شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"السمك الصافي المقلي مع الأرز والبهارات"... إلامَ يشتاق البحرينيون من مطبخهم في الغربة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 1 ديسمبر 202109:52 ص

في الإجازات، أو الرحلات إلى خارج البلاد، قد تُرجِعك طبخةٌ معينةٌ، وطعمٌ معيّنٌ، أو رائحة طعامٍ، إلى "أرض الوطن"، المكان الذي وُلدت، وكبرت فيه. يتغير ويتطور هذا الأمر، عندما تعيش في الغربة، لسبب أو لآخر. قد تكون هذه الغربة محدودة الوقت، أو ممتدة، وكذلك تختلف الروائح التي تحرّك الحنين إلى البيت؛ بالنسبة إلى البحرينيين/ ات، فهم/ هن يشتاقون إلى رائحة البهارات في الطبخ، ويتمنّون أكلة سمك الصافي المقلي مع الأرز الأبيض، التي لا يخلو بيتٌ بحريني منها، في الجزيرة التي اعتاد أهلها على تناول الأكلات البحرية.

في الغربة، يصبح كل ما هو من الوطن مميزاً، وجميلاً، وثميناً، لما له من قيمةٍ معنوية. بعض الأشياء بالإمكان تعويضها هنا وهناك، والبعض الآخر صعب تعويضه، وينتظر الشخصُ حتى العودة إلى الوطن، ليعيش هذه اللحظات مجدداً، أو ينتظر زائراً من الوطن يجلب معه ما يجعل الغربة وطناً، ولو مؤقتاً.

ما هي عادات الأكل لدى البحرينيين/ ات في الغربة؟

الأكل في الغربة وطن

ما هي عادات الأكل لدى البحرينيين/ ات في الغربة؟ تجيب أسماء درويش، حقوقية بحرينية تعيش في فرنسا، في حديثها إلى رصيف22: "بشكل يومي، آكل وجباتٍ سريعة الإعداد، سواء في المنزل أو المطعم. بحكم الوقت، لا يسعني أن أطبخ كل يوم، ولكن عندما أطبخ، في الغالب أطبخ أكلاتٍ صحية، أو أطباقاً بحرينية، فهي الطريقة الوحيدة للوصول إلى هذه الأطباق، إذ ليس هناك أي مطاعم خليجية في المدينة التي أعيش فيها".

وقالت أسماء إنها تشتاق إلى بعض الأكلات من البحرين: "أشتاق إلى الشاورما الملغوم (وهي شاورما كبيرة الحجم)، وسمبوسة جباتي، والسمك الصافي المقلي بالتأكيد، بالإضافة إلى التكة (أو ما يسمّى في بلاد الشام بالشقف، ولكن متبلة بالليمون الحامض المجفف)، والكباب على الطريقة الإيرانية".


أما عن الطعم الذي يرجعها إلى الوطن، فأوضحت درويش: "هي الأكلات بالمذاق الهندي والبهارات".

في حديث مع طبيب الأطفال البحريني، براك الموسوي، الذي يعيش في ليفربول، في بريطانيا، قال لرضيف22: "بشكل يومي أتناول أكلات خليجية، أو عربية، مطبوخة في المنزل بشكل عام، فليس هناك مطعم يقدّم الأكلات البحرينية. هناك مطاعم يمنية وعراقية، ومنها أُفضّل طبخة المندي اليمنية، وطبخة مرق اللحم بالبامية".

وأوضح الموسوي أن لأكلة "المكبوس" طعماً خاصاً في البحرين، حتى وإن وجدتها في الغربة أو جرّبت طبخها، فهي "الأكلة التي سأعود إلى البحرين لأكلها"، مشيراً إلى أن طعم الهيل والزعفران والبهارات في أي وجبة، كانت تعيده إلى الوطن.

قد تكون هذه الغربة محدودة الوقت، أو ممتدة، وكذلك تختلف الروائح التي تحرّك الحنين إلى البيت؛ بالنسبة إلى البحرينيين/ ات، فهم/ هن يشتاقون إلى رائحة البهارات في الطبخ، ويتمنّون أكلة سمك الصافي المقلي مع الأرز الأبيض، التي لا يخلو بيتٌ بحريني منها، في الجزيرة التي اعتاد أهلها على تناول الأكلات البحرية

أعود إلى الوطن بالطبخ

قد لا يجد البحريني/ ة كل ما يرغب/ ت في أكله في الغربة، فيضطر إلى الطبخ، ومع الوقت يصبح متمرساً فيه. الصحافي البحريني محمد السواد يحب الطبخ والمطبخ، ولكنه صقل هذه الموهبة والإبداع في المطبخ في الغربة، فهو يطبخ بشكل يومي أكلاتٍ خليجيةً وعربيةً، خصوصاً وأنه في كندا هناك صعوبة في الوصول إلى مطاعم تقدّم المذاق العربي، أو الخليجي الأصيل.

وقال السواد، لرصيف22: "في المنزل أنا الشخص الذي يطبخ، لذلك أحرص على أن تكون الوجبات بحرينيةً، أو خليجيةً، ومتنوعة بين النباتية واللحومية، بحكم أن زوجتي نباتية. بالإضافة إلى إبقاء طعم الوطن حاضراً دائماً على الطاولة". وأضاف: "أطبخ الأطباق الخليجية كلها من المكبوس، والمندي، والسمك والأرز، ويخنة الدجاج واللحم، وغيرها من الأطباق، كما أنني أعدّ المخللات والصلصات في المنزل".

قد لا يجد البحريني/ ة كل ما يرغب/ ت في أكله في الغربة، فيضطر إلى الطبخ، ومع الوقت يصبح متمرساً فيه.

وأشار السواد إلى أنه على الرغم من ميله مؤخراً إلى الأكلات الشامية، كالحمص، والمشاوي على الطريقة الشرقية، بالإضافة إلى الحبوب، كالعدس بأنواعه كلها، إلا أن الأكلات البحرينية بالتأكيد حاضرة، وأيضاً البهارات، مضيفاً: "أشتاق إلى الحلوى البحرينية، وسمبوسة بشير الباكستانية".

ولم ينسَ السواد، الإشارة إلى أن طعم الوطن يتلخّص في وجبة سمك الصافي المقلي مع الأرز الأبيض، ورائحة البهارات، وشاي الكرك.

لا يوجد مطعم بحريني في برلين

في برلين، تعيش البحرينية مريم عبدالله، وهي ربّة منزلٍ، وأمٌّ لخمسة أطفال، في حديثها إلى رصيف22، قالت: "كما تعوّدت في البحرين، أبدأ يومي بسندويشة الجبن مع الشاي بالحليب، وهو تقليد جلبته معي إلى هنا. أما الوجبات الأخرى، فإنني أطبخ لعائلتي أطباقاً متنوعة من الشوربات، وتحضير السندويشات، وخبز المعجنات، بالإضافة إلى المقليّات، وأطباق الأرز مع اللحم والدجاج".

وعلى الرغم من توافر العديد من المطاعم العربية في برلين، لا تجد مريم ضالّتها من الطعام الخليجي. تقول: "لا توجد مطاعم خليجية في برلين، ما عدا مطعم يمني واحد، لذلك أسعى إلى توفير طعم أكلات الوطن في المنزل، وخصوصاً وجبتيّ المفضّلتَين برياني الدجاج، وبحاري اللحم".

وعما يشكّل لمريم طعم الوطن، قالت: "مكبوس الهامور والجباتي الأحمر، هو شيء لا يتوفر إلا في البحرين، وأشتاق إليهما كثيراً، بالإضافة إلى بعض الأكلات التي أحبّ أكلها من أيدي أناس معيّنين، بمذاق خاص لا يعمله غيرهم. أما الأكلات التي دائماً ترجعني إلى موطني بمذاقها، فهي الأكلات الشعبية، كالخبيصة (طحين محمّر مع الزيت والسكر)، والحلوى البحرينية، والرشوفة، وهو طبق يُطبخ لتقديمه لمن أنجبت مؤخراً، لتقويتها، ويُقدّم أيضاً إلى كل من حولها، وإلى زوّارها".

