يخشى المسؤولون عن الصحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يفلت زمام الأمور من أيديهم فتحدث زيادة هائلة في الإصابات بفيروس كوفيد-19 خلال الأيام المقبلة التي تشهد تجمعات دينية واجتماعية كبيرة لمناسبة عيد الأضحى.
لعل هذا ما دفع عدة دول عربية إلى استباق الحدث بفرض إغلاقات جزئية أو تامة لمواجهة أي ازدحام أو تجمعات كبيرة خلال عطلة العيد التي تأتي متزامنةً مع "وضع حرج" لكورونا في المنطقة، حسب توصيف منظمة الصحة العالمية.
وفي 13 تموز/ يوليو، أشارت الصحة العالمية إلى تصاعد كبير لحالات كوفيد-19 في دول المنطقة لا سيّما تونس وليبيا والعراق والمغرب ولبنان، محذرة من "عواقب كارثية" للتجمُّعات الدينية والاجتماعية في عيد الأضحى خلال الأسبوع الذي يبدأ في 20 تموز/ يوليو الجاري.
وأعربت عن خشيتها "أن يستمر الارتفاع المفاجئ الحالي حتى يبلغ ذروته خلال الأسابيع المقبلة".
وقال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق المتوسط: "إننا بصدد الوصول إلى منعطف حرج في ما يتعلق بجائحة كوفيد-19 في إقليمنا. فبعد أسبوع واحد فقط من الوصول إلى المرحلة المؤلمة المتمثلة في بلوغ 11 مليون حالة إصابة، نشهد الآن تصاعداً حاداً في عدد من البلدان".
وحذر من أن هذا الوضع "يزداد تفاقماً بسبب التحوُّرات الجديدة الآخذة في الانتشار –وأكثرها إثارة للقلق هو تحوُّر دلتا– وانخفاض إتاحة اللقاحات ومعدل تلقيها، وغياب الالتزام بتدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية".
لا جدوى من التدابير الحكومية في ظل "تزايد التراخي من جانب المجتمعات"... منظمة الصحة العالمية تحذر من "عواقب كارثية" للتجمعات الدينية والاجتماعية خلال #عيد_الأضحى
الإمارات: بروتوكول للصلاة
وحددت الإمارات بروتوكولاً واشتراطات العيد التي تُطبق في كل مناطق البلاد. ومن بينها إقامة صلاة العيد في الجوامع والمصليات بشرط ألا تزيد مدة الخطبة على 15 دقيقة وأن تُفتح المساجد قبل الصلاة بـ15 دقيقة أيضاً.
ويشدد البروتوكول على الالتزام بجميع الإجراءات الاحترازية المعمول بها مسبقاً، بما في ذلك إحضار كل شخص سجادة صلاة خاصة، ووضع لواصق التباعد بين كل مصلٍ وآخر، وغلق المساجد مباشرةً فور انتهاء الصلاة.
وفيما أمرت السلطات المخالطين لأشخاص مصابين ويتلقون علاج كورونا من الحضور للصلاة، نصحت بعدم ذهاب كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة والأطفال دون 12 عاماً إلى صلاة العيد.
وفي 17 تموز/ يوليو، قالت شرطة أبوظبي إنها أعدت "خطة أمنية شاملة" لتوفير الأمن والسلامة للمواطنين والمقيمين والزوار خلال العيد، بما في ذلك تكثيف الدوريات الشرطية والأمنية حول مصليات العيد، والمراكز التجارية والأسواق والحدائق والمتنزهات العامة، و"مواصلة جهود نشر الوعي بين مختلف فئات المجتمع بأهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية من جائحة كوفيد-19، واتباع إرشادات الجهات الرسمية في الدولة، وأهمها لبس الكمامات والتباعد الجسدي والاجتماعي".
كما وضعت لجنة الطوارئ والأزمات والكوارث الناجمة عن جائحة كورونا في إمارة أبوظبي قائمة بالإجراءات الاحترازية الواجب مراعاتها خلال ذبح وتوزيع الأضاحي.
وبرغم حملة التطعيم الشامل التي تقوم بها، سجلت الإمارات أكثر من 658 ألف حالة إصابة بكورونا، ونحو 1800 وفاة.
المغرب: لا صلاة عيد
وقررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب، الخميس 15 تموز/ يوليو، عدم إقامة صلاة عيد الأضحى هذا العام وللعام الثاني على التوالي، تفادياً لانتشار فيروس كورونا.
ولفتت الوزارة إلى أن قرارها، الذي يشمل المساجد والساحات على السواء، نجم عن ظروف التدابير الاحترازية من عدوى الوباء و"نظراً إلى التوافد، الذي يتم عادة في هذه المناسبة، ونظراً الى صعوبة توفير شروط التباعد".
وشددت الوزارة على أن صلاة العيد "سنة يجوز القيام بها داخل المنازل"، في حين أن إلغاءها "يرجى منه ما هو مقدم شرعاً من حفظ صحة الأبدان".
وتخطت إصابات كورونا في المغرب 550 ألفاً، توفي أكثر من تسعة آلاف منها.
لا صلاة عيد في المغرب، ولا شيشة في مصر، ولا ترفيه للأطفال في الكويت… تعددت إجراءات الدول العربية لمواجهة "زحمة العيد" المرتقبة وتعويل على التزام المواطنين. أخبرنا عن إجراءات دولتك؟
الكويت: لا ترفيه للأطفال
وفيما أعلنت السلطات الكويتية إجازة العيد تسعة أيام كاملة، تعطل فيها الإدارات والمؤسسات الحكومية، قالت إنها ستغلق جميع الأنشطة الخاصة بالأطفال بما فيها النوادي الصيفية، طوال العطلة وحتى إشعار آخر.
وأعلنت وسائل إعلام محلية أن دور السينما ستستقبل المطعمين ضد فيروس كورونا بشكل كامل فقط خلال تلك الفترة.
وشهدت الكويت أكثر من 383 ألف حالة إصابة مؤكدة بكورونا، وتوفي أكثر من ألفي شخص.
سلطنة عمان: إغلاق تام
وفي سلطنة عمان، التي سجلت 289 ألف إصابة بكورونا توفي منها نحو 3500، أمرت اللجنة العليا المسؤولة عن إدارة ملف الجائحة بتمديد الإغلاق المفروض على المصالح التجارية ومنع حركة الأفراد والمركبات طوال اليوم خلال أيام عيد الأضحى.
وحثت السلطات على ضرورة الالتزام بجميع التدابير الاحترازية خلال فترة العيد وأثناء ذبح وتوزيع الأضاحي لعدم تعريض الأرواح للخطر.
تونس: تحركات جهوية
وعلى الرغم من الزيادة اليومية الحادة في الإصابات والوفيات التي تشهدها تونس منذ نحو أسبوعين، أوضحت رئاسة الحكومة في البلاد، السبت، أنها مستمرة في الإشراف على تنفيذ إجراءاتها الاحترازية التي أعلنتها اللجنة الوطنية لمجابهة انتشار كورونا في 8 تموز/ يوليو الجاري.
جاء توضيح الحكومة عقب أنباء حول دعوة اللجنة إلى تطبيق حظر شامل خلال أيام العيد الذي يتزامن مع انهيار المنظومة الصحية في البلاد. غير أن الحكومة قالت في توضيحها إن الإجراءات المعلنة سلفاً ستستمر حتى نهاية الشهر، حين تجتمع اللجنة لتحديد المضي فيها قدماً أو فرض تدابير أخرى.
إلى ذلك، بدأت ولايات تونسية تتحرك بشكل منفرد لتشديد الإجراءات الاحترازية. الجمعة، أعلنت ولاية صفاقس فرض الحجر الصحي الشامل في مناطق صفاقس الكبرى الست، اعتباراً من الأربعاء 21 تموز/ يوليو حتى الأحد 25 منه، مع منع التنقل وعدم مغادرة المواطنين للمنازل إلا للضرورة القصوى.
وبيّنت الولاية أن قرارها يشمل غلقاً تاماً لجميع الأماكن الترفيهية والمتنزهات وجميع المحال والفضاءات التجارية المفتوحة للعموم باستثناء متاجر بيع المواد الغذائية والأجهزة والمعدات الطبية.
وحتى الآن، أعلنت تونس عن 533 ألف إصابة مؤكدة بكورونا، توفي نحو 17 ألفاً منها.
الاستياء من التضييق على الناس في العيد ومنعهم من "إظهار الحد الأدنى من شعائرهم الدينية" vs أحكام الشريعة تؤثر مصلحة البلاد والعباد وحفظ الأرواح… دول عربية تتخذ إجراءات إضافية لوقف تفشي تحورات كورونا في العيد ومواطنون يتذمرون
مصر: لا تدابير إضافية
ولم تُعلن مصر، حتى نشر هذه السطور، عن أية تدابير إضافية لفترة العيد، لكن رئيس وزرائها مصطفى مدبولي شدد على أهمية الالتزام بمواعيد فتح المنشآت التجارية والترفيهية السارية حالياً وغلقها، مع استمرار حظر "الشيشة" في المقاهي والمطاعم.
وحددت وزارة الأوقاف ضوابط صلاة عيد الأضحى، معلنةً قصرها على المساجد الكبرى المسموح بإجراء صلاة الجمعة بها فقط ودون السماح لبقية المساجد أو الساحات باستقبال المصلين.
وأوضحت الوزارة أن المساجد المشار إليها ستفتح قبل الصلاة بـ10 دقائق فقط، وتغلق بعدها بنفس المدة، على ألا تتجاوز خطبة العيد 10 دقائق وتكبيرات الصلاة سبع دقائق.
وبينما حثت على اصطحاب سجادة صلاة شخصية وارتداء الكمامة، نهت عن اصطحاب الأطفال أو الأطعمة والمشروبات إلى المساجد.
ومن نحو 285 ألف إصابة بكورونا، شهدت مصر أكثر من 16 ألف وفاة مؤكدة بالفيروس.
استياء من "تعطيل الشعائر"
في الأثناء، عبّر مواطنون وشيوخ في أكثر من بلد عربي عن استيائهم مما وصفوه بـ"تعطيل شعائر الدين أو العيد". ودشن مواطنون عمانيون وسم #نطالب_بالغاء_حظر_العيد. وسأل بعضهم: "هل يتعطل كورونا بتعطيل شعائر الدين؟".
وانتقد الشيخ إبراهيم الصوافي "التضييق على الناس" في العيد إلى درجة تمنعهم من "إظهار الحد الأدنى من شعائرهم الدينية". ورد عليه الشيخ إسحاق بن سالم السيابي بأن أحكام الشريعة تؤثر "مصلحة البلاد والعباد" في مواجهة "طاعون خبيث متقلب الصور والأشكال".
وانتقد مصريون استمرار التجمعات في المؤتمرات الحكومية والحفلات الغنائية وغيرها من أشكال التجمع مقابل التضييق على صلاة العيد واللقاءات الأسرية خلاله.
في غضون ذلك، تجدر الإشارة إلى أن أحمد المنظري من الصحة العالمية كان قد ألمح إلى عدم جدوى إعادة القيود الاجتماعية في ظل "تزايد التراخي من جانب المجتمعات" في الفترة الحالية بما يدفع نحو "انتصار الفيروس في الإقليم".
وأضاف: "مع استمرار انتشار التحوُّرات، نحتاج إلى أن يتلقى الجميع اللقاحات فور توفرها، إلى جانب الاستمرار في ارتداء الكمامات، والالتزام بالتباعد البدني".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...