ثماني سنوات لا زالت تفصل قطر، لتصبح الدولة الأصغر التي تستضيف بطولة كأس العالم، وعلى الرغم من طول المدة، إلا أن "حرارة" صيف الخليج العربي، سببت حمّى مبكرة لأولي الأمر الكروي العالمي، فطفت الحيرة على سطح هذه الاستضافة، وتراوحت الآراء بين التشبث بإقامة البطولة صيفاً أو نقلها للشتاء، أو، سحب شرف التنظيم كلياً من دولة "دوري النجوم".
تعالت الأصوات مع ظهور إسم قطر على البطاقة التي أعلنت فوز الدوحة بشرف استضافة البطولة الأعظم، منددة بلهيب الصيف "المضاعف" الذي سيؤثر سلباً على لاعبي المنتخبات المشاركة في البطولة. درجات الحرارة المرتفعة كانت قد دقت ناقوس الخطر في مونديال جنوب إفريقيا 2010، فكيف إذاً في قطر، حيث درجات الحرارة أعلى بكثير.
تتزايد الضغوط اليوم لسحب تنظيم نهائيات كأس العالم من الدولة القطرية، نظراً للهجوم الذي يُشن عليها من أطراف عدة، على ما أوردته صحيفة الدايلي ميل البريطانية Daily Mail، التي اعتبرت أنه بات في حكم المؤكد أن يعلن الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أنه لن يكون من الممكن تنظيم المونديال في فصل الصيف.
على الرغم من أن الحرارة هي السبب الرئيسي الذي يستخدمه المطالبون بإقامة مونديال قطر 2022 في الشتاء، إلا أن أسباباً كثيرة تعوق ذلك، وتصعّب الحسم. تبرز جداول البطولات العالمية، وعقود الإعلانات لدى كبريات الشركات العالمية، كحجر عثرة كبير يقف أمام الراغبين في إقامة أعظم بطولات الكرة شتاء، للمرة الأولى منذ عقود. بين رحلة الشتاء والصيف، يجد المتابعون لتصريحات مسؤولي الكرة العالمية تخبطاً وتردداً يعكس الخوف الذي يدور في كواليس الفيفا، جراء اتهمات الفساد الموجهة إلى المؤسسة الرياضية الأكبر عموماً، وشكوك التلاعب في نتائج التصويت التي منحت قطر حق استضافة البطولة.
في أحدث تصريحات للمعنيين بهذه القضية، الذين يملكون القول الفصل القادر على حسم الجدال حيال توقيت الاستضافة، اعتبر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم سيب بلاتر Sepp Blatter في مقابلة مع موقع ”إنسايد وارلد فوتبول“ Inside World Football أنه من الأفضل أن تنظم فعاليات الكأس في الشتاء، ذاهباً إلى حد اعتبار أن اختيار قطر ربما كان ”غلطة“. وكان بلاتر قد صرح قبل ذلك أنه يسعى إلى تسهيل إقامة المونديال القطري في الشتاء، لذا وضعت الفيفا أجندة دولية جديدة في نهاية عام 2014، قد تسهل من إمكانية تبديل موعد نهائيات كأس العالم عام 2022 ليقام خلال فصل الشتاء.
على نقيض تصريحاته هذه، كان بلاتر قد كشف لصحيفة "ذا صن" The Sun البريطانية في شهر مارس، أنه من الممكن سحب تنظيم بطولة 2022 من قطر، بسبب درجات الحرارة التي قد تصل إلى 50 درجة مئوية. نقلت الصحيفة عن بلاتر قوله: "لكي يكون هناك تغيير في موعد إقامة البطولة، يجب على الدولة المنظمة (قطر) أن تطلب ذلك، وهو ما لم يحدث بعد. هم (القطريون) يدركون أنهم إذا فعلوا ذلك، سيخاطرون بإمكانية تقديم المرشحين الآخرين شكاوى لدى الفيفا، ومن ثم سيتحتم إقامة عملية التصويت من جديد".
على مقربة من بلاتر، هاجم الألماني تيو تسفانتسيغر Theo Zwanziger عضو اللجنة التنفيذية في الفيفا قرار منح الاستضافة إلى قطر، مؤكداً أن ذلك القرار كان خطأً فادحاً، كما أن تحويل موعد البطولة من الصيف إلى الشتاء سيمثل مشكلة كبيرة. وقال تسفانتسيغر: "إن تغيير موعد كأس العالم إلى الشتاء سيؤثر كثيراً على ترتيبات الاتحادات الوطنية الأوروبية، كما أن إقامة كأس العالم في الشتاء تعني مشاهدة الناس للبطولة وهم يرتدون أحذية التزلج وسط درجات التجمد". وتابع "إذا كان القرار خطأ، فإنه من الضروري تغييره، لا أن يمثل عبئاً أكبر على غير المشاركين بتغيير موعد البطولة إلى الشتاء. من الممكن أن يؤثر تغيير موعد كأس العالم إلى يناير أو فبراير على المتابعة الجماهيرية والمشاهدة التلفزيونية لبعض الأحداث الرياضية الأخرى، مثل بطولة استراليا المفتوحة للتنس أو الألعاب الاولمبية ".
وإلى جانب تأكيد ميشيل بلاتيني Michel Platini (رئيس الاتحاد الأوربي لكرة القدم وأبرز المرشحين لخلافة بلاتر في رئاسة الفيفا)، على أن إقامة كأس العالم 2022 "أمر مستحيل" بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، أتت تصريحات جيروم شامبين Jerome Champagne رئيس العلاقات الدولية السابق في الفيفا، لتكون "الأقسى" من حيث التوجه و المضمون. قال شامبين في تصريح نقلته وكالة الأنباء الألمانية ملمحاً إلى شبهات الفساد التي تحدثت عنها مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية، والتي أحاطت بعملية منح قطر حق الاستضافة: "نريد أن نعرف، كأس العالم هو الحدث الرياضي الأكبر في العالم، ويجب تنقيته من أي نوع من الشبهات".
وأشار شامبين: "لدينا مشكلة، اقتراع التصويت لكأس العالم 2022، يتضمن لعب (النهائيات) في الصيف كالمعتاد، و نحن نعرف حالياً أن التقرير الفني للجنة التقييم يوضح تماماً أنه من الخطر اللعب هناك (قطر) في أشهر الصيف، بالتالي يجب أن نعرف لماذا قرر أعضاء اللجنة التنفيذية الذين قرأوا التقرير، التصويت لصالح قطر". من جهتها، استنكرت اللجنة المنظمة للمونديال القطري الاتهامات التي تتحدث عن تقديم الرشاوى وشراء الأصوات خلال عملية التصويت حول البلد المستضيف، والتي تنافست فيها مع الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، وقال ناصر فهد الخاطر، مدير الاتصالات والتسويق في الملف القطري، في مقابلة نشرتها صحيفة تاغشبيغل tagesspiegel الألمانية : "ماذا يجب أن نفعل؟ في كل حدث رياضي عظيم، يكون هناك نوع من الجدل، إنها طبيعة اللعبة "، و أضاف: "إذا توصل الجميع لاتفاق بشأن إقامة البطولة صيفاً، لن تكون لدينا مشكلة، ولن تكون لدينا أي مشكلة أيضاً إن تقرر إقامة البطولة شتاء".
وعدت اللجنة المنظمة للمونديال القطري في العديد من تصريحاتها بتطوير نظام تكييف وتبريد للملاعب التي ستقام عليها فعاليات البطولة، في خطوة ستجنب اللاعبين والجماهير، درجات الحرارة العالية التي تثير قلق الجميع. واعتبر رئيس اللجنة حسن الذوادي أنه ما من مبرر يمنع قطر من استضافة البطولة. تقول أحدث المعلومات التي نقلتها مجلة "كيكر" الألمانية عن مصادر "قيادية" في الفيفا أن نهائيات 2022 ستقام في الثامن عشر من ديسمبر (أي في فصل الشتاء)، إلا إذا كان للسنوات الثماني القادمة رأي آخر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين