مع بقاء أقل من ثلاثة أسابيع على الانتخابات الرئاسية الإيرانية المزمعة في 18 حزيران/ يونيو، تزداد الحملات الدعائية حدةً ويسعى كل مرشح إلى رفع سقف "تفوقه" على منافسيه عبر الوعود الانتخابية التي وُصفت غالبيتها بأنها "غير منطقية" و"بعيدة المنال"، وسط تحذيرات من خطورتها مستقبلاً على نظام الحكم والبلد.
وكان مجلس صيانة الدستور في إيران قد أعلن موافقته، في 24 أيار/ مايو 2021، على خوض سبعة مرشحين للانتخابات الرئاسية المرتقبة، مستبعداً واحداً من أشهرهم، وهو الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
في 31 أيار/ مايو، سلطت عدة صحف إيرانية الضوء على الوعود الانتخابية "المستحيلة" و"غير المعقولة" خلال هذا السباق الرئاسي "بشكل يفوق أي وقت مضى"، وإن أقرت بأنها ليست بالجديدة على المشهد الانتخابي في البلاد.
تركيع أمريكا ووعود مالية مغرية
وعدّدت صحيفة "ستاره صبح" الوعود الانتخابية "غير القابلة للتصديق" قائلةً: "يقول أحدهم إنه سيوفر دعماً قدره 450 ألف تومان، ويدعي آخر أنه يمكن حل مشكلة سوق الأسهم خلال ثلاثة أيام، ويزعم ثالث أنه سيوفر مليون وظيفة سنوياً، وقال آخر إنه إذا أصبح رئيساً فسوف يجعل أمريكا تتضرع وتُضطر إلى رفع جميع العقوبات"، متابعةً أنها "وعود متكررة غير منطقية أو واقعية".
"تتعارض مع الحقائق" و"لا يمكن تنفيذها عملياً"... مرشحو الرئاسة في إيران يتبارون في الوعود الانتخابية "العنترية" على الموديل العربي
ونقلت الصحيفة عن المرشح الرئاسي محسن رضائي تعهده في خطبة انتخابية عبر حسابه في انستغرام، الجمعة 28 أيار/ مايو: "بصوتكم الحاسم وتشكيل حكومة عمل وتغيير، سنقدم إعانة مالية قدرها 450 ألف تومان شهرياً إلى 40 مليون إيراني من ذوي الدخل المنخفض".
وخصّ المرشح غازي زاده هاشمي، عبر تويتر الأزواج الجدد بوعد مالي ضخم. قال: "عندما أصبح رئيساً، سأصدر أمراً عاجلاً بتشكيل صندوق رعاية الشباب… سيحصل كل زوجين شابين على 500 مليون تومان من هذا الصندوق لغرض توظيفهم وزواجهم وإسكانهم". وزعم أن أزمة البورصة الإيرانية "قابلة للحل في ثلاثة أيام". وهو ما سخر منه المرشح أيضاً عبد الناصر همتي الذي قال عبر "كلوب هاوس": "يقولون إننا نريد إصلاح البورصة في ثلاثة أيام، هل هي ميكروويف؟".
كان لافتاً استهجان بعض المرشحين الوعود "الجوفاء" و"الكاذبة" لمنافسيهم، ووقعوا هم أنفسهم في الفخ عينه بوعود عصيّة على التصديق. من هؤلاء، علي رضا زاكاني الذي صرّح: "الأيام التي وعد فيها (المرشح الرئاسي الأسبق مهدي) كروبي بخمسين ألف تومان وفاز بعدة ملايين من الأصوات، ولّت تلك الأيام"، متابعاً في نفس المقابلة "إذا أصبحت رئيساً، فسوف أجعل الأمريكيين يتوسلون ويضطرون إلى رفع جميع العقوبات".
اللافت أن بعض المرشحين استهجن الوعود "الجوفاء" و"الكاذبة" لمنافسيه، ووقع في الفخ نفسه. من هؤلاء، علي رضا زاكاني الذي صرّح: "إذا أصبحت رئيساً، فسوف أجعل الأمريكيين يتوسلون ويضطرون إلى رفع جميع العقوبات"
لم يغب إبراهيم رئيسي (60 عاماً)، رئيس السلطة القضائية، وأحد المقربين من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وأكثر المرشحين حظوظاً في هذه الانتخابات، عن موكب الوعود غير الواقعية. قال رئيسي إن "70% من القدرة الاقتصادية للبلاد غير نشطة" وإنه عبر "تفعيل هذه القدرات، يمكننا خلق مليون فرصة عمل في السنة".
وتحت عنوان "أرقام خيالية"، استطلعت صحيفة "همدلي" آراء العديد من خبراء الاقتصاد بشأن الوعود بالدعم المالي أو علاج أزمات اقتصاد البلاد، مبرزةً أنهم وجدوها "متعارضة مع الحقائق على أرض الواقع، ولا يمكن تنفيذها عملياً".
تزيد وضع البلد "تعقيداً وصعوبة"
في الأثناء، انتقد فريق من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين والمواطنين الوعود المتكررة غير القابلة للتطبيق. وانتقد غلام حسين الشافعي، رئيس غرفة التجارة الإيرانية، الارتكان إلى وعود "قديمة قيلت مرات عديدة في العقود الماضية لكنها لم تمهد الطريق لتحسين الوضع".
واعتبر أن "تقديم وعود فارغة من قبل أي شخص وأي تيار خيانة للشعب. يجب أن نتعلم من الماضي وأن نُعلي كرامة الناس".
وكتب المحلل السياسي عباس سليمي نامين، في صحيفة "إيران" الحكومية، تحت عنوان "وعود مستحيلة وبعيدة عن متناول المرشحين" أن تقديم المرشحين الرئاسيين وعوداً "مستحيلة وبعيد المنال" يجعل الوضع في البلاد "أكثر تعقيداً وصعوبة".
وأوضح أنه بينما يعتقد العديد من الساسة "أنه كلما نجحوا في تعبئة الجمهور، زاد عدد الأصوات في صندوق اقتراعهم في النهاية"، إلا أن الوعود الانتخابية في الحملة الرئاسية الحالية "جوفاء" ولا يمكن أن تقنع الجمهور لأنها تفتقر إلى ثلاثة عناصر ضرورية لأي وعد انتخابي: المنطق، وملامسة مشاكل الناس، والحل الخبير للمشكلات.
"تقديم وعود فارغة خيانة للشعب. يجب أن نتعلم من الماضي وأن نُعلي كرامة الناس"... خبراء يحذرون من خطورة الوعود الانتخابية الزائفة في إيران على مستقبل البلاد بما في ذلك نظام الحكم وثقة المواطنين به
وحذّر نامين من أن عدم الوضوح في تعبيرات وشعارات المرشحين "سيؤدي في النهاية إلى قلق نفسي في المجتمع من حيث المطالب والتوقعات وفهم الواقع والأمل في المستقبل والثقة في النظام وما شابه"، مضيفاً أنه بينما "بعض سياسيينا ما زالوا يفكرون فقط في إثارة الرأي العام بشكل مؤقت عبر شعاراتهم ووعودهم، قد يكون هذا التحفيز المؤقت في صالحهم على المدى القصير في شكل تصويت، ولكن على المدى الطويل، لن يسبب لهم مشاكل فحسب، بل سيسبب مشاكل للجميع"، بما في ذلك نظام الحكم.
وشدد على أنه في الوضع الراهن بإيران "سرد المشاكل ليس فناً عظيماً، ولا النطق بشعارات تملأ الفم" بعدما أصبح "الناس العاديون يدركون المشاكل ربما أفضل من المرشحين"، خاتماً بأن "فن السياسة في هذا المجال يتمثل في الإقناع بالتعبير عن حلول منطقية وإبعاد العملية الانتخابية عن الأساليب المثيرة".
ويبدو أن المرشد الأعلى، خامنئي، كان ينتقد وعود المرشحين في خطابه الأخير، إذ شدد على أهمية مراعاة الأخلاق، وتجنب نشر الكراهية والاتهامات، رافضاً تداول "شعارات غير واقعية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين