أعلن النائب عبد الفتاح يحيى عضو مجلس النواب المصري عن حزب مستقبل وطن – الموالي للسلطة - عن اعتزامه التقدم بمشروع قانون يقضي بفصل من يثبت إنتماءه إلى جماعة الإخوان – المصنفة إرهابية - من الجهاز الإداري للدولة، وذلك بعد تصريحات أدلى بها وزير النقل كامل الوزير أمام البرلمان في 26 أبريل / نيسان الماضي، اتهم فيها "عناصر إخوانية" بالتسبب في حوادث السكك الحديدية، مشيراً إلى أن الحل هو "وجود تشريع بفصل عناصر الإخوان من الخدمة".
يخالف نص مشروع القانون، القواعد التشريعية المستقرة التي تقضي بعدم إيقاع العقوبة إلا بعد إثبات الاتهام، إذ يجعل مشروع القانون تنفيذ العقوبة (الفصل من العمل) سابقة على إتمام التحقيقات وثبوت انتماء المتهم/ الموظف إلى جماعة الإخوان المسلمين
ونص مقترح القانون على "وقف واستبعاد كل من يشتبه به أنه من جماعة الإخوان الإرهابية، لحين الانتهاء من التحقيقات التي ستجرى بواسطة النيابة الإدارية، وفصل كل من يقوم بنشر أخبار كاذبة أو إشاعات مضللة تدعو إلى التحريض وتعطيل الإنتاج من خلال وسائل التواصل الاجتماعي". وهو ما يخالف القواعد التشريعية المستقرة التي تقضي بعدم إيقاع العقوبة إلا بعد إثبات الاتهام، إذا يجعل مشروع القانون تنفيذ العقوبة (الفصل من العمل) سابقة على إتمام التحقيقات وثبوت انتماء المتهم/ الموظف إلى جماعة الإخوان المسلمين. كما أنه يمثل سابقة قانونية في مصر بإيقاع عقوبة الفصل من العمل بسبب الانتماء السياسي، إذ كانت السلطات تكتفي بإيقاف الموظفين أو نقلهم إلى وظائف أخرى أو أماكن نائية أو حرمانهم من الترقيات باتهامات رسمية أخرى ليس من بينها الانتماء السياسي.
كذلك ينص مشروع القانون على أنه "لا يجوز لمن سبق اتهامه في قضايا تمس الشرف والأمانة، إذا كان ينتمي لجماعة الإخوان، العودة مرة أخرى إلى عمله بعد انقضاء مدة العقوبة. ونشر القانون في الجريدة الرسمية"، ما يعد مخالفة لقواعد التشريع القاضية بالمساوة في العقوبة حال تساوي الجريمة.
تنص المادة 60 من الدستور المصري على أنه" لجسد الإنسان حرمة... ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقاً للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية، على النحو الذي ينظمه القانون"
قوانين التفتيش
"يعتبر القانون عودة إلى حقبة التفتيش في الضمائر الذي كان يحدث في عهد الكنيسة الأوروبية"، حسب تعبير المحامي طارق خاطر الذي قال لرصيف22 إن اعتقاد الشخص أو انتماءه لجماعة أو فكر معين لا يعد إخلالاً بالوظيفة.
فالإخلال كما يقول خاطر "له ركنان: الأول مادي وهو أن يقوم الشخص بفعل شيء ملموس في الواقع، لكن التمنى أو التربص لا يعد إخلالاً. أما الركن الثاني فهو معنوي، إذ في حال تحققت الجريمة على أرض الواقع يحاسب الشخص على فعله".
وأضاف خاطر أن القضاء هو المخول إثبات تهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية "مع تحفظي الكامل على المحاكمات" – على حد تعبيره - لكن في حال سلمنا بأحكام القضاء فلا يحق ترك أمر إثبات الانتماء لشخص يعمل في مؤسسة حكومية أو تقرير يصدره شخص قد تكون له علاقة مع الأمن.
تنص المادة 65 من الدستور المصري على أن" حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر". يستدل خاطر بهذه المادة لاعتبار مشروع القانون المقدم متعارضاً مع مبادئ الدستور المصري الذي نص على حرية الاعتقاد، متسائلاً: "كيف تناقش قانوناً يتعارض مع دستورك؟"
واعتبر خاطر أن توقيت طرح المقترح خاطئ من الأساس، يضيف: "كيف يتم الحديث عن هذا المقترح حالياً في ظل وباء كورونا؟ في حال تطبيق هذا المقترح وفصل المنتمين، فإن البرلمان والحكومة يدفعان الناس إلى العوز الاقتصادي، لأن الآثار الاجتماعية للقانون ستكون خطيرة على أسرة الشخص المفصول".
ويتفق معه الحقوقي ياسر سعد المحامي بالتعاونية القانونية لدعم الوعى العمالي، قائلاً: "لا يوجد شيء في القانون ينص على فصل شخص يثبت انتماؤه لجماعة معينة، ولكي يتم إثبات صفة إرهابي على شخص لا بد من صدور حكم من محكمة النقض - أعلى سلطة قضائية في مصر- ذلك في حال سلمنا بعدالة المحاكمات" وفق تعبيره.
وقال سعد لرصيف22: "طالما الموظف يقوم بآداء عمله ليس من حق صاحب العمل إصدار أمر بالفصل، إلا في حالة ارتكاب جريمة مخلة بالشرف والأمانة"، لكن سعد يعود إلى القول: "إن فكرة الشرف والأمانة مطاطة جداً وليس لها قواعد ثابتة".
عقب ذلك، وافق مجلس النواب – مبدئياً – على مشروع قانون مقدم من الحكومة يستهدف فصل من يثبت تعاطيه المواد المخدرة من العاملين بالجهاز الإداري للدولة وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والشركات القائمة على إدارة المرافق العامة ودور الرعاية وأماكن الإيواء والملاجئ ودور الإيداع والتأهيل ودور الحضانة والمداراس والمستشفيات الخاصة.
وقضى القانون بأنه يشترط للتعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو الاستمرار في الوظائف العامة للدولة، ثبوت عدم تعاطى المخدرات من خلال تحليل يتم بصورة مفاجئة عن طريقدالجهات المختصة بذلك.
تنص المادة 60 من الدستور على أنه" لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون. ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقاً للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية، على النحو الذي ينظمه القانون"
وقال المحامي ياسر سعد إن قانون فصل من يثبت تعاطيه المخدرات يتعارض مع الدستور المصري الذي ينص على عدم جواز إجراء أي تجربة طبية إلا برضا حر، وهذا الأمر لن يتم لأنه سيجبر الموظفين على إجراء التحاليل. وهو ما تنص عليه المادة الرابعة من نفس القانون بأن "الامتناع بصورة واضحة عن إجراء التحليل، أو تعمد التهرب منه بغير عذر مقبول يعد سبباً ملزماً لإنهاء خدمة العامل".
وأثار القانون مخاوف من أن يكون حيلة من الحكومة لتفريغ الجهاز الإداري للدولة من الموظفين لتقليص أعدادهم في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي في ضوء برنامج "الإصلاح الاقتصادي".
وهو ما أشارت إليه النائبة سناء السعيد التي أعربت عن تخوفها من هذا القانون، وقالت إنه أعد للتخلص من العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وأبدت قلقها من شبهة عدم دستوريته.
ويعتبر ياسر سعد أن القانون "باطل"، لأن تعاطي المخدرات من غير وجود حرز لا يعد جريمة حسب قانون العقوبات، وما دام الموظف يقوم بمهام وظيفته على أكمل وجه ولا يتعاطي المخدرات أثناء عمله، فلا يحق لصاحب العمل، وهو الحكومة، فصله بناء على ما يفعله في حياته الخاصة.
وأضاف أن قرار فصل الموظف بسبب انتمائه أو تعاطيه المخدرات، لا بد أن يصدر عن النيابة العامة بعد تحقيق في جريمة جنائية مكتملة الأركان، وليس النيابة الإدارية، كما حددها قانون فصل من يثبت انتماؤه للإخوان، لأن النيابة الإدارية ليس من سلطتها مباشرة سلطة التحقيقات عن الأعمال الصادرة عن الموظف خارج إطار العمل، وإنما سلطتها تتعلق بالمهام الوظيفية، في حال أخطأ الموظف في عمل فني متعلق بالمهنة.
وأيد رأيه طارق خاطر وقال إن قانون فصل من يتعاطي المخدرات يعتدي على الحرية الشخصية ويدخل العام في الخاص، مضيفاً: "الدولة لها الحق في محاسبة الشخص إذا ثبت تعاطيه المخدرات أثناء آداء الوظيفة، لكن ما دام الموظف يأتي إلى عمله في كامل قواه لماذا تتم محاسبته على ذلك؟"
وحول هذا الجدل القانوني، يعتبر خاطر أن التشريعات التي تصدر في مجلس النواب هي تشريعات "فوقية" لا تُناقش في المجلس من الأساس، أو من خلال حوار مجتمعي، وإنما تنزل في "بارشوت" ثم تصدر ويصدق عليها الرئيس، حسب تعبيره.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...