لأول مرة تشارك الناشطة الأردنية على مواقع التواصل الاجتماعي ديما علم فراج على هاشتاغ ينتقد انتهاكات السلطات الأردنية لحقوق الإنسان، وهي التي بنت شهرتها وعلاقاتها على اعتبار أنها من الكتائب الإلكترونية المدافعة عن النظام على حساب المواطن، والمنددة بشدة ضد أية اتهامات موجهة للقصر أو الحكومة من نشطاء المجتمع المدني.
تفاعلت فراج على هاشتاغات عدة منها "#انتهاكات_حقوق_الإنسان" و"#معاً_للتغيير" اللذان حلا في صدارة أكثر الهاشتاغات تداولاً في الأردن في إطار حملة أطلقها مركز حماية وحرية الصحافيين، وهو مؤسسة مجتمع مدني تنشط في الدفاع عن الحريات الإعلامية في الأردن.
وساهمت تغريدة فراج في تداول الهاشتاغ على نطاق واسع جراء التفاعل مع ما نشرته من كلمات لم يكن يتخيل الأردنيون أن "تخرج من أكبر سحيجة في الأردن"، كما وصفت نفسها. و"سحيج/ة" هي كلمة متداولة في الشارع الأردني يقصد بها من هم موالون حد المبالغة للدولة الأردنية.
وكتبت الناشطة الأردنية: "عمري ما توقعت أشارك بهاشتاغ معاً للتغيير وانتهاكات حقوق الإنسان وأنا السحيجة الأولى، لكن مجبرة أن أعترف أنني أخطأت وتوقعت أن بلدي خالٍ من الظلم إلى أن شعرت به وظلمت وكان درساً مرتباً".
ساهمت تغريدة فراج في تداول هاشتاغ #معاً_للتغيير على نطاق واسع، جراء التفاعل مع ما نشرته من كلمات لم يكن يتخيل الأردنيون أن "تخرج من أكبر سحيجة في الأردن"
وختمت ديما رسالتها باعتذار لم يلق قبولاً من المتفاعلين على الهاشتاغ، إذ اعتبروا أنفسهم شهوداً على "ضحايا ديما علم فراج". تقول فراج في اعتذارها: "راجعت تغريداتي وكم ظلمت غيري بها، ودوري الآن أن أقف مع كل شخص يقول رأيه حتى لو لا أتفق معه".
لكن يبدو أن الدرس الذي قالت ديما أنها تعلمته، لم يستمر أثره طويلاً. فقبل أن تمر 24 ساعة على نشر هذا التقرير، قررت قرَّاج العودة إلى عادتها بالإبلاغ عن من يختلف معها، وتقدمت ببلاغ ضد مغردة أردنية علقت على تغريداتها لتذكرها بما تسببت فيه من أذى لمغردين ومعارضين أبلغت عنهم ديما علم في الماضي.*
من هي ديما علم فراج؟
هي إعلامية وناشطة أردنية دائماً ما تثير الجدل بتأييدها المطلق لقرارات القصر الملكي، من خلال اشتباكها مع كل القضايا التي تمس الدولة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، وتنطلق في دفاعها المطلق عن الدولة بادعاءات "الوطنية"، ومن خلال حسابها على موقع تويتر تشارك على هاشتاغات تهاجم المعارضة وتتهمها بالاستقواء بالخارج على الوطن، كما تنشط على هاشتاغات تؤيد الملك وتهاجم "جماعة الفتنة والفوضى".
وصل دفاع ديما عن الملك عبدالله الثاني إلى حد الاشتباك مع الأمير حمزة بن الحسين، أخي العاهل الأردني، الذي كتب في تغريدة نادرة عبر تويتر في 2018، منتقداً سياسة فرض الضرائب في المملكة، ومطالباً بـ"تصحيح نهج الإدارة الفاشلة للقطاع العام، ومحاسبة جادة للفاسدين"، قبل أن ترد عليه ديما بتغريدة أثارت جدلاً واسعاً آنذاك: "سيدي أنت هنا تكلمت كمواطن، وهذا حق كفله لك الدستور. ومن حقي كمواطن أن أناقشك واختلف معك. فأنت الآن تمثل نفسك ورأيك فقط. وأتمنى منك أن تثبت لنا بأنك ديمقراطي مثل سيدنا أبو حسين (الدم ما بيصير مي ”المفروض“) واسمح لي أن أطلب منك حلولاً لأن التغريد والانتقاد ما في أسهل منهما".
مزيد من الاتفاقات... كثير من الانتهاكات
وعودة إلى ترند“#انتهاكات_حقوق_الإنسان"، فرغم أن بوصلة التفاعل فيه انحرفت عن هدفها الرئيسي واتجهت إلى رسالة اعتذار ديما علم فراج، يجد من يتصفح الهاشتاغ وما ورد في تغريداته من رصد لأبرز الانتهاكات التي تمارس في الأردن، أن الانتهاكات تتعارض مع المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وأهمها العهدان الخاص للحقوق المدنية والسياسية وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية اللذان وقع عليهما الأردن سابقاً.
ووقع الأردن تسع اتفاقيات متعلقة بحقوق الإنسان في العام 2018 بحسب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، منها اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وبالرغم من هذه الاتفاقيات والشعارات الرنانة التي يتغنى بها المسؤولون في الأردن في المحافل الدولية حول "القفزات" التي أنجزوها في الدفاع وحماية حقوق الإنسان، لا يزال سجل الأردن في حقوق الإنسان ضعيفاً، فبحسب منظمة العفو الدولية لا تزال "السلطات تواصل التضييق على حرية التعبير والتجمع السلمي"، وتقمع الصحافيين والنشطاء، وتحد من إمكانية الوصول إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي.
وبرزت على الهاشتاغ أيضاً تغريدات وشهادات ووثائق ترصد الانتهاكات الواقعة على حقوق المرأة، والتقييد على الحريات العامة، وتراجع الأوضاع المعيشية.
"118 مذكرة توقيف صدرت في العام 2019 بحق مواطنات ومواطنين عبروا عن آرائهم، واتهموا بإطالة اللسان وإثارة النعرات"
من الوثائق، ما نشرته المغردة علا عليوات لصورة عن "دفتر عائلة" مدرج فيه: "لا يضاف الأطفال لاختلاف جنسية الزوج". هذه الصورة التي نشرتها علا دليل على حرمان المرأة الأردنية المتزوجة من غير أردني حق منح جنسيتها لأبنائها، وكتبت علا: "معاً للتغيير لأنه هذا الحكي إهانة للمرأة الأردنية وللدستور نفسه!".
#معا_للتغيير لأنه هذا الحكي إهانة للمرأة الأردنية وللدستور نفسه#انتهاكات_حقوق_الإنسان pic.twitter.com/Xx9sYU2J4l
— علا عليوات (@Ola_Eliwat) September 25, 2021
#انتهاكات_حقوق_الانسان pic.twitter.com/WbRC1EZswK
— Nour Emam (@NourEmam2) September 26, 2021
واستغل نائب نقيب المعلمين "حتى وقف التنفيذ" نور الدين نديم التفاعل الواسع على الهاشتاغ، ليذكِّر بقضية نقابة المعلمين ومعاركها مع الحكومة الأردنية. وكانت النقابة قد قادت أكبر إضراب مر بالأردن في العام 2019، وخاضت صراعاً مع الدولة انتهى إلى حل النقابة واعتقال عدد من أعضائها النشطين. وغرد نديم: "نقابة المعلمين الأردنيين نقابة وطن، بأي ذنب أغلقت؟!".
نقابة المعلمين الأردنيين، نقابة وطن
— نور الدين نديم (@norelden_nadeem) September 25, 2021
بأي ذنب أغلقت‼️#معا_للتغيير#حقوق_مش_مكارم#انتهاكات_حقوق_الانسان pic.twitter.com/NIktH5hKvj
وردت عليه مغردة تدعى لانا قائلة: "لأنها النقابة الوحيدة المنتَخبة وتمثل المعلمين وتكلمت بنبض الكثيرين من غير المعلمين كذلك"، أجابت المغردة لانا على سؤال المعلم نديم، وأكملت: "لأنها نزيهة وأنصفتنا وكانت أملنا، ولأنها شوكة في قلوبهم وعيونهم".
وخصصت الصحافية الحقوقية رانيا الصرايرة تغريداتها على الهاشتاغ لرصد ونشر الانتهاكات التي تقع في الأردن ضد حرية الرأي والتعبير، وكتبت: "118 مذكرة توقيف صدرت في العام 2019 بحق مواطنات ومواطنين عبروا عن آرائهم، واتهموا بإطالة اللسان وإثارة النعرات، هذه الاتهامات تشكل قيداً على حرية التعبير وتتعارض مع المادة 15 من الدستور الأردني، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه في الأردن".
ومعيشياً وثق الخبير الحقوقي أحمد عوض مدير "المرصد العمالي في الأردن"، بعض أشكال الانتهاكات التي تمارس في الأردن وكتب: "هنالك ضعف في التشريعات التي تضمن مستوى معيشياً لائقاً للمواطنين، حتى أن الدستور الأردني لم يتضمن أي نص يضمن هذا الحق".
ودعم رصده هذا بالتغريد عن دراسة نشرها المرصد كشفت عن أن: "ما زال ما يقارب من 50 بالمئة من القوى العاملة في الأردن غير مغطيين بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، بالرغم من مصادقته على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 المتعلقة بالحدود الدنيا لتأمينات الضمان الاجتماعي".
---------------
قام رصيف22 بحذف تغريدة كانت منشورة ضمن هذا التقرير، لمغردة أردنية تنتقد ديما علم فرَّاج وما تسببت فيه بلاغاتها من إيذاء لمواطنين أدرنيين معارضين، وذلك بعد أن تقدمت ديما ببلاغ ضد المغردة، بعد اطلاع صاحبة البلاغ على تغريدات منتقديها عبر تقريرنا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 10 ساعاتالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت