شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
MAIN_US-Embassy-Lebanon

"حزب الله"... فن إدارة الهاشتاغ

MAIN_US-Embassy-Lebanon

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 11 فبراير 202112:00 م


بدءاً من مساء الثلاثاء 9 شباط/ فبراير، بدأ هاشتاغ يبدو غامضاً في التسلق البطيء أولاً، ثم الصعود إلى قمة الترند في فضاء تويتر اللبناني. حمل الهاشتاغ اسم "#إعلام_الحقارة_بأَمر_السفارة"، وبدأت الدعوة إليه من خلال أحد الحسابات التي ترفع صورة حسن نصر الله، الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني. كتب محمد حيدر صاحب التغريدة: "استنكاراً لحملة الاتهام والافتراء المسعورة ضد حزب الله من قبل جوقة إعلام السفارة، ندعوكم للتغريد ضمن هاشتاغ: #إعلام_الحقارة_بأَمر_السفارة الليلة الساعة الثامنة مساءً على شبكات التواصل الاجتماعي".

حتى لحظة نشر هذا التقرير، فاق عدد المشاركات 41 ألف تغريدة، وبحسب النشاط الواضح وسخونة القضية التي يتصل بها الهاشتاغ، يتوقع أن يستمر في قائمة الترند (الأكثر تداولاً ومشاركة) بضعة أيام. فكيف قاد المنتمون لـ"حزب الله" حملتهم، التي يسعون من خلالها لدفع ما طالهم من هجوم؟

ما مناسبة الوسم؟

يأتي تدشين الوسم عقب أيام من جريمة اغتيال الناشط والكاتب والباحث اللبناني البارز لقمان سليم في عقر دار الجماعة المسلحة التي حظيت يوماً بما يشبه التقدير العربي الكاسح لمواجهاتها الاحتلال الإسرائيلي على الاراضي اللبنانية، ولكن خلال السنوات الأخيرة وبسبب أمور سياسية متعددة، تراجع هذا التقدير إلى أن وصمت الجماعة بالمسؤولية عن اغتيال الباحث والكاتب اللبناني لقمان سليم.

وجهت أصابع الاتهام بالمسؤولية عن اغتيال سليم إلى أنصار الحزب وتابعيه، إذ وقعت الجريمة عقب تهديدات عديدة للمغدور الذي كان أحد أشد منتقدي الحزب و"السلاح الفلتان والنفوذ الإيراني في البلاد".

#إعلام_الحقارة_بأَمر_السفارة … أكثر من 41 ألف تغريدة في ساعات، غالبيتها تكرار لصور ومقاطع فيديو تحرّض ضد منتقدي حزب الله.

لكن ما أشعل غضب "جمهور المقاومة" - كما تطلق خلايا جيوش الحزب الإلكترونية على نفسها - توازي الاتهامات المتكررة للحزب على القنوات المحلية من قبل الإعلاميين غير المواليين له والمحللين الأمنيين والسياسيين، مع لقاء جرى بين السفيرة الأمريكية فى بيروت، دوروثى شاي، ووزيرة العدل اللبنانية، ماري كلود نجم، في 8 شباط/ فبراير.

خلال اللقاء، بحثت السفيرة والوزيرة قضية اغتيال سليم، وطالبت الأولى بالكشف عن القتلة دون تأخير، مشددةً على أهمية محاسبة المتورطين.

اعتبر أنصار حزب الله، ومن بينهم الكاتب والباحث عدنان علامة، تصريح السفيرة "تدخلاً سافراً ووقحاً في الشؤون اللبنانية الداخلية"، لافتاً إلى أنه "خارج نطاق مهامها كلياً".

وكانت شاي، صاحبة الخبرة التي تناهز 30 عاماً في المجال الدبلوماسي، قد عُيّنت سفيرة لدى الجمهورية اللبنانية في 14 شباط/ فبراير عام 2020. قبل لقاء الوزيرة كلود نجم، دانت السفارة الأمريكية في بيروت والسفيرة شاي  "الاغتيال البربري" و"الاعتداء المفجع" على سليم وعلى لبنان، وطالبتا بسرعة توقيف القتلة ومعاقبتهم.


على الرغم من أن السفيرة الأمريكية لم تكمل بعد عاماً في المنصب، فإن الهجوم عليها من أنصار حزب الله تكرر كثيراً. كان آخرها ما لاقته من هجوم عبر وسم "#تدخلات_السفيرة_السافرة"، الذي أدان فيه أنصار الحزب السفيرة بسبب ما وصفوه بـ"التدخل في شؤون لبنان، ورفض وجود حزب الله في الحكومة، والتغطية على خروق العدو الإسرائيلي للمجال الجوي اللبناني، والضغط على الحكومة اللبنانية للتحقيق في اغتيال لقمان سليم".

هجمة إلكترونية منسقة

عودةً إلى الهجوم على السفيرة الأمريكية عبر وسم: "#إعلام_الحقارة_بأَمر_السفارة"، بدا التفاعل منسقاً للغاية على الرغم من وجود شخصيات حقيقية، بعضها لصحافيين يتابعهم الآلاف، تغرد عبره. إلا أنها كانت جميعها تدور في فلك حزب الله أو إيران؛ ترفع صورة نصر الله أو المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي الخامنئي، وجميع تغريداتها تقريباً مكرسة للدفاع عن سياسات إيران والحزب.

- هجوم على كل من ألمح إلى مسؤولية حزب الله عن اغتيال #لقمان_سليم، أو طالب بتحقيق شفاف في الجريمة

لاحظ "رصيف22" حالة من التكرار والتناسخ في العناصر والمنشورات المتداولة عبر الوسم. من العناصر التي جرى تكرارها عشرات المرات وتمثل ركيزة الوسم ورصدنا منها: فيديو مركب لعدد من الإعلاميين والمحللين السياسيين والأمنيين منقول من لقاءاتهم في قنوات لبنانية وقناة الحرة الأمريكية، يتهمون الجماعة الشيعية صراحةً بالمسؤولية عن اغتيال سليم. وفي نهاية الفيديو المركب تظهر السفيرة الأمريكية وهي تقول: "نحن جميعاً في هذا الأمر معاً"، We are all in this together.

تكرر عبر الوسم كذلك تداوُل صورة تُظهِر هاتفاً ذكياً مفتوح على تغريدات للإعلامي اللبناني نديم قطيش حول اغتيال لقمان سليم، وعلق عليه المغردون تعليقاً يكاد يكون موحداً وهو: "مدفوع وعالحبة"، مع صورة لبعض الدولارات تصب داخل الهاتف.

وتكررت كذلك صورة مركبة عن وقوف الإعلام "المدفوع من أمريكا" مثل شوكة في ظهر "المقاومة المسلحة"، مع تعبير: "ياللي انشرى بالرخيص حيجي يوم وينباع بالرخيص"، مع اتهام لأمريكا بقتل "عملائها" في النهاية. وذلك مع إشارة إلى قنوات "الجديد" و"mtv"و "LBC". وصورة تعبيرية للسفيرة الأمريكية وهي تتلاعب بشخص يرمز به إلى الإعلام اللبناني، كدمية متحركة.

كذلك تداول مئات المغردين على الهاشتاغ مقطعاً مصوراً لمذيعة قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله"، تهاجم فيه "الإعلام المأجور" وتتهمه بالتحريض وإثارة الفتن، جنباً إلى جنب مع مقاطع من تصريحات سابقة لنصر الله.

مقدمة قناة المنار اليوم

واستغل إعلاميون وناشطون لبنانيون موالون لـ"حزب الله" الانتشار الذي حققه الوسم ليغردوا عبره مستخدمين عدداً من مقاطع الفيديو والصور المركبة، التي تحرض ضد الناشطين والإعلاميين اللبنانيين الذين اتهموا الحزب صراحة باغتيال لقمان.

اللافت أن كثيراً من هذه العناصر، نشرها حساب "محمد حيدر" الذي بدأ الوسم، واقتصر نشاط معظم المغردين الذين بلغوا آلافاً على تكرار نشر ما بثه محمد حيدر في تغريداته.

على الرغم من أن حساب حيدر ينشط منذ عام 2011، ويدعي أنه "مطور ويب"، فإن عدد متابعيه لم يتخط 200. ومع أن تغريداته على الوسم لم تحظ بأي تفاعل تقريباً، انتشرت الأفكار والعناصر التي بدأ في التغريد بها كالنار في الهشيم.

بالإضافة إلى الحشد الجلي في انطلاقة الوسم، استمر التوجيه والإرشاد للمغردين عبر حسابات أخرى. وقد لوحظ تغريد حسابات معنية أكثر بالشأن الإيراني، وتخاطب الجمهور العربي، على الوسم. بعضها نسخ نفس التغريدات عن "حق إيران في تخصيب اليورانيوم". علاوةً على دمج الشعارات والحملات المعتادة للدفاع عن الحزب وإظهاره وكأنما هو المستهدف ضمن هجمة على المقاومة والدين. وعنت تلك الحسابات بتوجيه المغردين إلى تفاصيل تتعلق بالتركيز على صياغات معينة.

ورصدنا وجود عشرات الحسابات حديثة الإنشاء، النشطة في التغريد على الهاشتاغ، والتي تقتصر كل تغريداتها على المواد الدعائية لـ"حزب الله" وإيران، وتنشر الوسوم التي تطلقها عناصر محسوبة على الجهتين.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard