شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
مقتل ثلاثة جزائريين في الصحراء الغربية: هل تُدقّ طبول الحرب بين الجزائر والرباط؟

مقتل ثلاثة جزائريين في الصحراء الغربية: هل تُدقّ طبول الحرب بين الجزائر والرباط؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 4 نوفمبر 202105:07 م

التاريخ: الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.

المكان: الطريق التجارية بين العاصمة الموريتانية نواكشوط، ومدينة ورقلة جنوب الجزائر.

أما الحدث، فـ"قصف وحشي" لشاحنات نقلٍ تجارية، خلّف ثلاثة قتلى مدنيين جزائريين، هم: أحميدة بومدين، وإبراهيم عرباوي، وأحمد أشطم.

بهذه المعطيات قد يُلخَّصُ بيان الرئاسة الجزائرية حول مقتل ثلاثة مواطنين في المنطقة العازلة في الصحراء الغربية. أما الرباط، فتردّ أنها "لم ولن تستهدف أي مواطن جزائري"، والشاحنات "كانت تنقل أسلحةً لجبهة بوليساريو"، و"انفجرت" في منطقة معروفة بـ"حقول الألغام". بين الروايتين، تظل الحقيقة ضائعةً، لكنها تؤشر على احتقان متواتر يرى البعض أنه قد يجرّ المنطقة إلى حرب.

هذا فيما انتقل ممثلون لبعثة المينورسو الأممية للتحقيق في موقع الحادث وسترسل للأمين خلاصات ما عاينته.

الجزائر: "لن يمرّ الاعتداء من دون عقاب"

لم يدم صمت الجزائر طويلاً، إذ خرجت رئاسة الجمهورية ببيان للرأي العام، تؤكد فيه ما يلي: "في الفاتح من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، وفي غمرة احتفال الشعب الجزائري بالذكرى الـ67 لاندلاع ثورة التحرير الوطني المجيدة، في جو من البهجة والسكينة، تم اغتيال 3 رعايا جزائريين، بشكل جبان، في قصف همجي لشاحناتهم، (...) عناصر عدة تشير إلى ضلوع قوات الاحتلال المغربية، في الصحراء الغربية، في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان، بواسطة سلاح متطور، إذ يُعدّ ذلك مظهراً جديداً لعدوان وحشي، يمثّل ميزةً لسياسة معروفة بالتوسع الإقليمي، والترهيب".

ويضع المراقبون سطراً أحمر على آخر عبارةٍ في بيان رئاسة الجزائرية: "لن يمرّ دون عقاب"، خاصةً وأن الدستور الجزائري، ينص إذا وقع عدوان فعلي، على إعلان حالة الحرب، بعد استشارة السلطات العليا في البلاد.

ويقول الكاتب محمد إيوانوغان، في حديث لرصيف22: "من غير المعقول استهداف المدنيين، حتى في أوقات الحرب، فما بالك في حالة السلم؟ من خلال اللغة المستعملة في خطاب الرئاسة الجزائرية، من الواضح جداً أن الأدلة متوفرة على تورط الجيش المغربي".

يضع المراقبون سطراً أحمر على آخر عبارةٍ في بيان رئاسة الجزائرية: "لن يمرّ دون عقاب"، خاصةً وأن الدستور الجزائري، ينص إذا وقع عدوان فعلي، على إعلان حالة الحرب، بعد استشارة السلطات العليا في البلاد

ويختتم إيوانوغان حديثه قائلاً: "يبدو جلياً أن الأحداث تتسارع نحو المواجهة العسكرية، فالمغرب يجرّ الجزائر إلى الحرب، اعتقاداً منه بأن الظرف الدولي يساعده على ضم الصحراء الغربية".

لم تذكر الرئاسة الجزائرية أي تفاصيل بخصوص موقع الحادثة، مكتفيةً بالتأكيد على أنها وقعت في الطريق التجاري بين نواكشوط وورقلة، من دون ذكر إحداثيات دقيقة. في حين أزاح موقع مينا ديفانس، المتخصص في الشأن العسكري، الستار عن تفاصيل الحادث، مؤكداً "قصف الجيش المغربي لشاحنتَي نقل جزائريتَين من نوع MAN، في المنطقة الواقعة بين عين بنتيلي، وبير لحلو، في الأراضي المحررة، التي تمر عبرها الطريق بين الجزائر وموريتانيا. وكانت الشاحنتان متوقفتين قبل إصابتهما بنيران مدفعية، من الجدار العازل المغربي، على بعد أكثر من 25 كيلومتراً، وهو ما يتطابق مع اعترافاتٍ لشهود عيان".

وجدير بالذكر أن هذه الرحلة هي الأولى من نوعها بالنسبة إلى سائقَي الشاحنتَين، وقد استعانا بجزائري ثالث من مدينة ورقلة جنوب العاصمة الجزائرية، على دراية كبيرة بمسالك الطريق الطويلة والشاقة.

"لا نيّة للمغرب في الانجرار نحو الاستفزازات الجزائرية (...) عادةً الذي يسارع إلى الحرب، ليس صاحب حق، أو شجاعة، ومن يحاول تجنّبها ليس جباناً، أو على باطل".

الخبير العسكري علي روينة (الضابط السابق في الجيش الجزائري)، تحدث لرصيف22، عن القواعد الحاكمة للمنطقة العازلة: المنطقة العازلة التي حدث فيها الاعتداء المغربي على الرعايا الجزائريين، تقدر بنحو 40 ألف كيلومتر مربع، بين الصحراء الغربية والمغرب، وهي منطقة منزوعة السلاح، تراقبها الأمم المتحدة، وفرق المينورسو المتعددة الجنسيات، التي تنحصر مهمتها في حماية المدنيين، وتأمين الخط التجاري الرابط بين ورقلة وموريتانيا، الذي سلكه الشهداء الجزائريون الثلاثة الذين تم استهدافهم في اختراق صارخ لاتفاقيات الأمم المتحدة، والقوانين الدولية.

أما القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، مالك بلقاسم أيوب، فينقل الحديث إلى مربع التحالفات الإقليمية الحديثة بين الرباط وتل أبيب، ويقول لرصيف22: "نحن أمام حرب بالوكالة، فالمغرب تحالف مع الكيان الصهيوني ضد الجزائر، بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وقضية الصحراء الغربية". 

وقد انتقل غضب السلطات الجزائرية إلى جزء من الشارع الجزائري اعتراه الغضب، حتى في صفوف المعارضين للسلطة. سامي بن عراب، شاب جزائري مهندس في برمجيات الحاسوب، يقول لرصيف22: "لا أتفق مع نظام حكمنا في الغالب، غير أنني أصطفّ خلفه في هذه الأحداث. ما حدث من عدوان يفوق التصوّرات، ويلغي خطاب اليد الممدودة الذي يزعمه الملك المغربي. أنا أطالب بردٍ سريعٍ وصارمٍ ينصف أرواح الشهداء الثلاثة الأبرياء".

من جانبه، اتّهم مجلس الأمة، إسرائيل بالوقوف وراء العملية العسكرية. رصيف22، تحدث مع رئيس لجنة الدفاع الوطني في مجلس الأمة، محمود قيصاري، الذي استهل حديثه قائلاً: "أصبحت المنطقة مفتوحةً على الاحتمالات كلها، بعد الاعتداء المغربي في الأراضي الصحراوية"، وواصل قيصاري حديثه متطرقاً إلى الرد الجزائري: "سيُدرَس القرار بعناية وحكمة، والرد سيكون دبلوماسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، أما شقّه العسكري، فسيكون على قدر الاعتداء، وفقاً لما تفرزه التحقيقات الأمنية، وأرجّح أن تشن القوات الجزائرية هجوماً خاطفاً على المنطقة التي أُطلقت منها الصواريخ. أما الدخول في حرب كلاسيكية بين الجيشين الجزائري والمغربي، فهذا ليس في صالح البلدين، ولا أحد يريده، لأنه يجرّ المنطقة كلها إلى توتر غير مسبوق يضرّ بالشعوب، ويخدم عملاء المخزن، وحلفاءه الصهاينة والفرنسيين".

وبدوره، أكد المجلس الشعبي الوطني، الغرفة السفلى للبرلمان، في بيان له، على "تأييد القرارات كلها التي ستتخذها السلطات العليا للبلاد، للرد بما يناسب حجم هذه الجريمة الشنيعة، ويردع مرتكبيها، ومن يقف خلفهم".

هذه المواقف الصارمة من غرفتَي البرلمان، المجلس الشعبي الوطني، ومجلس الأمة، المعنيَين مباشرةً باستشارة رئيس الجمهورية، قبل إعلان حالة الحرب، هي مقدمات لرُبّما تسبق تحركاً عسكرياً جزائرياً وشيكاً، رداً على اغتيال رعاياها في "عيد الثورة".

الرباط: لن ننجرّ إلى الحرب

"المغرب لن ينجرّ إلى الحرب"؛ بهذه الجملة ردّت الرباط على ما وصفته بـ"الاتهامات غير المبررة" ضدها، من قبل الجزائر، على الرغم من عدم صدور بيان رسمي عن الحادث. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية نفي الرباط على لسان مسؤول رفيع المستوى، شنّ غارة على أهداف مدنية، أو عسكرية، في الأراضي الموريتانية، أو الجزائرية، خلافاً لما تردد في إعلام البلدَين طوال يومين.

"يبدو جلياً أن الأحداث تتسارع نحو المواجهة العسكرية، فالمغرب يجرّ الجزائر إلى الحرب، اعتقاداً منه بأن الظرف الدولي يساعده على ضم الصحراء الغربية"

وقال مصدر مغربي لوكالة فرانس برس: "إذا كانت الجزائر تريد الحرب، فإن المغرب لا يريدها. المغرب لن ينجرّ أبداً إلى دوامة العنف، وزعزعة الاستقرار الإقليمي"، مشيراً إلى أن بلاده "لم تستهدف، ولن تستهدف المواطنين الجزائريين، مهما كانت الظروف والاستفزازات"، حسب تعبيره.

"كيف يستقيم أن تسمح الدولة الجزائرية لمواطنيها المدنيين بالعبور من المنطقة العازلة، مع وجود طريق برّي آخر مباشر بينهما (الجزائر وموريتانيا)، وأكثر أمناً؟".

وسلك المغرب سياسة بعث الإشارات، عبر مسؤولين كبار، كما هو الحال في تصريحات لمصدر شدد في حديث مع العربية.نت، على أن ما حدث يتلخص في "عبور شاحنتين جزائريتين حقلاً ملغوماً في المنطقة العازلة، وسائقاهما الجزائريان كانا يحملان عتاداً عسكرياً لجبهة البوليساريو"، مستغرباً حديث السلطات الجزائرية عن وجود شاحنة في هذه المنطقة، "بالنظر إلى طبيعتها القانونية، واستخدامها لأغراض عسكرية"، وهو ما نقلته صفحة الجيش غير الرسمية في فيسبوك.

وتُعدّ الأراضي الواقعة على الحزام الأمني في الصحراء الغربية، التي يعدّها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، وتطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر باستقلالها، منطقةً عسكرية يطلق عليها الجيش المغربي: المنطقة العازلة، فيما تصفها جبهة بوليساريو بالأراضي المحررة. ومنذ أزمة المعبر الحدودي الكركرات، وإعلان جبهة بوليساريو العودة إلى حمل السلاح، تنشر وكالة الأنباء الصحراوية التابعة للجبهة، يومياً، بيانات تتحدث عن هجمات، وقصف، وعملية على مواقع للجيش المغربي، وهو ما يجعل المنطقة نظرياً على الأقل، منطقةً عسكريةً خطيرةً يُمنع على المدنيين عبورها، وكل آلية تعبرها مشبوهة، حسب وجهة النظر المغربية التي أصبحت سياستها العسكرية أكثر صرامةً في المنطقة، هي التي كانت تتغاضى عن احتفالات الجبهة في هذه الأراضي، ووصفها بـ"المحررة".

وفي تفاعلها مع الحدث، تحدثت وسائل إعلام مغربية عن سعي "الجارة الشرقية إلى جرّ المملكة إلى حرب مدمّرة". ولفت موقع le 360، المقرّب من السلطات، الانتباه إلى أن الرباط "مستعدة أيضاً للرد بشدة في حال أي اعتداء يقوم به الجيش الجزائري"، لكنها حتى الساعة تقابل هذه "الاستفزازات، بالهدوء، وسياسة ضبط النفس".

كما عكست مواقع التواصل الاجتماعي استنكاراً مغربياً واسعاً للاتهامات الجزائرية ضد المغرب؛ إذ حمّل ناشطون وإعلاميون الجزائر مسؤولية جرّ المنطقة نحو التوتر والاضطراب والحرب، في ظل استمرار "تصعيد الاستفزاز والاتهامات من دون دلائل، أو حتى قرائن مقبولة".

وتساءل الناشط الحقوقي خالد البكاري، في تدوينةٍ عبر موقع فيسبوك: "كيف يستقيم أن تسمح الدولة الجزائرية لمواطنيها المدنيين بالعبور من المنطقة العازلة، مع وجود طريق برّي آخر مباشر بينهما (الجزائر وموريتانيا)، وأكثر أمناً؟".

وثمّن البكاري التصريح الذي نقلته وكالة الأنباء الفرنسية على لسان مسؤول مغربي، "من أنه لا نيّة للمغرب في الانجرار نحو الاستفزازات الجزائرية"، مشيراً إلى أنه "عادةً الذي يسارع إلى الحرب، ليس صاحب حق، أو شجاعة، ومن يحاول تجنّبها ليس جباناً، أو على باطل".

من جهته، أشار الصحافي المغربي يونس مسكين، إلى أن "الحرب أمر حتمي، لكنه مؤجل، في ظل وجود نظام فاسد يحكم الجزائر في المنطقة"، مبرّئاً المغرب من أي مسؤولية أخلاقية تتعلق بنشوب دمار في المنطقة.

في هذا الصدد، يلفت العميد الممتاز المتقاعد والخبير في القضايا الأمنية، محمد أكضيض، إلى أن الاتهامات من قبل الجزائر باغتيال ثلاث من رعاياها في إقليم الصحراء، يأتي بعد "فشلها" في تشرين الأول/ أكتوبر، في "توريط المغرب بمقتل أحد جنودها على الحدود معه، نتيجة انفجار لغم".

أما عن إستراتيجية المغرب في الصحراء، فيقول أكضيص، لرصيف22، إنها ستظل "ناعمةً"، مشيراً إلى أن القوات المسلحة المغربية "تعتمد إستراتيجيةً احترافيةً في حراستها للحدود، وحماية السيادة الوطنية، سواء بواسطة الجدار الرملي، أو الطائرات المسيّرة، أو العنصر البشري في الجيش"، مع يقظة توفرها لها ترسانة تكنولوجية "أثبتت تفوّقها خلال تحرير المعبر التجاري الإنساني الكركرات"، وبعدها، حين لقي قيادي بارز في جبهة البوليساريو حتفه، بعملية دقيقة بعد محاولة الأخيرة اختراق الجدار الأمني، يضيف المتحدث.

ويرى الخبير الأمني المغربي، أن هذه الإستراتيجية الناعمة تنعكس حتى على التحرك الدبلوماسي للمغرب، الذي "لا يعتمد على الانفعال، بل على اكتساح العلاقات كلها، سواء في اتجاه دول الجوار، أو العمق الإفريقي، أو العلاقات مع القوى العظمى، والاتحاد الأوروبي، إلى حدود أمريكا اللاتينية"، مع تعزيز هذه العلاقات السياسية بعلاقات اقتصادية ضمن إستراتيجية بناء المصالح الاقتصادية.

وإلى جانب التحرك العسكري والدبلوماسي الناعم، يسعى المغرب إلى إعادة هيكلة قواته المسلحة الملكية، وبنائها، حسب أكضيض، من خلال "اختيار مصدر أساسي للتسليح مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وفتح المجال لتنوع السلاح من مصادر أخرى مهمة، كنموذج تركيا التي أصبحت لاعباً أساسياً عبر محاولاتها وضع قدم في الدول المغاربية، مثل ليبيا، أو في العمق الإفريقي".

"نحن أمام حرب بالوكالة، فالمغرب تحالف مع الكيان الصهيوني ضد الجزائر، بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وقضية الصحراء الغربية"

ويشدد الخبير الأمني على أن هذه الإستراتيجية، بالإضافة إلى تدريبات الجيش المغربي في مناورات الأسد الإفريقي، داخل المملكة، وإعادة العلاقات بين تل أبيب والرباط مع تدشين الزيارات التي قام بها مسؤولون إسرائيليون إلى المغرب، من أبرز المظاهر التي "تثير حفيظة الجزائر"، وتدفعها إلى المزيد من التصعيد، حسب تعبيره.

موريتانيا: نحن على الحياد

على الجانب الموريتاني، نفى الجيش وقوع أي هجوم داخل الأراضي الموريتانية، يوماً قبل بيان رئاسة الجمهورية الجزائرية، بعد أن تناقلت وسائل إعلام محلية الخبر. وقال بيان صادر عنه: "من أجل إنارة الرأي العام، وتصحيح المعلومات المتداولة، تنفي مديرية الاتصال والعلاقات العامة في قيادة الأركان العامة للجيوش، حدوث أي هجوم داخل التراب الوطني". ودعا الجيش إلى "توخّي الدقة في المعلومات، والحذر في التعامل مع المصادر الإخبارية المشبوهة"، وفق نص البيان.

وفي حديث لرصيف22، قال الكاتب والخبير في الشؤون الإفريقية، إسماعيل ولد الشيخ سيديا: "الرواية الجزائرية، والرواية الصحراوية، مصحوبتان بشهادات وفيديوهات، وهناك شاحنتان تم تدميرهما، وقتل ثلاثة من ركابهما، من ضمنهما السائقان. طبعاً، هناك بعض الركاب ممن نجوا، لأن الشاحنتين كبيرتان، ومتوقفتان، وتالياً هما ليستا هدفين متحركين، والظاهر أن الاستهداف تم عن طريق طيران مسيّر، إذ قام بتدميرهما برماية مباشرة، وهذا حسب رواية الكثير من الشهود، وحسب ما رشح من بيانات رسمية (البيان الجزائري)، وبطبيعة الحال الحادث ليس الأول من نوعه، إذ تم الاعتداء على منقّبين عن الذهب، وأُصيبت سيارتهم، وهم من الصحراويين، ومنفيون موريتانيون".

وأضاف المتحدث قائلاً: "الواقع أن منطقة الحادث هذا، هي منطقة طريق تجاري، وفيها سهول، وتقع في المنطقة الحدودية الثلاثية المشتركة بين الصحراء الغربية والجزائر وموريتانيا، وهو معروف جداً، وتسلكه ناقلات الجند الصحراوية (جبهة بوليساريو)، كما تسلكه السيارات المدنية".

وأشار إلى أن "بيان الجيش الموريتاني كان سريعاً، وجاء لنفي وقوع الحادث على الأراضي الموريتانية، وأعتقد أنه ليس هناك ترسيم رسمي للحدود منذ انسحاب إسبانيا، وتالياً يمكن للبيان أن يكون صواباً، بشكل أو بآخر، ما دامت المنطقة لا تخضع حتى الآن للجيش الموريتاني، وهنالك الكثير من نقاط التماس بين الجدار الأمني المغربي العازل، والأراضي الموريتانية، وفي الوقت نفسه الأراضي الصحراوية (التي تتحكم فيها جبهة بوليساريو)، تتجاوز الـ20 في المئة من الإقليم".

وأكد على أن "الجيش الموريتاني في منطقته العسكرية الثانية، والأولى، وحتى في منطقته العسكرية الثالثة، بشكل أو بآخر، هو الذي يسهر على مراقبة هذه الحدود الطويلة جداً مع دور لكتيبة الطيران الموجودة في أطار.

وكذلك مشاة البحرية الموجودون في مدينة نواذيبو، وهذه التشكيلات كلها هي في حالة استنفار منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بسبب الوضع في الصحراء الغربية، وتالياً الجيش الموريتاني يعي الأمر جيداً، ولديه معلومات دقيقة ويومية عن الموضوع".

وخلص قائلاً: "موريتانيا تتعامل مع الموضوع، كما لو أنها ليست طرفاً فيه، لأنها اكتوت بنار القضية الصحراوية، وفقدت مئات الجنود، وتعرضت لهزات عسكرية وأمنية مباشرة، بسبب الوضع في الصحراء الغربية، وأعتقد أن هذا الوضع لن يتغير في الحالة الراهنة، لأن الوضعين العسكري والدبلوماسي مقلقان إلى حد بعيد، بالنسبة إلى السلطة في نواكشوط، بما في ذلك مراقبة هذه الحدود الطويلة جداً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image