تتجه مؤسسة مملوكة لأحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر إلى إنقاذ مجموعة من الآثار الإسلامية التي كان مقرراً بيعها لمتحف إسرائيلي، ليس لغرض إعادتها إلى الدول العربية والإسلامية التي يعتقد أنها نُهبت منها، أو حتى إلى قطر، بل لإعادتها إلى إسرائيل ثانيةً.
في تقرير لها مساء الثلاثاء 9 آذار/ مارس، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنها علمت بأن شهوراً من المفاوضات أفضت إلى اتفاق على أن تدفع مؤسسة آل ثاني، التي أسسها الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني، من الأسرة الحاكمة القطرية، "تعويضاً" إلى دار مزادات "سوثبيز" (Sotheby’s) الشهيرة في لندن مقابل إلغاء بيع الآثار الإسلامية النادرة التي كانت مقتناة في أحد المتاحف الإسرائيلية، وإعادتها مرة أخرى إلى إسرائيل. ولا تقيم قطر علاقات علنية مع إسرائيل.
يتعلق الأمر بمجموعة من 268 قطعة أثرية كان متحف ليو ماير للفن الإسلامي في القدس المحتلة قد قرر عرضها للبيع في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لمواجهة أزماته المالية.
واجهت عملية البيع معارضة شديدة، ليس من الدول العربية والإسلامية التي تعود إليها أصول هذه المقتنيات التاريخية النادرة، وإنما من مسؤولين وخبراء في إسرائيل أعربوا عن غضبهم من القرار وارتباكهم من الأسباب المقدمة لبيع بعض العناصر التي رأوها "غير قابلة للتصرف".
لإعادتها إلى إسرائيل… مؤسسة مملوكة لأحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر تدفع تعويضاً لوقف بيع مجموعة من الآثار الإسلامية قرر متحف إسرائيلي بيعها
إثر الاعتراضات، أُجّل بيع العناصر أشهراً. ويبدو أن القرار النهائي كان أوقف عملية البيع دون خسائر مالية.
ما دخل المؤسسة؟
لكن قد يسأل البعض لماذا قد تقدم المؤسسة القطرية على مثل هذه الخطوة؟
أجابت "هآرتس" عن ذلك بأن المتحف الإسرائيلي سيعير المؤسسة عنصراً مهماً من المجموعة الإسلامية النادرة، والتي كانت معروضة للبيع، بغية تقديمها في معرض طويل الأجل في باريس.
وتمتلك المؤسسة القطرية مجموعة من الأعمال الفنية العائدة إلى عدة فترات وثقافات تاريخية، ساهمت بقطع منها في المعارض التي تقام في أهم المتاحف في العالم، بما في ذلك متحف "المتروبوليتان" للفنون في نيويورك، ومتحف "فيكتوريا وألبرت" في لندن و"غراند بالاس" في باريس ومتحف "هيرميتاج" في سانت بطرسبرغ، بروسيا.
راهناً، تخطط المؤسسة، ومقرها الرئيسي في أوروبا، لتخصيص مساحة عرض تبلغ نحو 400 متر مربع في "متحف التراث في باريس"، قرب ميدان الكونكورد، أكبر ميادين العاصمة الفرنسية، حيث ستعرض القطعة المستعارة.
والقطعة المختارة هي إبريق فضي من إيران يعود تاريخه إلى أواخر القرن الحادي عشر، وهو جزء من كنز نادر وقيّم مكون من 20 وعاءً فضياً - من القرنين 11 و12- من مجموعة رالف هراري، الخبير في الأواني المعدنية الإسلامية، اشتهرت باسم "كنز هراري".
مقابل تعويض دار سوثبيز عن وقف البيع، ستقترض المؤسسة القطرية أثراً إيراني الأصل من المتحف الإسرائيلي لعرضه في أحد معارضها بباريس. تطبيع ثقافي؟
التراجع عن البيع
كانت المجموعة المقرر بيعها تضم 198 قطعة من الإرث الفني الإسلامي، علاوةً على 74 ساعة وعلبة موسيقية (آلة موسيقية)، 35 منها من المجموعة الفريدة للسير ديفيد سالومونز. وتمثل في مجموعها 5% من مقتنيات المتحف الإسرائيلي.
أوقف البيع عقب معارضة وتدخل المجلس الدولي للمتاحف في إسرائيل ووزير الثقافة تشيلي تروبر، وكذلك الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين. وكانت منظمة "هاشافا" (Hashava) المعنية بتحديد مكان الأعمال الفنية المنهوبة في الهولوكوست وإعادتها، قد تقدمت بالتماس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إلى محكمة العدل الإسرائيلية العليا لوقف البيع.
زعمت المنظمة في الالتماس أن المجموعات المختلفة المشاركة في البيع - وزارة الثقافة وسلطة الآثار والمتحف ومؤسسة هيرمان دي ستيرن (التي تمول المتحف الإسرائيلي) و"سوثبيز" وحتى المدعي العام الإسرائيلي - خرقت قوانين المتاحف والآثار.
قبلت المحكمة الإسرائيلية الالتماس وطلبت من الأطراف التفاوض لحل الأزمة. خلال المناقشات، طرحت اقتراحات عديدة، بينها التنازل وبيع جزء فقط من العناصر المعروضة، لكن وزارة الثقافة واتحاد المتاحف الإسرائيلي عارضا البيع بشكل كامل.
واتّضح خلال العملية القانونية أن عدد العناصر التي كان من مقرراً بيعها أكبر مما زُعم. قال محامٍ للصحيفة الإسرائيلية إنه كان مفترضاً بيع 383 قطعة وليس 268. ولم يوضح المصدر كيف تورط القطريون في الصفقة أو تم التوصل إلى الحل المشار إليه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...