استضاف العراق اليوم، 28 آب/أغسطس، قمة إقليمية شاركت في تنظيمها فرنسا، ضمن مساع دولية لتخفيف التوترات في الشرق الأوسط، وإعادة تفعيل دور بغداد في حل الخلافات بين جيرانها.
وقال الرئيس العراقي برهم صالح في كلمة حول القمة إن العراق، الذي ظل لسنوات عنواناً للحرب والصراعات، يستضيف قادة المنطقة وممثليها لتأكيد دعمهم لسيادة بغداد وازدهارها.
شاركت في المؤتمر تسع دول، فضلاً عن منظمات دولية. وكان من الحاضرين عدد من الخصوم الإقليميين، مثل إيران والسعودية ومصر وتركيا والإمارات وقطر، إلى جانب الأردن والكويت وفرنسا، فيما غابت سوريا الجارة الشرقية للعراق.
الحاضرون وأجندة القمة
حضر من الزعماء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد اللذان عقدا لقاءً على هامش القمة بعد سنوات من المقاطعة المصرية لقطر، كما حضر ملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وشاركت الكويت على مستوى رئيس الوزارء، فيما أوفدت إيران والسعودية وتركيا وزراء خارجيتها لتمثيلها بالمؤتمر.
وكان القادة العرب يخشون زيارة بغداد إلى حد كبير طوال العقدين الماضيين، بسبب مخاوف أمنية، ناجمة عما شهدته بغداد من فوضى واضطرابات داخلية، وكثيرا ما تعرضت مطاراتها الرئيسية لهجمات الصواريخ.
زيارة القادة العرب ستكون دفعة كبيرة للعراق وقيادته الحالية، إذ تبعث برسالة تضامن عربي قوي مع بغداد، التي ظلت تدور في فلك الصراع بين إيران والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة
ولكن من المحتمل أن زيارة القادة العرب هذه المرة ستكون دفعة عربية كبيرة للعراق وقيادته، إذ تبعث القمة برسالة تضامن عربي قوي مع بغداد، التي ظلت تدور في فلك الصراع بين إيران والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
ملفات مزمنة
ناقشت القمة أزمة المياه التي يعانيها العراق وسوريا جراء السدود التركية والإيرانية على الأنهار، والحرب في اليمن، والوضع الاقتصادي والسياسي الخطير في لبنان الذي أوصل البلاد إلى نقطة الانهيار.
في هذا السياق قال الكاتب السياسي العراقي واثق الجابري لرصيف22 إن القمة مهمة للغاية للعراق، إذ استطاع جمع الدول الإقليمية المختلفة، وهذا ما يعد نجاحاً للدبلوماسية العراقية. مشيراً إلى أن قدرة القمة على توظيف الحوار في البحث عن حلول لقضايا المنطقة من شأنه أن ينعكس ايجابياً على العراق، وعلى المنطقة أمنياً واقتصادياً وسياسياً.
واعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن القمة فرصة للقادة العراقيين لتتويج جهودهم في تصوير العراق كوسيط محايد في أزمات المنطقة، وإعادة التعامل مع العالم بعد عقود من الصراع الأهلي.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصادر مقربة من الكاظمي أن العراق يسعى للعب "دور الموحِّد" في مواجهة الأزمات التي تهز المنطقة.
رسائل متعددة الأطراف
وألقى رئيس الوزراء العراقي كلمة حملت كثيراً من الرسائل للداخل والخارج، يأتي في مقدمتها تأكيده على رفض استخدام العراق ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، قائلاً: "نرفض أن يكون العراق منطلقاً للاعتداء على جيرانه ولتصفية الصراعات الإقليمية والدولية".
ووجه الكاظمي الشكر للدول الإقليمية والقوى الدولية على مساعدة بغداد في الانتصار على تنظيم داعش، كما أعلن أن بلاده ستجري الانتخابات المقبلة طالباً دعم المجتمع الدولي لنجاحها، قائلاً: "شعب العراق يحتكم للمسار الديمقراطي لتحديد خياراته… وهذا المسار يتطور عبر التجارب، فلا عودة إلى الماضي ولا عودة إلى المسارات غير الديمقراطية"، وطمأن الدول المجاورة التي خاضت مع العراق حروباً في السابق بالقول: "لا عودة للعلاقات المتوترة والحروب العبثية مع الجيران والأصدقاء".
وأكد في نهاية كلمته أن بلاده تتطلع الى دعم كل الأطراف والجيران في ملف إعادة إعمار العراق، مضيفاً أنه تم قطع شوط كبير في هذا المجال، خصوصاً البنية التحتية التي تعرضت لأضرار كبيرة منذ عقود بسبب الحروب والسلاح والإرهاب.
وقال وزير الخارجية الإيراني الجديد حسين أمير عبداللهيان إن إيران تنتهج سياسة متوازنة، وتحرص على التعاون مع جيرانها وتحقيق الاستقرار المستدام، مضيفاً أن التدخل الأجنبي هو سبب عدم الاستقرار في المنطقة، واعتبر أن الأمريكيين لن يجلبوا الأمن والسلام لشعوب المنطقة. وهو ما يحمل إشارة إلى استمرار منهج الخارجية الإيرانية وخطابها السابق على مرحلة "الاتفاق النووي" الذي جرت محاولات لإعادة إحيائه خلال الأشهر الماضية.
عقد قمة شرق أوسطية الآن في بغداد، من شأنه دعم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مواجهة مقتدى الصدر، الذي تراجع مجدداً عن انسحابه من الانتخابات المرتقبة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل
وأكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن دبلوماسية السعودية تقوم على دعم السلم، والحد من النزاعات، والحوار, مؤكداً على دعم استقرار العراق. وركز وزير الخارجية التركي على أن العراق يجب أن لا يكون ساحة للتنافس بل للتعاون والشراكة، ودعا إلى طرد مسلحي حزب العمال الكردستان من العراق.
الكاظمي الرابح الأكبر
اعتبر الكاتب العراقي واثق الجابري أن القمة تمثل دفعة كبيرة للكاظمي الذي يواجه معركة سياسية داخلية صعبة، بعد إعلان الحملة الانتخابية للزعيم الشيعي الشعبوي مقتدى الصدر عن تراجعه عن قرار مقاطعة الانتخابات التي ستجري في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وقال الجابري لرصيف22 إن القمة ستعزز مستقبل الكاظمي السياسي، لأنه نجح باحتواء المحاور الإقليمية والدولية ومن المؤكد أن هذا النجاح سيتيح له قبولاً محلياً ودولياً.
مفاوضات إيرانية سعودية
تُعقد القمة بعد أسابيع من كشف تقارير صحافية أن العراق يستضيف محادثات مباشرة بين السعودية وإيران لمناقشة الخلافات بين الدولتين بدءاً من اليمن حتى لبنان.
ولم يعلن الجانبان عن تحقيق انفراجة في العلاقات في ظل استمرار الهجمات على السعودية من قبل المتمردين الحوثيين اليمنيين عبر طائرات مسيرة يُعتقد أنهم حصلوا عليها من إيران.
وقال مسؤول حكومي عراقي لوكالة أسوشيتيد برس إنه يتوقع أن يجري مسؤولون سعوديون وإيرانيون محادثات على هامش القمة، مضيفاً أن الهدف هو جلب الخصوم إلى طاولة واحدة وخلق مناخ سياسي لحل المشاكل العالقة.
ومع ذلك، ذكر مسؤولون إيرانيون أنهم يركزون على نتيجة المحادثات في فيينا مع القوى الغربية بشأن برنامج إيران النووي والعقوبات الدولية.
وأضاف مسؤول إيراني لوكالة رويترز للأنباء قبيل عقد قمة بغداد: "الاجتماع في العراق يركز فقط على العراق وكيف يمكن لدول المنطقة التعاون لمساعدة العراق".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...