شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
نيوزيلندا أحدث الدول المنسحبة… هل تُترك السعودية وحيدة في اليمن؟

نيوزيلندا أحدث الدول المنسحبة… هل تُترك السعودية وحيدة في اليمن؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 9 فبراير 202105:12 م

يوشك الجميع أن ينفض يديه عن السعودية في حربها المستمرة باليمن ضد المتمردين الحوثيين نحو ست سنوات. بعد تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن: "يجب أن تتوقف" متحدثاً عن حرب اليمن. وأعلنت نيوزيلاندا، الإثنين 8 شباط/ فبراير وقف عمل مهندسي "إير نيوزيلاندا" في دعم ناقلة تابعة للبحرية السعودية، وإعلان رئيسة الوزراء الأيرلندية جاسيندا آرديرن فتح تحقيقات في عمل مهندسين نيوزيلانديين لمصلحة السعودية عبر شركة وسيطة بموجب عقد قد يشوبه الفساد.

 

عام 2015، قادت السعودية حملة عسكرية على اليمن بمساعدة حليفتها الإمارات وقوات ما عُرف بـ"التحالف العربي". أدى هذا التدخل إلى إطالة أمد الصراع الذي خلَّف "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، وفق توصيف الأمم المتحدة. إذ قُتل مئات الآلاف من المدنيين، وانتشر الجوع وسوء التغذية وعدد من الأمراض ذات الصفة الوبائية بين اليمنيين، بالإضافة إلى تدفق اللاجئين وانهيار الاقتصاد والبنى التحتية في جميع أنحاء اليمن.

 

وناشدت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية وجماعات حقوق الإنسان مراراً وقف هذه الحرب. وحمّلت جميع أطراف النزاع المسؤولية عن "الكارثة الإنسانية"، كالمملكة وجميع الحلفاء العرب والغربيين الذين يمدونها بالأسلحة.

 

انسحابات متتالية

مع تصاعد الانتقادات الحقوقية والسياسية، أنهت الإمارات مشاركتها ضمن التحالف العسكري في اليمن في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، وإن ظلت الاتهامات باستمرارها في التدخل لتحقيق مكاسب في البلاد عبر جزيرة سقطرى، في إطار تحركات إماراتية للسيطرة على موانئ البحر الأحمر.

 حفاظاً على "السمعة"... تحقيقات في نيوزيلندا عقب اكتشاف تعاقد بين شركة حكومية والبحرية السعودية على إصلاح محركيْن

وفي كلمته التي ألقاها الأسبوع الماضي للإعلان رسمياً عن ملامح سياسته الخارجية، رأى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن أن الولايات المتحدة ستنهي دعمها للحملة السعودية في اليمن، فالسعودية، أكبر مستورد للسلاح في العالم، تحصل من الولايات المتحدة على حوالى 70% من مشترياتها من الأسلحة، علاوة على خدمات عدة، من بينها الدعم الفني واللوجستي والاستخباراتي. وجاءت تصريحات بايدن مؤكدة على ما ذهب إليه وزير خارجيته أنتوني بلينكن، الذي صرح لدى تسلمه مهمات منصبه متعهداً "وضع حد للدعم الأمريكي للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن".

 

وفي 9 شباط/ فبراير، أمرت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا آرديرن، وزارة الخارجية والتجارة في البلاد بالتحقيق، بعد الكشف عن عمل مهندسي الناقل الوطني للبلاد، "إير نيوزيلند"، شبه المملوك للحكومة، على دعم محركات وتوربينات طاقة خاصة بإحدى السفن التابعة للبحرية السعودية، وفق اتفاق ثلاثي قيمته ثلاثة ملايين دولار نيوزيلندي (أكثر من مليوني دولار أمريكي) وُقّع عام 2019.

 

وكشف تحقيق للتلفزيون الرسمي للبلاد أن بعض مهندسي شركة النقل الوطنية عملوا على محركين وتوربين طاقة لمصلحة القوات البحرية الملكية السعودية، وهي الذراع البحرية للقوات المسلحة الواقعة التي تديرها وزارة الدفاع السعودية. جرى التعاقد مع الشركة النيوزيلندية كونها واحدة من بضع شركات حول العالم مرخصة لصيانة محركات السفن الضخمة.

 

قالت آرديرن إن ترتيبات العقد كانت "خاطئة تماماً"، ولا تفي بالمعايير التي تشترطها بلدها. وشرحت: "لدينا التزامات كدولة للتأكد أننا نطبق، على سبيل المثال، عقوبات الأمم المتحدة وما إلى ذلك. في حين أنه ليس من الواضح ما إذا كان ما حدث هنا قد يقع ضمن ذلك، لا تزال هناك مشكلات تتعلق بالسمعة".

من جهته، أوضح غريغ فوران، الرئيس التنفيذي لشركة الطيران النيوزيلندية، أنه علم بالعقد في وقت متأخر، وتم وقفه على الفور، و"لن يُستأنف على أي حال"، مضيفاً أن "العقد كان قصيراً نسبياً" ولم يصل إلى مكتبه.

 

وتابع: "لم تكن صفقةً سرية، كانت مشاركتنا عبر طرف ثالث. لم يكن ينبغي أن تحدث، ولن تتكرر". وأعلنت الشركة عن إجراء تحقيق داخلي، مبرزةً أن التعاقد على عمليات إصلاح أو صيانة مثل تلك التي أثارت الجدل معتادة، ومشددةً على أنها لم تتعاقد مع السعودية مباشرةً.

 

على الرغم من ذلك، استمرت الانتقادات الحقوقية للشركة والحكومة في نيوزيلندا. عقّب مركز "New Zealand Alternative" المحلي البحثي في تغريدة عبر تويتر: "عندما تقدم شركة مملوكة للحكومة خدمات لقوة عسكرية في الخارج متهمة على نطاق واسع بارتكاب جرائم حرب، فإن ذلك يكون أكثر من مجرد مسألة تشغيلية. الشركات لا تُنهي مصادفةً إصلاح محركات للبحرية الملكية السعودية من دون أن تدرك ما تفعله".


 

أما ليزا وودز، مديرة الحملات في منظمة العفو الدولية، فقالت لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إنه كان ينبغي لشركة الطيران أن تبذل العناية الضرورية حيال أية مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان قبل الموافقة على العقد، فيما قال نائب رئيس الوزراء النيوزيلندي، غرانت روبرتسون، إنه شعر بالقلق إزاء هذا الارتباط.

 برغم الانتقادات المحلية والدولية، بريطانيا ترفض التنازل عن حصيلة شراء السعودية لأسلحتها والبالغة 40% من إجمالي الصادرات العسكرية

هل تلحق بريطانيا بالركب؟

في أثناء ذلك، تعرضت الحكومة البريطانية لضغوط وانتقادات تتصل باستمرارها في بيع الأسلحة إلى السعودية، فبينما أوقف الرئيس الأمريكي دعم بلاده للحملة العسكرية في اليمن، تزايدت المطالب التي تضغط على بريطانيا كي تسير على نفس النهج.

 

وبلغ الأمر بأستاذة العلاقات الدولية في جامعة "ساسكس" البريطانية، آنا ستافرياناكيس، إلى التحذير من أن المملكة المتحدة "تخاطر بالعزلة الدبلوماسية" إذا مضت في توريد الأسلحة إلى السعودية، خاصةً كـ"بلد استثمر في سمعته باعتباره رائداً في سيادة القانون"، منتقدةً تلاعب الحكومة البريطانية بالألفاظ للحفاظ على تجارتها الرابحة من الأسلحة مع الرياض، في إشارة إلى وصف حكومة بوريس جونسون لانتهاكات حقوق الإنسان التي نسبت إلى القوات الموالية للسعودية في اليمن، بأنها "حوادث معزولة" وليست نمطاً.

 

في مقالها المنشور بـ"الغارديان"، شددت الأكاديمية البريطانية على أن "إنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية/البريطانية للتحالف الذي تقوده السعودية، لن ينهي الحرب في اليمن بمفرده. لكنها قد يفرض تغييراً عن طريق اضطرار الأطراف المتحاربة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات".

 

عدد من نواب مجلس العموم البريطاني، بمن فيهم توباياس إلوود، رئيس لجنة الدفاع عن حزب المحافظين، ووزيرة الخارجية في حكومة الظل، ليزا ناندي، حثُّوا الحكومة على إتباع خطوات أقرب حليف أمني لها.

 

لكن الرد الرسمي البريطاني كان سريعاً، إذ صرّح وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، في 8 شباط/ فبراير، بأن تراخيص مبيعات الأسلحة البريطانية صدرت بعناية كبيرة لضمان عدم تسببها في أي خرق للقانون الإنساني.

 

وأضاف: "القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة بشأن مسائل بيع الأسلحة هي قرارات للولايات المتحدة. تتحمل المملكة المتحدة مسؤولياتها الخاصة بتصدير الأسلحة على محمل الجد، ونواصل تقييم جميع تراخيص تصدير الأسلحة وفقاً لمعايير الترخيص الصارمة".

 

يعني هذا أن بريطانيا لن تقدم قريباً على وقف تزويد الرياض أسلحةً مثلت 40% من حجم صادرات البلاد من الأسلحة بين عامي 2010 و2019.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard