ألقت الشرطة الكويتية اليوم، 16 آذار/ مارس، القبض على سياسيين ونواب سابقين بالبرلمان الكويتي بداعي التحقيق معهم على خلفية مشاركتهم الأسبوع الماضي في وقفة احتجاجية للتضامن مع النائب المبطلة عضويته بدر الداهوم، مخالفين بذلك الاشتراطات الصحية المفروضة في البلاد بسبب فيروس كورونا المستجد.
المُحالون للنيابة العامة، انقسموا إلى فريقين؛ الأول نواب وسياسيين شاركوا في ندوة في منزل النائب المعارض بدر الداهوم، للتضامن معه ضد إبطال عضويته في مجلس الأمة. وفريق ثان احتفل أعضاؤه بفوزهم في الانتخابات في العام الماضي مع أنصارهم.
وجاء عزل الداهوم استناداً إلى قانون يحرم أي كويتي يسيء إلى الذات الإلهية أو الأنبياء أو الأمير من الترشح في الانتخابات، وهو ما دفع عدد من النواب إلى المطالبة بتعديل تشريعي يمنع المحاكم من التدخل لإبطال عضوية المشرعين.
باحثون يحذرون أن الخطوة التي اتخذتها القيادة الكويتية، بإلغاء عضوية النائب بدر الداهوم يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة على المناخ السياسي "إذا لم يتم اتخاذ علاجات سريعة".
قرار الإحالة
ذكرت صحيفة القبس الكويتية في 16 آذار/مارس، أن النيابة العامة الكويتية، استلمت رسمياً ملفاً من وزارة الداخلية بإحالة جميع النواب الذين احتفلوا بفوزهم في الانتخابات البرلمانية وطالبت بالتحقيق معهم، لمخالفتهم الإجراءات الاحترازية. ومن المنتظر أن تحقق النيابة العامة مع 38 نائباً حالياً بمجلس الأمة الكويتي، وستطلب رفع الحصانة عنهم للتمكن من استدعائهم للمثول أمام النيابة وأخذ الإجراءات بحقهم.
وأضافت الصحيفة أن التهم الموجهة إلى النواب هي "مخالفتهم الاشتراطات الصحية، وعدم التزامهم بالتباعد الاجتماعي، ما يعتقد أن هذا الأمر أسهم في انتشار أكثر لفيروس كورونا".
ومع ذلك، يشكك الكويتيون في أسباب الإحالة، لأن الانتخابات مر عليها أكثر من ثلاثة أشهر دون أي تحرك من وزارة الداخلية أو النيابة العامة ضد النواب، إذ يعتقد الكويتيون أن الإحالة جاءت للتغطية على قرار آخر، وهو إحالة النواب والنشطاء الذين حضروا مؤتمراً صحفياً للنائب الإصلاحي بدر الداهوم إلى النيابة العامة، وتم احتجاز عدد منهم أمس الإثنين 15 آذار/مارس الحالي.
وكان المؤتمر الصحافي عبارة عن ندوة في منزل الداهوم في مطلع الشهر الحالي، للتضامن معه ضد دعوى رُفعت في المحكمة الدستورية لإسقاط عضويته بسبب "المساس بالذات الأميرية" في 2014.
في 16 آذار/مارس الحالي، بدأت النيابة العامة التحقيق مع عدد من من المشاركين في ندوة الداهوم، ومن بينهم رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون، بتهمة مخالفة الإجراءات الاحترازية. واحتجزت السلطات عدد من المشاركين في الندوة بعدما رفضوا دفع كفالة للإفراج عنهم. وفي الندوة التي شارك فيها عدد كبير من السياسيين والنواب، قال السعدون: "الوقفة مع الداهوم صرخة شعبية في وجه كل فاسد". وسرعان ما انتشرت تغريدات على تويتر تدعو إلى التضامن مع رئيس مجلس الأمة السابق.
وغرد الداهوم، قائلاً: " لن نقبل بهذا العبث والتخبط والإنتقائية، وستتحمل الحكومة المسؤولية إذا لم يتم الإفراج عن هذه الشخصيات الوطنية التي لم تخن البلد يوماً، ولم يسرقوا ثرواته ولم يدمروا مؤسساته، بينما الخونة وسراق المال العام والراشين والمرتشين يتصدرون المجالس".
بعد تغريدة الداهوم وغليان الشارع الكويتي، نقلت القبس في خبر عاجل أن رئيس مجلس الوزراء صباح الخالد، أعلن أن "القيادة وجهت بسحب البلاغات"، في خطوة اعتبرتها الصحيفة محاولة لنزع فتيل الأزمة المتصاعدة على الساحة السياسية.
الحرمان الأبدي
في 14 آذار/مارس الحالي، قضت المحكمة الدستورية ببطلان عضوية النائب بدر الداهوم، بحجة أنه أُدين في 8 حزيران/يونيو 2014 بحُكم بات بالمساس بالذات الأميرية، وعليه تستتبع لزوماً تجريده من ممارسة حق الانتخاب والترشيح تنفيذاً لقانون 27 / 2016،
بحسب تقرير لصحيفة الراي الكويتية، فإن هناك انقسام حول التكييف القانوني لتبعات إسقاط عضوية الداهوم داخل المشهد السياسي المؤيد، بين من يرى أن من الضروري أن يعلن مجلس الأمة خلو المقعد، وفي حال عدم وجود النصاب لن يحدث هذا الأمر ويوقف تنفيذ الحكم لحين إعلان الخلو، ورأي آخر قال إن الحكم أسقط عضوية الداهوم من وقت الانتخابات، وبالتالي يمكن لوزير الداخلية الدعوة إلى انتخابات جديدة على مقعده.
أثار القرار غضباً بين زملائه المشرعين، نظراً لأن أعلى محكمة استئناف والنقض في البلاد قد برأت الداهوم منذ ذلك الحين من تهم التشهير، مما مهد الطريق أمامه لخوض الانتخابات البرلمانية العام الماضي.
وكان البرلمان الكويتي قد أقر، في خطوة مفاجئة في جلسته بتاريخ 22 حزيران/يونيو 2016، تعديلاً للمادة الثانية من قانون الانتخاب بإضافة الفقرة التالية: "كما يحرم من الانتخاب كل من أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، الأنبياء، والذات الأميرية".
وجرى اقتراح التعديل وعرضه على اللجنتين "التشريعية" و"الداخلية"، وإدراجه على جدول الأعمال، والتصويت عليه وإقراره وإحالته إلى الحكومة في ذات اليوم. وفي 29 حزيران/يونيو 2016 نشر القانون في الجريدة الرسمية؛ ليكون نافذاً من تاريخ نشره.
إبعاد النقاد
في تعليق على قرار المحكمة الدستورية الكويتية، قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إن طرد أكد أكثر النواب معارضة في البلاد أثار التوترات بين الحكومة والسلطة التشريعية وكشف عن حدود الحرية السياسية في الدولة الخليجية.
في الكويت قانون ينص على حرمان كل من أُدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، والأنبياء، والذات الأميرية من الانتخابات يطيح بنائب معارض بارز ويتسبب في سجن سياسيين كبار
وقالت الوكالة : "أصبح الداهوم سيئ السمعة في الكويت بسبب احتجاجاته الصاخبة ضد الحكومة. في الأسابيع الأخيرة، وصل الخلاف بين البرلمان المنتخب في البلاد والحكومة المعينة من قبل الأمير إلى ذروته".
ويعد البرلمان الكويتي أكثر ديمقراطية من الدول الخليج الأخرى، إلا أن سلطاته لا تزال محدودة، إذ يمكن للمشرعين تقديم تشريعات واستجواب الوزراء، لكن يحتفظ الأمير بالسلطة النهائية من خلال إصدار مراسيم نافذة، لها قوة أعلى من قرارات البرلمان.
بعد ضجة المشرعين بشأن التعيينات الوزارية الجديدة في وقت سابق من هذا العام، استقالت الحكومة وعلق الأمير لاحقًا البرلمان لمدة شهر اعتبارًا من 18 شباط/فبراير لنزع فتيل التوتر. ودفع هذا المأزق الكويت الغنية بالنفط نحو أسوأ أزمة مالية منذ عقود، وأعاقت جميع الجهود الرامية إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي.
وذكرت أسوشيتد برس أن المشرعين يشتبهون في وجود دوافع سياسية في قرار المحكمة، حيث طالب 28 نائباً بإجراء تغييرات قانونية عاجلة للحد من تأثير المحكمة الدستورية على البرلمان المنتخب.
وفي هذا الصدد، قال النائب عبدالعزيز الصقعبي: "تقدمت بمقترح تعديل قانون المحكمة الدستورية بإلغاء تفويض النظر في صحة العضوية، وإعادة الاختصاص لصاحب الحق الأصيل (أي البرلمان)، وسأتقدم بطلب استعجال القانون وأدعو النواب للتوقيع عليه حفاظاً على مبدأ دستوري راسخ وهو الفصل بين السلطات الذي أصبح ضروريا".
وفي مؤشر على تصاعد الأزمة، أعلنت قبيلة العوازم، وهي من أكبر قبائل الكويت، مقاطعة أي انتخابات تجري في على مقعد الداهوم، وذلك تضاماً مع النائب الذي أُبطلت عضويته ودعماً للنواب المحالين للنيابة على خلفية حضورهم في الندوة.
من جانبه، غرد نبيل نويرة محلل مستقل يركز على السياسة والعوامل الجيوسياسية في منطقة الخليج: "الخطوة التي اتخذتها القيادة الكويتية - خاصة ولي العهد الذي يدير المشهد - بإلغاء عضوية الداهوم، يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة إذا لم يتم اتخاذ علاجات سريعة".
في سلسلة تغريدات قال بدر السيف: "تم منع الداهوم، وهو شخصية معارضة بارزة وناقد حكومي شرس، في البداية من الترشح، من قبل لجنة وزارة الداخلية المكلفة بمراجعة الترشيحات. وهو قرار أكدته المحكمة الابتدائية، ولكن تم نقضه بعد ذلك من قبل محكمة الاستئناف والنقض".
وأضاف السيف : "تساءل بعض أعضاء المعارضة عما إذا كانت المحكمة الدستورية هي المكان المناسب لمثل هذه القضية، والكويت لا تنقصها الأزمات. وسيؤدي رد الفعل المتوقع للمعارضة على الحكم إلى مزيد من الاضطرابات، ومن المقرر أن يطيل أمد الأزمات الدورية في الكويت".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...