الأربعاء الماضي، قضت المحكمة العليا للطعون العسكرية المصرية، بتأييد أحكام السجن على 293 متهماً، في القضية رقم 148 لسنة 2017 جنايات، شرق القاهرة العسكرية، والمعروفة إعلامياً بـ"محاولة اغتيال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي".
وحسب ما نشرت جريدة الشروق المصرية، تضمن الحكم معاقبة 29 متّهماً، بالسجن المشدد لمدة 15 سنة، ومعاقبة 81 متّهماً بالسجن المشدد خمس سنوات، و117 متّهماً بالسجن المشدد ثلاث سنوات، و36 متّهماً بالسجن المشدد سبع سنوات، وبراءة متّهمَين، وانقضاء الدعوى الجنائية لمتّهم، بسبب وفاته، والحكم بعدم الاختصاص لمتهم حدث، وإحالته إلى محكمة الطفل.
والمتّهم الحدث، هو القاصر الذي لم يتجاوز 15 سنة ميلادية كاملة، وقت ارتكاب الجريمة، حسب نص قانون الطفل المصري، ولا يجوز محاكمة الحدث أمام محكمة الجنايات (التي تحاكم البالغين)، إلا باستثناء وحيدٍ حدّده قانون الطفل، وهو في حالة المساهمة الجنائية في الجريمة مع البالغين، بشرط أن يكون عمره تجاوز الـ15 عاماً وقت ارتكاب الجريمة، وأن تكون الجريمة التي ارتكبها جنايةً، وأن يساهم البالغ مع الحدث في الجريمة، سواء باعتباره فاعلاً أصلياً معه، أو شريكاً له.
مهدي سلمي حماد، من محافظة العريش، وقع ضحية الاستغلال والإرهاب، ولم يحصل على حماية قوات الأمن، حين تعرض للتهديد المباشر، فدفع فاتورة الإرهاب مرتين، مرةً بالاستغلال، ومرةً بالسجن والتعذيب
بهذه الشروط، صدر حكم محكمة الطعن العسكرية بإحالة القاصر مهدي سلمي حماد من محافظة العريش، إلى محكمة الأحداث، لعدم اختصاصها بمحاكمته، وهو القاصر الوحيد الذي حوكم في قضية محاولة اغتيال السيسي، منذ قرار النائب العام في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، بإحالة 292 متّهماً -بينهم مهدي- إلى الجنايات.
ما قصة مهدي؟
مهدي سلمي حماد، طفل من مدينة العريش في شمال شرق سيناء، يعمل في إحدى الورش الصناعية هناك، وهو من مواليد عام 2001، أُلقي القبض عليه عام 2016، وحسب أقواله أمام النيابة العامة، فإنه أُلقي القبض عليه، ثم "ودّوني على قسم أول عريش، وفضلت هناك يومين، ومنها على الأمن الوطني (حيث ظل هناك مئة يوم تعرض فيها لانتهاكات)، في العريش، وفضلت هناك لحد ما اتعرضت على النيابة النهار ده".
بعد اختفائه، ظهر مهدي على ذمة القضية 148 لسنة 2017، ووُجهت إليه تهمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون، مع علمه بأغراضها ووسائلها في تحقيق الإرهاب، وحيازة عبوات مفرقعة واستعمالها، بهدف قتل الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتخريب المباني والمنشآت العامة، والشروع في قتل مندوب شرطة مدنية، وإتلاف مركبتين، ومحاولة الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد.
وفقاً لتقرير حقوقي نشرته مؤسسة بلادي، "لم توجد أحراز، أو متفجرات، مع مهدي، وقت القبض عليه"، إلا أنه، وعلى الرغم من ذلك، تم اخفاؤه قسرياً، وتعرّض لانتهاكات عديدة، وأُدرج في المؤسسة العقابية بالمرج، لمدة ثلاث سنوات، حُرِم خلالها من زيارات أهله، ومن التعليم الأساسي، حسب نص التقرير. وعلى الرغم من عدم إدانته حتى الآن، إلا أن اسمه أُدرج على قوائم الإرهاب.
فاتورة الإرهاب مرتين
مثل العشرات الآخرين، دفع مهدي ثمن الصراع المسلح على أرض سيناء، ووقع ضحيةً لاستغلال الجماعات الإرهابية، فحسب تقرير بلادي، كان مهدي يعمل في الورشة الصناعية، حين أتاه ابن عم والده الذي انضم إلى تنظيم ولاية سيناء، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وأشهر سكيناً، ووضعه على رقبته، مهدداً بأنه سيذبحه، إن رفض مراقبة تحركات قوات الجيش في الطريق، ليبلّغه عنها عن طريق الهاتف.
على الرغم من الشكاوى التي تقدّم بها مهدي، وغيره من الأطفال، أمام النيابة العامة، إلا أن النيابة لم تقم بالتحقيقات في ما تضمنته أقوالهم، بتعرضهم للإخفاء القسري في سجون الأجهزة الأمنية
في ذلك الوقت، كان تنظيم ولاية سيناء قد ذبح مواطناً من أهل المدينة بالفعل، وألقى برأسه في الشارع، فخاف مهدي على حياته، واضطر إلى طاعة قريبه، وهو ما آل به إلى قبضة قوات الأمن.
ويعقّب تقرير بلادي على ذلك، بأن "مهدي وقع ضحية الاستغلال والإرهاب، ولم يحصل على حماية قوات الأمن، حين تعرض للتهديد المباشر، فدفع فاتورة الإرهاب مرتين، مرة بالاستغلال، ومرة بالسجن والتعذيب، ولا يُعرف مصيره القانوني حتى الآن.
وعلى الرغم من الشكاوى التي تقدّم بها مهدي، وغيره من الأطفال، أمام النيابة العامة، إلا أن النيابة لم تقم بالتحقيقات في ما تضمنته أقوالهم بتعرضهم للإخفاء القسري في سجون الأجهزة الأمنية، ولم تقم النيابة بتحريك أي دعاوى لملاحقة من قام بارتكاب تلك الانتهاكات.
وكان مركز بلادي قد رصد في الفترة بين بداية تموز/ يوليو 2013، ونهاية حزيران/ يونيو 2019، نحو 225 حالة إخفاء قسري في حق الأطفال، منهم 198 حالة في الفترة من تموز/ يوليو 2013، وحتى كانون الأول/ ديسمبر 2018، وتنوعت ظروف وقائع الإخفاء، ما بين منشآت خاصة، وكمائن أمنية، ومنشآت تعليمية، ومقرات احتجاز.
ويطالب المركز بالتوقف عن القبض على الأطفال وإخفائهم قسرياً، ووضع نص تشريعي واضح يحول دون ذلك، ونص آخر يسمح بمساءلة المسؤولين في أجهزة الأمن الذين يقومون بإصدار الأوامر بممارسة هذا الانتهاك بحق الأطفال، وملاحقتهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.