شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"نمبر وان" الحقيقي… هوشيار عليّ البطل العراقي الذي أزال 750 ألف لغم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 28 سبتمبر 202104:49 م

في العراق، يعيش أسطورة حقيقية، بطل اسمه هوشيار علي، الذي أزال حوالى 750 ألف لغم أرضي وقذيفة غير منفجرة في إقليم كردستان ببلاد الرافدين، تلك المنطقة التي تعد من أكثر مناطق العالم إصابة بلعنة مخلفات الحروب القابلة للانفجار، بحسب تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

لولا تقرير الصحافي دانيال كارد في صحيفة الغارديان البريطانية لما عُرف هذا البطل، الذي أقدم على ما تتأخر في تنفيذه جيوش كاملة وهو مبتور القدمين، من دون مقابل، "كي يجعل كردستان آمنة".

يتمنى هوشيار الذي يزيل الألغام ومخلفات الحروب من دون مقابل، أن يحصل على ساق صناعية حتى يعود للعب كرة القدم مرة أخرى.

أسطورة محلية

يعرف كل الناس في إقليم كردستان العراق هوشيار الذي فقد ساقه اليسرى بسبب الألغام عام 1994، ويلوحون له وهو يقود سيارته، التي يميزها بالعلم الأحمر والملصقات التي تحذر المارة من أنه ينقل متفجرات. 

غيّر السكان اسم بلدة تقع في المنطقة التي أزال منها الألغام، إذ كانت تعرف سابقاً باسم كوري غابلا، إلى هوشياري، تكريماً لهوشيار علي على كل ما فعله لإزالة المتفجرات، وجعلوا المسجد يحمل اسمه أيضاً، بالإضافة إلى مركز الشرطة والمستشفى وإحدى المدارس ثم أطلقوا اسمه على وادٍ كامل، كان غير مأهول قبل أن ينظفه عليّ من الألغام. 

يقول عليّ: "في كل مكان أذهب إليه، يمنحني الناس أشياء مجانية، نادراً ما أدفع مقابل الغاز". 

لا يتفق مزيلو الألغام المحترفون مع عليّ في طريقة عمله، لكنهم لا يملكون سوى إعلان احترامهم له وإعجابهم بإخلاصه وتفانيه، يقول الإمام كامارين علي نامق، أحد الناجين من الألغام الأرضية، بعدما فقد ذراعيه أثناء عمله كمزيل ألغام في منظمة "Mines Advisory Group" في تعليق للغارديان: "هوشيار شخص ممتاز. إنه يحب ما يفعله، لكنه متهور في نفس الوقت. إذا كان منظماً بشكل أفضل يمكن أن يساعد أكثر".

 يقول أحد السكان، ويدعى أحمد، مشيراً إلى طريق يسلكه الناس عبر الوادي الذي بات يحمل اسم هوشيار: "قبل أن ينظفه عليّ، لم يكن بإمكان أحد استخدام هذا الطريق، لقد كان حقل ألغام. الآن عاد الناس، وترى أن هناك مزرعة، وكهرباء، وقرية".

 وأضاف وهو يبتسم بحرارة ويدل إلى علي بكلتا يديه: "أشعر وكأننا نمتلك الأرض، فبسببه سنعود إلى العمل والزراعة، يقوم بإزالة الألغام بالمجان ويساعد الناس. لا يمكنك دفع ثمن ذلك لهذا الشخص، فكل ما ندفعه لا يكفي".

 لم تقتصر تضحيات هوشيار على ساقيه اللتين قدمهما من أجل تطهير أرض كردستان، إذ فقد ما هو أغلى بالنسبة إليه، ابنه الأكبر الذي قتله لغم أرضي خلال رحلة أراد فيها الابن أن يتعلم حرفة الفداء من أبيه

انجازات وتضحيات 

وبحسب أجندة عليّ الخاصة، أنقذ الكردي البطل 182 شخصاً من حقول الألغام، وطهّر 104 قرى، ونجح في إزالة ألغام من 540 كيلومتراً مربعاً من الأراضي، ونشر التوعية بشأن الألغام الأرضية في نحو 700 مدرسة، واستطاع إيقاف فتيل أكثر من 2.5 مليون لغم أرضي وذخائر قابلة للانفجار. 

يحسب الغارديان، تكمن المعجزة في أن هوشيار أزال معظم هذه الألغام وهو يتحرك من دون ساقين، إذ فقد ساقه اليمنى جراء انفجار لغم أرضي إيطالي في كانون الثاني/يناير عام 1989، ثم فقد اليسرى عام 1994. 

لم تقتصر تضحيات هوشيار على ساقيه اللتين قدمهما من أجل تطهير أرض كردستان، إذ فقد ما هو أغلى بالنسبة إليه، ابنه الأكبر الذي قتله لغم أرضي خلال رحلة أراد فيها الابن أن يتعلم حرفة الفداء من أبيه، كذلك خسر هوشيار شقيقه مختار، وابن عمه بامو، وابن عمه فيصل.

وأصيب أخوه ريبوار في انفجار لغم أرضي إيطالي من طراز فالمارا 69، في  14 يوليو/ تموز 1992، ونجت أطرافه لكنه فقد عينه اليسرى.

 أمنية هوشيار

 قال هوشيار وهو في منزله: "أنا أفعل هذا فقط من أجل الله، سأستمر في إزالة الألغام حتى أتقدم في السن، ولكن آمل أن أفعل ذلك حتى أموت".

يتذكر هوشيار شبابه: "كنت جيداً حقاً في كرة القدم، لقد أطلقوا علي اسم ‘الصاروخ‘، كنت الأسرع. أتمنى أن أتمكن من الحصول على طرف صناعي ذكي حتى أتمكن من لعب كرة القدم مرة أخرى".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image