شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"ضروريّة وتنقذ الأرواح"… بريطانيا تقلّص مساعداتها لخمس دول عربية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

السبت 6 مارس 202102:46 م



عقب تأكيدها تقليص مساعداتها لليمن إلى النصف، تعتزم الحكومة البريطانية تخفيض المساعدات الخارجية لسبع من أفقر دول العالم - أربع منها عربية - وأكثرها معاناةً من الصراعات، أكثر من 50% في غضون أسابيع، بحسب خطط حكومية سرية سُربت تفاصيلها الساعات الماضية.

قبل أيام، أعلنت بريطانيا عزمها تقديم 87 مليون جنيه إسترليني (120 مليون دولار أمريكي) مساعدات لليمن الذي منحته 164 مليوناً (نحو 230 مليون دولار) في 2019/ 2020.

وفي 5 آذار/ مارس، تداولت صحف بريطانية عديدة رسالة إلكترونية مسربة يظهر فيها مخطط حكومي لتقليص المساعدات المقدمة لسبعة بلدان إضافية، هي: لبنان (بنسبة 88%) وسوريا (67%) والصومال (60%) وليبيا (63%)، وثلاث من الدول الأفريقية: الكونغو الديمقراطية (60%) وجنوب السودان (59%) ونيجيريا (58%).


وكشفت حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون عن سعيها إلى خفض ميزانية المساعدات الدولية الإجمالية بنحو أربعة مليارات جنيه إسترليني (نحو ستة مليارات دولار) في ميزانية 2021/ 2022، دون تحديد الدول التي سيُقتَطع من مساعداتها. وتذكر الرسالة المسربة من وزارة الخارجية البريطانية الدول التي قد تتضرر من القرار.

وكان موقع "openDemocracy" الاستقصائي أول من نشر الرسالة. وأوضحت صحيفة "الإندبندنت" أن خطط الاقتطاع ستشمل أيضاً إزالة ميزانية الجزء المخصص للسودان في "صندوق الصراع والاستقرار والأمن" CSSF" إزالة كاملة.

أُنشىء الصندوق عام 2015، ويقدم دعماً اجتماعياً في 84 دولة وإقليماً، ويساعد المملكة المتحدة على إدارة مساعداتها لدول تعاني الصراعات والهشاشة على مختلف الأصعدة، كالجوانب الاقتصادية والأمنية.

 خطة بريطانية لخفض المساعدات المقدمة إلى لبنان وسوريا والصومال وليبيا أكثر من النصف، بعد إعلان قرار مماثل بشأن اليمن.

التذرّع بكورونا

ونفى نواب البرلمان البريطاني التصويت على قرار خفض المساعدات المقرر بدء سريانه الشهر المقبل، ورفضت وزارة الخارجية طلبات متكررة من أعضاء البرلمان لإطلاعهم على تفاصيل خططها لخفض المعونات. وذكر معارضون للقرار من حزب المحافظين لـ"الإندبندنت" أن رئيس الوزراء قد يخلف وعده بمنح النواب فرصة التصويت على القرار قبل الشروع في تنفيذه خشية رفضه.

وكما جرت العادة، ربما لن يكون واضحاً الحجم الكامل للتخفيضات لعام 2021/ 2022 رسمياً حتى خريف العام المقبل.

ولم تتوقف الانتقادات الموجهة إلى الحكومة البريطانية محلياً وعالمياً، لا سيّما من منظمات الإغاثة، منذ إعلان خفض المساعدات لليمن. وزاد الهجوم عقب نشر الرسالة المسربة الأخيرة.

في محاولة للتخفيف من حدة الانتقاد، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية: "لقد أجبرنا زلزال وباء كورونا الذي ضرب الاقتصاد على اتخاذ قرارات صعبة ولكنها ضرورية، بما في ذلك التخفيض المؤقت لإجمالي النفقات على المساعدات"، وفق ما نشرته "بي بي سي".

وأضاف: "ما زلنا نعمل من خلال بعض البرامج الفردية ولم نتخذ القرارات بعد"، مضيفاً "ما زلنا مانحاً هاماً للمساعدات على مستوى العالم وسننفق أكثر من 10 مليارات جنيه إسترليني (نحو 15 مليار دولار)، هذا العام لمكافحة الفقر ومعالجة تغير المناخ وتحسين الصحة العالمية".

وسوف يؤدي خفض المساعدات البريطانية بأربعة مليارات إلى عدم تحقيق هدف الأمم المتحدة المتمثل في إنفاق 0.7% من الدخل القومي على المساعدات الخارجية. ويأتي ذلك في إطار تعهد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب تشريعاً يقرّ بثبات المساعدات بنسبة تراوح بين 0.5% و 0.7% من الدخل القومي. وليس واضحاً كيف سيصدر التشريع في ظل رفض النواب الخطوة.


ما خطورة القرار؟

وفيما تتذرع الحكومة البريطانية بأثر الجائحة عليها كواحدة من أقوى خمسة اقتصادات حول العالم، ذكّر سياسيون وحقوقيون وإغاثيون بما تعانيه الشعوب المستهدفة من قرار خفض المساعدات.

الحكومة البريطانية: "زلزال وباء كورونا الذي ضرب الاقتصاد أجبرنا على اتخاذ قرارات صعبة ولكنها ضرورية" كتقليص المساعدات الإنسانية من 15 إلى 10 مليارات جنيه إسترليني. 

وتغرق سوريا في حرب أهلية دمّرت بنيتها التحتية واقتصادها منذ عام 2011، وزادت العقوبات الأمريكية والحصار المفروضان على نظام الرئيس بشار الأسد مأساة المواطنين. والجار الأقرب، لبنان، ليس أفضل حالاً إذ يمر بأسوأ كارثة اقتصادية في تاريخه الحديث، وزاد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس الماضي من محنة البلد الذي يعاني اقتصادياً منذ نهاية الحرب الأهلية قبل نحو ثلاثة عقود.

اليمن هو الآخر يعاني "أسوأ كارثة إنسانية"، وفق توصيف الأمم المتحدة، منذ الاقتتال على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً والمتمردين الحوثيين منذ عام 2014. وفاقم تدخل السعودية وحلفائها في الصراع، الكارثة وتسبب في تفشي المجاعة والأوبئة وأهلك البنية التحتية وقضى على الاقتصاد.

ليبيا والصومال يعانيان كذلك الصراع المستمر لأكثر من عقد من الزمن وما ترتب عليه من فوضى اقتصادية وأمنية.

وفيما وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التخفيض العام لبرنامج مساعدات الأمم المتحدة هذا العام بأنه "حكم بالإعدام"، قال أندرو ميتشيل، وزير التنمية الدولية السابق في بريطانيا، إنه يتعارض مع تعهد الحكومة حماية "الإغاثة الإنسانية" من الاقتطاع.

وحذرت منظمة "Christian Aid" أو (معونة مسيحية) العاملة في جنوب السودان من أن "التخفيضات على النطاق المبلغ عنه لا يمكن أن تأتي في وقت أسوأ بالنسبة لبلد يمر بأزمة".

كما نبهت لجنة إدارة الطوارئ والكوارث، وهي مجموعة من المنظمات الخيرية في بريطانيا، إلى المجاعة التي قد تقع في العديد من تلك البلدان، مبرزةً أن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في الصومال ارتفع بمقدار 700 ألف، وأن 190 ألف طفل لم يحصلوا على الطعوم العام الماضي.

الأطفال سيتضررون بشدة أيضاً


ولفت كيفين واتكينز، الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة Save the Children، إلى أن قرار بريطانيا بخصوص اليمن ستكون له "عواقب وخيمة على الأرض". وأضاف: "في البلدان المتضررة، يعيش 105 ملايين طفل في نزاعات شديدة، وهو ما يمثل ثلثي العدد الإجمالي في العالم".

وختم في تصريح لـ"بي بي سي" بالقول: "نحن ننتظر الانهيار الوشيك لمساعدة الأطفال المحاصرين في أسوأ مناطق الحرب في العالم، تماماً كما تأثر العديد منهم بموجة ثانية من الوباء".

ونوه محمود محمد حسن، مدير منظمة إنقاذ الطفولة في الصومال، بأن "هذه التقارير أسوأ مما كنا نخشى، وإذا كانت صحيحة، فإن تأثيرها على الأطفال سيكون غير مسبوق". 

وأضاف: "البرامج الممولة من قبل المملكة المتحدة في الصومال ليست إضافات كمالية… إنها ضرورية وتنقذ الأرواح مثل الغذاء والماء ومساعدة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، واللقاحات للمجتمعات النائية، وبرامج التعلم للأطفال الذين هم خارج المدرسة. هذا سيشعر به ملايين الأطفال الصوماليين الآن ولسنوات قادمة".

على جانب آخر، سيؤدي القرار إلى "تقويض سمعة بريطانيا عالمياً"، وفق العديد من الخبراء البريطانيين. تبعاً لذلك، حث أربعة رؤساء وزراء سابقين - توني بلير وجوردون براون وديفيد كاميرون وتيريزا ماي - جونسون على النظر في الضرر الذي سيلحق بمكانة المملكة المتحدة عندما لا تقوم أي دولة أخرى من دول مجموعة السبع بقطع برنامج مساعداتها بهذه الطريقة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image