"التصميم لا يمت لهويتنا العراقية بصلة ولم يستوحَ من تراث الموصل العمراني. ومن يقول غير هذا الكلام لا يعلم عن بلده شيئاً".
بهذه الكلمات علقت الصحافية العراقية سهى عودة على التصميم الجديد لجامع النوري، والذي من المقرر البدء في تشييده نهاية العام الجاري برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وفي إطار مشروع "إحياء روح الموصل".
وجامع النوري هو أحد مساجد العراق التاريخية ويعود تأسيسه إلى عام 1172، ويقع في الساحل الأيمن للموصل التي دمر تنظيم داعش الإرهابي الكثير من تراثها. علاوة على أنه أكبر مكان عام في مدينة الموصل القديمة.
وكانت لجنة تحكيم دولية قد أعلنت فوز مشروع "حوار الأروقة" من بين 123 تصميماً مقترحاً لإعادة بناء جامع النوري في الموصل. والمشروع اشترك في إعداده ثمانية مهندسين مصريين، يترأسهم المهندس صلاح هريدي.
"لا يمت لهويتنا العراقية بصلة" وأشبه بـ"الشارقة"... عراقيون ينتقدون التصميم المصري الذي اختارته #اليونسكو لإحياء #جامع_النوري التاريخي في #الموصل الذي دمره داعش قبل سنوات، بعضهم ألقى باللوم على "نفوذ #الإمارات" المتبرعة بـ50 مليون دولار للمشروع
تجاهل "التراث الفريد" للموصل
عقب الإعلان، تساءلت عودة - شأن عراقيين آخرين- هل قلّ عدد المعماريين بالعراق مثلاً ليسند المشروع إلى عقل مصري؟ لكن هذا لم يكن الاعتراض الرئيسي أو الوحيد وإنما الفارق الشاسع بين التصميم المعتمد وهوية مدينة الموصل، إذ رأى المعلقون المنتقدون، وبعضهم متخصصون في العمارة، أن التصميم أقرب إلى العمران الخليجي، مبرزين أن لا تعارض بين عصرية التصميم والحفاظ على هوية المدينة أو البلد.
في تصريحات لـ"ديلي تلغراف" البريطانية، انتقد مهندسون معماريون وعلماء آثار عراقيون ما وصفوه بأنه "تجاهل التراث الفريد للموصل".
وقالت المحللة في معهد نيولاينز للإستراتيجيات والسياسات، رشا العقيدي، للصحيفة: "هذه ليست الموصل، تبدو تماماً كالشارقة… ترى هنا نفوذ الإمارات… لم يكن (الجامع) يتطلب إعادة تصميم". والإمارات جزء مهم من المشروع إذ كانت قد تبرعت بـ50 مليون دولار لترميم الجامع.
وأشادت وزيرة الشباب والثقافة الإماراتية، نورة بنت محمد الكعبي، باختيار التصميم المصري، معتبرةً ذلك "خطوةً مهمةً" لـ"إحياء التراث الثقافي في الموصل واستعادة النسيج المجتمعي للمدينة، لتعود كما كانت دوماً منارة علم ومعرفة، وحاضنة للثقافات والأديان".
رداً على الانتقادات، قال المؤرخ العراقي عمر محمد: "من المعلوم أن معظم المعماريين الموصليين درسوا في مصر، لذلك فان اختيار معماري مصري أمر يبعث على الثقة والسعادة. عمارة مصر ومعماريوها يشهد لهما التاريخ"
بدوره، لفت عالم الآثار الموصلي جنيد الفاخري إلى أن "مسجد النوري جزء من الحمض النووي للموصل… المسجد والمئذنة موقعان أثريان وتاريخيان يجب الحفاظ عليهما، ولا ينبغي تغيير أي تفاصيل تقلل من قيمتهما الأثرية".
واستغرب عدم اختيار مشروع ترميم أكثر تقليدية، مثل المشروع الذي قدمته المهندسة الموصلية حسنية جرجس، التي أشارت في مقترحها إلى حرصها على الحفاظ على "الطابع الأصلي للمسجد وأصالته".
وأكد باولو فونتاني، رئيس مكتب اليونسكو في العراق، أن "حوار الأروقة" يمثل "مزيجاً من الحداثة والتقاليد وهو ما أحبته هيئة المحلفين".
ألقى عراقيون باللوم الأكبر على العراقيين الذين شاركوا في اختيار تصميم من شأنه "تشويه الهوية العمرانية" للمدينة التاريخية. وفق اليونسكو، اختارت لجنة من تسعة محكمين، بينهم عراقيان، المشروع الفائز بـ"تنسيق وثيق" مع وزارة الثقافة العراقية وديوان الوقف السني العراقي.
هل يطمس هوية الموصل فعلاً؟
لم تُعقّب اليونسكو على مخاوف العراقيين، لكنها نوهت في بيانها بأن "الفائزين بالجائزة هم من المعماريين المخضرمين ولديهم سجل حافل بالأعمال في مجال إعادة تأهيل التراث والتخطيط الحضري والعمارة الملائمة للمناخ، وسيعدّون تصميماً أكثر تفصيلاً لمشروع إعادة بناء مجمع جامع النوري، المزمع استهلاله في أواخر خريف عام 2021".
وأشارت إلى أن المشروع "يتوخى إعادة بناء قاعة الصلاة التاريخية في جامع النوري، وتحقيق الانسجام بين أركان المجمع" وأن "قاعة الصلاة ستسترجع الهيئة التي كانت عليها قبل تدمير جامع النوري في عام 2017، ولكن مع إدخال تحسينات ملحوظة عليها"، وأن المشروع الفائز "سيتوخى أيضاً إنشاء حدائق مسوَّرة تحاكي البيوت والحدائق التاريخية التي كانت قائمة حول قاعة الصلاة قبل تعديل تصميمها في عام 1944".
"مسجد النوري جزء من الحمض النووي للموصل… المسجد والمئذنة موقعان أثريان وتاريخيان يجب الحفاظ عليهما، ولا ينبغي تغيير أي تفاصيل تقلل من قيمتهما الأثرية"
أما الفريق المصري الفائز بإعادة بناء الجامع، فشدد في بيان على أنه يعي صعوبة المشروع وضرورة الحفاظ على هوية المكان وأصالة الماضي مع إجراء التحسينات عليه.
وأضاف رئيس الفريق، هريدي، في مقابلة لـ"أخبار الأمم المتحدة": "هناك شيء اسمه ‘ذاكرة المكان‘، بلا شك أنه ليس نفس المكان وتغيّر، ولكن إذا كانت هناك حديقة في المكان، فيجب علينا أن نعطي هذا التعويض للسكان كي نحافظ على ذاكرة المكان".
في المقابل، رحب المؤرخ العراقي عمر محمد، الذي عُني منذ سنوات إلى توثيق تاريخ الموصل للحفاظ على تراثها وهويتها من الاندثار منذ اجتياح داعش لها في عام 2014، باختيار التصميم المصري، لافتاً إلى أنه "من المعلوم أن معظم المعماريين الموصليين درسوا في مصر، لذلك فان اختيار معماري مصري أمر يبعث على الثقة والسعادة، عمارة مصر ومعماريوها يشهد لهما التاريخ". وبشّر: "ستعود للموصل سيدتها العجوز والمنارة الحدباء".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومينحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 3 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين