أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات قد يستدل منها على مكان المواطن اليمني- الأمريكي عبدالباري الكتف، المرجح اختفاؤه منذ الاشتباكات التي وقعت بين القوات التي تدين بالولاء للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وميليشيات الحوثي في صنعاء في كانون الأول/ ديسمبر 2017، خلافاً لما جاء في البيان الأمريكي الرسمي.

جاء إعلان الخارجية الأمريكية عن تلك المكافأة يوم الإثنين 12 نيسان/ أبريل، مثيراً التساؤلات حول أسباب صمت أمريكا طوال هذه الفترة على اختفاء أحد مواطنيها لمدة تقترب من 3 سنوات.

جاء إعلان الخارجية الأمريكية عن تلك المكافأة الممنوحة من خلال برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، الإثنين 12 نيسان/ أبريل، مثيراً التساؤلات حول أسباب صمت الإدارة الأمريكية طوال هذه الفترة، على اختفاء أحد مواطنيها النشطين سياسياً في دولة من نقاط الصراع الساخنة في الشرق الأوسط، خاصة أن مواقف المختفي عبدالباري الكتف يصعب معها نسبته إلى معسكر بعينه.

اختفاء غامض

في كانون الأول/ ديسمبر 2017، اندلعت اشتباكات بين قوات الحرس الجمهوري وهي قوات جيش تدين بالولاء لشخص الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح الذي اغتيل حينذاك، وميليشات الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء التي كانت قوات صالح تسيطر على معظم مناطقها في ذلك الوقت.

حتى وفاته كان صالح أحد أطراف الصراع على السلطة في اليمن، بعد عزله عن منصبه باتفاق رعته المملكة العربية السعودية لصالح خليفته عبد ربه منصور هادي. أسفرت تلك الاشتباكات عن اغتيال صالح ومعه عدد من كبير من المقاتلين على الجانبين، وتحقق السيطرة على صنعاء للحوثيين. وهو ما يرجح أنه مهد لاحقاً لاختفاء الناشط اليمني.

عرف عبدالباري الكتف بتأييده للرئيس اليمني المغتال، ومعاداته للحوثيين، ونظم وشارك في تظاهرات ومسيرات ضد التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

عرف عبدالباري الكتف بتأييده للرئيس اليمني المغتال، ومعاداته للحوثيين، ونظم وشارك في تظاهرات ومسيرات ضد التحالف العربي الذي تقوده السعودية بهدف إعادة السيطرة في اليمن إلى يد عبد ربه منصور هادي وحكومته، والقضاء على تهديد الحوثيين لتلك السلطة.

اختفاء الكتف وقتذاك لم يثر أي عاصفة في اليمن ولا في الولايات المتحدة، رغم أن الكتف ناشط بارز ومؤسس منظمة "سام بن نوح" التي تقوم بنشاطات متعددة في اليمن، منها تسهيل تبادل الأسرى بين الحوثيين والتحالف العربي، وهما طرفان لم يخفِ الكتف عداءه لهما.

بحسب المنشور الذي أصدرته الخارجية الأمريكية للإعلان عن المكافأة، فإن الكتف اختطف من منزله في صنعاء أواخر أغسطس/ آب 2018، إلا أن بياناً منسوباً لأسرته حمل مناشدة بالمساعدة في العثور عليه، قال إنه اختفى من جوار مصنع الغزل والنسيج غرب صنعاء. اللافت أن أسرته لم تنشر هذا البيان إلا في 18 تشرين الأول/ اكتوبر 2020، أي بعد عامين على اختفائه.

بحثت رصيف22 في المنشورات العامة على حساب المهندس نبيل الكتف، شقيق الناشط المختفي، خلال في الفترة من أغسطس 2017 إلى أكتوبر 2020، ولم تجد أية منشورات عن الناشط المختفي، أو مطالب بالمساعدة في البحث عنه.

وبعد البحث، وجدت رصيف22 صفحة على فيسبوك باسم "الحقوق والحريات"، لا تحمل سوى منشور واحد بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2018، أي بعد ثلاثة أسابيع من اختفاء الكتف. هذا البوست الوحيد يتهم ميليشيات الحوثيين باختطاف الناشط. وزعم أنه جرى تهديد أسرة الناشط اليمني "بعدم إبلاغ أي وسائل إعلام" وأضاف المنشور: "وحتى هذه اللحظة لا خبر عنه. ويعتبر هذا مناشدة لحقوق الإنسان للحقوق والحريات بالتدخل لإنقاذ حياته". وقد يفسر هذا سبب صمت أسرته عن المناشدة بالعثور عليه طوال عامين ونصف العام أعقبت اختفاءه.

في 18 فبراير/ شباط الماضي، نشر المهندس نبيل الكتف لأول مرة عن شقيقه المختفي، قائلاً إنه تذكره فجأة، متسائلاً عن مصيره وأحواله.

وما يزيد الموقف غموضاً، ما وجدته صحيفة "الشرق الأوسط" في بحثها من دلائل على اختفاء الكتف قبل شهر من المواجهات الدامية التي اندلعت بين قوات علي عبدالله صالح والحوثيين في كانون الأول/ديسمبر 2017 في صنعاء، ما يعني أن واقعة اختفائه ظلت طي الكتمان نحو تسعة أشهر، وأن الموعد المعلن لاختفائه رسمياً قد لا يكون موعداً دقيقاً. وإن لم تورد الصحيفة الممولة سعودياً أية روابط تدلل على ما وجدته في بحثها.

من مكافحة الإرهاب إلى البحث عن المفقودين

نشأ برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع للخارجية الأمريكية في عام 1984، ويديره مكتب الأمن الدبلوماسي في الخارجية الأمريكية. ويستهدف تشجيع الأفراد حول العالم على الإدلاء بالمعلومات التي تسهل التوصل إلى أماكن اختباء "الإرهابيين الدوليين" المطلوبين لدى الولايات المتحدة، وكذلك التدخل لمنع العمليات الإرهابية قبل وقوعها والقبض على مخططيها.

وبحسب الموقع الرسمي للبرنامج، فقد قدمت الولايات المتحدة مكافآت وصلت قيمتها إلى نحو 150 مليون دولار أمريكي لحوالى 100 شخص قدموا معلومات ساهمت في وضع إرهابيين في السجن، أو قادت السلطات إلى التدخل لمنع اعتداءات إرهابية ذات صفة دولية كان يجري التخطيط لها "في شتى انحاء العالم". كما يعرض البرنامج مكافأة مقدارها خمسة ملايين دولار مقابل الإدلاء عن المعلومات المتصلة بالتمويل الدولي للإرهاب.

وبحثت رصيف22 في أرشيف البيانات الصحافية للموقع، ولم تتوصل بسهولة إلى سابقة عرضت فيها الحكومة الأمريكية عبر هذا البرنامج مكافأة لمن يسهل العثور على أحد مواطنيها.