"لا توجد مطاعم خليجية في برلين، ما عدا مطعم يمني واحد، لذلك أسعى إلى توفير طعم أكلات الوطن في المنزل، وخصوصاً وجبتيّ المفضّلتَين برياني الدجاج، وبحاري اللحم"

الجيل الثاني من الاغتراب

لدى الجيل الثاني من المغتربين ميزة، هي أن أهاليهم لخّصوا لهم/ ن "طعم الوطن"، في الأطباق التي أتوا بها إلى منفاهم، أو غربتهم. هذا ما تتحدث عنه الدكتورة آلاء الشهابي، لرصيف22: "كوب الشاي مع الهيل صباحاً، وطبق البيض والطماطم على طريقة جدّتي مع البهارات والبصل ومعجون الطماطم، مع الخبز العربي، هو الشكل المعتاد الذي أبدأ به يومي، على الرغم من أنني عشت غالبية حياتي كبحرينية، في بريطانيا، كما أنني أعدّ الأرز واليخنة مرةً في الأسبوع للعائلة، وتعلّمت مؤخراً يخنة زعفران خفيفة، بالإضافة إلى أنني أجتمع مرةً في الأسبوع مع عائلتي المغتربة، وأمي تعدّ لنا سفرةً بحرينيةً فيها المكبوس طبقاً أساسياً، والسلطات المختلفة، وفي بعض الأحيان عصير الزعفران، بالإضافة إلى أطباق بحرينية مختلفة، وفي شهر رمضان تزداد هذه الأكلات البحرينية".

لدى الجيل الثاني من المغتربين ميزة، هي أن أهاليهم لخّصوا لهم/ ن "طعم الوطن"، في الأطباق التي أتوا بها إلى منفاهم، أو غربتهم.

وتواصل الشهابي: "جاءت أمي إلى بريطانيا قبل عقود عدة، ومعها المطبخ البحريني، لذلك أطباق الأرز رئيسية في منزل أهلي. أما نحن كجيل ثانٍ في الغربة، فنخلط بعض الأطباق البحرينية والأجنبية، ونحاول الحفاظ على الأشياء الرئيسية التي من خلالها نحافظ على ثقافتنا".

وتضيف: "في لندن هناك العديد من المطاعم الخليجية؛ اليمينة، والكويتية، والقطرية، ولكنها غالية جداً. قد نذهب إليها في المناسبات، ولكن لا يمكن أن نذهب يومياً، ونحاول أن نطبخ الأطباق ذاتها التي تُقدّم في هذه المطاعم، في المنزل".

وأشارت الدكتور الشهابي، وهي أكاديمية في جامعة لندن، إلى أطباقها المفضّلة: "المكبوس الأصيل هو وجبتي المفضلة من يد أمي، أو في البحرين، وما أفتقده في بريطانيا هو وجبات السمك، فوجبتي المفضّلة في البحرين هي وجبة سمك الصافي المقلي مع الأرز الأبيض والبصل المحمص، ولكن هذا نفتقده في بريطانيا، بالإضافة إلى وجبات تكة أبل، وهو مطعم إيراني يقدّم التكة البحرينية المتبّلة الحامضة التي تُقدّم مباشرةً بعد الشواء، في الأسياخ، مع خبز التنور الساخن؛ لحمٌ يذوب في الفم، وطعم خيالي، بالإضافة إلى مطاعم السمك الشعبية".

وأنهت حديثها: "طعم البهارات يرجعني إلى الوطن، خاصةً البهارات البحرينية، والمخللات، أو ما نسمّيه بالآجار، والزعفران بجودته العالية الذي يأتينا من إيران عبر البحرين".

هكذا أجمع بحرينيون/ ات في الغربة على أنهم يشتاقون إلى السمك، وخصوصاً الصافي الذي لا يوجَد في غير مياه الخليج والمتوسط، بالإضافة إلى البهارات المتنوعة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من المطبخ البحريني، المتأثر بالمطبخين الهندي والإيراني، القريبين جغرافياً.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard