شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
كل الأوقات مناسبة للقتل... كيف يطمئن الاحتلال إلى خنق مستشفيات غزة؟

كل الأوقات مناسبة للقتل... كيف يطمئن الاحتلال إلى خنق مستشفيات غزة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 16 مايو 202105:16 م

قطعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس السبت 15 مايو/ آيار، كافة الطرق الواصلة إلى مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات قطاع غزة المُحاصَر. إذ قامت قوات الاحتلال بقصف الطرق الواصلة إلى المستشفى في الوقت الذي كثفت فيه اعتداءاتها على المنازل في مختلف مدن ومخيمات القطاع، ما تسبب، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، في زيادة عدد الضحايا بسبب تعثر عمليات إسعافهم.

قامت قوات الاحتلال بقصف الطرق الواصلة إلى المستشفى في الوقت الذي كثفت فيه اعتداءاتها على المنازل في مختلف مدن ومخيمات القطاع، ما تسبب، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، في زيادة عدد الضحايا بسبب تعثر عمليات إسعافهم.

وأدانت منظمة التعاون الإسلامي في البيان الصادر عن اجتماعها الطارئ المنعقد اليوم، الأحد، في جدة السعودية، الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين العزَّل، وذلك بعد ليلة دامية شهدها اليوم السادس من الاعتداءات الإسرائيلية على غزة؛ إذ كثفت قوات الاحتلال من هجماتها عبر سلاح الجو والقصف البري، لتصل جملة الضحايا إلى 181 فلسطينياً بينهم 52 طفلاً، ونجم عن العمليات إصابة 1225 فلسطيني منذ بدء التصعيد في القطاع، وذلك بحسب البيانات الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، منهم "33 شهيداً في مجزرة شارع الوحدة وسط مدينة غزة، بينهم 12 سيدة وثمانية أطفال" بحسب تصريحات أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية.

وتواصل قوات الدفاع المدني في غزة – حتى لحظة نشر هذا التقرير- انتشال جثامين الضحايا ومحاولة إنقاذ من بقى حياً تحت أنقاض المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال خلال الليالي الماضية.

وربما كانت التحركات الدولية الأخيرة التي تمثلت في إعلان دولة الاحتلال كدولة مرتكبة لجرائم الحرب، واتهامها بممارسة سياسات الفصل العنصري في تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش؛ هو ما دفع سلطات الاحتلال إلى اتباع منهج جديد في منع الخدمة الطبية عن سكان قطاع غزة المحاصر

استهداف المستشفيات

تتمتع المستشفيات ونقاط وعربات الإسعاف والطواقم الطبية بوضع خاص في مناطق النزاعات والحروب، إذ يعد الاعتداء عليها جريمة حرب بحسب المعاهدات الدولية، وأبرزها معاهدة جنيف الأولى الموقعة عام 1864، السارية منذ توقيعها.

إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلية عادة ما تضع المستشفيات ونقاط الإسعاف والأفراد المقدمين للخدمة الطبية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ضمن "بنك" أهدافها العسكرية.

وسبق لقوات الاحتلال استهداف المستشفيات في قطاع غزة المحاصر وكذلك عربات الإسعاف بشكل مباشر في هجمات سابقة، أبرزها الاعتداء على مستشفى الشفاء (أكبر مستشفيات غزة) ومستشفى الأطفال بغزة خلال الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع في 2014، المعروفة إعلامياً باسم "الحرب على غزة".

وقال تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، إن قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي تعمدت الاعتداء" على المستشفيات في قطاع غزة، حيث قال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة فيليب لوثر – وقتها- إن "هناك أدلة على استهداف الجيش الإسرائيلي مراكز طبية ومستشفيات، ومنع طواقم طبية من الوصول لإسعاف الجرحى وانتشال الجثث"، وأضاف أن هذه الاعتداءات يحظرها القانون الدولي وترقى إلى جرائم حرب.

وتوفر لدى منظمة العفو الدولية وقتها أدلة على تعمد قوات الاحتلال الاعتداء على الطواقم الطبية بالقطاع واستهدافهم لمنعهم من إنقاذ المصابين، وطالب مدير المنظمة وقتها بالتحقيق الفوري في جريمة مقتل ستة مسعفين فلسطينيين في استهداف مباشر من سلاح الجو الإسرائيلي.

وشكلت هذه الوقائع إلى جانب استهداف المدنيين العزل أثناء محاولات هروبهم من القصف الإسرائيلي وقتها، سنداً لاتهام دولة الاحتلال بارتكاب جرائم حرب، وأسهمت في تحركات فاتو بنسودا المحققة في المحكمة الجنائية الدولية، لاتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وهو الادعاء الذي رفضته إسرائيل معلنة لاحقاً أنها لن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.

 وربما كانت التحركات الدولية الأخيرة التي تمثلت في إعلان دولة الاحتلال كدولة مرتكبة لجرائم الحرب، واتهامها بممارسة سياسات الفصل العنصري في تقرير غير مسبوق صدر عن منظمة هيومان رايتس ووتش الشهر الماضي؛ هو ما دفع سلطات الاحتلال إلى اتباع منهج جديد في منع الخدمة الطبية عن سكان قطاع غزة المحاصر؛ إذ لجأت قوات الاحتلال خلال الاعتداءات الحالية إلى قصف محيط المستشفيات لقطع الطرق الواصلة إليها، عوضاً عن قصف مباني المستشفيات نفسها.

 إذ أعلنت دكتور مي الكيلة وزير الصحة الفسليطينية في 11 مايو الجاري، أن قوات الاحتلال قصفت محيط المستشفى الإندونيسي بالقطاع، وتسبب عنف القصف في إحداث أضرار بالمستشفى. واعتبرت الوزيرة ما ارتكبته قوات الاحتلال "جريمة مزدوجة، حيث استهدف الاحتلال بداية المواطنين الأبرياء، وفي قصفه لمحيط المستشفى استهدف منعهم من تلقي العلاج" بحسب البيان الرسمي. وهو ما كررته قوات الاحتلال مع مستشفى الشفاء بقطع الطرق الواصلة إليها بالتزامن مع تكيف القصف خلال الليلة الماضية.


(جناح الأطفال بمستشفى القدس بغزة، بعد القصف الإسرائيلي الذي استخدم فيه الفوسفور في 2009 - المصدر: ويكي كومونز)

بنية تحتية ضعيفة

بحسب بيانات وزارة الصحة الفسلطينية، يوجد في قطاع غزة 30 مستشفى، موزعة على مدن ومحافظات القطاع، تخدم ما يزيد على مليونين و254 ألفاً من سكان غزة، بمن فيهم سكان المخيمات الواقعة داخل القطاع، بسعة نحو 2867 سريراً أي بمعدل سرير واحد لكل 784 نسمة، بحسب إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية. ويشمل ذلك المستشفيات الخاصة والأهلية (الخيرية والنقابية) والنفسية، ومستشفيات الأطفال والنساء والتوليد، إلى جانب مستشفيات الخدمات الطبية العامة، والتي يتبع معظمها وزارة الصحة الفلسطينية مباشرة.

ويعاني قطاع غزة نقصاً في الخدمات الطبية بالمقارنة للاحتياجات الدائمة للسكان، خاصة مع تكرار القصف والاعتداءات الإسرائيلية التي تخلف مئات، واحياناً آلاف، المصابين. وهو ما دعا السلطات المصرية في 2008 إلى فتح المستشفيات المصرية العامة والجامعية والخيرية أمام المصابين جراء الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة، خاصة مع اعتداء قوات الاحتلال وقتها على مولدات الكهرباء الخاصة بالمستشفيات، ومنع دخول الوقود اللازم لتوليد الكهرباء في القطاع، ما تسبب في عجز كبير في تقديم الخدمات الطبية الحرجة وبخاصة الجراحات ووحدات العناية الفائقة، مما زاد من عدد ضحايا الاعتداءات، بحسب تقرير لوكالة غوث اللاجئين "أونروا". 

استراتيجيات عديدة بهدف "صحّي" واحد

التأثير سلباً على الخدمات الصحية المقدمة لسكان قطاع غزة من خلال التحكم في الوقود والإمدادات الطبية الواردة إلى القطاع، هو منهج إسرائيلي بدأ بقصف قوات الاحتلال لمحطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة في 2006، بعد عام واحد من انسحاب جيش الاحتلال من القطاع، لتضطر غزة إلى الاعتماد كلياً على إسرائيل في الحصول على الوقود والكهرباء، إلى جانب بعض الوقود الذي كان يصل إلى غزة عبر الأنفاق في رفح المصرية قبل تدميرها بالكامل على يد القوات المسلحة المصرية خلال الفترة من 2015 إلى 2016.

تلا ذلك قرار من السلطات الإسرائيلية في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2007، يقضي بتقليص كميات الوقود والكهرباء التي يجري توريدها للقطاع، وأيدت المحكمة الإسرائيلية العليا هذا القرار، بحسب تقرير أعدته السلطة الفلسطينية وأصدرته منظمة الصحة العالمية في 2009. وبعد سريان القرار، قامت قوات الاحتلال بالاعتداء على القطاع ظهر يوم 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008، في فترة اكتظاظ الشوارع بالطلاب والموظفين، ما تسبب في مقتل 1380 فلسطينياً، كان 40% منهم من النساء والأطفال. ووصل عدد الجرحى إلى أكثر من 5380 جريحاً، أكثر من 50% منهم من الأطفال والنساء. وكانت معظم الإصابات بالرأس والصدر والبطن، وتوفي معظم الجرحى قبل وصولهم إلى المستشفيات، أو بسبب العجز عن توفير الخدمات الطبية اللازمة.

واستهدفت قوات الاحتلال وقتها 15 مستشفى من أصل 27 كانت قائمة وقتها في القطاع، منها مستشفى الأطفال، بالإضافة إلى التدمير الكامل لـ41 مركز رعاية صحية أولية.

الأمر نفسه تكرر في 2009، 2012، 2013، 2014، 2018، وتسبب الحصار المفروض على القطاع وتقليل حصته من الوقود والكهرباء – التي يعتمد القطاع فيها على دولة الاحتلال- في تهديد 5 مستشفيات كبرى بالغلق في 2019. واعتبرت منظمة هيومان رايتس ووتش تعمد إسرائيل تقليل الوقود والكهرباء للتأثير على الخدمات الطبية والغذائية بقطاع غزة المحاصر بمثابة جريمة حرب، باعتبارها كيان احتلال مسؤول بموجب القانون الدولي عن حياة السكان الواقعين تحت سيطرته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image