للمرة الأولى منذ إثارة قضيتها علناً قبل ثلاث سنوات، أعلنت الأمم المتحدة، في 17 شباط/ فبراير، عزمها استجواب السلطات الإماراتية بشأن احتجاز الأميرة لطيفة ابنة حاكم دبي الأمير محمد بن راشد، عقب أحدث ظهور لها تؤكد فيه أن والدها يتخذها "رهينةً" في فيلا ملَكيَّة تحولت إلى سجن.
مساء 16 شباط/ فبراير، بثت شبكتا "بي بي سي" الإخبارية و"سكاي نيوز" (Sky News) التلفزيونية البريطانيتيان، مشاهد جديدة للأميرة الإماراتية التي انقطع التواصل معها منذ إعادتها قسراً إلى عائلتها، عقب محاولتها الهرب على متن مركب شراعي في المحيط الهندي عام 2018.
في المقطع الذي بُث حديثًا، بدت الأميرة مرتبكة وخائفة وهي تقول: "أنا في فيلا. أنا رهينة. تم تحويل الفيلا إلى سجن. جميع النوافذ مغلقة ولا يمكنني فتح أي نافذة. ليس لدي وصول إلى رعاية صحية أو أي شيء".
وتابعت: "أصور هذا المقطع من الحمام لأنه الغرفة الوحيدة التي بإمكاني غلق بابها عليَّ. لا أعلم ماذا سيحدث لي ولا كم سيدوم هذا الوضع. لكن لست آمنة بالمرة".
"أنا رهينة" و"أشعر بالقلق على سلامتي وحياتي كل يوم"... أحدث ظهور للأميرة لطيفة ابنة حاكم دبي يدفع بالأمم المتحدة إلى التحقيق مع المسؤولين الإماراتيين
محرومة من الهواء النقي
في أحد المقاطع التي سجلتها الأميرة قبل بضعة أشهر، شرحت كيف أُعيدت قسراً إلى دبي بعدما قاومت وقاتلت، مبرزةً تعرضها إلى الضرب والتخدير والاستجواب حتى نُقلت إلى مكان شديد الحراسة "ومحرومة من استنشاق الهواء النقي حتّى"، ولافتةً إلى وجود خمسة عناصر من الشرطة في الخارج وشرطيتين رفقتها داخل الفيلا. وأضافت: "أشعر بالقلق على سلامتي وحياتي كل يوم (...) أخبرني عناصر الشرطة أنني سأظل في السجن طوال حياتي وأنني لن أرى الشمس من جديد"، موضحةً أن "الوضع يزداد يأساً كل يوم".
وبينما بيّنت الشبكتان البريطانيتان أنهما حصلتا على المشاهد عن طريق أصدقاء الأميرة المحتجزة، لفتت "سكاي نيوز" إلى أنها أرست أسئلة إليها في ربيع وصيف عام 2019، وأنها حصلت على إذن منها بنشر اللقطات قبل انقطاع الاتصال معها في صيف عام 2020.
ونبّهت بي بي سي إلى أن مقاطع الفيديو الأخيرة سُجّلت على مدى عدة أشهر على هاتف حصلت عليه "لطيفة" سراً، بعد نحو عام من القبض عليها وإعادتها إلى دبي قسراً، وأن أصدقاءها اتخذوا قرار بث اللقطات في هذا التوقيت لانقطاع التواصل معها وقلقهم على حياتها.
قالت تينا جاوهاينين، صديقة الأميرة لطيفة التي كانت تدربها على "الكابويرا" لفنون القتال، وشاركتها في محاولة الهرب، لـ BBC: "إن وقتاً طويلاً مرّ منذ انقطاع الاتصال بلطيفة"، مشيرةً إلى أنها قررت نشر المقاطع عقب تفكير طويل وتابعت: "أشعر أنها تريدنا أن نكافح من أجلها، ولا نستسلم".
حاولت لطيفة الهرب مرتين سابقاً، للتخلص من حياة تقول إنها حرمت فيها من فعل أي شيء تريده بحرية. الأولى – بحسب BBC- حين كانت في عمر الـ16 عام 2011. والثانية في 24 شباط/ فبراير عام 2018. وفي المرتين رافقتها جاوهاينين وكان رجل الأعمال الفرنسي هيرفي غوبير في انتظارهما قبل تمكن الكوماندوز الإماراتي من العثور على الأميرة وإعادتها.
روت الأميرة هذه التفاصيل في مقطع بُث للمرة الأولى عام 2018، وتسبب في صدمة لكشفه الوجه الآخر لأحد أغنى حكام الإمارات، بن راشد، الذي كان اسمه وسيرته قد ملآ السمع والبصر بالإنجازات التي حققها في تحويل مدينة دبي إلى إحدى أهم الوجهات السياحية والتجارية العالمية. ويقود أصدقاء الأميرة حملة لم تتوقف لإطلاق سراحها - #FreeLatifa - منذ ذلك الحين.
من حمام غرفتها، وعلى مدى بضعة أشهر، سجلت الأميرة لطيفة ما تعرضت له منذ إعادتها إلى الإمارات واعتقالها قسراً. قرر أصدقاؤها نشر اللقطات الآن لانقطاع التواصل بها وقلقهم على سلامتها
الأمم المتحدة تتحرك
حظيت اللقطات الجديدة للأميرة لطيفة باهتمام عالمي وتعالت الدعوات إلى تحرك الأمم المتحدة للتحقيق والحفاظ على سلامة الأميرة الشابة.
في أول رد فعل رسمي، قال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه سيستجوب مسؤولي الإمارات بشأن الأميرة لطيفة. وذكر متحدث أن مجموعة العمل الأممية المعنية بالاحتجاز التعسفي قد تبدأ تحقيقاً عقب تحليل مقاطع الفيديو التي تتحدث فيها لطيفة.
يعدّ ظهور المقطع الأخير للشيخة لطيفة محرجاً بشكل خاص للأمم المتحدة، إذ مع تزايد المخاوف بشأن مصير الأميرة الشابة في 2018، قامت مبعوثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان آنذاك، ميري روبنسون، بزيارة للعائلة لتقصي وضعها في العام نفسه. بعد الزيارة، وصفت روبنسون لطيفة بأنها "شابة مضطربة"، قائلةً إن أسرتها تعتني بها.
أخيراً، دافعت روبنسون عن نفسها زاعمةً أن "أسرة الشيخة لطيفة خدعتها بشكل مروع" بعدما أخبرتها بأن لطيفة كانت تعاني "الاضطراب الثنائي القطب". وأوضحت الخبيرة الحقوقية الدولية: "أشعر بقلق إزاء مصير لطيفة. لقد مر كثير من الوقت، ولذا أعتقد أن الموضوع يجب أن يخضع لتحقيق".
تحرك الأمم المتحدة يأتي في ظل تغير في المشهد الدولي تقوده إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن، الذي يشدد منذ تسلم منصبه على عدم التسامح مع خروق حقوق الإنسان. وهذا ما ينذر بفتح ملفات مسكوت عنها، بعضها يتصل بالعائلات الاكثر نفوذًا وثراءً في الخليج.
من جهتها، وصفت وزارة الخارجية البريطانية القضية بـ"المثيرة للقلق"، مؤكدةً نيتها متابعة التطورات عن كثب برغم عدم وجود صلة لها بالأمر.
يذكر أن بن راشد تعرضت سمعته لضربة قاسية، ولا يزال في قلب دعوى حساسة أخرى تتعلق بالعنف الأسري أمام المحكمة العليا البريطانية. كانت زوجته السادسة الأميرة هيا بنت الحسين قد فرت رفقة طفليها منه عام 2019 ثم تقاضى الطرفان حول حضانة الطفلين. في آذار/مارس عام 2020، قضت المحكمة البريطانية لصالح هيا الحسين – شقيقة ملك الأردن- وطرح أثناء المحاكمة أن حاكم دبي أمر بخطف اثنتين من بناته، هما لطيفة وشقيقتها الكبرى الأميرة شمسة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...