يواجه ملف إعمار غزة قوى وعوامل مضادة تعمل ضد تنفيذ مشاريع الإعمار على أرض الواقع، بعد أن رصدت لها كل من قطر ومصر 500 مليون دولار، بالإضافة إلى المنح الدولية المقدمة من الخارج.
حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، أكدت أنّ ما يعنيها هو أن يتم الإعمار على أرض الواقع، وأن تصل المساعدات والمنح إلى مستحقيها في غزة بشفافية ووضوح، مشددةً على أنّه لا يجوز لأي طرف أن يتعامل مع الإعمار من منطلق مصالح سياسية.
كما أكدت حماس رفضها مطلب إسرائيل ربط قضية إعادة إعمار غزة، بقضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الموجودين في القطاع.
وفي هذا الصدد، يسعى المجتمع الدولي، وعلى رأسه أمريكا والدول الأوروبية، إلى ضمان عدم وصول أموال المساعدات الإنسانية إلى حماس التي تسيطر على القطاع، بينما تتمسك الأخيرة بمرورها عبر قنواتها.
وفي هذا الصدد أعلن البيت الأبيض أنّ الولايات المتحدة ستتأكد من أنّ أموال إعادة إعمار غزة لن تذهب إلى حركة حماس، مؤكداً أن واشنطن طرحت على الإسرائيليين إحياء حل الدولتين قبل أسبوعين، مضيفاً في سياق حديثه: "نعلم أن الطريق إلى إعادة إعمار غزة ليس سهلاً".
الخطوات العملية لإعادة الإعمار
ويبقى السؤال قائماً: ما هي الخطوات العملية لإعادة إعمار غزة، وما هي الضمانات الدولية التي ستشترطها إسرائيل، والمجتمع الدولي، من جديد، خاصةً في ظل المخاوف التي يبديها العالم من استخدام تلك الأموال لتقوية وتدعيم الترسانة العسكرية لحماس؟
يرى البعض أنّ المنحة المقدرة بـ500 مليون دولار، والتي خصصتها مصر لإعادة الإعمار في غزة، تجعل الأمر موضع تساؤل. إذ من أين لمصر هذا المبلغ الضخم، هي التي تعاني من وضع اقتصادي صعب؟ ويؤكدون أنّ مصدر الأموال إماراتي، وشرط الإعمار أن يُلزّم التنفيذ عن طريق شركات مصرية مرتبطة بالجيش، والمخابرات المصرية، إذ ستكون الـ500 مليون دولار هي المدخل لجمع معلومات عن المقاومة في غزة، وقدراتها، كون إسرائيل عاجزة عن الكشف عنها منذ الـ2001 وحتى الآن.
ويوضح المحلل السياسي الفلسطيني د. ناجي شراب، بأنّ موضوع الإعمار يحتاج إلى وقت طويل، فهناك وعود من قطر، ومن الكويت. ومصر هي الدولة الوحيدة التي بدأت بإجراءات فعلية مباشرة لإعمار غزة عن طريق تقديم مساعدات ميدانية، والبدء بإزالة الركام، والأنقاض الناتجة عن موجة التوتر الأخيرة مع إسرائيل، وذلك بعد إرسال مصر نحو 50 شاحنة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، للمساعدة في عملية إزالة الأنقاض والركام والمباني الخطرة والآيلة للسقوط، ويؤكدّ شراب أنّ مصر هي الأكثر أهلية إذ تملك مؤهلات أكثر من غيرها للقيام بهذا الدور، نظراً إلى علاقاتها المباشرة مع قطاع غزة.
بالنسبة إلى حماس، يوضح شراب لرصيف22، أنّ حماس بين "كمّاشتين"، أو خيارين، يتمثل الأول في إدراكها أنّها لن تكون هي الوعاء الرسمي لاستقبال المساعدات، ويتمثل الثاني في أنّها لا تستطيع أن توقفها، لكن تبقى لحماس طرق غير مباشرة، فهناك شركات ومؤسسات ستقوم بالإعمار، وقد تكون لها علاقة مباشرة بها.
وبالنسبة إلى السلطة الفلسطينية، يوضح شراب أنّ هناك توجهاً لدعم السلطة، كونها الممثل الشرعي الذي يتعامل مع المجتمع الدولي، إلا أن حماس لن تقبل بهذا الدور المباشر للسلطة، ويتمثل البديل في التنفيذ بطريقة مباشرة، مثل الآلية التي يعتمدها الجانب المصري، في إزالة الدمار، وبناء مدن سكنية، وقد تلجأ قطر إلى هذا الأسلوب.
حماس بين "كمّاشتين"، أو خيارين، يتمثل الأول في إدراكها أنّها لن تكون هي الوعاء الرسمي لاستقبال المساعدات، ويتمثل الثاني في أنّها لا تستطيع أن توقفها، لكن تبقى لحماس طرق غير مباشرة، فهناك شركات ومؤسسات ستقوم بالإعمار، وقد تكون لها علاقة مباشرة بها
آليات أخرى يمكن أن يتم اللجوء إليها لإعادة إعمار غزة، منها عقد مؤتمر دولي وهو ما لم يتبلور بعد، أو أن تُشكَّل لجنة أممية-دولية بشراكة عربية تتولى الإشراف على تنفيذ المشاريع، وهنا يوضح شراب أنّ هناك أدواراً متعددة يمكن القيام بها في تنفيذ عمليات الإعمار في غزة عن طريق اتحاد المقاولين الفلسطينيين، وبعض المؤسسات والبلديات في القطاع. لكن الآلية الرسمية لم تتبلور بعد في هذا الاتجاه، ومن المستبعد أن تُرسل الأموال نقداً إلى هناك، لأنّه ليست هناك ثقة كاملة بآليات حماس، ولا بآليات السلطة الفلسطينية، وفي النهاية ستكون هناك آلية، أو أدوار متعددة من خلالها ستؤدي السلطة، أو حماس، دوريهما في قضية الإعمار.
ويكشف شراب أنّ هناك حوارات يمكن أن تتبلور لتشكيل حكومة وحدة وطنية مشتركة، وهذا سيكون إحدى الآليات لحل إشكالية الإعمار التي يمكن أن توافق عليها حماس، والسلطة، والمجتمع الدولي. ويتساءل شراب: "هل يتبلور عن تلك المساعي في القاهرة، تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية بين حماس وفتح والفصائل؟"، مشدداً على أنّه عن طريق هذه الآلية المشتركة، أي الحكومة الجديدة، يمكن أن تصل هذه المساعدات، ومع ذلك فإنّ الدول المانحة سيكون لها دور مباشر في تقديم المساعدات بطريقة جديدة، والإشراف بشكل مباشر عليها.
وهذا ما يؤكد عليه فعلياً رئيس المكتب الاعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح منير الجاغوب، الذي يكشف لرصيف22، أنّ هناك لقاءً في القاهرة خلال الأيام المقبلة ستشارك فيه حركة فتح، وبالتأكيد سيُناقش هذا الأمر، ولكن الأهم من كل ذلك أنّه يجب أن تكون، إلى جانب عملية إعادة الإعمار، عملية سياسية حتى لا تعود إسرائيل إلى قصف قطاع غزة وتدميره، ويجب أن تكون التهدئة شاملة في كل الأراضي الفلسطينية: في القدس، والضفة الغربية، وغزة، وفي أراضي الـ48.
ويرى الجاغوب أن السلطة الفلسطينية تؤمن بأنّ عملية إعادة الإعمار من دون عملية سياسية، ستعيدنا إلى مربع الصفر في أي مواجهات محتملة مع الاحتلال. لذا مطلوب أن تكون هناك عملية سياسية إلى جانب عملية الإعمار، فهذه هي الحرب الرابعة على قطاع غزة، والتي يتم فيها هدم كل ما تمّ بناؤه، مشيراً إلى أنّ الحكومة الفلسطينية ضخت ما يقارب الـ17 مليار دولار منذ عام 2007 وحتى الحرب الأخيرة في القطاع، ذهبت جميعها هباءً منثوراً بسبب هذه الحرب اللعينة.
ويؤكدّ الجاغوب أنّ الأمور حتى اللحظة غير واضحة. فهل تكون هناك وحدة فلسطينية تشرف على الإعمار، أم سيبقى الوضع على ما هو عليه؟ هذا كله سيُحدد في حوارات القاهرة التي ستنطلق يوم السبت القادم. مشدداً على أنّ هذه المسألة بحاجة إلى اتفاق وطني لأنّ حركة حماس هي التي تسيطر على قطاع غزة، والعالم لن يسمح لها باستلام هذه الأموال، فالعالم يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك إسرائيل، وبالتالي فإنّ منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ملف الإعمار وشروط إسرائيل وحماس
لملف الإعمار علاقة وثيقة بالتهدئة، ولطالما كان المجتمع الدولي معنياً بالتهدئة، كما بالإعمار، والشروط الإسرائيلية هي للتفاوض لا أكثر ولا أقل، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني د. فايز أبو شمالة، الذي يرى أنّ تلك الشروط هي نوع من الضغط يهدف إلى إعادة السلطة إلى غزة، بصفتها الجهة الموثوقة لدى الإسرائيليين، كما تسعى إلى استرجاع الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة من خلال الضغط عبر ملف الإعمار، وتقديم صورة للمجتمع الإسرائيلي بأنّ الجيش الإسرائيلي هو المنتصر، وهو الذي يفرض الشروط.
ويتساءل أبو شمالة في حديث لرصيف22: "إلى أي مدى ستنجح إسرائيل في هذه المساعي والأهداف؟"، مؤكداً أنّ ذلك مرتبط بصمود المقاومة، وقدرتها على العودة إلى القتال، وإطلاق الصواريخ، فهي أوراقها القوية، لذلك كان الربط بين التهدئة والإعمار، وهذه مهمة المجتمع الدولي، والوسطاء المصريين والقطريين. وقد أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده للمساهمة في الإعمار من خلال حكومة تمثل كل الفلسطينيين، ومن خلال قيادة واحدة.
وهذا يعود بنا إلى الملف الأول، الذي يتمثل في مشاركة السلطة الفلسطينية في ملف الإعمار في الحروب السابقة على غزة، ومنها تجربة ما بعد حرب عام 2014، وهي تجربة محبطة وسيئة بحسب رأي أبو شمالة، وتمثل السرقة وابتزاز المقاولين بعض عناوينها البارزة.
وقد أعطت الاتفاقية الموقعة بين السلطة وإسرائيل الحق للإسرائيليين عام 2014 في مراقبة المخازن، والمباني المقامة ضمن نظام الكاميرا، وهذا مهين للمقاومة. من هنا فإن إشراك السلطة في الإعمار أمر فيه خلل، وضعف على المستوى الفلسطيني، بل فيه إجحاف في حق المقاومة التي حققت تطوراً نوعياً لم يكن في الحروب الماضية.
لذلك كانت الدعوة المصرية إلى عقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الأسبوع المقبل في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الفلسطيني محمود عباس، لمناقشة الاتفاق على الخطوات اللازمة لإنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الفلسطيني، ووضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة.
ويعلّق أبو شمالة على الأمر قائلاً: "من الممكن أن يكون هو المخرج، إذ سيتم الاتفاق على تشكيل حكومة وطنية، وفق شروط المقاومة، لا وفق شروط عباس الذي يشترط مساراً سياسياً ترعاه الرباعية الدولية وفق الشرعية الدولية، ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، على أساس قرارات الشرعية الدولية".
"السلطة الفلسطينية تؤمن بأنّ عملية إعادة الإعمار من دون عملية سياسية، ستعيدنا إلى مربع الصفر في أي مواجهات محتملة مع الاحتلال. لذا مطلوب أن تكون هناك عملية سياسية إلى جانب عملية الإعمار"
وهنا يشدد أبو شمالة على أهمية إعادة ترتيب منظمة التحرير لتضم كل القوى الفلسطينية، وهو ما سيحدده اجتماع القاهرة في الأسبوع القادم، وسنرى ما ستسفر عنه لقاءات التنظيمات الفلسطينية، وهل ستتفق على ترتيب الوضع الداخلي، وعلى حكومة وطنية تشرف على الإعمار، أم سيظل وضع التهدئة معلقاً، وقابلاً للانفجار في كل لحظة.
ويكشف أبو شمالة أنّ واشنطن أعطت الضوء الأخضر للقاهرة، وكلفتها بهذا الملف، مؤكداً أنّ لمصر القدرة على الضغط للخروج باتفاق فلسطيني، ومحمود عباس هو الحلقة الأضعف هنا، وسيكون غيابه هو الطريق النظيف لإعادة إعمار غزة، وترتيب البيت الفلسطيني، والتوافق على برنامج سياسي مشترك، يؤدي إلى الانتهاء من الأزمات والمشكلات الفلسطينية الداخلية.
إعمار غزة ملف شائك بعد كل عدوان إسرائيلي
موضوع إعادة إعمار غزة يُطرح بعد كل عدوان إسرائيلي. طُرح بعد عدوان الـ2014، وكان حجم الدمار هائلاً، وحاول الاحتلال الإسرائيلي فرض شروطه، وابتزاز المقاومة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، وربط الإعمار في بداية الأمر بالجنديين المفقودين في الحرب. ولكن في النهاية استطاعت المقاومة، والشعب الفلسطيني، تعزيز وقائع مغايرة، وتم الإعمار من دون الإفراج عن أحد، ومن دون إخراج أي معلومة عن أي منهما.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون في حديثه لرصيف22، أنّ الاحتلال الإسرائيلي اليوم أضعف من أن يفرض شروطه، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار، مشيراً إلى أنّ إسرائيل اعترفت ضمنياً بأنّها قد هُزمت، وأنها لم تحقق أي نتائج، ولم تستطع تعزيز أي معادلة ردع، مضيفاً أن المقاومة خرجت وهي تحمل ثقة المنتصر في نفسه، وتحمل مجموعة من الأهداف التي حققتها وأهمها إحياء قضية القدس، وتوحيد الشعب الفلسطيني، وتحريك الساحات الفلسطينية في الضفة الغربية، والقدس، ومناطق الـ48، وفي دول الطوق من الأردن إلى لبنان.
كما ساهمت الحرب الأخيرة في زيادة تواصل الدول مع حماس، والتقارب معها، وتُوّج ذلك بزيارة ممثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اللواء عباس كامل وجلوسه مع حركة حماس، والتفاهم معها، ولهذا لا يستطيع الاحتلال الإسرائيلي بحسب المدهون فرض أي شرط من الشروط في ملف الإعمار، كما لا يستطيع أن يربط ملف الإعمار بأي ملفات أخرى، خصوصاً بملف الجنود الأسرى الذي لديه حساسية كبيرة تجاهه.
ولهذا هناك رفض قاطع من قبل حركة حماس لربط موضوع الأسرى بأي ملف آخر، سواء بملف الحصار، أو بملف الإعمار، أو بملف الكهرباء. والاحتلال حاول مراراً وتكراراً ربط هذه الملفات من أجل الضغط على المقاومة، لكنّه فشل في الـ2008، كما فشل في الـ2014، فواقع المقاومة هو الأفضل، ولهذا فموضوع الإعمار يسير بخطى واثقة، وأسرع من السابق، للاعتبارات المستجدة على الساحة، وللدور المصري القوي الذي دخل على الخط بحسب تأكيدات إبراهيم المدهون المقرّب من حركة حماس، والذي أكد أنّ مصر لديها ميزة عن دول مثل السعودية والإمارات وقطر التي ساهمت في إعادة الإعمار في قطاع غزة سابقاً ولها فيه مدن مثل مدينة حمد، ومدينة الشيخ زايد، والحي السعودي، بخلاف مصر التي لديها علاقات وثيقة مع قطاع غزة، وتتابع ملف القضية الفلسطينية كونها الجار اللصيق للقطاع.
ولهذا فإنّ دخول مصر كما يرى المدهون، في مسألة الإعمار، أمر مهم، وسيحدث فارقاً. ويؤكد المدهون أنّ التقارب القطري-المصري سيصبّ في صالح القضية الفلسطينية، كما سيصبّ التقارب التركي-المصري في صالح رفع الحصار، وتعزيز قطاع غزة، وتعزيز المقاومة. لكن ملف الإعمار لا يزال شائكاً، وتتعامل معه المقاومة الفلسطينية من باب أنها تستطيع فرض رأيها ومسارها أكثر من أي وقت مضى.
يرى البعض أنّ المنحة المقدرة بـ500 مليون دولار، والتي خصصتها مصر لإعادة الإعمار في غزة، تجعل الأمر موضع تساؤل. إذ من أين لمصر هذا المبلغ الضخم، هي التي تعاني من وضع اقتصادي صعب؟ ويؤكدون أنّ مصدر الأموال إماراتي، وشرط الإعمار أن يُلزّم التنفيذ عن طريق شركات مصرية مرتبطة بالجيش، والمخابرات المصرية
ويكشف المدهون أنّ حماس مستعدة لأن تعطي الضمانات في عدم استخدام أي من مستلزمات الإعمار وطرقه في العمل العسكري، مؤكداً أنّ لحماس طرقها التي أبدعت فيها في صناعة الصواريخ، وفي التدريب والإعداد، وفي مراكمة القوة، وهذه أمور بعيدة كل البعد عن الإعمار، منوهاً في المقابل بأنّ حماس لن تلتزم لأحد بأّنها ستوقف مراكمة قوتها، وتسليح نفسها، لأنها تعد الأمر حقاً لها.
وعلى بالعكس من ذلك، بات يطرح اليوم في اللقاءات الرسمية مع الدول، واجب تسليح الشعب الفلسطيني، ومقاومته، وحماس لا تخجل في هذا الجانب، لكنها تفصل بين الإعمار، ويبن الجهد الحركي الخاص بالتسليح ومراكمة القوة، الذي ليس له أي علاقة بحسب تأكيدات كثيرين من المراقبين، ومنهم المدهون وأبو شمالة، بملف الإعمار لأن لدى حماس القدرة على مراكمة قوتها، وتصنيع صواريخها، وبناء منظومتها العسكرية، من دون الحاجة إلى مثل هذه الطرق، فلمسألة التسليح العسكري مسارات أخرى، عملت حماس على تأمينها بطبيعة الحال.
وهذا ما يؤكدّ عليه فعلياً عضو المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، حسام بدران، الذي قال لرصيف22: "إنّ ما يعني حركة حماس هو أن يتم الإعمار على أرض الواقع، وأن تصل المساعدات والمنح إلى مستحقيها في غزة، بشفافية ووضوح، مشدداً على أنّه لا يجوز لأي طرف كان أن يتعامل مع الإعمار من منطلق مصالح سياسية، فالإعمار حق للشعب الفلسطيني في غزة، وليس منّة من أحد".
ويضيف بدران: "الاحتلال، من خلال حصاره المتواصل لغزة، وكذلك جرائمه المتواصلة وآخرها العدوان الأخير، هو المسؤول عن هذا الدمار في البنى التحتية، والأبراج السكنية، والمؤسسات المدنية، وليس من حقه وضع أي شروط في موضوع إعادة الاعمار"، مشيراً إلى أنّ حماس في غزة لديها من الخبرات والإمكانات والتجارب ما يضمن تنفيذ الإعمار على أكمل وجه، وأنها لا تبحث عن مصالح حزبية، أو ذاتية، في هذا الشأن، وهي أكثر الجهات حرصاً على أن يتم الإعمار بأفضل صورة، وأسرع وقت.
وفيما يتعلق بمسألة مساومة إسرائيل على قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة، يجيب بدران بالقول: "ملف الأسرى في سجون الاحتلال قضية وطنية سياسية إنسانية منفصلة عن كل القضايا الأخرى، وتحريرهم واجب علينا من باب الوفاء والإقرار بفضلهم وتضحياتهم، وهذا الموقف المتعلق بهذه القضية، تعرفه كل الأطراف، وتدرك أنّه ليس مطروحاً للنقاش، أو التفاوض أبداً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...