شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"ارفعوا أياديكم عن أجساد النساء وكفى"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 8 مارس 202111:47 ص

لستُ سوداوية ولا متشائمة. لكن الغالبية العُظمى من الموادّ التي تُحاكي واقع المرأة لا تؤثرّ فيّ. أو لم تعد تؤثر فيّ. ولا أعلم إذا كنت قادرة على وضع إصبعي على الجرح لمعرفة السبب.

الحديث عن واقع المرأة حسّاس إذ ليس جميع النساء في نفس القارب، والاستخفاف بأي سردٍ لأي معاناة هو فعل مؤذٍ حقاً. لديّ علامات استفهام حول خطابات وشعارات مُتّبعة لدى مناقشة ما يخصّ المرأة أو لدى محاولات الرفع من معنوياتها في مناسبات دولية كيوم المرأة العالمي. 

الحديث عن واقع المرأة حسّاس إذ ليس جميع النساء في نفس القارب، والاستخفاف بأي سردٍ لأي معاناة هو فعل مؤذٍ حقاً.

لا تُعجبني شعارات مثل "ارفعي راسك". لا تُعجبني أسئلة مثل "من هي المرأة؟". لا أحب المبالغة ولا إضافة "الحسّ الدرامي" عند الحديث عن المرأة.

لماذا علينا أن نستمع إلى أشخاص يتحدثون عن "من هي المرأة؟" لنعرف من هي، أو نؤمن بما يُمكن أن تصنعه، ولماذا افترض القائمون على حملة "ارفعي راسك" أن المرأة مُطأطأة الرأس. أشعر وكأن في مثل هذه الحملات جذوراً ذكورية مستترة.

راودتني فكرة أُخرى الآن. لماذا كل هذه الإيجابية؟ واقع المرأة مُزرٍ. وهو مزرٍ أكثر بكثير مما تصوّره مثل هذه الحملات. "من هي المرأة؟"، هي شخص مقهور في المُجمل، وهذه إجابة لم ترِد في مثل هذه الحملات.

القهر لا يقتصر على امرأة تتعرّض للتعنيف أو امرأة لم تُمنح حقّ التعليم لأن والدها لا يرى أهمية في ذلك. القهر يكمن أيضاً في القرارات غير المُتخذة. هذه القرارات المؤجلة أو المُلغاة تحكي الكثير عن واقع النساء في المنطقة. 

انطلق هذا التقرير من وحي تساؤلات عدة، من بينها: هل هناك خطاب أو طريقة "مناسبة" للحديث عن النساء ومعاناتهنّ؟ هل يُضعف "الخطاب الدرامي" مطالب النساء؟ وهل لتكرار الشعارات أي أثر؟ هو بمثابة نقاش لا استنتاجات فيه، بل طرح أفكار قد تقودنا إلى ابتكار طرق أكثر فعالية، نحكي فيها قصصنا دون اللجوء للتضخيم أو التجميل.

القهر لا يقتصر على امرأة تتعرّض للتعنيف أو امرأة لم تُمنح حقّ التعليم لأن والدها لا يرى أهمية في ذلك. القهر يكمن أيضاً في القرارات غير المُتخذة

"لا خطوط حمر ولا قيود"

ترى علياء عواضة، الناشطة النسوية اللبنانية والمؤسِسة المشاركة لمنظمة Female أن "كل امرأة تُعبر عن معاناتها أو إنجازها بالطريقة التي تشعر بالارتياح تجاهها"، قائلةً لرصيف22 إنها تُعارض وضع خطوط حمر للنساء، أو وضع قيود على الطريقة التي يجب أن تُعبّر النساء من خلالها "لأننا بذلك لا نختلف عن المُجتمع بكل ما يضعه من قيود على النساء". 

وفي ما يتمحور حول الخطاب "الدرامي"، تعتبر عواضة أن "كل قضية تتطلّب طريقة تعبير". وأوضحت: "حين نتحدّث عن قضية اغتصاب أو قتل أو قضية تتضمّن حسّاً إنسانياً عالياً جداً، فأنا لست مع استخدام 'الحسّ الدرامي'، وإنما الحس الإنساني لإيصال وجع النساء وحجم الجريمة الكبير، بالتالي أفضّل هنا مخاطبة العقول والقلوب معاً لأن هذا يُحرك الرأي العام ويساعد على تكوين موقف داعم للقضية".

وتابعت: "لكن حين نتحدّث عن النسوية كمفهوم، فأنا مع النص الواضح والصريح، الذي من المُمكن أن يصل إلى كلّ الناس بطريقة تخاطب العقل". 

ولفتت إلى أنها لا تُوافق كل ما يقال أو لا تُوافق طريقة قول كل شيء، ولكنها "تدعم حُرية أخواتها بالتعبير"، بحسب قولها. وأضافت: "لا أجد نفسي في مكان أنتقد فيه خطاباً نسوياً من أخواتٍ لي، لأن هذا يُضعف القضية أكثر مما يساعدها. لكل منّا طريقة للتعبير والحديث، وأشعر أن لكلّ منّا رسالة معينة تهدف إلي إيصالها".

"الحقوق المسلوبة لا تُوهب بل تُنتزع"

من ناحية أُخرى، تقول لرصيف22 الناشطة النسوية الكويتية كريمة كرم إن مطالب النساء لن تتحقق من خلال خطابات عاطفية وإنما بالأفعال، مشيرة أيضاً إلى ضرورة القيام بمسيرات على أرض الواقع برغم أننا نعيش في زمن مواقع التواصل الاجتماعي. 

وأضافت: "يجب أن تتغير شعاراتنا لأن لكل عصر هموماً نسوية جديدة تتراكم مع القديمة، تكبر وتتدحرج، وستدمرّ كل ما يقف عائقاً بطريقها تماماً ككرة الثلج". 

"الحقوق المسلوبة لا تُوهب بل تُنتزع".

ولا تعتبر كرم أن هناك طريقة "خطاب" معيّنة يمكن اتباعها للمُطالبة بالحقوق، موضحة: "عند الحديث عن قضايا النساء، فأنا أتحدث عنها لأنني أنتمي إلى هذا الجنس، ولأنني أم وجدّة وأُفكر بحقوق النساء، منهن بناتي وحفيداتي. الرأي العام غالباً ذكوري الفكر، ومهما اتبعنا طرقاً، فسيُحاربها. لا أرى طريقة ممكنة سيتجاوب معها أصحاب الفكر الذكوري. الحقوق المسلوبة لا تُوهب بل تُنتزع كانتزاع الفريسة من فم الأسد، وهذا يحتاج قوة وعزماً وإرادة، والأهم الإيمان بالقضية". 

"احترام المرأة حقّ وليس منحة من أحد، وليس مطلوباً من أي شخص حمايتها. ارفعوا أياديكم عن أجساد النساء وكفى"

"مفيش كتالوغ"

أمّا الناشطة الحقوقية المصرية سالي يسري عزيز، فتختصر رأيها بالقول لرصيف22 إن "ليس هنالك كتالوغ. ولكل امرأة الحق بأن تُعبر عمّا تعرّضت له أو عن معانتها بالشكل الذي تختاره".

وترى أن حال المرأة في هذه البلاد لا يحتاج لإضافات أو حبكات درامية، لاعتبارها أن الوضع "درامي بحت دون أي إضافات". 

وتعتقد أن "القصة الخالية من أي إضافات تظل الأصدق والأدق". في الوقت ذاته، تشدد على وجوب أن تكسر امرأة صمتها بأي طريقة. 

ورداً على سؤالٍ هل الشعارات المُكررة قد فقدت معناها؟ تقول إن التكرار لا يتسبب برد فعل عكسي، مضيفة: "من الجُمل التي أُكررها في حياتي في هذه البلد: 'كل حاجة حلمت بيها لازمها ثورة'".

وذكرت عزيز مثالاً عن أعمال من المفترض أنها "مُناصرة" للمرأة، إلا أنها تضم بين طيّاتها ذكورية مُخجلة، مثل أغنية مُهداة للمجلس القومي للمرأة، بصوت علي غزلان ومروة ناجي، تحت عنوان "أنا دولة"، ويقول بعض مقاطعها: "الواجب والرجولة إنّك تكون دايماً حاميها، وتدافع عن حقوقها وكيانها وعرضها"، و"بنت أرجل من الرجولة".

تعقيباً على الكلمات قالت: "احترام المرأة حقّ وليس منحة من أحد ولا يجب استخدام نغمات تعاطفية كـ'أنا زي أختك/أمك' لاستحقاق الحق. وأيضاً ليس مطلوباً من أي شخص حماية المرأة. ارفعوا أياديكم عن أجساد النساء وكفى". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard