أثارت قضية اللاعب "الفرنسي – الجزائري" زاهر بلونيس Zahir Belounis جدلاً واسعاً زاد من الضغوطات التي تعرضت لها قطر، بعد فتح ملفات القضايا المتعلقة بتوقيت إقامة المونديال، ومن ثم مشكلة العمالة الأجنبية واتهامات بـ"العبودية" في أصغر دولة تستضيف بطولة كأس العالم عبر التاريخ.
اللاعب ذو الـ 33 عاماً، والذي أكسبته قضيته شهرة لم يستطع تحقيقها كلاعب، نجح بعد 17 شهراً قضاها فيما يمكن اعتباره "إقامة جبرية"، بتسوية أوضاعه مع نادي الجيش القطري الذي تحفظ على اللاعب ومستحقاته، بعد خلافات مادية، لم يستطع الطرفان تسويتها، وساهم نظام الكفالة المعتمد في دول الخليج، بمنح الأفضلية فيها للنادي على حساب اللاعب الذي اضطر للتنازل عن مطالبه والرضوخ إلى الشروط التي منحته حريته في النهاية.
يتعرض نظام الكفالة في قطر، ودول الخليج عموماً، لانتقادات قاسية من المنظمات الحقوقية التي تصفه بأنه شكل من أشكال العبودية الحديثة، حيث يتعين على الأجانب الحصول على موافقة الكفيل للحصول على إذن بالخروج من البلاد.
قال جيمس لينش James Lynch الباحث العامل في منظمة العفو الدولية والمختص في شؤون العمالة الأجنبية في الخليج: "إن نظام الكفالة يحفز التجاوزات والاستغلال كما يسمح بتفشي ظاهرة الاتجار بالتأشيرات من قبل الكفلاء المواطنين” وقال لينش إذا ما اكتشف العامل الأجنبي أنه خدع بالنسبة لشروط عمله بعد توظيفه، أو إذا وجد أنه يعاني من ظروف عمل وإقامة يشوبها الاستغلال من قبل رب العمل، ليس بإمكانه تغيير عمله من دون موافقة الكفيل.
بلونيس الذي انضم إلى نادي الجيش القطري عام 2007، أكد في أحدث تصريحاته أنه بصدد رفع دعوى قضائية ضد إدارة نادي الجيش القطري التي كانت وراء احتجازه، وأوضح محامي اللاعب أنه قرر اللجوء إلى مكتب المدعي العام في باريس لتقديم شكوى مبنية على ثلاثة أسس هي الاحتيال، العمل في ظروف غير إنسانية والابتزاز المالي. قال بلونيس: "معركتي ليست ضد قطر، إنّها ضد النادي، لكن بالطبع سوف نتحدّث عن النظام الذي اغتالني وحطّمني. لن أدافع عن هذا النظام، لازلت غير مصدّق أنني عدت إلى فرنسا، شعوري يتحسن يوماً بعد يوم، لكنني بحاجة لمزيد من الوقت لكي يكون شعوري جيداً مائة بالمائة".
رد الفيفا FIFA على قضية بلونيس جاء سابقاً لعودة اللاعب إلى بلاده، حيث أكد الاتحاد الدولي أنه لا يحق له التدخل في القضية لأن بلونيس اختار في تعاقده مع النادي القطري محكمة عادية في قطر بدلاً من الخيار الثاني وهو الإشارة إلى لجنة فض المنازعات في الفيفا. جاء في الرد أيضاً، أن الاتحاد الدولي لم يتسلم أي دعوى تعاقدية من بلونيس ضد ناديه القطري إضافة إلى أي مستندات مساندة لقضيته.
قضية بلونيس أزاحت الستار عما بدى أنه جرح قديم لدى عدة لاعبين، ففتح المدافع المغربي السابق عبد السلام وادو Abdeslam Ouaddou النار على السلطات القطرية واتهمهم بتطبيق نظام العبودية على زميله الفرنسي كاشفاً عن تفكير بلونيس في الانتحار بعد عجزه عن الوصول إلى حل، وفشله في إعالة زوجته و ابنتيه مع إصرار إدارة ناديه تسديد أجره المتراكم، بحسب تعبيره.
وادو الذي عاش تجربة مماثلة مع نادي لخويا، سبق وأن هاجم الأندية والسلطات القطرية في تصريحات سابقة بالقول: "عندما يوظفك مسؤولو النادي فإنهم يفرشون لك البساط الأحمر، ولكن عندما يريدون الاستغناء عنك فإنهم يخبرونك بذلك بكل وضوح... يبدو أنه لا وجود للقانون الدولي عندهم، فالطرق المتبعة من طرفهم هي شبيهة بتلك المتعلقة بالعبودية... ولا يزال العديد من أصدقائي محتجزين هناك".
اللاعب الدولي المغربي السابق يوسف حجي Youssouf Hadji خرج هو الآخر بتصريحات نارية، حيث انتقد الأنظمة الكروية في قطر وأكد عدم وجود أي شيء إسمه "الاحتراف" في دوري النجوم. لم يُخف حجي غضبه من ناديه السابق العربي القطري في مقابلة سابقة، مع صحيفة ليكيب Lequipe الفرنسية، حيث قال: "من لم يحترف في قطر فلن يعلم مدى المُعاناة التي يعيشها اللاعبون هناك، المشاكل تلاحقهم دائماً في الدوحة. بالتأكيد لا أنصح أي لاعب بالذهاب إلى قطر وبالتحديد إلى نادي العربي".
يؤكد بلونيس أن يأسه قبل انفراج القضية دفعه بالتفكير بالهرب والانتحار: "كنت أبكي كل يوم ثم عاقرت الخمر و فكرت بالانتحار، قبل أن يأتي اليوم الموعود حين رن هاتفي وأخبرني الصوت المنبعث، يجب أن تغادر غداً. لقد حصلت على تأشيرة الخروج".
التصريحات الأخيرة التي اعتبرها الكثيرون مفاجئة، أكد بلونيس خلالها أنه لا يحمل أي ضغينة ضد قطر، معبراً عن سعادته لاستضافتها كأس العالم، ومشيراً في الوقت ذاته إلى أنه سيتابع قضيته التي بدأها للحصول على حقوقه من نادي الجيش ولن ينسى أو يغفر لمن دمر حياته. وفي حال تواصل الملاحقة القضائية في باريس، فإنّها ستطال الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني رئيس نادي الجيش وشقيق أمير قطر.
تقول شارون بورو Sharan Burrow الأمينة العامة لاتحاد التجارة الدولية ITUC إن "بلونيس وعائلته تعرضوا لظلم شديد، وجاءت قصتهم لتسلط الضوء على الحالة التي يواجهها 1.3 مليون مهاجر في قطر". ومن المرجح أن قضية بلونيس تم التدخل في حلها من قبل "مستويات عليا" أو من خلال تدخلات دبلوماسية سياسية، وذلك في محاولة لتجنب قضية جدلية أخرى توضع إلى جانب مثيلاتها من القضايا (ارتفاع درجات الحرارة، مشاكل العمالة الأجنبية واتهامات العبودية) التي تقف عائقاً أمام احتفاظ قطر بشرف تنظيم المونديال المنتظر عام 2022.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين