شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
طوابير وفوضى وسلاح... نيران العنف الكامنة تحت الأزمة الاقتصادية اللبنانية

طوابير وفوضى وسلاح... نيران العنف الكامنة تحت الأزمة الاقتصادية اللبنانية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 10 يوليو 202103:13 م

أُصيب رجلٌ بطلقات نارية ليل الأربعاء 7 يوليو/تمّوز في بلدة فنيدق في شمال لبنان ونُقل إلى مستشفى مجاور وهو في حالة حرجة. ولم تورد وسائل الإعلام اللبنانية معلومات كافية عن المصاب سوى أنه سوري الجنسية، ولم تكن له علاقة بالمشاجرة التي نشبت في إحدى محطات الوقود وتطورت إلى إطلاق النيران بين المشتبكين، ليسجل بإصابته حلقة جديدة في سلسلة من ضحايا العنف المتجدد على هامش الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تمر بها لبنان.

 منذ أشهر، بات مشهد إطلاق النيران في محطات البنزين اللبنانية متكرراً، مع تناقص الوقود، وتدخل السوق السوداء لإضافة المزيد من الضغوط والعنف.

منذ أشهر، بات مشهد إطلاق النيران في محطات البنزين اللبنانية متكرراً، مع تناقص الوقود، وتدخل السوق السوداء لإضافة المزيد من الضغوط والعنف، فقبل شهرين تقريبًا، قُتل شاب (23 سنة) في شمال لبنان أيضًا بعد أن رفض ملء صهريج عائد لشابّيْن يبيعان البنزين في السوق السوداء.

يعاني لبنان منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي أزمة شح في المحروقات، تفاقمت مع تراجع الوضع الاقتصادي في أبريل/ نيسان المنصرم. بدأت الأزمة في الجنوب اللبناني* ثم تمددت إلى باقي المدن، وألقت حكومة تصريف الأعمال على لسان الوزير ريمون غجر بالمسؤولية على المهربين الذين "يهربون البنزين إلى سوريا"، فيما يرى محللون اقتصاديون مختصون أن الأزمة ناجمة عن تأخر المصرف المركزي في فتح اعتمادات بالدولار لاستيراد البنزين من الخارج، وسط ما تعانيه الدولة من شح في الاحتياطي الرسمي من العملة الأجنبية، وفي ظلّ انهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدّولار بنسبة 90% تقريبًا في أقّل من سنتين.

 يعاني لبنان من فوضى في انتشار السلاح في أيدي الأفراد، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من السيطرة على تلك الفوضى أو الحد منها، وهذا ما يجعل من انفلات العنف الأهلي الناجم عن الأزمة الاقتصادية مشكلة تهدد السلم الاجتماعي.

ولجأت الحكومة في نهاية يونيو/ حزيران المنقضي إلى تخفيف الدعم على المحروقات للدفع في اتجاه ترشيد الاستهلاك، ومن ثم تخفيف الكميات المطلوب استيرادها بعد رفع الحكومة دعمها لأسعار المحروقات، ثم عاودت، في 7 يوليو/ تموز، رفع أسعار المحروقات للمرة الثالثة خلال أقلّ من عشرة أيام. غير أنّ هذه الإجراءات التي كان من المفترض أن تُخفّف من القيود التي فرضتها الشركات المُسلّمة للوقود من جهة، واحتكار أصحاب المحطات للوقود مُقابل سماحهم للمواطنين بالتّزوّد بكمية البنزين التي يطلبونها من جهة أخرى، لم تُخفّف من كثافة طوابير الانتظار أمام المحطات. بذلك، أصبح المواطنون يدفعون أكثر مقابل تنكة البنزين، فيما لا يزالون ينتظرون أمام المحطّات لعدّة ساعات مثلما كانوا ينتظرون قبل رفع أسعار المحروقات، أي يتلقى المواطنون الخدمة المتراجعة نفسها ولكن بسعر أغلى وانتظار أطول.

الأزمة لم تلقِ بثقلها على اللبنانيين فقط من الناحية الاقتصادية، إنّما باتت تُهدّد الأمن الاجتماعي، مع تجلِّي ملامح العنف في الشارع، إضافةَ إلى ارتفاع منسوب الجريمة وانتشار السلاح، فيما لم تتمكن السلطات من إيجاد حلول ناجعة للأزمة المستمرة في التفاقم.

 ميراث العنف 

بحسب أرقام نشرتها "الدولية للمعلومات" في تقرير يتناول الربع الأوّل من العام 2021، ارتفعت جرائم القتل في لبنان بنسبة 2.4% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام 2020، فيما ارتفعت جرائم السرقة بنسبة 162% مقارنة بالفترة المقابلة من العام 2020، وذلك بالتزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي رفعت عدد العاطلين عن العمل إلى 430 ألفًا في الفترة التي تَلت انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأوّل 2019، بحسب دراسة "الدولية للمعلومات" المنشورة في 27 مايو/ أيار 2020، أي قبل أكثر من سنة. 

ويعاني لبنان من فوضى في انتشار السلاح في أيدي الأفراد، لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من السيطرة عليها أو الحد منها، وهذا ما يجعل من انفلات العنف الأهلي الناجم عن الأزمة الاقتصادية مشكلة تهدد السلم الاجتماعي.

 وبحسب رصد قام به رصيف22، من واقع الأخبار المنشورة بالصحف المحلية، تبّين أنّ لبنان شهد، منذ منتصف مايو/أيّار 2021 وتحديدًا في الشمال والجنوب والبقاع وبيروت، مقتل تسعة أشخاص على الأقلّ، من بينهم أربعة قاصرين، وجرح 13، ووقوع أكثر من أربعة حوادث سير ونحو عشر مشاجرات وحالتيْ إحراق لسيّارات، بسبب طوابير الانتظار أمام محطات الوقود. 

تقول الكاتبة والأكاديمية منى فياض لرصيف22: "النّاس في وضع هشّ وغير آمن، خصوصًا مع فقدان السّلع (من المتاجر) ومدّخرات النّاس من البنوك، فهم يُعايشون اليوم خطرًا وجوديًا لأنّهم أصبحوا من دون ضمانات وغير محميّين. هذه الخلطة هي كفيلة بأن تُزيد تمظهر العنف في المجتمع".

 وتضيف أنّ عجز الناس عن التواصل بطرق سلميّة ناجم عن تأثير اجتماع كلّ الضغوط الاقتصادية والسياسية عليهم، فضلًا عن اعتيادهم العزلة الاجتماعية بُعيد الحجر الصحي الذي فرض عليهم مع بدء جائحة كورونا.

 وتعتقد فياض أنّ الوضع الاجتماعي الذي وصل إليه لبنان اليوم لا مثيل له و"غير مسبوق في العالم كلّه"، في ظلّ غياب تامّ للدّولة.

__

(*) ورد في نسخة مبكرة من هذا التقرير أن الأزمة بدأت في بيروت ثم امتدت إلى باقي المناطق اللبنانية ولم يكن ذلك دقيقاً.


أنجز هذا التقرير ضمن مشروع "شباب22"، برنامج تدريبي لموقع رصيف22 يرعاه مشروع دي- جيل D-Jil، بالاعتماد على منحة من الاتحاد الأوروبي تشرف عليها CFI.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image