شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"متعة مقرونة بالذنب"... رحلة البحث عن الخبز الصحي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 9 ديسمبر 202104:22 م

يشعر العديد من الأشخاص أن تناول الخبز هو بمثابة متعة مقرونة بالذنب، لاعتقادهم بأن الخبز غني بالكربوهيدرات، لكنه يحتوي على عدد قليل من العناصر الغذائية.

وعليه، يعرب هؤلاء عن قلقهم من أن يؤدي تناول الخبز إلى زيادة الوزن، وأن يكونوا عرضة لمجموعة متنوعة من المشاكل الصحية.

بمعنى آخر، يُعتبر الخبز، الذي ينتمي إلى عائلة الكاربوهيدرات، مثل "السمّ" بالنسبة لمن يريد إنقاص وزنه.

ووسط كل المفاهيم حول الخبز واتهامه بأنه المسبب الرئيسي للسمنة، قد لا نعرف ما إذا كانت هذه المخاوف صحيحة أم مبالغ فيها.

مهمة شاقة

في حين أنه لا يجب أن نحرم أنفسنا من المأكولات التي نحبها والامتناع مثلاً عن تناول الخبز في حال كنّا نستمتع به، إلا أن اختيار رغيف صحي يكون مشبعاً بالحبوب الكاملة ويحتوي على نسبة قليلة من السكريات والصوديوم، ليس أمراً سهلاً.

في الحقيقة، إن فهم الملصقات الموجودة مثلاً على أنواع الخبز ليست مهمة سهلة، لا سيّما وأن خبراء التغذية أعربوا عن دهشتهم بعدد المرات التي كان فيها المنتج أقل صحة مما بدا عليه في البداية: "أقل من نصف أنواع الخبز التي نظرنا إليها والتي تم تصنيفها على أنها متعددة الحبوب أو الشوفان أو المصنوعة من الحبوب الكاملة، تحتوي فقط على دقيق الحبوب الكاملة"، وفق ما ذكرت أخصائية التغذية إيمي كيتنغ.

في حين أنه لا يجب أن نحرم أنفسنا من المأكولات التي نحبها والامتناع مثلاً عن تناول الخبز في حال كنّا نستمتع به، إلا أن اختيار رغيف صحي يكون مشبعاً بالحبوب الكاملة ويحتوي على نسبة قليلة من السكريات والصوديوم، ليس أمراً سهلاً

وأضافت كيتنغ لصحيفة واشنطن بوست: "حتى الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة يمكن أن يكون مصدراً للسكريات المضافة والصوديوم والمواد المضافة التي قد نرغب في تناول كميات أقل منها".

قد يبدو كل هذا الأمر مربكاً بدرجة كافية لجعلنا نرغب في التخلي عن تناول الخبز تماماً، ولكن لا حاجة لذلك طالما بإمكاننا دحض الخرافات والأفكار الخاطئة عن الخبز.

هل الخبز مجرد سعرات حرارية فارغة؟

تتكون الحبوب من ثلاثة أجزاء: السويداء، النخالة والبذرة. يتكون الدقيق الأبيض من السويداء فقط، بينما يحتوي القمح الكامل على الأجزاء الثلاثة. واللافت أن العديد من العناصر الغذائية للحبوب موجودة في المكونين الأخيرين.

يوفر الخبز الأبيض بعض البروتين، ومعظم الأرغفة مصنوعة من الدقيق الغني بالفيتامين ب والحديد.

ومع ذلك، فإن الخبز الذي يتكون أساساً من الحبوب الكاملة يحتوي على الكثير من العناصر المفيدة: بالإضافة إلى فيتامينات ب والحديد، فهو يمدّ الجسم بفيتامين E وبعض المعادن، مثل الزنك والمغنيسيوم والفلافونويد ومضادات الأكسدة الأخرى والبروتين والألياف.

يجب أن يتناول معظم البالغين/ات ست حصص من الحبوب يومياً، بشرط أن تكون نصفها على الأقل من الحبوب الكاملة، غير أننا في المتوسط نأكل أقل من حصة واحدة يومياً من الحبوب الكاملة، وهذا هو السبب في أن الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة يمكن أن يكون جزءاً من نظام غذائي صحي، بحسب تأكيد إيمي كيتنغ: "إن التخلي عن الخبز يعني التخلص من إحدى أسهل الطرق لإدخال الحبوب الكاملة في نظامنا الغذائي".

تناول الخبز يؤدي إلى زيادة الوزن

بخلاف ما قد يعتقد البعض، فإن الخبز لا يحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية.

بشكل عام، تحتوي معظم المنتجات على 80 إلى 110 سعرات حرارية لكل شريحة، لكن بعض الأدلة تشير إلى أن الخبز الأبيض قد يوسع محيط الخصر، ربما بسبب قلة الألياف (1 غرام أو أقل لكل شريحة مقارنة مع 2 أو أكثر في خبز الحبوب الكاملة) وتأثيراته المحتملة على تحفيز الشهية وزيادة نسبة السكر في الدم.

هذا وقد ربطت مراجعة وردت في العام 2015 في المجلة البريطانية للتغذية، الخبز الأبيض بدهون البطن الزائدة.

وفي هذا الصدد، يبدو أن الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة أقل احتمالية لتحفيز زيادة الوزن.

على سبيل المثال، وجدت دراسة في مجلة التغذية أجريت على أكثر من 3000 من البالغين/ات في منتصف العمر وكبار السن، أن أولئك الذين يتناولون ثلاث حصص أو أكثر من الحبوب الكاملة يومياً، لديهم زيادات أقل مع التقدم في العمر مقارنة بأولئك الذين تناولوا أقل من نصف الكمية.

في حديثها مع موقع رصيف22، كشفت الأخصائية في علم التغذية، سالي الزين، أن هناك نسبة كبيرة جداً من الأفراد الذين يتجنبون الخبز لاعتقادهم بأن هذا النوع من الطعام غير ضروري، ويؤدي إلى زيادة الوزن وكسب كيلوغرامات إضافية.

وبحسب الزين، فإن هذا الاعتقاد نابع من فكرة أنه في مجتمعاتنا العربية، وتحديداً في حمية البحر الأبيض المتوسط، نجد العديد من النشويات، وبالتالي يعتقد بعض الأشخاص أنه بمجرد الامتناع عن تناول الخبز فإنهم سيخسرون بعض الكيلوغرامات، ولكن "الخبز لا يقدم ولا يؤخر لناحية خفض أو زيادة الوزن، بل شأنه شأن سائر الأطعمة، كالرز والبطاطا والمعكرونة، والتي، في حال بالغنا في تناولها، فإنها ستؤدي إلى زيادة الوزن"، وفق تأكيدها.

فوائد الخبز

تعتبر بعض الأنظمة الغذائية العصرية أن الحبوب مسؤولة بشكل عام ليس فقط عن الوزن الزائد ولكن أيضاً عن مرض السكري والخرف ومجموعة من الأمراض الأخرى، لكن العديد من الأبحاث تظهر أن تناول الحبوب الكاملة، بما في ذلك الخبز، يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع 2 وبعض أنواع السرطان.

قد تعمل الحبوب الكاملة أيضاً على السيطرة على الالتهاب وتعزيز بكتيريا الأمعاء الصحية ووظيفة الجهاز المناعي.

وبالنسبة إلى الفوائد الكامنة وراء تناول الخبز، أكدت سالي الزين أنه مصدر كبير لتزويد الجسم بالطاقة اللازمة.

البحث عن رغيف صحي

وجدت دراسة نُشرت في العام 2020 في مجلة Public Health Nutrition، أنه بناءً على مزاعم التعبئة والتغليف، فإن ما يقرب من نصف المشتركين/ات قد بالغوا في تقدير كمية الحبوب الكاملة في الخبز والمنتجات المصنوعة أساساً من الحبوب المكررة.

وعليه، فإن المعلومة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها للتأكد من أن الخبز لا يحتوي على دقيق مكرر هي عبارة "حبوب كاملة 100% أو قمح كامل بنسبة 100%"، إذ إن الخبز الذي يحتوي على حبوب كاملة، مثل دقيق القمح الكامل، لا يحتوي عادةً على حبوب مكررة.

تضم بعض أنواع الخبز أيضاً غرامات الحبوب الكاملة في الشريحة الواحدة (16 غراماً تعتبر حصة)، وكلما زاد عدد الحبوب الكاملة، كان ذلك أفضل، لكنها ليست المعيار الوحيد للخبز الصحي.

تختلف القيمة الغذائية للخبز حسب نوعه، وبحسب ما أكدت سالي الزين، فإن الخبز الأبيض لا يحتوي على الكثير من العناصر الغذائية والألياف مقارنة بالخبز الأسمر، مع العلم بأنهما يحتويان على نفس السعرات الحرارية، بخلاف ما قد يعتقد البعض.

هذا وقد نصحت الزين باختيار الخبز الذي يحتوي على حبوب كاملة أو المصنوع من الشوفان أو من بذور الكتان.

الخبز هو مصدر رئيسي لتزويد الجسم بالطاقة ومن الخطأ استبعاده كلياً من النظام الغذائي، ولكن من المهم تناول كمية معتدلة منه، مع التنويه بأنه لا يوجد فرق بين الخبز الأبيض والأسمر من حيث السعرات الحرارية

هذا وهناك بعض النقاط التي يجب وضعها في عين الاعتبار عند شراء خبز صحي:

السكر: بعض أنواع الخبز تحتوي على 4 غرامات أو أكثر من السكر لكل شريحة، ولكن الأفضل هو غرامان أو أقل.

الصوديوم: يمكن أن يكون مذاق الخبز الخالي من الملح خفيفاً، لكن بعض أنواع الخبز تحتوي على كمية كبيرة تفوق ما نحتاج إليه، وعليه، يجب اختيار رغيف الخبز الذي يحتوي على حوالي 150 مغم أو أقل من الملح.

الألياف: تقوم العديد من العلامات التجارية بالترويج لمنتجاتها على أساس أنها غنية بالألياف، لكن أكثر من 2 أو 3 غرام للقطعة الواحدة قد يعني إضافة الألياف المصنعة، والتي قد لا تكون جيدة بالنسبة إلينا.

المكسرات والبذور: طالما أن الخبز الذي نختاره مصنوع من الحبوب الكاملة، فإن الحصول على رغيف غني بالمكسرات والبذور يمكن أن يوفر الدهون الصحية والكثير من الألياف.

إذن، الخبز هو مصدر رئيسي لتزويد الجسم بالطاقة ومن الخطأ استبعاده كلياً من النظام الغذائي، ولكن من المهم تناول كمية معتدلة منه، مع التنويه بأنه لا يوجد فرق بين الخبز الأبيض والأسمر من حيث السعرات الحرارية، ولكن الاختلاف يكمن في الألياف الغذائية، فالخبر الأسمر يحتوي على كمية أكبر من الألياف ويساعد على الشعور بالشبع مقارنة بالخبز الأبيض. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image