في أحدث حلقات مصادرة أموال وحجز احتياطيّ أموال وممتلكات رجال الأعمال السوريين، حجزت حكومة النظام السوري على أموال "شركة الوزير لصناعة المنظفات والصابون" وعلى أموال صاحبها جمال الدين دعبول وأموال أولاده، وأموال التاجر إبراهيم برغلي، بالإضافة إلى فرض غرامات تصل إلى نحو سبعة مليارات ليرة سوريّة (ما يعادل نحو مليوني دولار أمريكي حسب سعر البيع الرسمي).
قالت وزارة المال في تبريرها لقرار الحجز على أموال شركة الوزير، التي صنفتها مواقع سورية واحدة من أكبر شركات المنظفات في الشرق الأوسط، إنّ ذلك جاء "ضماناً لحقوق الخزينة العامة من الرسوم والغرامات المتوجبة بالقضيّة رقم 220/2021"، والمتضمنة استيراد بضائع عن طريق التهريب، تجاوزت قيمتها 2.75 مليار ليرة سوريّة، وبلغت الرسوم المستحقة عنها 27.5 مليون ليرة".
حلقات سابقة
بدأت الحكومة السوريّة منذ العام 2019 بحجز ومصادرة أموال رجال أعمال مقرّبين (أو كانوا) من النظام الحاكم، أبرزهم محمد حمشو أحد أبرز رجال الأعمال في حقبة الأسد الابن، النائب السابق في مجلس الشعب وأمين سر اتحاد غرف التجارة ورئيس عدد كبير من الشركات، كما شملت القائمة رجال أعمال آخرين مثل أيمن جابر، مؤسس وقائد ميليشيا "صقور الصحراء" التي حاربت إلى جانب النظام خلال سنوات سابقة.
بدأت الحكومة السوريّة منذ العام 2019 بحجز ومصادرة أموال رجال أعمال مقرّبين (أو كانوا) من النظام الحاكم
كما صدر قرار في العام 2020 بحجز الأموال المنقولة والثابتة العائدة لرجل الأعمال المتوفى "وهيب مرعي"، والحجز الاحتياطي لجميع ما يملكه ورثته، رغم أنّ مرعي، أحد أكبر تجّار الحديد في الشرق الأوسط، كان أكبر الداعمين الاقتصاديين لنظام الأسد.
في نهاية العام 2020، أصدرت وزارة المال السورية قراراً قضى بحجز الأموال المنقولة والثابتة لرجل الأعمال هاني عزوز، فارضة عليه غرامات وصلت إلى 565 مليون ليرة سوريّة.
أكبر "المفاجآت" كانت الصراع الذي دار بين الحكومة السوريّة ورامي مخلوف، رجل الأعمال الشهير وابن خال الرئيس، بشار الأسد، وتتابعت حلقاته أكثر من سنة، تحولت فيها فيديوهات رامي عبر فيسبوك إلى مسلسل يتابعه السوريون على وسائل التواصل، إذ وجّه من خلالها رسائل مباشرة إلى رأس النظام، قائلاً إنّ ما تقوم به الحكومة السوريّة غير قانوني، وإنّها تصادر الأموال بحجة الضرائب، لكن الحقيقة تكمن في أنّ تجّار حرب ورجال أعمال جُدداً يستفيدون من هذه القرارات، وكلّ ذلك حسب مخلوف.
أكثر شركات مخلوف المتضرّرة من قرارات وزارة المال ووزارة الاتصالات كانت شركة سيرياتل للاتصالات، إلّا أنّها لم تكن الشركة الوحيدة، فشركة الاتصالات الأخرى والمشغّل الثاني للخليوي في سوريا، شركة MTN العالميّة أعلنت في مرات عديدة اعتراضها على قرارات الحكومة، حتى انتهى الأمر بانسحابها نهائياً من السوق السوريّة.
تبريرات حكوميّة
في كثير من الحالات لا تصدر الحكومة السوريّة أو مسؤولوها بيانات وتصريحات تبرر أسباب هذه القرارات، مثلما حدث حين صدر قرار من وزارة المال بالحجز على احتياطي أموال محافظ ريف دمشق السابق، علاء إبراهيم.
في مرات أخرى يقول مسؤولو الحكومة إن الحجز على أموال رجال أعمال يأتي بحجة التهرّب الضريبي أو إدخال بضائع مهرّبة، كما حدث مؤخراً مع قرار الحجز الاحتياطي على شركة "اسمنت البادية" التي تعود ملكيتها إلى شراكات تجمع سوريين وشركات سعوديّة، كما صدر قرار بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة والثابتة لأكثر من 650 من مستثمري محطات الوقود، ومالكي شركات البولمان في محافظة حلب، حسب تقارير صحافيّة.
عادة، لا تصدر الحكومة السوريّة أو مسؤولوها بيانات وتصريحات تبرر أسباب قرارات المصادرة، ولكن في مرات قليلة، خرج مسؤولو الحكومة بتصريحات للتبرير إما بحجة التهرّب الضريبي أو إدخال بضائع مهرّبة
وقال وزير المال، كنان ياغي، في مطلع تموز/ يوليو الماضي، إنّهم - أعضاء حكومة الأسد- "متمسكون بتحصيل كلّ ليرة من حق الخزينة". مضيفاً أنّ هذه القرارات تأتي في إطار "الإصلاح الضريبي". كما صرّح ياغي تلفزيونياً فيما يخص قضيّة رجل الأعمال هشام دهمان، مالك "شركة دهمان للمنتجات البلاستيكيّة"، قائلا إنّ الوزارة كشفت عن مخالفات واسعة في معامل دهمان، وعن "عدم التوافق بين الأوراق والواقع"، وذلك بعد إغلاق معمله ومطالبته بدفع مبالغ ماليّة كبيرة كضرائب مستحقة. الجدير بالذكر أنّ دهمان توفي بعد هذا القرار بحوالي شهرين بأزمة قلبيّة.
في وقت سابق صدر قرار بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة والثابتة لرجال أعمال سوريين وزوجاتهم وأبنائهم، قال عنها رئيس الوزراء السابق، عماد خميس، إنّها حملة لمكافحة الفساد. لكنّ مراقبين وخبراء اقتصاديين قالوا إنّ النظام يحاول تمويل خزينته الفارغة، ويحاول الحفاظ على اقتصاده من الانهيار بعد سنوات الحرب الطويلة عن طريق مصادرة أموال مقرّبين منه لم تشملهم العقوبات الأوروبيّة والأمريكيّة، وبعد أن صادر أموال المعارضين.
كذلك وصف الاقتصادي السوري البارز عارف دليلة، في نهاية العام 2019 هذه القرارات بـ"التمثيليّة"، قائلاً: "حتى عندما يجبرون أحداً على الدفع أو يصدرون قوانين جبائيّة يشفطون فيها المليارات من جيوب الناس المفرغة، فإنّ الميزانيّة أو المداخيل الفرديّة أو الخدمات من ماء وكهرباء وبنزين وخبز وصحة... الخ أو الأوضاع المعيشيّة أو الظروف العامة كلّها التي تمسّ حياة المواطن، لن تتأثر إيجابياً إطلاقًآ، بل دائماً تتدهور أكثر وأكثر".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...