شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"إنه يوم عطلة"… تحقيقات تكشف موت عشرات المهاجرين في المتوسط بتواطؤ ليبي إيطالي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 19 أبريل 202102:15 م

في الثامنة وثماني عشرة دقيقة من صباح 16 حزيران/ يونيو 2017، تلقى العقيد مسعود عبدالصمد من خفر السواحل الليبي مكالمة دولية عبر المتوسط، تخبره أن عشرة زوارق محملة بالمهاجرين، معظمها داخل المياه الإقليمية الليبية في وضع حرج. رد القائد الأمني الليبي على محدثه الغيطالي بقوله: "اليوم عطلة... سأحاول المساعدة، ربما نتوجه إليهم في الغد".

ادعى عبدالسلام بعدها أنه أنقذ "العديد من المهاجرين العالقين" لكن بنهاية أسبوع العطلة، مات 126 لاجئًا في المياه الإقليمية لدولته.

 الجمعة 16 تموز/يونيو 2017، تلقى العقيد الليبي مسعود عبد الصمد مكالمة من مسؤول إيطالي أخبره فيها أن 10 زوارق مهاجرة في محنة، فأجابه قائلاً: "إنه يوم عطلة... ربما نتوجه إليهم غداً".

في سلسلة التحقيقات، التي بدأت صحيفة الغارديان البريطانية في نشرها حول فضيحة تنصّت إيطاليا على منظمات الإغاثة الدولية العاملة في الهجرة، أظهرت ضمن وقائع أخرى، تلك الحادثة التي تركت فيها السلطات الليبية مهاجرين للموت، بتواطؤ من السلطات الإيطالية.

وقالت الصحيفة إن هذه المعلومات وردت في ملف من 30 ألف صفحة، أعده مدعون قانونيون إيطاليون، للبحث عن أدلة إدانة لمنظمات الإغاثة الخيرية التي يرجح تورط بعضها في عمليات تهريب.

 كان الجانب الإيطالي يهاتف نظيره الليبي لإنقاذ قوارب المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط في2017، لكن الطرف الثاني لم يكن مؤهلاً أو ليس لديه رغبة للقيام بهذه المهمة التي كلفه بها الأوروبيون، فتركوهم للموت.

موت مجاني

لم تكن حادثة "العطلة" هي الوحيدة في سياق التواطؤ لإغراق مهاجرين أمام السواحل الليبية، إذ تشير المحادثات المسجلة أنه بين يومي 22 و27 آذار/مارس 2017، طلب مئات الأشخاص الذين انطلقوا من صبراتة في ليبيا المساعدة من مركز تنسيق الإنقاذ البحري الإيطالي.

تقول الغارديان إن مسؤولين إيطاليين حاولوا الاتصال بعبد الصمد ومسؤولين اثنين آخرين على الأقل من خفر السواحل الليبي عدة مرات، "لكن في كثير من الأحيان كانت النتيجة سلبية". وفقدت السلطات الإيطالية فيما بعد الاتصال بالزوارق.

في 29 آذار/مارس، أكدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مقتل 146 شخصاً، من بينهم العديد من الأطفال والنساء الحوامل.

في 24 أيار/مايو 2017، انقلب واحد من قاربين على متنهما مئات الأشخاص بعد مغادرتهما للساحل الليبي. اتصل الأشخاص الذين كانوا على متنهما بخفر السواحل الإيطالي، الذين اتصلوا بعبد الصمد 55 مرة من دون رد، ومات 33 شخصاً وفقاً لمفوضية شؤون اللاجئين.

 المحادثات تُظهر أن إيطاليا كانت تعلم أن السلطات الليبية كانت غير راغبة أو غير قادرة على التعامل مع قوارب المهاجرين في البحر... تحقيق يكشف غرق مئات المهاجرين بسبب التجاهل الليبي والتواطؤ الإيطالي.

تواطؤ إيطالي

في شباط/ فبراير2017، تنازلت أوروبا عن مسؤوليتها عن الإشراف على عمليات الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط إلى ليبيا، كجزء من اتفاق أبرم بين إيطاليا وليبيا بهدف الحد من تدفقات المهاجرين عبر البحر.

وتظهر التحقيقات الجارية التي نشرت عنها الغارديان أن الجانب الليبي كان يعاني مشكلات أساسية، منها غياب وسائل الاتصال، ومهارات التحدث بالإنكليزية، وعليه، لم يكن مؤهلاً للقيام بالمهمة التي ألقاها على عاتقه الأوروبيون.

وقال التحقيق إن هذه المحادثات، التي سجلها المدعون العامون الإيطاليون للتحقيق في عمل جمعيات الإنقاذ البحري غير الحكومية، بتهمة التواطؤ في عمليات "تهريب البشر" تكشف عن لامبالاة الأفراد في الجانب الليبي بمحنة المهاجرين والقانون الدولي.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن المحادثات تُظهر أن السلطات الإيطالية كانت تعلم أن السلطات الليبية كانت غير راغبة أو غير قادرة على التعامل مع قوارب المهاجرين في البحر.

وقال ريكاردو غاتي، رئيس فريق الإنقاذ الإسباني المتطوع "Proactiva Open Arms"، إنه "من المستحيل دائمًا الاتصال بالليبيين، وإن أرقام الهواتف غالباً لا تعمل أو غير موجودة".

وقال فرانشيسكو كرياتسو، المتحدث باسم مجموعة الإنقاذ غير الحكومية "SOS Méditerranée"، إن السلطات الليبية "كانت غير مستجيبة في الغالب، بغض النظر عن أي يوم كانوا في الأسبوع".

وقالت إلين فان دير فيلدنة مديرة عمليات البحث والإنقاذ بمنظمة أطباء بلا حدود، إن تأخر الاتصالات في البحر ونقص الإمكانيات والرغبة في التعاون لدى مركز "التنسيق المشترك للإنقاذ" في ليبيا يزيد من تهديد حياة اللاجئين. واتهمت أوروبا بالمسؤولية عن أخطاء الطرف الليبي، كونها "تضع حماية حدودها وسواحلها أولوية تفوق البحث والإنقاذ".

"ليس لدينا تسجيلات" 

في وثيقة قدمها المدعون الإيطاليون، وصف المحققون عبد الصمد بأنه "غير متعاون"، وأنه في واقعة "يوم العطلة" رفض السماح لسفينة إنقاذ تابعة لمنظمة إغاثية بالتدخل لإنقاذ زورقين على وشك الغرق، وأنه أبلغ السلطات الإيطالية لاحقًا في اليوم نفسه أنه ورجاله تمكنوا من إنقاذ مئات المهاجرين ممن كانوا على متن خمسة زوارق، إلا أن المدعين الإيطاليين لم يجدوا دليلًا واحدًا على صدق ادعائه.

وقال عبد الصمد، الذي تواصلت معه الغارديان، إنه لم يتمكن من الإجابة على أي أسئلة تتعلق بأحداث عام 2017 لأنه "سيكون من الصعب للغاية العثور على تسجيلات لهذه الأحداث".

ومع ذلك، أقر بأن "الاتصالات مع نظرائه الإيطاليين لا تعمل دائماً بشكل جيد" وأن هناك "مشكلات اتصالات في ليبيا تسبب انقطاعات متكررة"، قائلاً: "يجب أن تفهم أن ليبيا بلد عانى حربًا".



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image