طلبت الإمارات من إيطاليا سحب قواتها المتمركزة في قاعدة المنهاد الجوية بإمارة دبي. ويأتي ذلك في ظل تراجع العلاقات بين الدولتين حتى بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق، سواء في التجارة والتعاون العسكري أو حتى في التواصل السياسي، ووصل الأمر إلى استدعاء روما سفير أبوظبي للاحتجاج على سلوك الإمارات.
وقاعدة المنهاد تعد من أكثر القواعد العسكرية تقدماً في الخليج العربي، وتستخدم منذ عام 2003 لعدة مهمات عسكرية، أبرزها نقل الجنود والمعدات إلى أفغانستان، كما أنها تساهم في لعب دور محوري في الكويت والعراق.
ونشر موقع أخبار الدفاع Defense news المختص بالشؤون العسكرية تقريراً، الجمعة 25 حزيران/يونيو، نقل فيه عن ماتيو بريغو دي كريمانغو، عضو لجنة الدفاع بالبرلمان الإيطالي، أن الإمارات منحت روما مهلة حتى الثاني من تموز/ يوليو المقبل لإجلاء قواتها المنتشرة بقاعدة المنهاد العسكرية ومغادرة الإمارات، وشكك عضو البرلمان في أن تنجح روما في إجلاء القوات والمعدات والذخائر بحلول نهاية المهلة الممنوحة من أبو ظبي. كما يتوقع أن إعادة ترميم العلاقات قريباً لن تنجح ،قائلاً "عندما تنكسر العلاقات في الخليج، فإن إحياءها يصبح بالغ الصعوبة".
قاعدة المنهاد التي طردت الإمارات منها إيطاليا، تعد من أكثر القواعد العسكرية تقدماً في الخليج العربي، وتستخدم منذ عام 2003 لعدة مهمات عسكرية، أبرزها نقل الجنود والمعدات إلى أفغانستان، كما أنها تساهم في لعب دور محوري في الكويت والعراق.
القشة الأخيرة
في آذار/مارس/، قال الدبلوماسي الإيطالي السابق جياني فيرنتي في صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية إن العلاقات مع الإمارات مجمدة عملياً.
بدأ التوتر في نهاية كانون الثاني/يناير 2021، عندما قررت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو كونتي إدراج الإمارات في قائمة حظر بيع الأسلحة لتورطها في الحرب في اليمن.
تسببت الأزمة الإنسانية الخطيرة التي باتت تحياها اليمن جراء الحرب، والتي وصلت بالإمارات إلى السيطرة عمليًا على معظم موانئ اليمن في تغير نظرة روما إلى الدور السعودي- الإماراتي في حرب اليمن.
في 26 حزيران/يونيو الجاري، كشف الصحافي فينشينزو نيجرو في لاريبوبليكا أن محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نفسه، هو الذي قرر قبل شهور اتخاذ خط دبلوماسي شديد العدوانية ضد إيطاليا، وذلك بعدما جمدت روما تراخيص تصدير نحو عشرين ألف قنبلة جو أرض إلى الإمارات وكذلك إلى السعودية.
كان رد فعل محمد بن زايد إلغاء عقود إيطالية في القطاع المدني، ثم في مطلع حزيران/يونيو، منع عبور طائرة بوينغ مدنية إيطالية بالأجواء الإماراتية، كانت تنقل مجموعة من الصحافيين الإيطاليين الذين كانوا سيلحقون بوزير الدفاع غيريني إلى أفغانستان.
تسببت الأزمة الإنسانية الخطيرة التي باتت تحياها اليمن جراء الحرب، والتي وصلت بالإمارات إلى السيطرة عمليًا على معظم موانئ اليمن في تغير نظرة روما إلى الدور السعودي- الإماراتي في حرب اليمن.
ولا يبدو أن الأزمة تتعلق بقرار حظر الأسلحة فحسب، لكن في كانون الثاني/يناير الماضي، كشفت وسائل إلعام إيطالية أن رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي يحصل على 80 ألف يورو سنوياً من الصندوق السيادي السعودي.
ويعد رينزي مقرباً من دوائر أبوظبي السياسية في المنطقة، وهو أول زعيم غربي وصل إلى القاهرة بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، في زيارة وُصفت بأنها اعتراف غربي بشرعية الزعيم الجديد في وقت كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يزالان رافضين تحركات الزعيم الجديد، خاصة بعد فض رابعة.
وكان رينزي أيضاً رئيساً للوزراء عندما تفجرت قضية مقتل الطالب جوليو ريجيني في مصر، حليفة أبو ظبي. وتوترت العلاقات بين روما والقاهرة وأبو ظبي تباعًا بسبب توجيه القضاء الإيطالي اتهامات بقتل ريجيني عمدًا لأربعة من كبار الضباط المصريين، بينما تصر مصر على استحالة التوصل إلى الجناة وعلى أن الأجهزة الأمنية ليست مسؤولة عن اغتيال الباحث الإيطالي الشاب.
