تنهي الحبس المتكرر للنشطاء السياسيين وذوي الآراء المعارضة.
وحسب الموقع الرسمي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، نُسخت القضية رقم 1228 لسنة 2021، من القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، كطريقة لتمديد حبس علاء عبد الفتاح وباقر وأكسجين، بعد استنفادهم أقصى مدة حبس احتياطي قررها القانون.
كما أن القضية الجديدة "محاولة للخروج من مأزق عدم وجود أي أدلة على الاتهامات التي وجهت إليهم من أكثر من عامين، باختلاق اتهام جديد لم يُشر إليه من قبل".
محامون: نحن أمام وضع قانوني غير مفهوم، والقضية منسوخة من قضية سابقة، لهذا لا نعرف حتى الآن إن كان العامان اللذان قضاهما المحكومون الثلاثة، سيخصمان من المدة الكلية للحكم أم لا
المحامون تائهون
عقب معرفة الحكم، حاول رصيف22، التواصل مع خالد علي، محامي الدفاع عن علاء عبد الفتاح، لكن رد علينا المحامي الحقوقي محمد فتحي - من مكتب دفاع للمحاماة الذي يرأسه خالد علي- بكلمات مقتضبة مفادها "لا نعرف شيئاً حتى الآن"، وقال: "ده حكم في قضية ماحصلناش على ورقها، ومفيش عليها استئناف علشان نفكر في خطوة جاية، لكن ممكن نتقدم بتظلم للحاكم العسكري بعد التنسيق مع علاء".
وبمجرد إعلان شقيقة علاء عبد الفتاح، وزوجة محمد الباقر نعمة هشام، الأحكام الصادرة، اليوم الإثنين، على المتهمين الثلاثة، عبر صفحاتهما على فيسبوك، انهالت التعليقات المتسائلة: "هل عامي الحبس الاحتياطي سيتم خصمهما من سنوات العقوبة؟" لكن هذا التساؤل أيضاً لم يكن له إجابة عند المحامي محمد فتحي الذي قال: "مش عارفين السنين اللي فاتت موقفها إيه".
كذلك الناشط الحقوقي والمدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، أكد أن حكم محكمة أمن الدولة طوارئ نهائي لا استئناف عليه لأن هذه المحكمة من درجة واحدة فقط: "الموقف ده مفيش قانون ينظمه".
وعن موقف سنوات الحبس الاحتياطي، قال عيد لرصيف22: "إحنا مش عارفين نجاوب على السؤال ده، المحكمة ما مكنتش هيئة الدفاع من الحصول على أوراق القضية، قضية 2021 منسوخة من قضية 2019، لكن هل ستعامل كقضية جديدة أم مكملة مش هنعرف ده قبل الحصول على الأوراق، وهذا لن يتسنى قبل أسبوع أو أسبوعين من الآن".
وأكد جمال عيد، أن هذه القضية غير عادلة، فالمحامون لم يتمكنوا من الدفاع عن المتهمين، وحتى القاضي معتز صادق، الذي حكم في هذه القضية المتهمين يختصمونه: "ده وضع غير قانوني".
القاضي الذي أصدر الحكم اختصمه المحكومون الثلاثة، والمحامون لم يتمكنوا من الإطلاع على أوراق القضية أو أدلة الاتهام، وبالتالي لم يحصل المتهمون بشكل حقيقي على حقهم الدستوري في الدفاع
والدة علاء: هذه تهمة ابني
قبل ثلاثة أيام، ومع عودة الزخم إلى قضية علاء والباقر وأكسجين، لاقتراب موعد النطق بالحكم النهائي، نشرت الدكتورة ليلى سويف، والدة علاء عبد الفتاح مقالاً في جريدة "New York times"، قالت فيه: "ابني ليس وحده، الملايين من الشباب يرتكبون جريمته، أنه كان من شباب الثورة، وكان يعتقد أن أن عالماً آخر ممكن، وقد تجرأ على محاولة تحقيق ذلك، لا حاجة لمزيد من الشرح".
وانتقدت سويف في مقالها الحكومات الديمقراطية، التي قالت إنها "لا تكلف نفسها سوى القليل من التشدق في مسائل الحقوق والعدالة"، واعتبرت أن الضغط الذي تدعيه الولايات المتحدة وأوروبا على الحكومة المصرية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، إنما يهدف فقط إلى استرضاء قطاعات معينة من الناخبين، داعية أولئك الذين يهتمون حقاً بحقوق الإنسان إلى "عدم الانخداع بالاسترتيجيات المكتوبة، في إشارة للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقتها مصر في أيلول/ سبتمبر الماضي. وقالت "إن هناك جيل يُقتل ببطء في السجن لتفكيره بحرية والتعبير عن نفسه".
اهتمام دولي ورفض مصري
ولاقت قضية علاء عبد الفتاح والباقر وأكسجين، اهتماماً دولياً، ففي مساء الجمعة 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أصدرت الخارجية الألمانية، بياناً عبر حسابها الرسمي على تويتر، قالت فيه إن "الحكم المرتقب النطق به في 20 ديسمبر 2021، بحق المحامي محمد الباقر، يُعد بالنسبة للحكومة الاتحادية بمثابة إشارة للاتجاه الذي تتطور إليه حالة حقوق الإنسان في مصر".
وأضافت: "تتوقع الحكومة الألمانية أن تعمل الحكومة المصرية على تحقيق محاكمة عادلة، وكذلك الإفراج عن الباقر والمتهمين الآخرين علاء عبد الفتاح ومحمد إبراهيم (أكسجين)، لا يجوز معاقبة المحامين على ممارسة نشاطهم المهني".
بدورها رفضت الخارجية المصرية تصريحات الحكومة الألمانية، وأصدرت بياناً قالت فيه إنها تعتبر هذا الأسلوب "ينطوي على تجاوزات غير مقبولة، وتجاوزاً سافراً وغير مبرر في الشأن الداخلي المصري، ويصادر على مسار قضائي دون دليل أو سند موضوعي".
وأضافت: "من الأحرى أن تلتفت الحكومة الألمانية لتحدياتها الداخلية بدلاً من فرض وصايتها على الغير".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 9 ساعاتجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أياممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 6 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.