لليوم الخامس على التوالي، يستمر تعطيل قناة السويس - وهي شريان رئيسي للاقتصاد العالمي والملاحة التجارية- بفعل جنوح سفينة "إيفر غيفن" العملاقة العالقة هناك.
مع استمرار الأزمة وتفاقم أثرها على التجارة العالمية، صرّح الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل ساعات: "لدينا معدات وقدرات لا تمتلكها معظم البلدان… نرى ما يمكن أن نقدمه من مساعدة"، وذلك عقب تأكيد مسؤول آخر في إدارته أن البحرية الأمريكية مستعدة لإرسال فريق خبراء تجريف إلى القناة، لكنها تنتظر موافقة السلطات المحلية.
ورحبت هيئة قناة السويس (SCA) بالعرض الأمريكي، فيما أعلنت تركيا الساعية إلى إصلاح العلاقات مع مصر استعدادها لإرسال مساعدة كذلك. لكن غضب المصريين من تعامل حكومتهم مع الأزمة وإدارتها السيئة إعلامية لم يتوقف.
سين و جيم يشرح الأزمة:
-ماذا نعرف عن السفينة العالقة؟
هي سفينة "إيفر غيفن" البنمية العملاقة ويصل ارتفاعها إلى 400 متر، أي أطول من برج إيفل (324 متراً) وسفينة تايتانيك الشهيرة (269 متراً). وتبلغ حمولتها الإجمالية 220 ألف طن وعلى متنها سلع تقدر قيمتها بنحو 9.5 مليار دولار. وكانت قادمة من الصين باتجاه روتردام في الناحية الجنوبية للقناة.
بايدن وتركيا يعرضان المساعدة بانتظار موافقة السيسي… الملاحة في قناة السويس معطلة لليوم الخامس والاقتصادان العالمي والمصري يتكبدان خسائر كبيرة… ما الذي يجعل الحادثة المتكررة كارثيةً هذه المرة؟
-ما أهمية قناة السويس؟
هي معبر صناعي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط افتتح في عام 1869. وتمثل القناة التي يبلغ طولها 120 ميلاً (193 كيلومتراً) حلقة وصل بين أوروبا وآسيا، كما يعبر خلالها من 10 إلى 12 % من حركة التجارة البحرية الدولية، أي أكثر من 50 سفينة يومياً في المتوسط. محلياً، تشكّل القناة مصدراً حيوياً للدخل القومي إذ بلغت إيراداتها 5.61 مليار دولار في العام الماضي بعد مرور نحو 19 ألف سفينة فيها.
عام 2015، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مشروع لتطوير القناة لتقليل فترات الانتظار ومضاعفة عدد السفن التي تستخدمها بحلول عام 2023 في ما أُطلق عليه "التفريعة" أو "قناة السويس الجديدة" التي علقت فيها "إيفر غيفن".
-ما سبب الحادث؟
قال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في بيان، إن الحادث وقع بسبب "انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظراً لمرور البلاد بعاصفة ترابية، إذ بلغت سرعة الرياح 40 عقدة، ما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه سفينة ومن ثم جنوحها".
-هل هذه الحادثة الأولى من نوعها؟
لا. شهد المجرى الأصلي للقناة جنوح سفينة يونانية بعد تعطّل محركاتها عام 2012، وتعطلت الملاحة حتى تمكنت وحدات الإنقاذ من سحبها. وعام 2014، وقع تصادم بين سفينة حاويات ترفع العلم الألماني وأخرى ترفع علم سنغافورة، ما عطّل حركة الملاحة مؤقتاً في القناة أيضاً. وعام 2017، تكررت الأزمة بتعطل سفينة يابانية في المجرى الملاحي العالمي.
-ما الذي يجعل العالم كله يترقب الموقف هذه المرة؟
من الأمور التي أضفت مزيداً من الكارثية على توقف الملاحة في قناة السويس هذه المرة أن سلاسل الإنتاج لم تتعاف بعد من الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها بفعل جائحة الفيروس التاجي التي لا تزال شركات الشحن تعاني من قيود التنقل بسببها. مع العلم أن القناة توفر الوقت والتكاليف للشركات الناقلة للبضائع مقارنةً بالطرق الأخرى، مثل معبر رأس الرجاء الصالح.
أكثر من 280 سفينة تنتظر عند طرفي القناة، بينها أكثر من 41 ناقلة ضخمة و24 ناقلة نفط. حتى الساعة، بضائع قيمتها 50 مليار دولار لم تصل إلى وجهتها، وتخسر مصر من 18 إلى 20 مليون دولار عن كل يوم تعطُل للقناة
-ما خسائر الأزمة حتى الآن؟
أدى تعليق حركة المرور على طول القناة إلى تفاقم مشاكل خطوط الشحن وارتفاع أسعار النفط العالمية. كما تضاعفت أسعار الشحن لناقلات المنتجات النفطية تقريباً منذ علقت "إيفر غيفن" بالقناة، لا سيّما وسط التوقعات بطول مدة تحرير السفينة العملاقة وتعقيدات العملية مع الطقس غير المستقر.
أكثر من 280 سفينة تنتظر عند طرفي القناة، بينها أكثر من 41 ناقلة ضخمة و24 ناقلة نفط. حتى الساعة، بضائع قيمتها 50 مليار دولار لم تصل إلى وجهتها، إذ يتعطل وصول ما قيمته 400 مليون دولار من البضائع عبر القناة كلّ ساعة.
وتخسر مصر في كل يوم تتوقف فيه الملاحة بالقناة من 18 إلى 20 مليون دولار، وفق بيان سابق لربيع.
توقعت دراسة أجرتها شركة التأمين الألمانية أليانز، الجمعة، أن توقف القناة قد يكلف التجارة العالمية ما بين ستة إلى 10 مليارات دولار في الأسبوع.
في غضون ذلك، تتوقع وكالة التصنيف موديز (Moody’s) أن المصنعين وموردي قطع غيار السيارات في أوروبا سيكونون الأكثر تضرراً لأنهم يديرون سلاسل التوريد "في الوقت المناسب"، وقالت إن ازدحام الموانئ والتأخير في سلسلة التوريد "حتميان".
-ما هي محاولات الإنقاذ المتبعة؟
لفت أسامة ربيع إلى أن عمليات إنقاذ السفينة جارية "بواسطة ثماني قاطرات" تصل قوة شد أبرزها إلى 160 طناً، موضحاً أنه "يتمّ الدفع من جانبي السفينة وتخفيف حمولة مياه الاتزان لتعويمها".
وقالت شركة "برنارد شولته شيب مانجمنت" (بي أس أم) التي تشرف على الإدارة التقنية للسفينة العالقة ومقرها سنغافورة، إن "قاطرتين إضافيتين بقوة تراوح بين 220 و240 طناً" ستصلان في 28 آذار/ مارس للمساعدة، بعدما فشلت أحدث محاولات تعويم السفينة الجمعة 26 آذار/ مارس.
"أسلوب ستيناتي"... أغضبت إدارة الحكومة المصرية للأزمة المواطنين لا سيّما بتجاهل الإعلام المحلي لها في البداية ثم ترويجه الأكاذيب حول انتهائها، وزاد انهيار عقار #جسر_السويس و#حادث_قطار_سوهاج احتقانهم
أسلوب "ستيناتي" لتغييب المصريين إعلامياً
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر ناشطون مصريون عن غضبهم بشكل خاص من إدارة حكومة بلدهم للأزمة لا سيّما ما وصفوه بـ"محاولات التعتيم" و"التضليل الإعلامي" في وسائل الإعلام المحلية.
في بداية الأزمة، لم تسلط الصحف المحلية الضوء على الكارثة التي كانت تتصدر "مانشيتات" الصحف العالمية. وفي 25 آذار/ مارس، زعمت ثلاث صحف رئيسية واسعة الانتشار - اليوم السابع والمصري اليوم والدستور، أن الأزمة "انتهت" وأن أول سفينة تمكنت من "اجتياز" القناة، مهللات لـ"عودة الملاحة الطبيعية".
المصري اليوم والدستور واليوم السابع ? pic.twitter.com/RFySECXELC
— hossam bahgat (@hossambahgat) March 26, 2021
هذا الأسلوب الذي وصفه المعلقون بأنه "أسلوب ستيناتي"، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التي اشتهرت بتوظيف إعلام الدولة للترويج لمشاريع عملاقة وهمية. ويبدو أن السلطات المصرية غفلت عن اهتمام الميديا العالمية وتغطيتها الدقيقة للحادثة التي، لسوء الحظ، ترافقت بحادثين كبيرين ساهما في إشعال الغضب الشعبي، وهما حادث تصادم قطاري سكة حديد عند محافظة سوهاج الجنوبية، وقد أدى إلى وفاة 32 شخصاً وإصابة أكثر من 170 آخرين، وانهيار عقار مكون من 11 طابقاً في منطقة جسر السويس بالعاصمة المصرية القاهرة أسفر عن وفاة ثمانية وإصابة 29 آخرين.
وحظرت السلطات المصرية وصول وسائل الإعلام إلى الموقع. وذلك على الرغم من أن ناشطين رأوا في الأزمة فرصة لإظهار إمكانات القناة واحترافية الهيئة التي تديرها بما كان من شأنه أن يطمئن العالم إلى عدم تكرار الحادث تفادياً للبحث عن "بديل".
وقد حصل ما تخوّف منه الناشطون: بدأت شركات شحن عالمية في إعادة توجيه سفنها إلى أماكن أخرى لتجنب تفاقم المأزق. نقلت رويترز عن عملاقة النقل البحري "ميرسك" أن 22 من سفنها تأثرت حتى الآن فيما غيّرت مسار اثنتين منها إلى طريق رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي من أفريقيا.
ولفت متحدث باسم الشركة إلى أن التحرك كان ضرورياً لأنه كلما طال أمد إغلاق قناة السويس "زاد خطر حدوث اختناقات كارثية في موانئ شمال أوروبا".
في الأثناء، أفادت وكالة فرانس برس أن المنافس الدولي الرئيسي لـ"ميرسك"، هاباج لويد، يفكر في إرسال سفن الشحن التابعة له إلى رأس الرجاء الصالح لضمان وصول البضائع إلى أوروبا دون مزيد من التأخير.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...