تداعيات اقتصادية ودبلوماسية
لطالما امتدحت وسائل الإعلام الإيطالية أهمية الإمارات باعتبارها "الدولة الخليجية الوحيدة التي تستضيف فرقة من الجنود الإيطاليين، ويجري فيها بناء أول كنيسة كاثوليكية في الخليج العربي". لكن كانت روما تميل لدعم حكومة الوفاق في طرابلس الليبية، على عكس مصالح أبوظبي الداعمة للجنرال خليفة حفتر.
في أيار/مايو الماضي، قال نيكولا لينر، سفير إيطاليا لدى الإمارات، إن حجم التبادل التجاري بين البلدين سجل 8.4 مليار يورو في 2020، مشيراً إلى أن دولة الإمارات هي الشريك التجاري الأول لإيطاليا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في رأي جياني فيرنتي كاتب لاريبوبليكا، فإن تجميد العلاقات الثنائية بين إيطاليا والإمارات له تأثير سلبي على التبادل الاقتصادي والتجاري، مع خطر إلغاء العديد من الصفقات مع شركات (إيني للبترول والغاز الطبيعي، وليوناردو التي تنتج الأسلحة، والشركات الإيطالية الكبيرة المشاركة في مشاريع البنية التحتية الإماراتية).
ذكر فيرنتي أن الأمر الأكثر خطورة بالنسبة لإيطاليا هو خسارة "حليف ثمين في شبه الجزيرة العربية. الإمارات بقيادة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد واحدة من أكثر البلدان الفعالة وإثارة للاهتمام ليس فقط في الخليج، ولكن في العالم الإسلامي بأسره، وتمثل محاورًا أساسيًا للغرب كله".
قال فيرنتي: "بفضل حكومة أبوظبي، وُقعت الاتفاقيات الإبراهيمية التي أدت إلى التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل ومختلف الدول العربية. ولا يوجد ملف واحد لم تكن أبو ظبي فيه بطلاً ومتواصلاً هيكلياً مع مصالح الغرب: احتواء إيران، وحرية الحركة البحرية، ومكافحة الأصولية الجهادية، وتغير المناخ".
وهذه ليست المرة الأولى التي تعاقب فيها الإمارات دولة غربية. في 2010، أنهت الإمارات فجأة سنوات من التعاون مع القوات الكندية، ومنعت وزير الدفاع السابق بيتر ماكاي وكبير جنرالاته حتى من التحليق فوق البلاد في رحلة العودة من أفغانستان.
إهانة وتهدئة
في رسالة نشرتها وسائل إعلام إيطالية، اعتبرت السيناتورة إيزابيلا روتي، عضوة لجنة الدفاع بمجلس الشيوخ الايطالي، أن "إخلاء القوات" صفعة سياسية مدوية على وجه إيطاليا على المستوى الدولي، وانتقام غير مقبول و"سلوك عدائي" أبدته الإمارات عندما منعت التحليق فوق أجوائها لطائرة بوينغ.
وأضافت: "نأمل أن يتدخل رئيس الوزراء للدفاع عن سلطة البعثات الدولية الإيطالية في مواجهة التنمر الدبلوماسي المماثل. الملف مفتوح والوقت ينفد. يجب على الحكومة الإيطالية تنحية الانقسامات الداخلية جانباً والتدخل لغرض واحد، هو إعادة تأكيد هيبة بعثاتنا الدولية. والدفاع عن قاعدة عسكرية رئيسية لا يمكن أن تكون هدفاً لأعمال انتقامية".
وأفادت لاريبوبليكا أيضاً أن وزير الدافع الإيطالي لورنزو جويريني حاول أن يشرح لزميله في الخارجية الإيطالية لويجي دي مايو، ثم لرئيس الوزراء، أن العلاقات مع الإمارات والسعودية لا يمكن المساومة عليها.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها العسكرية أن إيطاليا أبلغت أنه "ليس الإمدادات العسكرية فقط على المحك، ولكن كذلك التعاون السياسي في جميع أنحاء الشرق الأوسط مع شركاء أساسيين لإيطاليا".
وفقا للصحيفة ذاتها، فإن الحل قد يكون موافقة مجلس النواب أو مجلس الشيوخ على اقتراح برلماني جديد يلغي الحظر على بيع الأسلحة للإمارات والسعودية، لكن لم يتم تقديم الاقتراح رسميًا بعد، ويتوقع أن تتسلمه لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ، وهناك إجراءات سياسية وحزبية معقدة. و"ليس من الواضح حتى الآن ما يمكن فعله بسرعة لتجنب إنهاء الوجود الإيطالي في القاعدة".
في الأيام الأخيرة، لم تسفر اتصالات وزير الدفاع الإيطالي مع نظيره الإماراتي عن أي تقدم، لأن "جميع القادة في أبوظبي يجيبون إجابة واحدة ‘محمد بن زايد نفسه هو الذي يشعر بأن قرار الحظر جريمة خطيرة للغاية، وهو الذي سيقتنع بالتحركات الصحيحة التي سترغب إيطاليا في اتخاذها’"، وفقا لما تنقله لاريبوبليكا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين