شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
أنتِ مع من لا تحبّين في

أنتِ مع من لا تحبّين في "ليلة العمر"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 17 ديسمبر 202103:39 م

يتعامل رجال في مصر مع ليلة الزفاف على أنها مهمة لإثبات رجولتهم، كما لو أنهم يمنحون من خلالها فرصة نفيسة لزوجاتهم لإثبات أنهن فتيات عائلات محترمات لم يمسسهن أحد من قبل. وفي ظل هذا يغفلون مشاعر الحب المفترضة في هذه الليلة.

اضطرت إحدى صديقاتي من محافظة كفر الشيخ إلى الزواج من شخص لا تحبه، بعد أن رفض أهلها زواجها ممن تحب، بسبب تردي أحواله المادية. قالت لي: "في يوم الفرح لم يكن لدي أي رغبة في أن أفعل شيئاً معه، فادّعيت أن الدورة الشهرية قد آتتني، وبالطبع ضايقه هذا كثيراً، وعلّق: طب ليه حددنا ميعاد الفرح دلوقتي".

الأزمة لم تنته، فقد آتتها الدورة الشهرية بعد أربعة أيام من يوم الفرح، وبالطبع فُضح الأمر، وعلم زوجها أنها كانت تكذب، وعاتبها: "كنتي قولي لي كنت هتفهم الموقف، وأنك مش عايزة دلوقتي".

اعتقدت صديقتي أن زوجها لن يتفهم عدم رغبتها فيه، وعدم استعدادها لإقامة علاقة معه ليلة الفرح، وقد يجامعها بالإكراه. وليس بالضرورة أن يكون هذا الإكراه جسدياً، بل نفسياً كما حدث مع أمل.

الابتزاز العاطفي

"لم يجبرني على شيء لكنه ضغط عليَّ، وكان حديثه كله عن أن أهله وأهلي سيأتون ولا بد أن يطمئنوا، فكان الأمر مليئاً بالابتزاز العاطفي"، عن ليلة زفافها تحكي أمل، اسم مستعار (33 عاماً)، صحافية، من أسيوط.

"تعرفت على زوجي في الميدان وقت الثورة، وبسبب ظروف تعارفنا هذه كونت فكرة عنه أنه رجل مناسب، صاحب قضية ومبادئ، ودامت فترة خطبتنا ثلاثة شهور، فلم أعرفه بعيداً عن تجربتنا في الميدان، وما أدركته فيما بعد هو أن عقلي كان يسير في اتجاه، وعاطفتي في اتجاه آخر إلى أن أتت ليلة الفرح".

وأصافت: "عندما ذهبنا إلى قاعة الفرح، وفي لحظات التصوير، بدأت أخاف حالما يمسك يدي أو يقترب مني لالتقاط صورة، وخاصة أن هذه التفاصيل لم يحدث مثلها أثناء فترة الخطبة، وشعرت أن هناك أمراً خاطئاً، ولدى انتهاء الفرح أخذت في البكاء، فاعتقد الجميع أنني أبكي لأن أهلي سيتركونني ويرحلون، لكني في الواقع كنت أبكي لأني شعرت بالأزمة التي وضعت نفسي فيها، وأنني أتزوج من رجل لا أعرفه ولا أحبه".

وبعد وصول أمل إلى المنزل مع زوجها، حاولت أن تخفف من هول الموقف على نفسها، وطلبت منه ألا يمسها اليوم، لكنه رفض رغبة منه في أن يطمئن أهلها وأهله، حسبما قال لها. روت أمل: "كان الأمر مؤلماً جداً بالنسبة إليَّ، أغمضت عينيّ وشعرت أنني آخذ حقنة أو دواء. لم أشعر بأي شيء سوى بألم جسدي، وألم نفسي، وبعد الانتهاء دخلت الحمام ورحت أبكي، شعرت بالقرف من الموضوع، وفي النهاية حاول زوجي تهدئتي، حتى لا يأتي الأهل ويروني في هذه الحالة، ولم أدرك وقتذاك هل كان خائفاً عليَّ فعلاً أم على صورته أمام الناس".

وختمت: "أعتقد أني وزوجي نعاني طيلة سبع سنوات، وهي مدة حياتنا الزوجية بسبب هذه الليلة، ولا أشعر إلى اليوم بأي متعة معه".

وبعكس زوج أمل كان زوج هالة (اسم مستعار)، معلمة إنجليزي (27 سنة) من القاهرة، "متفهماً لخوفها"، قالت: "لو كانت لدينا قصة حب قبل الزواج، لمما صبر كما فعل يومها، قال لي: اعتبري نفسك في بيت والدك إلى أن تشعري أنكِ مستعدة لذلك. ولا تبالي ولو طال الانتظار سنة. يجب أن تتعودي عليَّ. ولم تحدث علاقة بيننا إلا بعد أكثر من 15 يوماً، وحتى الآن لم يعرف أهلي أو أهله بالأمر رغم كونه صعيدياً".

وتابعت: "في اليوم الذي تم فيه الأمر شعرت بألم، لكن زوجي أخذ يعتذر لي بعده، والآن عندما يرانا الناس لا يصدقون أننا متزوجان زواجاً تقليدياً، وما زال زوجي لا يجبرني على العلاقة الزوجية. الآن أشعر بمتعة عندما أفعل هذا معه لأني أصبحت أحبه، فدائماً قيمتي وكرامتي محفوظتان لديه"، على حد تعبيرها.

 "ما كان يشغلني هو أن أنتهي من الأمر سريعاً لأني أعلم أن أهلي وأهله في انتظار أن يطمئنوا"

لم تكن هالة تعرف زوجها قبل الزواج مطلقاً، تزوجته لأن مناسب بعد فترة خطبة دامت ثمانية شهور، قالت: "شعوري ليلة فرحي لم يكن ليختلف إذا كان مع شخص أحبه أو لا، لأن ما يحدث بين الزوجين له رهبة ستظل موجودة".

ربما يرجع رأي هالة هذا للعادات والتقاليد والدين الذي يمنع أي علاقة قبل الزواج، فهي في كل الأحوال كانت ستجرب شيئاً مخيفاً بالنسبة لها، لأنها لا تعلم عنه الكثير.

"أراهم جسداً فقط"

بلغة عملية، مستسلمة للتقاليد يتحدث طارق، اسم مستعار (42 عاماً)، رجل أعمال، من بني سويف، عن ليلة دخلته على زوجته: "تزوجت دون حب، وليلة الفرح بالنسبة لي مجرد مهمة أثبت فيها رجولتي، وأن زوجتي عذراء، لا أعلم ما كان شعور زوجتي وقتذاك، لكن الأمر لم يكن ممتعاً إذ لم أشعر بالمتعة الجنسية معها إلا بعد ثلاثة أو أربعة لقاءات". كان هذا شعور طارق في الليلة الأولى، وقد تشاركه الرأي شرائح واسعة من الشباب في مصر.

وأضاف: "لا أعرف إذا كان الأمر سيختلف لو كنت أحب زوجتي. لكن يهيأ لي أنه كان سيفرق معها هي أكثر، وتقبلها له سيكون أسهل وأسرع، فزوجتي كانت ترتعش ليلتذاك، وكنت أحاول طمأنتها".

وعن التغير الذي انتابه في مشاعره أثناء العلاقة مع زوجته، قال: "في البداية كنت أرى الموضوع ممارسة جسدية بحتة، تفريغ طاقة، ومع الوقت أصبح هناك تجاوب وحب وعاطفة. فهمت زوجتي جيداً مع الوقت".

"أعتقد أني وزوجي نعاني طيلة سبع سنوات، وهي مدة حياتنا الزوجية بسبب هذه الليلة، التي دخلت فيها الحمام وبكيت، وشعرت بالقرف من الموضوع"

أما مع صديقتي الأخرى وفاء، اسم مستعار (35 عاماً)، ربة منزل، فكان الأمر مختلفاً تماماً عن أمل وهالة. تحكي: "كان زوجي من البلدة نفسها التي أنا منها لكننا لم يكن أحدنا يعرف الآخر، وعندما كان مسافراً في بلاد الخليج، أتت والدته وقامت بخطبتي، ولم أره طيلة فترة الخطبة، كنا نتحدث عبر الهاتف وعندما جاء إلى مصر تزوجنا مباشرة".

أما عن ليلة الفرح، فزوج وفاء "مكانش عارف يتعامل" على حد قولها، وأضافت: "ليلة الفرح كان متوتراً جداً لدرجة أنني كنت أحاول أن أشجعه على إنهاء الأمر، وطلبت منه هذا أكثر من مرة. ما كان يشغلني هو أن أنتهي من الأمر سريعاً لأني أعلم أن أهلي وأهله في انتظار أن يطمئنوا".

وكأن ما يحدث في ليلة الفرح يتم لإرضاء الأهل والمجتمع بمعزل عن متطلبات الزوج والزوجة، أو هل كانا سعدين بالأمر أو لا. المهم أن يتزوج هو قبل الثلاثين، وتتزوج هي قبل الخامس والعشرين، وأن تحدث علاقة بينهما تُثبت فحولته وعذريتها. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image