في حين أن التأهل إلى منافسات دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، كل أربع سنوات، إنجاز يتطلب الكثير من الجهد والإعداد والإنفاق أيضاً، فإن زيادة التحديات تجعل وصول "اللاجئين" إلى هذه البطولة إنجازاً أكبر وأكثر مشقة.
وللمرة الثانية على التوالي، يشارك "منتخب اللاجئين" في منافسات دورة طوكيو 2020، ممثلاً لـ80 مليون لاجئ حول العالم، بعدما تأسس قبل أربع سنوات وشارك للمرة الأولى في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016 بـ10 لاعبين.
هذه المرة يتجسد الفريق في 29 لاعباً ولاعبة، النسبة الغالبة منهم للمواطنين العرب: 11 لاعباً ولاعبة من ثلاث دول عربية هي سوريا (9) والعراق (1) والسودان (1).
وخلف كل لاعب لاجئ ولاعبة لاجئة قصة ملهمة من الكفاح والتحدي لبلوغ هذا الإنجاز.
السورية منى دهوك
تمارس السورية منى دهوك (25 عاماً) رياضة الجودو، وقد نافست في هذه الدورة ضمن مسابقات الفرق المختلطة للسيدات. وكانت الشابة السورية قد بدأت ممارسة الجودو مبكراً جداً، وهي في سن السادسة، في دمشق، مع شقيقتها على يد والدهما الذي عمل مدرباً للجودو.
عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، فقدت دهوك والدها. وفرت عام 2018 من سوريا لتلحق بوالدتها وشقيقها الأكبر في هولندا. انضمت دهوك التي درست التربية البدنية إلى فريق اللاجئين عام 2019 وشاركت تحت مظلته في بطولة الجائزة الكبرى في بودابست نفس العام، وفي عام 2020 اشتركت في بطولتي الغراند سلام في باريس ودوسلدورف.
رغم الحرب، ومشقة رحلة اللجوء إلى أوروبا، لم تتوقف دهوك يوماً عن التدريب. قالت في مقابلة ذات مرة: "بعد وفاة والدنا قررنا المغادرة. لم نتمكن من العيش في سوريا. كان الأمر خطيراً للغاية"، مضيفةً "رياضة الجودو هي كل شيء بالنسبة لي، أنا أعيش وفقاً لقيمه. إنها قيم الحياة، لا أكثر ولا أقل".
على الرغم من خروجها من المنافسة سريعاً في طوكيو 2020 بقيت دهوك عازمة على الاستعداد جيداً لتحقيق إنجاز أكبر من مجرد المشاركة في دورة باريس 2024.
السورية يسرى مارديني
نافست السباحة السورية يسرى مارديني (23 عاماً) هذه الدورة ضمن السباحة لـ100 م فراشة للسيدات، وقد كانت أول عضوة رسمياً في فريق اللاجئين فور تشكّله، ولم تكن قد أكملت عامها الـ18 آنذاك.
عام 2015، هربت يسرى وشقيقتها سارة، وهي أيضاً سباحة، من نيران الحرب في سوريا إلى تركيا ثم إلى اليونان عبر بحر إيجه على متن قارب مطاطي مكتظ باللاجئين.
خلال الرحلة إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، تعطل القارب فجأة لتقفز الشقيقتان في المياه وتقوما بجر القارب بواسطة حبل لساعات حتى تمكنتا من إنقاذ القارب والمهاجرين على متنه من الغرق.
وتنقلت الشقيقتان بين ثمانية بلدان أوروبية قبل أن يستقر بهما المطاف في ألمانيا منذ عام 2019. وقد عُينت يسرى بعد مشاركتها في أولمبياد ريو سفيرةً للأمم المتحدة للنوايا الحسنة للاجئين.
سوداني وعراقي وتسعة سوريين ضمن منتخب اللاجئين المشارك في طوكيو 2020… العديد من القصص الملهمة وراء تمثيلهم لـ80 مليون لاجئ حول العالم. تعرفوا عليها
السوري أحمد بدر الدين وايس
يمثل السوري أحمد بدر الدين وايس (31 عاماً) منتخب اللاجئين في رياضة ركوب الدراجات وتحديداً منافسات على الطريق للرجال بعدما شارك في بطولة العالم أربع مرات. وكان وايس قد غادر وطنه سوريا مع تأزم الأوضاع عام 2014 واستقر به الحال في سويسرا.
تجدر الإشارة إلى أن وايس كان أول دراج سوري يشارك في بطولة العالم في فئة الناشئين بموسكو عام 2009 إذ شارك في سباق ضد الساعة واحتل المركز الـ61. لكنه استمر في تطوير مهاراته ليحتل المركز الـ32 في بطولة آسيا عام 2014.
مع انتقاله إلى سويسرا، حُرم الدراج السوري من المشاركة في المنافسات الدولية ثلاث سنوات، وفق قوانين اللعبة بسبب مشاركاته السابقة باسم بلده. وتمكن عام 2017 من مواصلة مسيرته الرياضية وصولاً إلى تحقيق حلمه بالمشاركة الأولمبية ضمن منتخب اللاجئين.
السوري أحمد عليكاج
أحمد عليكاج (29 عاماً) من الضحايا التي شردتها الحرب في سوريا أيضاً ليستقر في ألمانيا. شارك عليكاج في منافسات الجودو للفرق المختلطة للرجال في طوكيو 2020.
ويتدرب اللاعب السوري ضمن وزن 73 كلغ. وكان قد انضم إلى منتخب الجودو للاجئين (IJF) في بطولة الجائزة الكبرى في بودابست، كما شارك في بطولة العالم في طوكيو 2019، وبطولتي الغراند سلام في باريس ودوسلدورف عام 2020.
لم تكن مهمة العبيدي سهلة في الاعتناء بنفسه في بلد اللجوء إذ لم يكن قد بلغ الـ18 بعد. لم يحظ برعاية أسرية واضطر إلى العمل في طلاء المنازل جنباً إلى جنب مع التدريب على المصارعة قبل أن يحصل على فرصة لاحتراف المصارعة.
العراقي عكر العبيدي
عكر العبيدي (21 عاماً) هو لاجئ عراقي ولد في الموصل، وبدأ حياته الرياضية في سن السادسة إذ تولى والده تدريبه بينما كان يدير ناديه الخاص للمصارعة. فر العبيدي من الموصل بعدما فرض تنظيم داعش التجنيد الإجباري على شباب المدينة عقب استيلائه عليها عام 2014. سافر إلى كردستان العراق حيث ترك أسرته خلفه متجهاً إلى النمسا آملاً في تحقيق إنجاز رياضي.
في البداية، لم تكن مهمة العبيدي سهلة في الاعتناء بنفسه إذ لم يكن قد بلغ الـ18 بعد. لم يحظ برعاية أسرية واضطر إلى العمل في طلاء المنازل جنباً إلى جنب مع التدريب على المصارعة قبل أن يحصل على فرصة لاحتراف المصارعة التي يقول إنها ساعدته كثيراً على التأقلم في "وطنه الجديد" بدون أسرة.
بعد سنوات من العمل الشاق والتدريب سبع مرات أسبوعياً، تمكن المصارع العراقي من قنص الميدالية البرونزية في بطولة أوروبا لما دون الـ20 سنة في إسبانيا 2019. وهو يشارك ضمن منافسات المصارعة اليونانية الرومانية رجال ما دون 67 كلغ في طوكيو 2020.
السوري علاء ماسو
يعيش علاء ماسو (21 عاماً) في ألمانيا بعدما فر وشقيقه الأكبر محمد من نيران الحرب في سوريا. وهو ينافس ضمن سباق 50 م سباحة حرة رجال في هذه الدورة الأولمبية.
يدين ماسو بالفضل لوالده في تدريبه جيداً وقبل أن يبلغ الرابعة من العمر على رياضتي السباحة والترياثلون. وكان الأب قد عمل مدرباً للسباحة عقب تقاعده من الخدمة العسكرية.
أُرغم علاء على مغادرة سوريا عام 2015 عقب تضرر منشآته التدريبية من القصف المستمر هناك، وشعوره بضعف فرصه في التطور رياضياً. وأيضاً، لتخوف الأسرة من التحاق الشابين بالخدمة العسكرية الإجبارية. لكن رحلة لجوئه كانت طويلة وشاقة، تنقل خلالها بين تركيا واليونان وصربيا والنمسا وهولندا، حتى استقر في ألمانيا واستكمل تدريباته.
برغم سعادته لمواصلة مشواره الرياضي والمشاركة الأولمبية الأولى، لا يزال ماسو وشقيقه محرومين منذ ست سنوات من رؤية والدهما الموجود في سوريا.
السوري وائل شعيب
انضم السوري وائل شعيب (33 عاماً) إلى منافسات الكاتا للرجال في الكاراتيه ضمن أولمبياد طوكيو ممثلاً فريق اللاجئين بعد رحلة مثابرة طويلة.
كان شعيب يعمل في مصنع نسيج إلى جانب تدريبه على الكاراتيه خلال وجوده في دمشق. لكنه قرر مغادرة البلاد عام 2015، بسبب النزاعات الدينية وإجباره على الخدمة العسكرية ضمن الجيش النظامي.
بعضهم مشى أميالاً في الصحاري، وآخرون تعرضوا لخطر الموت غرقاً حتى استقر بهم الحال في بلدان اللجوء لتنتعش آمالهم في تحقيق إنجازات رياضية… قصص مشاركة 11 رياضياً (ورياضية) عربياً لاجئاً في أولمبياد طوكيو 2020
على متن زورق مطاطي، وصل شعيب إلى تركيا ومنها اتجه إلى اليونان عبر طريق البلقان، حيث ركب دراجة إلى الحدود الصربية عبر مقدونيا. وقد انتهى به المطاف في ألمانيا حيث يعيش ويتدرب ويعمل في تدريب الأطفال حالياً. انتعشت طموحات اللاعب السوري في تحقيق إنجاز رياضي عقب الإعلان عن ضم رياضة الكاراتيه إلى الرياضات الأولمبية للمرة الأولى في طوكيو، وقد حالفه الحظ بالحصول على منحة تمثل اللاجئين خلال الدورة.
ويعد شعيب أحد أفضل عشرة لاعبين في تخصصه في ألمانيا.
السوري وسام سلامانا
على الرغم من تمثيله بلده سوريا ضمن منافسات أولمبياد لندن عام 2012، أعرب الملاكم السوري وسام سلامانا (35 عاماً) عن سعادته البالغة لتمثيل منتخب اللاجئين في طوكيو 2020 ضمن منافسات ملاكمة وزن 57 كلغ رجال.
وكان سلامانا قد فر من سوريا عام 2015 خشيةً على سلامة زوجته وطفليه، واستقر في ألمانيا حيث يعيش مع أسرته الآن. ولم يستطع الانضمام إلى أولمبياد ريو 2016 بسبب الاضطرابات التي رافقت انتقاله وأسرته إلى أوروبا.
السوري آرام محمود
انضم السوري آرام محمود (23 عاماً) إلى منافسات فردي الرجال في لعبة الريشة الطائرة في طوكيو 2020، وقد كان نجماً واعداً في اللعبة في سوريا بل شارك مع منتخب بلاده قبل أن يضطر إلى المغادرة إلى هولندا عام 2015 هرباً من الحرب المستمرة لاستكمال تعليمه وتدريبه في مكان آمن.
على متن زورق مطاطي، وصل شعيب إلى تركيا ومنها اتجه إلى اليونان عبر طريق البلقان، حيث ركب دراجة إلى الحدود الصربية عبر مقدونيا. وقد انتهى به المطاف في ألمانيا.
التحق محمود بنادٍ محلي للريشة الطائرة في مدينة ألميرا، وهذا ما أحيا طموحاته الرياضية. وقد فاز ببطولة ريغا لعام 2019 ضمن بطولة اتحاد الريشة العالمي، وتمكن من بلوغ ربع نهائي بطولة النمسا المفتوحة عام 2021.
السوداني جمال عبد المجي عيسى محمد
جمال عبد المجي عيسى محمد (27 عاماً) هو اللاجئ السوداني الوحيد ضمن فريق اللاجئين، وهو ينافس ضمن ألعاب القوى وتحديداً سباق 5000 م رجال.
في سن المراهقة، اضطر محمد للفرار من العنف في إقليم دارفور في السودان، والذي تسبب في مقتل والده. عبر آنذاك الأراضي المصرية بمفرده سيراً ليصل إلى إسرائيل حيث حصل على الحماية بصفته لاجئاً.
كان محمد يمارس رياضة كرة القدم قبل أن ينصحه صديق برياضة العدو ليجد فيها ذاته. وحالياً مثله الأعلى هو زميله في فريق اللاجئين العداء لوبيز لومونغ.
يحمل محمد آمالاً كبيرة بينما يشارك أولمببياً للمرة الأولى في طوكيو 2020. قال: "لست ذاهباً لمجرد الحضور فقط، بل سأُقدّمُ أداءً مشرفاً"، معرباً عن أمله في أن يكون مصدر إلهام لآخرين من ضحايا الهجرة القسرية حول العالم.
السورية ساندا الداس
اجتازت السورية ساندا الداس (31 عاماً) العديد من الصعاب حتى تصل إلى المنافسة ضمن مسابقة الجودو للفرق المختلطة للسيدات في طوكيو.
هربت الداس، وهي أم لثلاثة أطفال، بأعجوبة من الصراع في سوريا بمفردها بعد انهيار منزلها قبل ست سنوات، لتستقر في هولندا ويلحق بها زوجها وابنها. ولد طفلا الداس الآخران في هولندا وقد ساعدتها الرياضة على سرعة التكيف في البلد الأوروبي لا سيّما مع تركيزها على تحقيق حلمها بالمشاركة الأولمبية.
ولم يكن يسيراً على لاعبة الجودو تحقيق التوازن بين حلمها الرياضي ورعايتها لأسرتها خاصة مع محنة اللجوء إلا أنها بذلت أفضل ما في وسعها ونجحت في تحقيق حلمها وإن لم تتمكن من مواصلة المنافسات بعد اصطدامها ببطلة الجودو الصربية ماريكا بيريسيتش التي تصغرها بـ10 أعوام.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع