أعلن الأردن يوم الخميس 17 يونيو/ حزيران 2021 تخليه عن مشروع "ناقل البحرين"، الذي وقعت المملكة اتفاقيته مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية في 2013 في واشنطن بحضور ممثلين عن البنك الدولي، بعد 8 سنوات من التعثر وما عدته السلطات الأردنية "مماطلة" إسرائيلية.
يأتي إعلان الأردن بعد شهرين اثنين من تأكيد مسؤوليها على أهمية القناة بالنسبة للأردن، إلى حد كونها "ضرورة استراتيجية" على حد وصف مسؤول أردني.
بحسب وصف خبراء بيئة وطاقة تحدثوا مع رصيف22، فتلك الاتفاقية - وبعيداً عن الموقف الشعبي الأردني الرافض لها- "لم تسهم سوى في تعطيش الأردن".
كان الهدف من المشروع هو الربط بين البحرين الأحمر والميت، بغرض توفير 85 مليون متر مكعب من المياه للأردن سنوياً لتغطية جزء من العجز في توفير مياه الشرب والزراعة، إضافة إلى تزويد البحر الميت بكمية تصل إلى 200 مليون متر مكعب سنوياً من مياه البحر الأحمر، بعد تخفيف ملوحتها لإنقاذ البحر الميت من التدهور البيئي. كما كان يهدف إلى نقل تكنولوجيا تحلية مياه البحر إلى الأردن.
يذكر أن الاتفاق على هذا المشروع، كان ضمن 15 مشروعًا آخرين، تقرر وقتها أن تقام في الأردن تساهم فيها جهات دولية مانحة، تحت مسمى "خطة السلام الشاملة من أجل الازدهار"، وحتى الآن لم ينفذ أي من المشاريع الخمسة عشر.
وبحسب وصف خبراء بيئة وطاقة تحدثوا مع رصيف22، فتلك الاتفاقية - وبعيداً عن الموقف الشعبي الأردني الرافض لها- "لم تسهم سوى في تعطيش الأردن".
الانسحاب الأردني
أعلن وزير المياه الأردني محمد النجار يوم 17 يونيو/ حزيران، تخلي بلاده عن مشروع ناقل البحرين واتفاقيته الموقعه في 2013 مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وبموجبها تمر قناة من البحر الأحمر إلى البحر الميت عبر الأراضي الخاضعة للسلطة والاحتلال الإسرائيلي باعتبارها أقصر مسافة بين البحرين.
زادت إسرائيل من تفاقم الأزمة المائية في الأردن عبر مشروعات قامت بموجبها بسحب المياه النظيفة من نهر الأردن، وضخ مياه الصرف الصحى غير المعالجة ضمن نصيب الأردن من النهر.
ويأتي الإعلان بعد أسبوعين تقريبًا من قرار البنك الدولي بشطب المشروع من قائمة تمويلاته واستثماراته "لعدم الاتفاق على معاييره"، وفي الوقت نفسه؛ أعلن البنك الدولي تمويل خطة من الصندوق الإنمائي متعدد المانحين لوضع خارطة طريق أردنية لتحقيق الاكتفاء المائي، مع الإعلان عن استعداد البنك لتمويل مشروع استثماري محتمل في 2022 لتحقيق الغرض نفسه.
تاريخ المماطلة الإسرائيلية.
فور الإعلان الأردن عن التخلي عن المشروع، ذكرت قناة "كان 11" العبرية، أنه لم تكن لدى إسرائيل رغبة حقيقية بتنفيذ المشروع، وأنها مارست المماطلة طوال فترة عمر الاتفاقية. واعتبرت القناة، استنادًا إلى مصادر إسرائيلية تحدثت معها، أن قرار الأردن بإلغاء المشروع يعتبر "خسارة استراتيجية لتل أبيب"، ولا تعتبر هذه الخطوة "بادرة طيبة للمستقبل".
المماطلة الإسرائيلية تاريخها يرجع إلى ما يسبق وقت توقيع مذكرة التفاهم في واشنطن، فبعد توقيع اتفاقية وادي عربة بأربع سنوات، وتحديدًا في العام 1998، طرح مشروع القناة للمرة الأولى، وأظهرت إسرائيل وقتها حماسها للمشروع لما سيوفره من دخل وتشغيل وتعميق وتسريع عمليات التطبيع بين الجانبين، إلا أنه لم يتم اتخاذ أية خطوات عملية، وظلت إسرائيل تستفيد من بيع المياه للأردن سنويًا.
وبرغم توقيع المذكرة في 2013، إلا أنه حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2018، لم تكن إسرائيل قد صدقت على الاتفاقية في برلمانها بعد.
بعدها، وعلى مدار خمس سنوات، ظلت الأردن تدفع في طريق تفعيل الاتفاقية وبدء تنفيذ المشروع، خاصة مع تعهد البنك الدولي بتوفير التمويل حال الاتفاق على المعايير والبرنامج التنفيذي، إلا أن الأزمات المستمرة بين المملكة وحكومة بنيامين نتنياهو حالت دون اتخاذ أية خطوات عملية في التنفيذ.
كما زادت إسرائيل من تفاقم الأزمة المائية في الأردن عبر مشروعات قامت بموجبها بسحب المياه النظيفة من نهر الأردن، وضخ مياه الصرف الصحى غير المعالجة ضمن نصيب الأردن من النهر.
إنذار مبكر
أجمع خبراء تحدث إليهم رصيف22 على أن تلك الاتفاقية مثلت "إهدارًا لوقت الشعب الأردني" في ظل أزمة فقر مائي طاحنة، وأن خبراء البيئة والمياه في الأردن طرحوا حلولًا عملية لا ترتبط بـ"الاحتلال" للتقدم في ملف توفير المياه وإنقاذ بيئة البحر الميت.
منهم خبير الطاقة دكتور رائد الأعرج الذي عارض الاتفاقية منذ إقدام الأردن عليها في 2013، والذي قال لرصيف22: "راح العمر ولم نستفد شيئاً من تلك الاتفاقية كما توقعنا في بداية إبرامها، وبصراحة ما زلت أستغرب كيف تدار هذه البلد؟".
وينقل الأعرج، عن مصادر فضل عدم الكشف عن اسمها، أن الوثائق لدى الأردن تؤكد أن هيئة المعونة الأمريكية "كانت صادقة في سعيها لمساعدة الأردن في مشكلة شح المياه لديه"، وكان هناك مشروع بالفعل قبل توقيع الاتفاقية الإسرائيلية، و"لكن فجأة" بعد توقيع مذكرة التفاهم الخاصة بـ"ناقل البحرين" توقف المشروع الذي كانت ستموله المعونة الأمريكية ضمن سلسلة مشروعات لتحقيق الكفاية المائية في الأردن، "ولا أحد يدري من الذي اتخذ قرار وقف المشروع؟ ولماذا؟".
ويرى الأعرج أن المؤسسات الدولية المانحة التي كانت على استعداد لمساعدة الأردن في التعامل مع أزمته المائية "فقدت الثقة بالمسؤولين الأردنيين، وأزاحوا الفكرة عن أجندة عملهم"، معلقًا "نحن لا نعاني من فقر في المياه فقط، بل نعاني من فقر في إدارة مشكلة المياه"، في إشارة إلى نقص كفاءة المتعاملين مع هذا الملف في المملكة.
أذى متعمَّد
الخبيرة المختصة في شؤون الطاقة والمناخ صفاء الجيوسي، ترى أن ما تروجه الحكومتان حول أن مشكلة منسوب المياه في البحر الميت سببه التغير المناخي، "كذبة آن الأوان للتخلي عنها"، مضيفة "منسوب المياه في البحر الميت الذي يقل سببه سياسي بامتياز، ذلك لأن إسرائيل تعكف على سحب المياه من بحر طبريا ما يسبب في شح الارتواء للبحر الميت".
لفهم ما تقوله الخبيرة البيئية لا بد من مراجعة جغرافيا البحر الميت الذي كان يستمد قسمًا من المياه من نهر الأردن طبيعيًا، عبر تدفقات الجزء الجنوبي من النهر، بشكل يضمن الحفاظ على منسوبه من البخر المستمر من دون أن يغير من طبيعته شديدة الملوحة والغنية بالمعادن والخصائص الاستشفائية التي جعلته وجهة سياحية وعلاجية مهمة في العالم كله.
إلا أن كميات المياه المنضبطة وفق هذا النظام البيئي المغلق، تغيرت في السنوات الأخيرة بفعل مشروعات المياه الإسرائيلية التي أخلت بهذا النظام وقللت من مناسيب المياه التي يحصل عليها الأردن من النهر.
وهو ما تشير إليه الجيوسي موضحة: "إسرئيل استغلت اتفاقية وادي عربة ومن ورائها اتفاقية ناقل البحرين كي تزيد من سرقاتها للمياه من دون محاسبة"، وتشرح "نسبة كبيرة من المياه تذهب للهدر بسبب شبكة المياه المهترئة بين الأردن وإسرائيل، ما يجعل الأخيرة تسرق المياه الصالحة بأريحية من خلال اعتدائها على الحصاد المائي في الشبكة، وصار الأردن ينال نصيبه منها من مجاري الصرف الصحي في الشبكة. هذه بركة أخرى من بركات الاتفاقية".
ويتفق معها الناشط السياسي محمد العبسي منسق تجمع "تحرك" لمناهضة التطبيع، الذي يقول لـرصيف22: فشل الاتفاقية يتحمل الكيان الصهيوني مسؤوليته بالكامل، فالكيان الصهيوني لمس عدم مصلحته لاستمرار المشروع مستغلًا الوقت في تعطيش الأردن، مع العلم أنه كان من المفترض وفي العام 2015 أن يتم توفير 50 مليون متر مكعب من المياه سنوياً حسب الاتفاق، أين هي الآن؟".
وأضاف أن الخبراء والمهندسون الأردنيون قدموا مشروعات عديدة تسبق العام 2013 لخفض العجز في المياه، "وكان يمكن للأردن الحصل على تمويل دولي والاستفادة بالخبرات العربية في بناء السدود واستغلال مياه الأمطار وتحلية مياه البحر"، لافتاً أن في ذلك الوقت كان منسوب المياه الجوفية في الأردن 950 مليون متر مكعب، أي "لم تكن تلك المشكلة العظيمة التي تجعل الأردن يبرم اتفاقية مع كيان يغتصب كل شي حتى المياه، كان من السهل جداً إبرام اتفاقيات وطنية ترمم الشح المائي".
وتطرق العبسي إلى ما رآه "تنازلات كارثية" قدمتها الأردن لإسرائيل في مجال المياه عندما وقعت اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام بين الجانبيين). متمنيًا أن تراجع الأردن كافة اتفاقياتها مع "ذلك الكيان" وأن تتراجع عنها بعدما ثبت جورها على الحقوق الأردنية.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياميخلقون الحاجة ثم يساعدون لتلبيتها فتبدأ دائرة التبعية
Line Itani -
منذ 6 أيامشو مهم نقرا هيك قصص تلغي قيادات المجتمع ـ وكأن فيه يفوت الأوان عالحب
jessika valentine -
منذ اسبوعينSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع