علم رصيف 22 من مصدر مطلع على صلة بتراخيص القنوات الأجنبية، أن قناة الجزيرة القطرية عادت للبث الحي من القاهرة بعد حصولها على ترخيص من السلطات المصرية. إذ ظهرت مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة أمس السبت 31 يوليو/ تموز في بث مباشر من داخل العاصمة المصرية، لأول مرة بعد سنوات من إنهاء عمل القناة رسمياً في مصر في أعقاب بيان الرئيس عبد الفتاح السيسي والقوى الوطنية في 3 يوليو/ تموز 2013 وما استتبعه من أحداث.
وكان إيقاف عمل القناة في مصر وملاحقة مراسليها والعاملين فيها، أحد الآثار المباشرة للقطيعة بين مصر وقطر، التي سبقت المقاطعة العربية الرسمية في 2016، على خلفية الدعم القطري لجماعة الأخوان المسلمين، المصنفة إرهابية بقرار من القضاء المصري.
ولم يفصح المصدر عن المزيد من الملعومات بشأن نوع الترخيص الصادر لصالح القناة، لكنه أكد أن القناة حصلت على تصريح مماثل لما تحصل عليه أية وكالة أو شبكة أجنبية لها مكتب في مصر، "أو أي مراسل أجنبي زائر لمصر في فترة مؤقتة".
وأنهت ثلاث دول من الرباعي العربي المقاطع لقطر مقاطعتهم، بعد قمة دول مجلس التعاون الخليجي "قمة العلا" التي استضافتها المملكة العربية السعودية في غياب مصري، في يناير/ كانون ثان الماضي، وتقرر فيها إنهاء المقاطعة العربية التي كانت قد اتفقت عليها مصر مع السعودية والبحرين والإمارات.
وعن التصريح للجزيرة بالعمل الميداني في ظل التضييقات الأمنية على التصوير والحركة في الشارع للصحافيين، قال المصدر إن القناة "ستُعامل مثل الوكالات الأخرى والقنوات الأجنبية بشأن الحقوق والواجبات التي يجب عليها الالتزام بها"
تبع القمة تطور ملحوظ في العلاقات بين الدوحة والقاهرة، حيث اتفق الطرفان على تسوية جميع القضايا العالقة بين البلدين، وفقاً لما جاء في اتفاق بالرياض يناير الماضي.
وتطورت العلاقات لتشمل تبادل وزراء خارجية البلدين الزيارات الدبلوماسية، وظهور إعلامي بارز لوزير الخارجية المصري سامح شكري، والذي تحدث إلى الجزيرة في 14 حزيران/ يونيو الماضي، خلال زيارته الأولى إلى العاصمة القطرية الدوحة. كما تبادل زعماء الدولتين برقيات التهنئة بالأعياد. وتكللت تلك الخطوات في نهاية المطاف إلى إعلان الدوحة تعيين سفير لها بالقاهرة بنهاية يوليو/ تموز المنقضي، وسبقها قرار الرئيس المصري تعيين سفير مصري فوق العادة لدى قطر في يونيو/ حزيران الماضي.
وقال المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، لرصيف 22؛ إن الجزيرة عادت للبث من داخل مكتب وكالة الأخبار العربية (ANA) بالقاهرة، المملوكة لشركة المتحدة للخدمات الإعلامية. وهي الشركة التابعة لصندوق سيادي يملكه جهاز المخابرات العامة المصرية، الذي يحظى باحترام واسع في الشارع المصري، وتستحوذ الشركة على معظم الصحف والمواقع والشركات الإعلامية وكذلك معظم الفضائيات العاملة داخل مصر. بعدما اشترت منافذ إخبارية وشركات للإنتاج التلفزيوني وقنوات تلفزيونية، لا يقل عددها حتى الآن عن 14 مؤسسة.
خطوة تمهيدية
وفيما يبدو خطوة تمهيدية لإزالة الحواجز القديمة بين القاهرة والدوحة، أذاعت الجزيرة أمس السبت، مداخلة لمراسلتها من القاهرة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، تحدثت خلالها عن تفاصيل زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى مصر لتقريب وجهات النظر بين أطراف أزمة سد النهضة.
واحتفى مذيعون بالقناة عبر حساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، بعودة الجزيرة للبث الحي من القاهرة، وكتب المذيع البارز بالقناة محمد كريشان عبر تويتر "ها هي الجزيرة تعود إلى مصر مع إطلالة شيرين أبو عاقلة من القاهرة"، وأعرب مذيع الجزيرة أيمن عزام عبر فيسبوك سعادته لعودة البث الحي القناة، متمنياً عودته للعمل بالقاهرة بقوله " أنا عاوز أروح".
كان إيقاف عمل القناة في مصر وملاحقة مراسليها والعاملين فيها، أحد الآثار المباشرة للقطيعة بين مصر وقطر، على خلفية الدعم القطري لجماعة الأخوان المسلمين
ويتوقع المصدر المطلع في تصريحاته لرصيف22، أن تبث الجزيرة قريباً من مكتبها الخاص في القاهرة، لكنه لم يحدد آلية ولا موعداً لذلك، مكتفياً بالقول "كل شيء وارد الحدوث. قبل 3 شهور لم يكن يتوقع أحد أن تعود الجزيرة من الأساس إلى مصر". وعن حضور القناة للفعاليات والأحداث والتصريح لها بالبث من الشارع المصري في ظل التضييقات الأمنية على التصوير والحركة في الشارع للصحفيين المحليين والأجانب، قال المصدر إن القناة "ستُعامل مثل الوكالات الأخرى والقنوات الأجنبية بشأن الحقوق والواجبات التي يجب عليها الالتزام بها".
وبشأن السماح بظهور مراسلين مصريين على شاشة القناة وتعاونهم معها، في ظل تكرار اتهام صحافيين مصريين في قضايا جنائية بسبب تعاونهم مع قناة الجزيرة في السابق، قال المصدر إن 80% من المراسلين المعتمدين لدى الجهات المصرية هم مصريين في الأساس، لكنهم يتبعون وسائل إعلام أجنبية. مضيفاً أن قاعدة الاعتماد ليست على أساس الجنسية وإنما على تبعية الصحفي لوسيلة الإعلام، ضارباً المثل بهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي والتي يرأس مكتبها ويعمل ضمن طاقمها صحافيون مصريون. ورفض المصدر التعليق على الوضع الأمني للصحافيين المتعاونين مع القناة.
ارتباك قانوني
بدأت السلطات المصرية ملاحقة قناة الجزيرة وطاقمها الصحفي في أعقاب منعطف يونيو/ حزيران 2013، وداهمت السلطات في 30 آب/ أغسطس 2013، مكتب الجزيرة "مباشر مصر" في القاهرة، وصادرت معدات الإنتاج والبث بدعوى "عدم الحصول على تراخيص بالعمل"، ثم حظرت السلطات قناة الجزيرة نفسها واتهمتها بـ"التحريض على الكراهية وتشكيل خطر على الأمن القومي المصري".
ثم أصدرت محكمة القضاء الإداري في سبتمبر/ أيلول 2013، حكماً بتأييد قرار سحب تراخيص قناة "الجزيرة مباشر مصر" التابعة لشبكة الجزيرة، وذلك بدعوى ارتكابها مخالفات تتعلق بالعمل خارج المنطقة الإعلامية الحرة بمدينة الإنتاج الإعلامي (جنوب غربي القاهرة).
وفي مايو/أيار2017 أيدت محكمة القضاء الإداري المصرية قرار المنطقة الإعلامية الحرة التابعة للهيئة العامة للاستثمار، بسحب ترخيص مزاولة أنشطة إعداد مواد إعلامية وتلفزيونية الممنوح لشبكة الجزيرة القطرية.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها آنذاك إن قنوات الجزيرة خالفت قواعد ممارسة النشاط الإعلامي، ولم تمتثل لخطاب المنطقة الإعلامية الحرة بمزاولة نشاطها داخل المنطقة الإعلامية، وأن "الجزيرة" لم تتلافى المخالفات، ولم توفق أوضاعها، لذا أصدرت المنطقة قرارا بإلغاء الترخيص، ومن ثم يكون قرارها قائم على السبب المبرر له قانوناً.
رفض القضاء الإداري في مصر في 2017 طلباً لاعتبار الجزيرة قناة "داعمة للإرهاب"، إلا أن صحافيين مصريين لا يزالون قيد الاحتجاز في قضايا إرهاب، بتهمة العمل لصالح الجزيرة
إلا أن محكمة القضاء الإداري نفسها رفضت في 2017 دعوى قضائية تقدم بها المحامي سمير صبري، المعروف بمحاولات التقرب من الأجهزة الأمنية، والتي طالب فيها بإلزام رئيس الوزراء باعتبار الجزيرة قناة داعمة للإرهاب. وعلى الرغم من ذلك؛ تكرر في مصر احتجاز صحافيين مصريين في قضايا إرهاب، على خلفية اتهامهم بالتعاون مع الجزيرة.
صحافيون داخل السجون
مع ذلك، لا يزال يقبع في السجون المصرية صحافيون على خلفية عملهم بقناة الجزيرة، منهم هشام عبد العزيز الصحفي في قناة الجزيرة مباشر، والذي تواصل السلطات المصرية حبسه على ذمة التحقيقات بعد ضمه لقضية جديدة بعد أن تجاوز فترة عامين من الحبس الاحتياطي فيما بات يعرف بـ"التدوير"، كما لا تزال السلطات في مصر تعتقل الصحفي بهاء الدين إبراهيم على خلفية عمله بقناة الجزيرة مباشر منذ فبراير/شباط من العام الماضي.
وينضم إليهم المنتج السينمائي المعتز بالله عبد الوهاب الذي وجهت إليه النيابة العامة في مصر اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية علي العلم بغرضها وإذاعة أخبار كاذبة، وذلك على خلفية اتهامه بالعمل مع قناة الجزيرة الوثائقية.
وتعمد السلطات المصرية إلى ما يعرف إعلاميًا بـ "إعادة التدوير" في قضايا جديدة للصحافيين وسياسيين الذين انتهت مدة حبسهم الاحتياطية والتي مددها الرئيس السابق عدلي منصور من ستة اشهر في حدها الأقصى، لتصل إلى عامين. كما يعاد تدوير المعروفين باتجاهاتهم المعارضة في حال أصدر القضاء قراراً بالإفراج عنهم.
وقد أدانت منظمات وجهات حقوقية مصرية ودولية مسلك السلطات المصرية في هذا الشأن، وكان اشهر خطابات الإهانة هو المذكرة التي وقعتها 13 دولة في مارس/ أذار الماضي، وذكر فيها مصطلح "إعادة التدوير" للمرة الأولى في مذكرة دولية بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر. ولم يعلن حتى الآن مصير هؤلاء الصحافيين المحتجزين على ذمة قضايا متعلقة بقناة الجزيرة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...