شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"عمليات قتل مشبوهة"... بعض ضحايا "تبادل إطلاق النار" مع قوات الأمن المصرية أُعدموا ميدانياً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 7 سبتمبر 202112:11 م

اتّهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أطلقته في السابع من أيلول/ سبتمبر، جهازي الشرطة والأمن الوطني التابعين لوزارة الداخلية المصرية، بقتل عشرات الأشخاص، خلال السنوات الخمس الأخيرة، في عمليات "إعدام خارج القانون"، تحت ستار "تبادل إطلاق النار" و"الاشتباك المسلح" مع عناصرهما.

واستناداً إلى 123 بياناً للداخلية المصرية، وجدت المنظمة أنه بين كانون الثاني/ يناير 2015 وكانون الأول/ ديسمبر 2020، أُبلغ عن 143 حادث إطلاق نار بين القوات الأمنية و"إرهابيين" محتملين، أسفرت عن مقتل نحو 755 شخصاً (حددت الوزارة هوية 141 منهم فقط) واعتقال واحد فقط، في ما وصفته المنظمة الحقوقية بـ"الحصيلة المشبوهة للغاية".

"نمط اعتيادي لإعدامات خارج القانون"

عقب فحص كافة البيانات والصور ومقاطع الفيديو الرسمية المتصلة بهذه الحوادث، وتدقيق حالات 14 شخصاً كانوا ضمن 75 رجلاً قُتلوا في تسعة من حوادث "تبادل إطلاق النار" التي شهدتها منطقتا الدلتا والصعيد (وسط وجنوب مصر على الترتيب)، وجَدَت هيومن رايتس ووتش "أدلة دامغة" على "ما يشبه إلى حد كبير نمطاً اعتيادياً لإعدامات خارج القانون".

من بين هذه الأدلة، علامات أصفاد على أيدي جثث، وبقع دم أسفل الحيطان تُظهر أن القتلى أُعدموا وهم جالسين أرضاً، وشهادات عديدة عن اعتقال أشخاص قبل أيام من "مواجهتهم المسلحة" المزعومة مع قوات الأمن.



وأشار التقرير المعنون بـ"‘تعاملت معهم القوات’... عمليات قتل مشبوهة وإعدامات خارج القضاء على يد قوات الأمن المصرية" إلى أن هنالك "نمطاً من عمليات القتل المشبوهة والإعدامات المحتملة خارج نطاق القضاء من قبل وزارة الداخلية المصرية، لأشخاص لم يشكّلوا عند وفاتهم أي خطر يهدد حياة قوات الأمن أو غيرهم، ما يجعل هذه العمليات بمثابة قتل متعمد وغير قانوني".

كما لفت إلى أن السلطات المصرية "لم تقدّم معلومات توثق أدلة على وجود مواجهات مسلحة حقيقية قد تتطلب استخدام القوة القاتلة، بل إن جميع المعلومات المتاحة تشير إلى عكس ذلك"، ففي جميع الحالات المرصودة، كان القتلى رهن الاحتجاز قبل قتلهم، واختفى بعضهم قسراً على يد جهاز "الأمن الوطني".

في المقابل، كانت بيانات الداخلية تزعم أن المسلحين المزعومين هم مَن بدأ بإطلاق النار، وأن قوات الأمن اضطرت إلى الرد. وعادةً ما كان القتلى يُنسبون إلى جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في البلاد.

ترهيب أسر القتلى

في الحوادث التسع التي دققتها المنظمة الحقوقية، لم يُعتقل أي مشتبه فيه، ولم تقع إصابات بين عناصر قوات الأمن. وأخبرت عائلات ومعارف الرجال الـ14 المنظمة أن الضحايا قُبض عليهم وكانوا محتجزين قبل الإبلاغ عن مقتلهم.

وقالت ثماني عائلات إنها شهدت، هي أو أصدقاء ومعارف، لحظة الاعتقال، فيما أبلغ 13 أن أقاربهم أُخفوا قسراً قبل مقتلهم. وعقب الحوادث، عرفت العائلات غالباً بوفاة أقاربها من وسائل الإعلام.

وأفادت عائلتان بأنهما لا تعلمان مصير جثمانيْ قريبيهما المقتولين نهاية عام 2018، وبأنه لم يسمح لهما برؤيتهما حتى وقت كتابة المنظمة تقريرها. عائلة ثالثة قالت إنه لم يسمح لها باستلام جثمان قريبها إلا عقب شهرين من مقتله.

علامات أصفاد على أيدي جثث، وآثار تعذيب، وبقع دم تُظهر أنهم أُعدموا وهم جالسين أرضاً… تقرير حقوقي يشكك في رواية مقتل "إرهابيين" في "تبادل إطلاق نار" مع قوات الأمن المصرية

وقالت عائلة واحدة فقط من بين 14 عائلة إن وزارة الداخلية أبلغتها رسمياً في غضون يوم واحد من الحادث، بينما بادرت غالبية الأسر الأخرى بالسعي إلى معرفة مصير ذويها.

وقالت جميع العائلات إنها تعرضت لـ"الترهيب والمضايقة" من قبل عناصر الأمن الوطني لدى محاولة معرفة مكان جثث ذويها، بينما أفادت سبع منها بأن قوات الأمن أجبرتها على دفن أقاربها دون جنازة أو عزاء.

وقالت ثماني عائلات، من أصل 11 تمكنت من رؤية جثامين أقاربها القتلى، إن "علامات الضرب، أو الحروق والجروح، أو كسر العظام أو الأسنان، أو علامات أخرى على سوء المعاملة" ظهرت على الجثث.

وفي حين أقرّ فرد من عائلة واحدة بأن قريبه المقتول ربما كان ضالعاً في نشاط مسلح، نفى الآخرون أن يكون أقاربهم قد شاركوا في أعمال عنف. ونوّه البعض إلى أن ذويهم لم يشاركوا حتى في أي نشاط سياسي.

"العدالة الناجزة"؟

وتمارس قوات الأمن المصرية عملها في ظل حالة طوارئ، لم تنقطع منذ أربعة عقود، تحديداً منذ عام 1981، وتمنحها صلاحيات غير خاضعة للرقابة. تضاف إلى ذلك بعض مواد القانون التي تطلق يد عناصر الأمن وتمنحها سلطة تقديرية لاستخدام القوة، بذرائع منها محاربة الإرهاب. كذلك، لا تجرّم القوانين المصرية التعذيب بالقدر الكافي.

ويعمل جهاز الأمن الوطني بصفته جهاز المخابرات المحلي الرئيسي في مصر منذ عقود بسلطات غير خاضعة للرقابة، وخارج نطاق القانون إلى حد كبير، بحسب المنظمة.

143 حادث "تبادل إطلاق نار" مزعوم مع قوات الأمن المصرية بين عامي 2015 و2020، أسفرت عن مقتل 755 شخصاً واعتقال مشتبه به واحد… حصيلة تصفها هيومن رايتس ووتش بأنها "مشبوهة للغاية"

وقالت هيومن رايتس ووتش إنها لم تجد ما يشير إلى أن السلطات فتحت أي تحقيقات جادة أو ذات مغزى في أي من الحوادث المشار إليها، مبرزةً أنه لا يمكن التوصّل إلى استنتاجات محددة بشأن مئات القتلى في عشرات عمليات إطلاق النار المزعومة الأخرى، بسبب "شح التفاصيل" في بيانات الداخلية.

لكنها لفتت إلى أن وتيرة هذه "الإعدامات" ازدادت بعدما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى "عدالة ناجزة" في حزيران/ يونيو 2015، وذلك على خلفية حادث اغتيال النائب العام آنذاك هشام بركات.

وبناءً على مستوى ونطاق الانتهاكات المرتكَبة من قبل وزارة الداخلية وقوات الجيش المصري والموثَّقة في هذا التقرير وتقارير سابقة، دعت المنظمة الحقوقية الدول الغربية، لا سيّما الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، وغيرها من الدول الشريكة لمصر إلى "فرض عقوبات محددة الهدف، تشمل تجميد الأصول، ضد المسؤولين والأجهزة المصرية ذات المسؤولية الأكبر عن الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، وكذلك ضد المسؤولين عن استمرار الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات".

كما حثّت هؤلاء الشركاء الدوليين على "وقف جميع المساعدات الأمنية والعسكرية ونقل وبيع الأسلحة إلى الحكومة المصرية، واشتراط استئنافها بوقف الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، ومحاسبة مَن تثبت مسؤوليتهم، و"حيثما أمكن، التحقيق مع المسؤولين المصريين الضالعين في الانتهاكات الجسيمة بموجب مبادئ الولاية القضائية العالمية".

أما مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فناشدته هيومن رايتس ووتش من أجل "إنشاء آلية دولية مستقلة لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر، والإبلاغ عنها، والتحقيق في الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، بما فيها الإخفاء القسري، والتعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard