شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
أكاديمي فلسطيني يدرّس طلابه في قلب غزّة قصائد لشعراء إسرائيليين

أكاديمي فلسطيني يدرّس طلابه في قلب غزّة قصائد لشعراء إسرائيليين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 18 نوفمبر 202112:49 م

بينما تؤكد إسرائيل ومؤسساتها أن المناهج الفلسطينية تحرّض على العنف والكراهية، يدرّس أكاديمي فلسطيني طلابه النصوص الشعرية الإسرائيلية لطلابه في قلب قطاع غزة المحاصر، داحضاً هذا الادعاء الواهي.

في مقال تحت عنوان: "في غزة، أستاذ فلسطيني مثير للجدل يعلّم الشعر الإسرائيلي بهدوء"، قالت "نيويورك تايمز" إن الأستاذ الجامعي الفلسطيني رفعت رفيق سعيد العرعير الذي "ينتفض ضد إسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي" يفاجئ طلابه بدرس أعمال بعض الشعراء الإسرائيليين البارزين في قاعة المحاضرات".

وبعدما قضت 70 طالبة في صف "الشعر الإنجليزي" الذي يدرّسه العرعير فصلاً دراسياً كاملاً في دراسة بضعة أبيات شعرية دون أن يعرفن من أي قصيدة أو من هو مؤلفها، سأل العرعير طالباته من يعتقدن قد يكون مؤلف:

 فَوقَ سَطحِ منزلٍ في المدينة القديمة

غَسيلٌ منشورٌ تحتَ شمسِ آخِرِ العَصرِ:

شرشفٌ أبيض لامرأةٍ هي عدوتي،

مِنشفةٌ لرجلٍ هو عدوي،

يَمسحُ بها عَرَقَ جَبينِه.

فقد شقيقه في حرب عام 2014، و"ينتفض" ضد إسرائيل بقوة على السوشال ميديا… لماذا يدرّس الأكاديمي الغزّاوي رفعت العرعير طلابه نصوص شعراء إسرائيليين بارزين؟

"تقدير" للشعر الإسرائيلي؟

خمّنت طالبة أنه شاعر فلسطيني محروم من دخول المدينة المقدسة مثلهن، وقالت أخرى ربما عامل فلسطيني يعمل في الداخل المحتل يتحسر على مشاهدة إسرائيليين يسكنون مدينته المحروم منها. لكن العرعير (42 عاماً) صدمهن بالتوضيح أن الأبيات من قصيدة "أورشليم" لـ يهودا عميحاي (1924-2000) الشاعر القومي لإسرائيل وأبرز شاعر إسرائيلي معاصر والمولود في ألمانيا في كنف أسرة يهودية متشددة. 

عقّبت الصحيفة الأمريكية بأن ذلك عكس "تقديراً لأحد الشعراء المحبوبين في إسرائيل من أكاديمي فلسطيني في جامعة شارك في تأسيسها الزعيم السابق لحركة حماس التي لا تعترف بإسرائيل"، مشيرةً إلى أن دراسة الشعر الإسرائيلي في الكليات الفلسطينية نادرة، ولم يسمع بها من قبل.

ونقلت عن العرعير توضيحه لطالباته أن ما أعجبه في القصيدة طمس الانقسامات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ملمحاً إلى أن "القدس قد تكون المكان الذي نجتمع فيه جميعاً، بغض النظر عن الدين والمعتقد".

وأضاف الأستاذ الجامعي: "عندما قرأتها، قلت في نفسي: ‘يا إلهي، هذا جميل. لم أرَ شيئاً كهذا من قبل. لم أفكر في أنني سأقرأها‘. ثم أدركت: ‘لا، هناك الكثير من الإسرائيليين الآخرين، الشعب اليهودي، الذين يعارضون الاحتلال تماماً‘".

في أحد منشوراته، كتب العرعير: "كل الإسرائيليين جنود، وكل فلسطين محتلة". لكنه يتبنى "نهجاً أكاديمياً أكثر اعتدالاً" في قاعة المحاضرات ويشجع طلابه على "التعاطف" مع شخصيات أدبية يهودية

"نهج أكاديمي معتدل"

والعرعير، الذي لديه أقارب ينتمون إلى حركة حماس وقُتل أخوه في حرب عام 2014 وشارك في تأليف روايات وكتب عن تحديات الحياة في غزة تحت الحصار الإسرائيلي، نشط جداً في فضح جرائم إسرائيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. 

في أحد منشوراته الغاضبة كتب: "كل الإسرائيليين جنود، وكل فلسطين محتلة".

في قاعة المحاضرات، ينتهج أستاذ الشعر الأجنبي "نهجاً أكاديمياً أكثر اعتدالاً" -على حد وصف "نيويورك تايمز".

علاوة على أعمال عميحاي، يدرس العرعير طلابه بعض نصوص الشاعر الإسرائيلي توفيا روبنر، ويشجعهم على التعاطف مع شخصيات يهودية أدبية مثل "Shylock" و"Fagin" في "تاجر البندقية" لويليام شكسبير و"أوليفر تويست" لتشارلز ديكنز.

دراسة الشعر الإسرائيلي في الكليات الفلسطينية نادرة، ولم يسمع بها من قبل.

وفيما اشتهرت الشخصيتان بكونهما "معاديتين للسامية" على نطاق واسع، يشجع العرعير طلابه على التعاطف معهما كـ"ضحايا للمجتمع المتعصب".

في قصيدة عميحاي، عدّ طلاب فلسطينيون الأبيات تصويراً للعزلة التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين وحرمانهم من الوصول إلى المدينة المحتلة بالجدار العازل. لكن بعد الكشف عن هوية الشاعر، تبيّن أن المقصود هو منع الإسرائيليين من الوصول إلى البلدة القديمة بالقدس، بعد نكبة العام 1948، وسيطرة الأردن عليها حتى النكسة عام 1967.

تعليقاً على تدريس نصوص والده للفلسطينيين، قال ديفيد عميحاي، الباحث في معاداة السامية بالجامعة العبرية في القدس المحتلة: "ربما يكون والدي سعيداً جداً لمعرفة أن شعره يستخدم لرؤية الإنسانية على الجانب الآخر. أمر مؤثر استخدام هذه القصيدة في محاولة التعريف بالمجتمع الإسرائيلي".

أما العرعير، فسأل طالباته: "كفلسطينيين، هل لدينا أي مشكلة مع اليهود كيهود؟". كان الجواب: "لا، إنه نوع من النضال السياسي".

ومن طالبات العرعير اللواتي درسن نصوصاً لشعراء إسرائيليين، قالت سندس الفيومي إن هناك حداً للتعاطف مع الإسرائيليين. وأوضحت: "في النهاية، الفجوة في تجاربنا على الطرفين هائلة، عندما تقارن خسائرهم بخسائرنا، وتقارن حياتهم الفاخرة بحياتنا. ربما نواجه بعض الأمور ونتشاركها. لكن في نهاية المطاف، عليهم الاعتراف بما فعلوه"، في إشارة إلى استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية وقتل آلاف الفلسطينيين وتشريد الملايين منهم.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard