صدق أو لا تصدق؛ جنرال إماراتي يدعى أحمد الريسي متهم بالتورط في انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع في بلاده، مُرشح لرئاسة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، بينما تظهر تخوفات من أن ينجح فيكون توفيقه "مكافأة" لأبوظبي على تبرعاتها السخية لهذه الوكالة الامنية الدولية.
التخوفات كشفت عنها صحيفة الغارديان البريطانية، يوم السابع من نيسان/ أبريل، إذ نشرت أن تقريراً صدر عن المدير السابق للنيابات العامة في المملكة المتحدة السير ديفيد كالفيرت سميث، خلص إلى أن الريسي غير مناسب لقيادة الإنتربول، وحذر أن الانتخابات المنتظر إجراؤها هذا العام، لتعيين مدير جديد لهذه الوكالة، "تكتنفها السرية والغموض".
وبدأت منظمات حقوقية حملة في العام الماضي اعتبرت فيها أن تعيين هذا الجنرال (اللواء)، الذي كان مسؤولاً عن الأمن في الإمارات رئيساً للإنتربول، من شأنه أن يقوض مصداقية الوكالة الدولية في مكافحة الجرائم الإلكترونية، ويخل مبادئها وقواعدها.
الاعتراض البريطاني
الجنرال المرشح لرئاسة الإنتربول، والذي يحتفي الإعلام الإماراتي بكونه العربي الأول الذي يترشح لهذا المنصب، هو اللواء أحمد ناصر الريسي المفتش العام لوزارة الداخلية في دولة الإمارات، وهوعضو حالي في اللجنة التنفيذية للإنتربول، ورئيسه المباشر هو وزير الداخلية الفريق سيف بن زايد شقيق ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قال الريسي، إن "الفوز بهذا المنصب العالمي سيعتبر إنجازاً للعرب، كوني أول مرشح عربي لهذا المنصب في هذه المنظمة الدولية التي يبلغ عمرها 100 سنة، وسيعتبر إنجازاً لدولة الإمارات، وتكريماً لجهودها ودعمها الدائم للمنظمات الدولية".
لكن ديفيد كالفيرت سميث المعترض على ترشيح الريسي يقول: "لن يعمل رئيس إماراتي للإنتربول على التحقق من سجل الإمارات في حقوق الإنسان والعدالة الجنائية والمصادقة عليه".
ويرى سميث أن الريسي "غير مناسب لهذا الدور"، لأنه مسؤول عن نظام العدالة الجنائية الإماراتي واشرف من خلال منصبه على حملة قمع متزايدة ضد المعارضة، واستمرار التعذيب، وغيرها من انتهاكات واسعة في نظام العدالة الجنائية.
بحسب الغارديان، تمثل المزاعم الواردة في التقرير معضلة لحكومة المملكة المتحدة لأنها قريبة سياسياً من الإمارات، ورفضت حكومة بوريس جونسون الإفصاح عما إذا كانت تعتقد أن الريسي مرشح مناسب لرئاسة الهيئة المسؤولة عن إصدار أوامر التوقيف الدولية.
جنرال إماراتي متهم بالإشراف على انتهاكات حقوقية مرشح في انتخابات مقرر إجراءها هذا العام، لتعيين مديراً جديداً للإنتربول.
وأخبر كريس جونز، المسؤول عن العلاقات مع الإنتربول في وزارة الداخلية البريطانية، لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم في شباط/ فبراير الماضي أنه من السابق لأوانه تحديد كيفية تصويت المملكة المتحدة في رئاسة الإنتربول.
وقال: "من الواضح أن المملكة المتحدة سوف تتطلع إلى دعم المرشحين لديهم تاريخ في مراعاة المعايير العالية في نظام دولي قائم على القواعد، وسوف ننظر في ذلك في وقت لاحق من العام بمجرد ظهور القائمة الكاملة للمرشحين".
لم يذكر تقرير الغارديان ما إذا كانت الحكومة البريطانية ستعارض تعيين الريسي بعد هذا التقرير.
انتهاكات واسعة
يتولى الريسي، منصب المفتش العام لوزارة الداخلية الإماراتية منذ عام 2015، وهو معروف جيداً لدى وزارة الخارجية البريطانية، لأنه لعب دوراً رئيسياً في اعتقال واحتجاز الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز لمدة تسعة أشهر في الإمارات.
وأدت هذه القضية إلى تراجع كبير في العلاقات بين المملكة المتحدة والإمارات وسط مزاعم بأن هيدجز تعرض للتعذيب وأُجبر على الاعتراف بتهمة التجسس بحسب تقرير الغارديان الذي كتبه المحرر الدبلوماسي باتريك ونتر.
قالت زوجة هيدجز، دانييلا تيخادا، في 6 نيسان/أبريل الحالي، إن زوجها "ظل لعدة أشهر في سجن عازل للصوت في مكان ما في أبو ظبي، وكان مخدراً بشدة في الحبس الانفرادي ولا يعرف مصيره ولم يُسمح له بالاتصال بقنصلية بلاده".
وأضافت: "يقلقني بشدة أن الرجل الذي أشرف على احتجاز زوجي خارج نطاق القضاء وتعذيبه يُنظر إليه الآن على أنه سيدير الإنتربول".
وأشارت إلى أن زوجها لا يزال يعاني من اكتئاب حاد ونوبات هلع متكررة، قائلة "لا يمكنني أن أصف بالكلمات ما مررنا، وما زلنا نمر به".
ويشير محرر الغارديان إلى إن الصور التي تظهر للجمهور لدبي وأبو ظبي، هي صور معولمة وغربية ومع ذلك، هناك ثروة من الأدلة التي تشير إلى استمرار حدوث انتهاكات كبيرة ومستمرة وممنهجة لحقوق الإنسان في الإمارات.
كما أشار إلى المحاكمة السرية للناشط الإماراتي الحقوقي أحمد منصور، والذي قبع في الحبس الانفرادي، وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، لانتقاده سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
في العام الماضي، نشرت منظمة"منا" MENA لحقوق الإنسان تقريراً، أكدت فيه أن تمثيل الإنتربول بـ"دولة وفرد" يتحملان بشكل متكرر المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يتعارض مع رسالة المنظمة وأهدافها.
وطالبت منا بفحص ملاءمة المرشحين لهذا الدور "من خلال عمليات التدقيق المناسبة، التي تسعى إلى دعم التزام الإنتربول بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان". وواصل بيان المنظمة "لذلك لا ينبغي أن تكون دولة الإمارات، بشخص السيد أحمد الريسي، في موقع يرأس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية".
خضوع الإنتربول
تعرضت أساليب الإنتربول السرية لانتقادات واسعة النطاق من قبل جماعات حقوق الإنسان التي تدعي أن نظام النشرة الحمراء - وهي قائمة دولية للمطلوبين – "يساء استخدامها من قبل الأنظمة الاستبدادية المتلهفة للقبض على المعارضين السياسيين أو رجال الأعمال المعارضين الذين يسافرون إلى الخارج" بحسب تعبير الغارديان.
وعلقت الصحيفة البريطانية واسعة الانتشار، أنه على الرغم من أنه "ليس من المفترض أن تصدر النشرات الحمراء في القضايا السياسية، إلا أنه في الواقع هناك حالات كثيرة كانت سياسية، لم يمتلك هؤلاء الأشخاص موضوع النشرة الحمراء آلية استئناف في أي محكمة دولية أو وطنية".
الإنتربول وافق في 2017 على قبول تبرع بقيمة 50 مليون يورو على مدى خمس سنوات من منظمة مقرها في جنيف تسمى "Interpol Foundation for a Safer World"، تمولها الإمارات بالكامل.
تشير صحيفة الديمقراطية في تقرير بعنوان "تحويل الإنتربول إلى سلاح" إلى أن عدد النشرات المتداولة قد ارتفع إلى أكثر من 100 ألف، منها 50530 تنبيهاً في عام 2017 وحده.
يقع مقر الإنتربول في ليون بفرنسا، وهو مكتب صغير نسبياً لتبادل المعلومات يضم 1000 موظف فقط، بميزانية قدرها 142 مليون يورو في عام 2019.
وافقت الهيئة في آذار/مارس 2017 على قبول تبرع بقيمة 50 مليون يورو على مدى خمس سنوات من منظمة مقرها جنيف تسمى "Interpol Foundation for a Safer World"، تمولها الإمارات بالكامل.
وقال كالفيرت سميث: "هذا التبرع يخلق على الأقل انطباعاً بأن منصب رئيس المنظمة يمكن أن يُنظر إليه على أنه مكافأة مقابل مساهمة مالية".
وليس الإمارات فحسب التي تبرعت للوكالة، يظهر أيضاً أن لجنة قطرية خاصة بكأس العالم 2022، تبرعت بحوالي 586 ألف يورو في عام 2020.
في نوفمبر 2018 ، عقدت الجمعية العامة السابعة والثمانين للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، في دبي، تصويتاً لاختيار رئيس جديد للمنظمة. بعد استقالة رئيسها الصيني السابق منغ هونغوي بشكل مثير للشكوك عند عودته إلى الصين في زيارة في أواخر أيلول/ سبتمبر ، إذ انقطع الاتصال به في ظروف غامضة.
في 7 أكتوبر / تشرين الأول، أكدت هيئة تأديبية تابعة للحزب الشيوعي الصيني أن رئيس الوكالة المستقيل رهن الاعتقال ويخضع للتحقيق.
وكان آخر من وقع ضحية الحملة الشاملة لمكافحة الفساد التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2012، وهي مبادرة استخدمت النشرات الحمراء، لملاحقة "مطلوبين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...