شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
مواجهة الحرب والبحث عن الأمل واعادة بناء الإنسان...  في مسرحية

مواجهة الحرب والبحث عن الأمل واعادة بناء الإنسان... في مسرحية "السيرك الأوسط"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 11 نوفمبر 202104:42 م

بعد سنوات على إغلاقه، عاد مسرح راميتا فى سوريا، من جديد يستقبل المسرحية الكوميدية السياسية "السيرك الأوسط"، والتى لخصت الكثير من أحوال المجتمعات العربية، وأثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفن في سوريا مازال قادراً على الصمود والوقوف في وجه طغيان الحرب وما يمكن أن تخلفه من إشكاليات ومعضلات وأزمات لا تنتهى.

المسرحية مأخوذة عن نص "المهرج" للكاتب الكبير محمد الماغوط، وهي من إخراج غزوان قهوجي، بطولة محمد خير جراح، ليث المفتي، رائد مشرف، أريج خضور، ربى طعمة، داود شامي، زهير بقاعي، باسل الرفاعي، سمير الشماط، محمد أيتوني، ومحمد سويد.

تدور أحداث العرض حول فرقة مسرحية جوالة، جاءت لتعرض أمام المقهى، فيستحضر بطلها، المهرج، بشكل هزلي شخصيات مثل عطيل وهارون الرشيد وصقر قريش، طارحاً من خلالها الكثير من الأسئلة الشائكة حول الهوية وضياع الأرض، والقدرة على صياغة مفردات الحياة وسط حالة من الموات والموت، تفرض أسلوبها على كل شىء.

الفنون السورية تعاني من زلزال الحرب كما عانت كل قطاعات الحياة في سوريا وحتى نبدأ بترميمها علينا ترميم أساس الفنون "المسرح" من خلال إعادة البحث عن الهوية الخاصة بالمسرح السوري

وبكوميديا سوداء، تتأرجح بين الأحداث التاريخية والواقع الذى نعيشه اليوم، تقلب علينا المواجع، تذكرنا بمن باع وخان وتآمر وسرق اليوم والغد، وتشعل فينا حماس البحث عن إجابات لما يجرى حولنا، لنجد فريق العمل وهو يهتف في النهاية "لن تكسرنا الحرب بل زادتنا قوة وأمل... نحن البسطاء الباحثين عن أسمائنا في التفاصيل اليومية من هم تأمين جرة الغاز إلى الشموخ كجبل قاسيون".

عن العرض، وتوقيته، وكواليسه، وعن المسرح في سوريا والفن السورى إجمالاً وما تعرض له في الماضي، وما يمكن أن يكون عليه مستقبله تحدثنا إلى مخرج "السيرك الأوسط"، غزوان قهوجى.

غزوان قهوجى، بداية لماذا اخترت هذا النص لتقديمه الآن تحديداً؟

الفنون السورية تعاني من زلزال الحرب كما عانت كل قطاعات الحياة في سوريا وحتى نبدأ بترميمها علينا ترميم أساس الفنون "المسرح" من خلال إعادة البحث عن الهوية الخاصة بالمسرح السوري، وأعتقد أن محمد الماغوط أحد أهم رواد الكتابة للمسرح السوري خلال سنوات عصرنا الحديث كما أن نصه "المهرج" من النصوص القليلة التي لم تنتج للمسرح بسوية عالية، ناهيك عن أن مفردات الصراع لم تتغير رغم تغير مسمياتها لذلك فإن النص المختار يصلح للمرحلة الحالية.

سألناه عن السبب وراء اختيار اسم "السيرك الأوسط" بدلاً من "المهرج"... وماهي دلالته؟، فأجاب:

مصطلح الشرق الأوسط "الجديد" هو مسمى دخيل على قاموس مصطلحات القوميات العربية، فنحن نعتز بهويتنا السورية ضمن فضائها الإقليمي العربي وما جرى على الساحة السياسية في العقد الأخير يؤكد أن الإقليم تحول إلى سيرك سياسي فاخترنا الجناس الأدبي لنطلق على المسرحية "السيرك الأوسط".

وتطرق غزوان إلى الحديث عن الصعوبات التي واجهته خلال التجهيز للعرض:

قطاع المسرح الخاص في سوريا متوقف منذ سنوات طويلة، مما سبب لنا صعوبات في إيجاد الكادر البشري المؤهل للعمل المسرحي، كما أن البنية التحتية للمسرح في سوريا شبه معدومة، فلا صالات مجهزة ولا خبرات متوفرة للدعم اللوجستي للعمل المسرحي والجدوى الاقتصادية تكاد تقارب النتيجة 0 نظريا... ورغم ذلك تغلبنا على كل الصعوبات وإرهاق البروفات الطويلة، لتقديم تلك التجربة، وكان الحب هو السمة البارزة لكواليس العرض وهذا ما انعكس على علاقة الممثلين ببعضهم ولمسه الجمهور، فالعرض يقدم ممثلين من ثلاث فئات: نجوم ومخضرمين وشباب، وقد ظهروا كفريق واحد متكامل.

هل توقعت رد فعل الجمهور وتحقيق هذا النجاح الكبير؟

لا شك أن كل فنان يحلم برد فعل إيجابي على منتجه، وأنا توقعت أن تنجح المسرحية في الصمود لعشرين يوماً، لكن رد الفعل الجماهيري غير المسبوق من خلال الإقبال والتصفيق طويلاً ووقوفاً في نهاية العرض دفعنا للاستمرار بتقديم عروضنا لمدة تصل إلى أضعاف الخطة الموضوعة.

وهل يمكن تقديم العرض خارج حدود سوريا خلال الفترة المقبلة؟

حالياً نجهز للتجوال بالعرض في كل المدن السورية، والتي أصبحت بمعظمها آمنة، وهناك مبادرات لمراسلة مهرجانات عربية، لأن طموحنا بتقديم عرضنا في الخارج مشروع، وأعتقد أن الكرة حالياً في ملعب الجهات العربية والإقليمية المهتمة بالمسرح.

كيف ترى عودة المسرح بعد الحرب، وكيف يمكن أن يمارس دوره وسط ما تشهده الساحة السورية من إشكاليات معقدة على مستويات عدة؟

ذكرنا سابقاً أن المسرح هو عماد الفنون وأساسها الذي لا بد من ترميمه لرأب الصدع الذي سببته الحرب، وأعتقد أن إعادة الأنوار للمسارح في المدن هو الدليل الأول على انتهاء الحرب في أي بلد حضاري... لقد فقدت سوريا خلال الحرب ترتيبها المتقدم عربياً وإقليمياً في أغلب فنونها... هاجر من هاجر واستشهد من استشهد وبقي من بقي... لكن إرادة الحياة قاسم مشترك بين السوريين... لا تزال عيون فناني سوريا جميلة ومتطلعة نحو الأفق ولكنها محاطة بهالات سوداء، لا نزال نبتسم وفي الحناجر غصة... لكننا مصرون على المضي قدماً واستعادة الدور الذي أفقدتنا إياه الحرب.

عدم استسلامنا للتابوهات في حد ذاته انتصار على الفكر المتطرف، ومهمتنا الرئيسية هي إنتاج فكر جديد مختلف عن الأيديولوجيات سواء الدينية أو السياسية

ماذا لو كان الظرف أكبر منكم، وأغلقت المسارح؟

هذا حصل فعلاً رغم أن القطاع العام لم يتوقف عن إنتاج المسرحيات خلال الفترات الماضية لكن ذلك لا يكفي، وعلى المسرحيين إعادة الأنوار للصالات وعلى القطاع العام إيجاد حلول جذرية للبنى التحتية لأن جمهور المسرح السوري بقي وفيّاً طيلة الحرب.

بصراحة.. هل يمكن للمسرح أن يلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في مواجهة الحرب؟

التحريض والتنوير والتثوير أفعال ومهام أكبر من قدرة المسرح أثناء الكوارث، وهو ما أثبتته تجربتنا العملية مع الحرب... الدور الحقيقي الذي يمكن أن يلعبه المسرح يكمن في إعادة بناء الإنسان مستفيداً من التجربة ..النصوص الأهم التي أرخت للحرب العالمية الثانية كتبت بعد هذه الحرب ولم تكتب خلالها.

ما الدور الذى يمكن أن يلعبه فنانو سوريا في مواجهة جماعات الظلام والتطرف الموجودة الآن... ماذا لو عارضتكم أو عارضت عروضكم؟

عدم استسلامنا للتابوهات في حد ذاته انتصار على الفكر المتطرف، ومهمتنا الرئيسية هي إنتاج فكر جديد مختلف عن الأيديولوجيات سواء الدينية أو السياسية... فكر يمثل الإنسان بتجرد دون الانحياز لأي مفهوم سائد... ونحن نحافظ في تشكيل فرقنا على التنوع شكلاً ومضموناً وانتماء لتكون فرقتنا انعكاساً حقيقياً لمكونات شعبنا لنحاول أن ننال إجماعاً جماهيرياً يحمينا من أي صيد في الماء العكر.

أخيراً.. ما الجديد الذي يمكن أن تقدمه بعد السيرك الأوسط؟

أفكر حالياً على نسقين بالمسرح التراجيدي والكوميدي... على نسق التراجيديا أعتقد أني أجد ضالتي في نصوص هارولد بنتر. أما على النسق الكوميدي الشعبي فبعد نجاح "السيرك الأوسط" ستكون التجربة القادمة مدروسة بعناية وربما تكون مفاجئة للبعض حيث سيقدم على كتابتها خصيصاً للفرقة واحد من أهم كتاب الدراما السورية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image